• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ صفوت الشوادفيالشيخ صفوت الشوادفي شعار موقع الشيخ صفوت الشوادفي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ صفوت الشوادفي / مقالات


علامة باركود

دعاة على أبواب جهنم

الشيخ صفوت الشوادفي


تاريخ الإضافة: 31/5/2010 ميلادي - 17/6/1431 هجري

الزيارات: 682950

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دعاة على أبواب جهنم

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد:

فقد رَوى البخاري في "صحيحه" بسنده إلى حُذَيفَة بن اليمان رضِي الله عنه؛ أنَّه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن يُدرِكني، فقلتُ: يا رسول الله، إنَّا كنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير مِن شر؟ قال: ((نعم))، قلتُ: وهل بعد ذلك الشر مِن خير؟ قال: ((نعم، وفيه دَخَنٌ))، قلتُ: وما دَخَنُه؟ قال: ((قومٌ يَهْدُون بغير هَدْيِي، تَعْرِف منهم وتُنْكِر))، قلتُ: فهل بعد ذلك الخير مِن شر؟ قال: ((نعم؛ دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها))، قلتُ: يا رسول الله، صِفْهُم لنا؟ قال: ((هُمْ مِن جِلدَتِنا، ويتكلَّمون بألسِنتِنا))، قلتُ: فما تأمرني إنْ أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم))، قلتُ: فإن لم يكُن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتَزِل تلك الفِرَق كلها، ولو أن تَعَضَّ بأصْل شجرة حتى يُدرِكَك الموت، وأنتَ على ذلك)).

 

هذا الحديث رواه البخاري في كتاب الفتَن، وإنه لَيُحدِّثنا حديثًا عجيبًا غريبًا عن واقعنا الذي نعيشه، وما فيه مِن الفِتَن والبلاء، حتى كأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بين أَظهُرنا يَصِفُ الداء والدواء، ويُرشِد إلى المخرج من البلاء.

 

وأوَّل ما يَلفِتُ النظر هو سؤال حُذَيفَة رضِي الله عنه عن الشر دُونَ مَن سِواه؛ فالصحابة يَسألون عن الخير وما يتعلَّق به، وحُذَيفَة رضِي الله عنه يَسأَل - وحدَه - عن الشر، ونحن نرى أن الله قد أنطَقَه بهذا الحوار، وألهَمَه هذه الأسئلة؛ رحمةً مِن الله بهذه الأمَّة، فبدون هذا الحوار يُمْكِن أن يَلتَبِس الخير بالشر، ويَعجِز المسلم عن التفريق بينهما، أو يَكاد.

وبدون هذا الحوار لا يَهتَدِي المسلمُ إلى المخرج مِن الفتن، ولا يدري ماذا يفعل إذا أدرَكَه زمانُها.

 

وحُذَيفَة رضِي الله عنه يُخبِرنا أنه يسأل عن الشر مَخافَةَ أن يُدرِكه، وهو أمرٌ لا يَنقَضي منه العجب؛ لأن حُذَيفَة رضِي الله عنه يخشى مِن الشر، وهو يَعِيش في زمان النبوَّة ومكانها، بينما أكثرُ الناس في عالَم اليوم لا يُفَكِّرون في هذا، مع أن الشر قد أَحاطَ بهم، وأحاطُوا به!

 

وحُذَيفَة رضِي الله عنه يَشعُر بنعمة الهداية، ويَخَاف مِن زوالها وتحويلها، فيَسأل: هل بعد هذا الخير مِن شر؟ ويُتابِع الحِوار فيَظهَر لنا مِن حواره أنَّ الخير في عصر النبوَّة كان خيرًا خالصًا صافيًا نقيًّا، وأنَّه سيَعقُبه شر، ثم يَعقُب ذلك الشر خير ناقص فيه دَخَنٌ؛ أي: شوائب، وهذه الشوائب قد بيَّنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بأنها: قوم يَهدُون بغير هدْيه؛ أي: على غير طريقته، فالمُستَمِع إليهم يرى في كلامهم معروفًا يَعرفه؛ لأنَّه مِن السُّنَّة، ويرى في دعوتهم أيضًا مُنكَرًا يُنكِره؛ لأنَّه بدعة وضلالة، فدعْوتهم مَزِيجٌ مِن السُّنَّة والبدعة، وخَلِيطٌ مِن الحق والباطل.

 

ومع هذا فإنَّ أحوال الأمَّة تَزداد سوءًا، وبُعْدَها عن الحقِّ يَزداد يومًا بعد يوم، حتى إنَّ هذا الخير الناقص لا يَدُوم؛ بل يَعقُبه شر قبيح فسَّره الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بأنه: ((دُعَاة على أبواب جهنَّم))، وهذا يُنبِّه إلى خطورة الدعوة، وأثرها ودَورها؛ لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذكَر أن الشوائب التي علِقَتْ بالخير الذي فيه دَخَنٌ سبُبها قومٌ يَهدُون بغير هدْيه؛ أي: دُعَاة مُنحَرِفون عن السُّنَّة، وأنَّ الشر العظيم والفتنة الشديدة سببُها دُعَاة إلى النار.

ومن المعلوم أن المسلم يَثِقُ في الدُّعَاة والعُلَماء أكثرَ مِن غيرهم، ويأتَمِنُهم على دِينه، ويَقْبَل دعوتهم وكلامهم.

 

وأكثرُ المسلمين لا يَتطرَّق إلى عقله وجودُ دُعَاة على أبواب جهنَّم يُضِلُّون الناس، ويُفسِدون عليهم عقيدتهم وعبادتهم، ويُفتُونهم بغير الحق الذي أنزَلَه الله.

 

ويَسُود فَهْمٌ فاسدٌ لَدَى كثيرٍ مِن المسلمين خُلاصته: أنَّك إذا سألتَ عالِمًا فأفتاك، فإنَّ المسؤولية بين يدي الله تكون على ذلك العالم لا عليك؛ لأنك وضعتَها في رقبته كما يقولون! وهو اعتِقاد باطل يَرُدُّه هذا الحديث الصحيح؛ فإن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد حَذَّرَ الأمَّة أنَّ مَن أجاب هؤلاء الدُّعَاة والعُلَماء الذين يُضِلُّون الناس، فيُحِلُّون ما حرَّم الله، أو يُحَرِّمون ما أَحَلَّ الله، أو يَدْعُون إلى بدعة أو ضَلالة، أو يَنْهَون عن سُنَّة صحيحة.

 

أقول: قد حَذَّرَ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن اتِّباع هؤلاء، أو الاستِجابة لهم، فقال: ((مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها))، ولم يُفَرِّق صلَّى الله عليه وسلَّم في تَحذِيره بين مُتَعلِّم وجاهل، أو صغير وكبير، ولا بين رجل وامرأة.

 

وكلُّ مَن عَلِمَ بإخبار رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن دُعَاة الضلالة، فإنه لا شكَّ سيَتساءَل: مَن هم؟ وكيف نَعرِفهم؟ وما علامتهم؟ ويَتولَّى حُذَيفَة بن اليمان رضِي الله عنه عَرْضَ هذا السؤال نِيابةً عن الأمَّة فيقول: يا رسول الله، صِفْهُم لنا، فيَكشِف رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمْرَهم، ويَفضَح سترَهم، فيقول: ((هم مِن جلدتنا، ويتكلَّمون بألسِنتِنا)).

 

إذًا؛ هم مِن العرب، يَعِيشون بيننا، يَأكُلون مِن طعامنا، ويَشرَبون مِن شرابنا، ويُفسِدون علينا دِينَنا، ولولا أنَّ هذا الحديث قد أَفْصَح عن هُويَّتهم لظننَّا أنَّ المقصودَ بهم أعداءُ الإسلام في أوروبا وأمريكا مِن اليهود وغيرهم، أو أنهم الأعاجم الذين دخلوا في الإسلام، فلم يَفهَموه لاختِلاف اللغة، أو أنهم مَن تَظاهَرُوا بالدُّخول في الإسلام ليَطعَنوه مِن الداخل؛ كعبد الله بن أُبَيِّ بن سَلُول زَعِيم المنافقين، أو عبد الله بن سبأ اليهودي.

 

ولكن هذا الحديث الصحيح الصريح قد بَيَّنَ أنهم مِن العرب، وما زال السؤال قائمًا: مَن هم؟ إنهم مِن الذين يُحِلُّون ما حرَّم الله، ويُحَرِّمون ما أحلَّ الله، ويُفتُون فيما يَعرِفون وما لا يَعرِفون، وهم الذين يقولون ما لا يفعَلون، هم دُعاة البدعة والضلالة الذين يُجامِلون الناس على حساب الدِّين، ويبتَغُون بدعوتهم وجْه الناس، لا وجْه الله.

 

وهم كثيرٌ على مرِّ العصور والدُّهور، كلُّ غايتهم إدراكُ المَناصِب حتى يُشارَ إليهم بالبَنَان، وهم أَفْسَدُ لِلدِّين مِن أئمَّة الجور؛ ولذلك كانوا أوَّل مَنْ تُسَعَّر بهم النار كما ثبت في الحديث الصحيح.

 

ويَمضِي حديث حُذَيفَة رضِي الله عنه في حواره، فيسأل عن المَخْرَج مِن الفتنة، فيقول: فما تأمرني إنْ أدركني ذلك؟

ويُبَيِّن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته المَخْرَج الذي لا نَجاة إلا به، فيقول: ((تَلزَم جماعة المسلمين وإمامَهم))، وجماعة المسلمين هم: الصحابة على قولٍ آخَر، أو السَّواد الأعظم مِن أهل السُّنَّة والجماعة على قولٍ آخر، أو العلماء العامِلون بعِلمِهم على قول ثالث؛ وهذه الأقوال الثلاثة لا تَعارُض بينها في واقع الأمر؛ لأنَّ الذي يَتمَسَّك بمنهج الصحابة يكون في الحقيقة مُتَمسِّكًا بمذهب أهل السُّنَّة والجماعة، ومَن فعل ذلك يكون مُقتَدِيًا بالعُلَماء العامِلِين، وبذلك يكون قد جمع بين الأقوال الثلاثة.

 

أمَّا أئمَّة المسلمين فهُمُ الأُمَراء والعُلَماء؛ والأمير أو الحاكم أو الإمام هو مَن صار إمامًا أو حاكمًا بالبَيْعَة الشرعية المعروفة، أو تغلَّب بحدِّ السيف حتى صار حاكِمًا، فهذا أيضًا تَنْبغي طاعتُه في غير معصية؛ ليس إقرارًا لِظُلمه، وإنما تجنُّبًا للمفسدة، وصِيانة لدِماء المسلمين.

 

كما أنَّ العُلَماء الصادقين العامِلين هم أئمَّة الأرواح وقادتُها؛ ولذلك كان قول مَن قال: إنَّ الأئمَّة هُمُ الأُمَراء والعُلَماء مَبنِيًّا على أنَّ الحكَّام هم قادة الأجسام، والعُلَماء هم قادة الأرواح، ويختم حُذَيفَة رضِي الله عنه حواره بسؤالٍ في غايَة الأهمِّيَّة فيقول: يا رسول الله، فإنْ لم يكُن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ، وهي صورة عجِيبة أَنْطَقَ اللهُ بها حُذَيفَة رضِي الله عنه رحمةً بهذه الأمَّة، فإنه رضِي الله عنه قال هذه المَقُولة في وقتٍ كان المجتمع المسلِم في ذروة الاستقرار، وقائده وإمامه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والصحابة رضِي الله عنهم مُعتَصِمون بحبل الله في أكمل وأجمل صورة رأَتْها البشرية منِ بِدايتها إلى نِهايتها.

 

وعندما يَغِيب الإمام وتَنعَدِم الجماعة تكون الفتْنة على أَشُدِّها، والبَلاء قد بلَغ ذروته وغايته، إنها بالتعبير المُعاصِر شعب مُمَزَّق مُفَرَّق بلا حاكم ولا حكومة.

 

وأوضح مثالٍ له في عصرنا شعب الصومال؛ فإنه فِرَقٌ وقبائل مُتناحِرَة مُتَنافِرَة، ليس لهم جماعة ولا إمام، وعند ذلك يكون المَخْرَج هو: ((فاعتَزِل تلك الفِرَق كلَّها، ولو أن تَعَضَّ بأصْل شجرة حتى يُدرِكَك الموتُ وأنتَ على ذلك)).

إنَّ هذا الحديث تمسُّ الحاجة إلى معرفته وفهمه في زمنٍ أصبحتْ فيه الفِتَن كقطع الليل المظلم.

اللهم إنَّا نَعُوذ بك من الفِتَن ما ظهر منها وما بطَن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار

محمدعبدالله - موريتانيا 26-11-2016 10:41 PM

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن عبد حبشي ، فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً ، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة ، فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين ، عضّوا عليها بالنواجذ.)

6- شكر
النيل احمد - sudan 31-01-2014 10:03 AM

جزاكم الله خيرا

5- دعاء
اسماء لغبي - السعوديه 23-11-2013 11:03 AM

اللهم قنا عذاب النار

4- الحذر الحذر
عبد الله الخليفي - اليمن 28-12-2012 11:46 PM

احذروا الفتنة....الفتنة اليوم خبرا سابق ووعدا تحقق فمن الحليم لينجى ومن العاقل ليدركها فيحذر...عن الحرث قال: "مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت يا أمير المؤمنين ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث قال وقد فعلوها قلت نعم قال أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا إنها ستكون فتنة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ ما كان قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا أصحهما على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور".

3- حسبنا الله ونعم الوكيل
ابراهيم - jordan 30-09-2012 04:56 AM

بارك الله فيك شيخنا الكريم ومشكور على طرح هذا الحديث وشرحه

2- نعم صحيح
علي الرواشدة - الاردن 23-06-2010 12:28 PM

نعم أستاذنا الحبيب هذا هو واقع الأمة اليوم

1- الله المستعان
قلبـ مملكه ـي وربي يملكه - السعودية 02-06-2010 04:04 AM

نسأل الله السلامه‏↳‏
جزاك الله خيرا ‏↳‏
فعلا واقع ملموس

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • الكتب والأبحاث
  • الدروس والمحاضرات
  • خطب الجمعة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة