• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد  فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمدالشيخ عبدالقادر شيبة الحمد شعار موقع فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد / مقالات


علامة باركود

تطرق الفساد إلى القياس

تطرق الفساد إلى القياس
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد


تاريخ الإضافة: 12/9/2022 ميلادي - 15/2/1444 هجري

الزيارات: 11439

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تطرق الفساد إلى القياس


يتطرق الفساد إلى القياس من وجوه:

1- أن يكون الحكم تعبديًّا؛ كمَن علَّل انتقاض الوضوء مِن لحم الجزور، بأنه لشدة حرارته ودسمه مرخٍ للجوف، فيقيس عليه كل ما كان شديد الحرارة والدسومة مما يرخي الجوف، فهذا القياس فاسد؛ لأن الصحيح أن نقضه تعبد.

 

2- ألا يُصيب في العلة التي علل بها الحكم في الواقع، كمَن يظن أن علة ولاية الإجبار في البِكْر الصغيرة البكارة، فيلحق بها البكر البالغة، ويكون الأمر في الحقيقة بخلاف ذلك.

 

3- أن يقصر في بعض أوصاف العلة؛ كأن يعلل وجوب القَوَد بأنه قتل عمد عدوان فأوجب القود، فيقول مخالفه: نقصت من أوصاف العلة وصفًا، وهو كون القتل بمحدد، فلا يصح إلحاق المثقل به.

 

4- أن يجمع إلى العلة وصفًا ليس منها؛ كأن يعلل وجوب القود بأنه قتل عمد عدوان بمحدد، فلا يصح إلحاق المثقل به، فيقول مخالفه: زدت في أوصاف العلة وصفًا ليس منها، وهي كون الآلة محددة، وإنما العلة هي القتل العمد العدوان فقط، فيلحق به المثقل.

 

5- أن يظن أن العلة موجودةٌ في الفرع وليست فيه؛ كأن يظن أن الخيار مكيل، فيلحق بالمكيلات في تحريم الربا، مع أنه ليس كذلك.

 

أقسام القياس:

ينقسم القياس إلى ثلاثة أقسام، وهي: قياس الشبه، وقياس العلة، وقياس الدلالة.

1- قياس الشبه: وهو الفرع المتردِّد بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبهًا به؛ كالعبد المقتول، فإنه متردِّد في الضمان بين الإنسان الحر من حيث إنه آدمي، وبين البهيمة من حيث إنه مال، وهو بالمال أكثر شبهًا من الحر؛ بدليل أنه يباع ويورث، فيلحق به فتضمن قيمته، وإن زادت على دية الحر.

 

2- قياس العلة: وهو ما كانت العلة فيه مقتضيةً للحكم؛ كقياس تحريم ضرب الوالدينِ على التأفيف، بجامع الإيذاء؛ فإنه لا يحسن في العقل إباحة الضرب مع تحريم التأفيف.

 

3- قياس الدلالة: وهو الاستدلال بأحدِ النظيرين على الآخر؛ كقياسِ مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة فيه بجامع أنه مال نامٍ.

 

أركان القياس:

أركان القياس أربعة، وهي: الأصل، والفرع، والحكم، والعلة.

1- الأصل: وهو المحل الذي يثبت فيه الحكم أولًا، وهو المشبه به؛ كالخمر عند إلحاق النبيذ بها في التحريم للإسكار.

 

2- الفرع: وهو المحل المشبه؛ كالنبيذ في المثال السابق.

 

3- الحكم: وهو ما أثبته الدليل للأصل؛ كالتحريم في المثال السابق.

 

4- العلة: وهو المعنى المشترك بين الأصل والفرع؛ كالإسكار في المثال السابق.

 

شروط العمل بالقياس:

يشترط للعمل بالقياس شروط، بعضها يرجع إلى حكم الأصل، وبعضها يرجع إلى الفرع، وبعضها يرجع إلى العلة.

 

شروط حكم الأصل:

1- أن يكون شرعيًّا.

2- أن يكون ثابتًا بالكتاب أو السُّنة أو الإجماع.

3- أن يكون غير منسوخ.

 

4- ألا يكون شاملًا لحكم الفرع، كما لو قيس الذرة على البُرِّ في عدم جواز بيعه بجنسه متفاضلًا، فيمنع هذا القياس؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبيعوا الطعام بالطعام، إلا يدًا بيد، سواءً بسواء))، يشمله؛ لأن الطعام يتناول الذرة كما يتناول البُرَّ.

 

5- ألا يكون معدولًا به عن سنن القياس؛ لكونه لم يعقل معناه؛ كعدد الركعات، أو عقل معناه ولكن لا نظير له؛ كرخصة السفر.

 

6- كونه غير فرع؛ كما لو قيس (السبرتو) مثلًا على النبيذ في التحريم للإسكار، فإن هذا قياس فاسد؛ لأن النبيذ فرع، والقياس الصحيح فيه أن يقاس (السبرتو) على الخمر.

 

شروط الفرع:

1- أن توجد فيه العلة؛ كقياس النبيذ على الخمر لعلة الإسكار.

 

2- أن تكون علته مساوية لعلة الأصل؛ كما في المثال السابق.

 

3- ألا يكون منصوصًا على حكمه؛ لأنه لو نصَّ على حكمه فلا حاجة للقياس؛ لأنه إذا جاء نهر الله بطَل نهر معقل.

 

4- ألا يكون متقدمًا على حكم الأصل، كما لو قيس الوضوء على التيمم في وجوب النيَّة.

 

شروط العلة:

1- أن يكون ترتيب الحكم عليها يشتمل على جلب مصلحة أو دفع مفسدة، كالإسكار، فإن ترتيب الحكم عليه يجلب مصلحة، وهي حفظ العقل.

 

2- أن تكون وصفًا ظاهرًا، فإن لم تكن ظاهرة فلا تعتبر؛ كالرضا في العقود، فإنه خَفِيٌّ لا يعرف؛ ولذلك جُعِلت صحةُ العقد متوقفةً على الصيغة الشرعية؛ كالإيجاب والقَبول لكونها ظاهرة.

 

3- أن تكون منضبطة، فإن لم تكن منضبطة، فلا تعتبر؛ كالمشقة في السفر؛ إذ إنها تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة؛ ولذلك ناط الشارعُ الحكمَ بالسفر، سواء وجدت المشقة بالفعل أم ارتفعت المشقة.

 

الأدلة التي تثبت بها العلة (مسالك العلة)

تنقسم الأدلة التي تثبت بها العلة ثلاثة أقسام، وهي: الأدلة النقلية، والإجماع، والاستنباط.

 

القسم الأول: الأدلة النقلية، وهي ضربان:

الضرب الأول من الأدلة النقلية: التصريح بالعلة، وهو أن يَرِدَ في النص لفظُ التعليل؛ كقوله تعالى: ﴿ كَيْلَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [الحشر: 7]، ونحو: ﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ﴾ [الحديد: 23]، ونحو: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الحشر: 4]، ونحو: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [المائدة: 32]، ونحو: ((إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر)).

 

ويلحق به ما ذكر فيه المفعول له؛ نحو: ﴿لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ﴾ [الإسراء: 100]، إن قصد به التعليل.

 

وكذلك لفظة إِنْ؛ نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الروثة: ((إنها رجس))، ونحو قوله في الهرة: ((إنها من الطوَّافين عليكم))؛ إذ إن لام التعليل تحذف معها قياسًا مطردًا، ويزداد تأكيد إفادة إِنْ للتعليل إذا انضم إليها الفاء؛ نحو قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإنه يبعث يوم القيامة ملبِّيًا)).

 

الضرب الثاني من الأدلة النقلية: التنبيه والإيماء إلى العلَّة، وهو ستة أنواع:

(أ‌) أن يذكر الحكم مقترنًا بالفاء عقيب وصفٍ، فيدلَّ على التعليل بالوصف؛ نحو: ﴿ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]، ونحو: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38]، ونحو: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، ونحو قولِه صلى الله عليه وسلم: ((مَن بدَّل دينَه فاقتُلُوه))؛ لتضمنه السببية.

 

ويلحق بهذا القسم ما رتَّبه الصحابي بالفاء من حكايةِ فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ نحو: (سها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد)، ونحو: (رض يهوديٌّ رأس جارية، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين)؛ لأن الصحابي من أهل اللغة، فلا ينقل ما لا يفيد التعليل بلفظ التعليل، وإلا كان غير أمين على نقل الدِّين.

 

(ب‌) ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الجزاء، فإن ذلك يدلُّ على التعليل؛ إذ إن الشروط اللُّغوية في معنى الأسباب؛ نحو: ﴿ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ﴾ [الأحزاب: 30]، ونحو: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، ونحو قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ اتَّخذ كلبًا - إلا كلب ماشية أو صيد - نقص مِن أجره كل يوم قيراطانِ)).

 

(ت‌) أن يسأل سائلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن حكمِ حادثة فيجيب، فيدل على أن المذكور في السؤال هو علة الحكم، كما روي أن أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكتُ وأهلكتُ، قال: ((ماذا صنعتَ؟))، قال: واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أعتق رقبة))، فيكون الوقاع هو سببَ عتق الرقبة؛ إذ الجواب عن السؤال متضمِّن لنفس السؤال، فكأن السؤال معاد في الجواب.

 

(ث‌) أن يذكر مع الحكم سببًا، لو لم يعتبر هذا السبب علة للحكم، لكان لغوًا غير مفيد، يجب أن يصان كلام الشارع عنه، وهو ضربان:

الضرب الأول: أن يستفسر النبي صلى الله عليه وسلم لدى السؤال عن أمرٍ ظاهر يتعلق بسؤال سائل، ثم يذكر الحكم عقيبه، كما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرُّطَب بالتَّمْر، فقال: ((أينقص الرُّطَب إذا يبس؟))، قالوا: نعم، قال: ((فلا إذًا)).

 

الضرب الثاني: أن يعدل في الجواب إلى نظير محل السؤال؛ كقوله صلى الله عليه وسلم - لَمَّا سألته الخثعمية عن الحج عن الوالدين -: ((أرأيتِ لو كان على أمك دَين قضيتِه، أكان ينفعها؟))، قالت: نعم، قال: ((فدَيْن الله أحق بالقضاء)).

 

(هـ) أن يذكر في سياق الكلام شيئًا لو لم يكن للتعليل لصار الكلام غير منتظم؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان))؛ فإنه تنبيه على التعليل بالغضب؛ إذ النهي عن القضاء مطلقًا دون التعليل لا يكون منتظمًا.

 

(و) أن يذكر الحكم مقرونًا بوصف مناسب، فيدل على التعليل به؛ نحو: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13]؛ أي: لبرِّهم، ونحو: ﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 14]؛ أي: لفجورهم.

 

القسم الثاني من الأدلة التي تثبت بها العلة: الإجماع:

نحو قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان))؛ فإن التعليل بالغضب ثابت بالنص، وقد أجمعوا على أن علة المنع من القضاء وهو غضبان اشتغالُ قلبه عن الفكر والنظر في القضية، فيقاس عليه اشتغاله بجوع أو عطش أو خوف أو نحو ذلك.

 

القسم الثالث: الأدلة التي تثبت بها العلة: الاستنباط:

وهو ثلاثة أنواع:

(الأول) السبر والتقسيم.

(الثاني) المناسبة.

(الثالث) الدوران أو الطرد والعكس.

 

أولًا - السبر والتقسيم:

معنى التقسيم حصر الأوصاف.

 

ومعنى السبر اختبار الأوصاف وإبطال ما لا يصح للعلية، فيقال في تعريف السبر والتقسيم: هو حصر الأوصاف الموجودة في الأصل، وإبطال ما لا يصلح منها للعلية، فيتعين الباقي للتعليل، ومثاله: الربا محرَّم في البُرِّ بعلَّة، والعلة الكيل أو القوت أو الطعم، وقد بطل التعليل بالقُوت والطعم، فثبت أن العلة الكيل.

 

ولا بد في السبر والتقسيم من ثلاثة أمور:

1- أن يُجمِعوا على أن الأصل مُعلَّل.

 

2- أن يكون سبره حاصرًا لجميع ما يُعلَّل به، إما بموافقة الخصم على أنه لا علل له إلا هذه العلل التي حصرت، وإما أن يظهر عجزه عن إبراز وصف آخره بعد السبر، ويقول لخصمه: إن اطلعت على علة أخرى، فأبرزها لننظر في صحتها.

 

3- أن يثبت أن الأوصاف التي أبطلها لا تصلح للتعليل، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: بيان بقاء الحكم بدون ما يحذفه، فيبين أنه ليس من العلة؛ إذ لو كان من العلة لم يثبت الحكم بدونه؛ كأن يقول أحد العلماء: يصلح أمان العبد؛ لأنه وجد مِن عاقل مسلم غير متَّهم، فيصح قياسًا على الحر، فيقول مخالفه: إنك لم تذكر جميع الأوصاف التي تعتبر في الأصل، فقد تركت وصف الحرية، وهو مفقود في العبد، فلا يصح القياس، فيقول الأول: وصف الحرية ملغى؛ فإن العبد المأذون له يصح أمانه باتفاق مع عدم الحرية، فصار وصفًا ملغى.

 

والوجه الثاني: أن يبين أن ما يحذفه من جنس ما عهدنا من الشارع عدم الالتفات إليه في إثبات الأحكام؛ كالطول والقصر، والسواد والبياض.

 

ثانيًا - المناسبة:

هي أن يكون الوصف المقترن بالحكم يقتضي جلبَ مصلحةٍ أو دفع مفسدة.

 

فإذا قيل: المسكر حرامٌ، أدركنا أن تحريم المسكر يفضي إلى مصلحة، وهي حفظ العقل، وإذا قيل: الزنا محرم أدركنا أن تحريمَه يُفضِي إلى جلب مصلحة، وهي حفظ العرض، ودرء مفسدة، وهي اختلاط النسب، وبعض أهل العلم يسمي المناسبة: الإخالة؛ لأن بها يخال - أي يظن - أن الوصف علة.

 

والمناسب أربعة أنواع: مؤثر، وملائم، وغريب، ومرسل.

 

فالمؤثر: هو أن يعتبر بنص أو إجماع عين الوصف في عين الحكم، ومثال الاعتبار بالنص تعليل نقض الوضوء بمسِّ الذكر، فإنه مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن مس ذكره فليتوضأ))، فيقاس عليه ذكَر غيره.

 

ومثال الاعتبار بالإجماع تعليل ولاية المال على الصغير بالصغر، فإنه مجمع عليه، فيقاس على ولاية مال الصغير ولاية نكاحه بجامع الصغر، فالصغر وصف أثر عينه في عين الحكم، وهو الولاية على الصغير ولم يختلف إلا محل الولاية، وهو المال والنكاح، وسمي مؤثرًا لظهور تأثيره بما اعتبر به.

 

والملائم: ما ظهر تأثيرُ جنسه في جنس الحكم؛ كتأثير المشقة في التخفيف؛ إذ إن جنس المشقَّة أثر في جنس التخفيف، وإنما سُمِّي ملائمًا لملاءمته وموافقته لجنس تصرفات الشرع.

 

والغريب: هو ما دلَّ الدليل على إلغائه وعدم اعتباره؛ كإفتاء يحيى بن يحيى الليثي مَلِكًا جامَعَ في نهار مضان بصوم شهرين متتابعين؛ بدعوى انزجاره بذلك أكثر من انزجاره بالعتق، فإن هذا التعليل مردود؛ لأن الشرع ألغاه، وإنما سمي غريبًا لبعده عن الاعتبار.

 

والمرسل: هو ما لا يدل الدليل على إلغائه ولا على اعتباره، وإنما سمي مرسلًا لإطلاقه عن الإلغاء أو الاعتبار، والمناسب المرسل هو المعبر عنه بالمصلحة المرسلة أو الاستصلاح، وقد مر تحقيقه.

 

ثالثًا - الدوران أو الطرد والعكس:

وهو أن يُوجَد الحكم عند وجوب وصف، وينعدم عند عدمه.

 

ومثَّلوا له برائحة الخمر، فإنه حين كان خلًّا لم تكن موجودة، وعند كونه خمرًا وجدت، وعند انقلابه خلًّا انعدمت.

 

وقد اختلف العلماءُ في إفادته العليَّة، فقال قوم: يُفِيد العلية؛ لأنه يغلب على الظن ثبوت الحكم مستندًا إلى ذلك الوصف، فإننا لو رأينا رجلًا جالسًا، فدخل رجل، فقام عند دخوله، ثم جلس عند خروجه، وتكرر منه ذلك، غلب على ظننا أن العلة في قيامه هو دخول ذلك الرجل، وقال قوم: لا يفيد العلية أصلًا؛ لجواز أن يكون الوصف ملازمًا للعلة، وليس هو العلة.

 

وإنما سمي دورانًا لِمَا فيه من متابعة الحكم للوصف وجودًا وعدمًا، والطرد الملازمة في الثبوت، والعكس الملازمة في الانتفاء.

 

القوادح التي تقدح في القياس:

أشرنا في كلامٍ سابق إلى تطرُّق الفساد إلى القياس، وبيَّنا الوجوه التي تكون سببًا لفساد القياس هناك، ونذكر هنا إن شاء الله القوادح الأخرى التي تقدح في القياس أيضًا.

 

والقوادح جمع قادحة، وهي في اللغة مأخوذة من القدح، وهو الطعن.

 

وفي الاصطلاح: ما يفسد القياس بسبب خلل في العلة أو غيرها، وهو أنواع:

1- إثبات أن حكم الأصل غير شرعي.

2- إثبات أن حكم الأصل ثابت بالقياس.

3- إثبات أن حكم الأصل منسوخ.

4- إثبات أن حكم الأصل شامل لحكم الفرع.

5- إثبات أن حكم الأصل معدول به عن سنن القياس.

6- إثبات أن المقيس عليه فرع وليس بأصل.

7- نفي وجود العلة في الفرع.

8- نفي المساواة بين علة الفرع وعلة الأصل بإثبات الفارق بينهما.

9- إثبات أن الفرع منصوص على حكمه.

10- إثبات أن الفرع متقدِّم على حكم الأصل.

11- إثبات أن العلة المستنبطة في الأصل قاصرةٌ على محلها.

 

12- إثبات أن هذا القياس يخالف نص الكتاب أو السنة أو الإجماع، ويسمى هذا فساد الاعتبار، وإنما سمي بهذا؛ لأن اعتبار القياس مع وجود النص أو الإجماع اعتبار له مع دليل أقوى منه، وهو اعتبار فاسد.

 

13- إثبات أن دليل القائس ينتج نقيض دعواه؛ كأن يقول قائل: الهرة سَبُع ذو ناب، فيكون سؤره نجسًا كالكلب، فيقال: إن الشرع اعتبر السبعيَّة علة للطهارة لا للنجاسة؛ حيث دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى دارٍ فيها كلب، فامتنع، ودعي إلى أخرى فيها سنور فأجاب، فقيل له؟ فقال: ((السنور سَبُع))؛ كما رواه أحمد وغيره، ويسمى هذا الفساد الوضع؛ لأن فيه وضع العلة في غير موضعها.

 

14- إثبات تخلف الحكم مع وجوب العلة؛ كمَن يقول في النباش: سرق نصابًا محروزًا؛ كسارق مال الحي، فيقطع، فيقال: هذا قياس فاسد؛ لأنه ينتقض بالوالد يسرق نصابًا محروزًا مِن مال ولده ولا يقطع، ويسمى هذا نقضًا؛ لأنه حل ما أبرمه القائس، وإنما يقبل إذا لم يكن هناك نص أو إجماع يدل على تخصيص عموم العلة.

 

15- أن يذكر لدليل القائس حكمًا ينافي ما ذكره القائس؛ كأن يقول القائس: الرأس ممسوح في الطهارة، فلا يجب استيعابه كالخفِّ، فيقول خصمه: الرأس ممسوح في الطهارة، فلا يتقدر بالربع كالخفِّ، ففي هذا معارضته بلازم مذهبه، فإن نفاه انتفى المذهب، فإنه يلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم، وهذا يسمى القلب؛ لأن المعترض قلب دليل القائس، وبيَّن أنه دليل عليه وليس له.

 

16- أن يذكر في الدليل ما يستغنى عنه في إثبات الحكم في الأصل، إما لأن الحكم يثبت بدونه، وإما لكونه وصفًا طرديًّا؛ أي غير معتبر شرعًا، وقد مر التمثيل لذلك في النوع الثالث من أنواع السبر والتقسيم، ويسمى هذا: عدم التأثير؛ لأن هذا الوصف المستغنى عنه لا أثر له.

 

17- أن يسلم دليل القائس، لكن يثبت أنه في غير محل نزاع، وأن محل النزاع ما زال محتاجًا إلى دليل من القائس.

 

ومثاله: أن يقول القائس: مَن أتى حدًّا خارج الحرم، ثم لجأ إلى الحرم، يُستوفَى منه الحد؛ لأن سبب الاستيفاء منه - وهو ارتكابه الحد - موجود، فقال: نحن نقول بموجب دليلك من الاستيفاء منه، لكن لا تنتهك حرمة الحرم إلا بدليل.

 

ويسمى هذا القول بالموجب؛ لأن المخالف يقول بمقتضى دليل القائس، لكن يثبت أن دليل القائس هنا ليس في محل النزاعِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ومؤلفات
  • صوتيات ومرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة