• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبدالرحمن الشثريالشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري شعار موقع الشيخ عبدالرحمن الشثري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات


علامة باركود

الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)

الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


تاريخ الإضافة: 4/11/2025 ميلادي - 14/5/1447 هجري

الزيارات: 239

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الهَمُّ والغَمُّ والحَزَن أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسُّنة

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم.


أمَّا بعدُ: فاتقوا الله عبادَ اللهِ واحمَدُوه على ما أنعَمَ به عليكم من نعمةِ الإسلام، الذي عمَّت شرائِعُه جميعَ نواحي الحياة، ودلَّكم على ما يَنفعُكم في دُنياكُم وأُخراكم، وإنَّ مِن بينِ ما حثَّكم عليه دينُكم ورغَّبَكُم عليه، سلاحٌ تتسلَّحُون به، وتُحقِّقون به كمالَ العُبوديةِ للهِ سبحانه، وتستجلبون به الخير وتستدفعون به البلاء: ألا وهو الدُّعاء، ومِن الدُّعاء: أنْ تستعيذوا بالله مِمَّا استعاذ منه رسولُه صلى الله عليه وسلم مِمَّا وَقَع ومِمَّا لَم يَقع، ألا وإنَّ مما استعاذ منهُ رسولُنا صلى الله عليه وسلم: الْهَمُّ والغَمُّ والْحَزَن، فما معناها، وما أضرارُها، وأسبابُها، وعلاجُها في ضوء القرآنِ والسُّنة؟


قال الأصفهاني: (الْهَمُّ: الْحَزَنُ ‌الذي يُذيب ‌الإنسان.. والْهَمُّ: ما هَمَمْتَ به في نفسِك) انتهى، وقال الجوهري: (الْحُزْنُ وَالْحَزَنُ ‌خِلافُ ‌السُّرُورِ) انتهى.


والْحُزْنُ يَتَمركَّزُ معناهُ اللُّغَويّ حولَ الْهَمِّ والغَمِّ والْخُشونةِ والغِلْظَةِ أو الشدَّةِ في الشيءِ، وهو ضِدُّ الفَرَحِ والسرور، و(«كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إذا ‌حَزَبَهُ ‌أَمْرٌ صَلَّى») رواه أبو داود وحسَّنه ابن حجر، قال ابنُ الأثير: (أَيْ ‌أوقَعَهُ في الْحُزْنِ) انتهى.


والْحُزْن في الاصطلاح كما قال الْهَرَوي: (تَوَجُّعٌ لِفَائِتٍ أوْ تأَسُّفٌ على مُمْتنعٍ) انتهى.


والغَمُّ كما قال ابن حجر: (مَا ‌يُضَيِّقُ ‌عَلَى ‌الْقَلْبِ) انتهى.


وبين الْحَزَن وبعضِ الألفاظِ التي يُعبَّرُ بها عنهُ تَقَارُبٌّ لفظيٌّ، كالخوف: توَقَّعُ حلولُ مكروهٍ أو فواتِ مَحبوبٍ، فإنْ تَعَلَّقَ بالْمَاضي كان حُزْنًا، وإنْ تعلَّقَ بالْمُستقبلِ كان خَوْفًَا وهَمًَّا.


ومنه: الكَرْبُ، وهو تكاثفُ الغَمِّ مع ضيقِ الصدر.


وأما الْحُزْن فتكاثفُ الغَمِّ وغِلَظُه، ومنهُ: الكآبةُ: وهي أَثرُ الْحُزْنِ البادي على الوَجْه، ومنه: البَثُّ، يُفيدُ أنه يَنبثُ ولا يَنكتم، ومنه قول يعقوب عليه السلام: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]، فَعَطَفَ البثَّ على الْحُزْن ‌لِتَغَايُرِهِمَا في الْمَعْنى، ومنه: الْجَزَعُ: وهو حُزْنٌ يَصْرِفُ الإنسانَ عمَّا هو بصدَدِه، وهو أبلَغُ مِن الْحُزْنِ، ومنه: الأَسَفُ ‌وهو الْمُبَالَغَةُ ‌في ‌الْحُزْنِ، قال يعقوب: ﴿ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ ﴾ [يوسف: 84]، ومنه: الْحَسْرَةُ، غَمٌّ يَتجدَّدُ لفوتِ فائدةٍ، وهو شِدَّةُ التلَهُّفِ والْحُزْنِ على شَيءٍ فَاتَ.


عباد الله: وأمَّا أضرارُها فإنَّ الْحُزْنَ قد يَقْتُلُ الإنسان، قال ابنُ أبي الدُّنيا: (الْحُزْنُ يَتَحَرَّك مِنْ خَارِجِ الْجَسَدِ إلَى دَاخِلِهِ، فَلِذَلِكَ قَتَلَ الْحُزْنُ.. وَالْحَادِثُ عَنْ الْحُزْنِ الْمَرَضَ وَالأَسْقَامَ لِكُمُونِهِ، وَلِذَلِكَ أَفْضَى الْحُزْنُ إلَى الْمَوْتِ) انتهى.


وقال عبدُ الله بنُ عمروٍ: (الْهَمُّ ‌نِصْفُ ‌الْهَرَمِ) رواه الديلميُّ وحسَّنه مُحقِّقه، قال الْمُناويُّ: (لأنه إذا توالى على القلب يُضني ويُبلي ويُؤثر في نُقصان بُنْيَةِ الإنسانِ ويُوهنُ الظاهرَ والْخَيَالَ، مثلُ تأثيرِ الْهَرَمِ بطُول الزمان) انتهى.


وقال ابنُ القيِّم: (أَرْبَعَةٌ ‌تَهْدِمُ ‌الْبَدَنَ: الْهَمُّ، وَالْحُزْنُ، وَالْجُوعُ والسَّهَرُ) انتهى.


وقال الْمُتنبي: (والْهَمُّ يَخْترِمُ الْجَسيمَ نَحَافةً ويُشيبُ ناصِيةَ الصَّبيِّ ويُهْرِمُ).


والْهُمومُ والأحزانُ تكون ظاهرةً على صاحبها لا تُخفيها الأموال، كما قال ابن الجوزي: (لا تُواريها لذةُ مالٍ ولا لذةُ مَطْعَمٍ) انتهى.


وقد أعلن المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية عن نتائج مؤشر الصحة النفسية في المملكة لعام 1444 عن مُعدَّل انتشار أعراض الاكتئاب إلى %12.7.


عباد الله: وأَمَّا أنواعُها: فإنَّ القلوبَ تتفاوتُ في الْهَمِّ والْغَمِّ والْحَزَن كثرةً واستمرارًا بحسبِ ما فيها مِن الإيمانِ أو الفُسوقِ والعصيان، والناسُ يَتفاوتون فيها بتفاوت بواعثهم وأحوالهم.


فمن الغُموم التي تَدخلُ في فواتِ المحبوبِ أو تَوَقُّعِ فَوَاتهِ، حُزْنُ الأنبياءِ بسبب إعراضِ قومِهِم، قال تعالى: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8]، وغُمومُ العلماءِ والدُّعاة إلى دين الله، وغُمومُ المسلمِ على أحوالِ إخوانهِ المسلمين، وغُمومُ المذنبِ بعد ذنبهِ بانتظارهِ العُقوبة، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 124]، قال ابن الجوزي: (رأيتُ سَبَبَ الْهُمومِ والغُمومِ: الإعراضُ عن الله عزَّ وجلَّ، والإقبالُ على الدنيا، وكُلَّما فاتَ منها شيءٌ وَقَعَ الغَمُّ لفواتهِ) انتهى.


ومنها: غُمومُ المظلوم وخاصةً إذا كان الظالمُ قريبًا، قال طَرَفَةُ بنُ العبد:

وظُلمُ ‌ذوي ‌القُرْبى ‌أشَدُّ ‌مَضَاضَةً -أي حُزنًا وحُرقةً- على الْمَرْءِ من وَقْعِ الْحُسامِ الْمُهنّدِ


ومنها: الغمومُ الحاصلةُ بسببِ مَصَائبِ الدُّنيا، كالأمراضِ الْمُزمنةِ والخطيرةِ، وعقوقُ الأبناءِ، وتَسَلُّطِ الزوجة، واعوجاجِ الزوج، ومنها ما يكونُ بسببِ الْخوفِ مِنَ الْمُستقبل، كغُمُومِ الأَبِ بذريَّتهِ مِن بعده، وخاصةً إذا كانوا ضُعَفَاءَ أو صغارًا وليسَ لديهِ ما يُخلِّفُه لهم، وهكذا تَتَنَوَّعُ الغُموم والْهُموم والأحزان.


عباد الله: وأمَّا أسبابُ الْهُمومِ والغُمومِ والأحزانِ:

فأَوَّلُها: ضعف الإيمان بالقضاء والقدر، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ ولا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ‌فَإِنَّ ‌لَوْ ‌تَفْتَحُ ‌عَمَلَ الشَّيْطَانِ») رواه مسلم، قال إبراهيم بن إسحاق: (أجمع عقلاء كل أمة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه) رواه الخطيب في تاريخ بغداد.


ومنها: رُؤْيَةُ ما عِندَ الناسِ من زينةِ الدنيا، (قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مَنْ يُتْبِعْ نَفْسَهُ كُلَّ مَا يَرَى في النَّاسِ ‌يَطُلْ ‌حُزْنُهُ وَلَمْ يُشْفَ غَيْظُهُ) رواه البيهقي في الشعب وجوَّد إسنادَه مُحققه.


وقال ابنُ القيِّم: (فإن الرغبة في الدنيا تشتّت القلب وتبدّد الشمل، وتطيل الهم والغمّ والحزن، فهي عذاب حاضر يؤدي إلى عذاب منتظر أشد منه) انتهى.


ومنها: كثرة الحرص، قال إبراهيم بن أدهم: (كثرة الحرص ‌والطمع ‌تُورثُ ‌كثرةَ ‌الغَمِّ والْجَزَعِ) رواه أبو نُعيم في الْحِلية.


ومنها: إدخالُ الغمِّ على الوالدينِ والزوجةِ والأولادِ: قالَ إبراهيمُ بنُ إسحاق: (الرجلُ هو ‌الذي ‌يُدخل ‌غَمَّهُ ‌على ‌نفسهِ، ولا يُغِمُّ عيالَهُ، كان بي شقيقةٌ خمسًا وأربعين سنةً ما أخبرتُ بها أحدًا قطُّ، ولي عشرُ سنين أُبصِرُ بفَرْدِ عَيْنٍ ما أَخبرتُ به أَحَدًَا) رواه الخطيبُ في تاريخ بغداد.


ومنها: أن الهموم والغموم والأحزان قد تكون عقوباتٍ أو تكفيرًا للسيئاتِ أو رِفعْةً للدرجات، قال ابن القيم: (الغموم والهموم ‌والأحزان ‌والضيق ‌عقوباتٌ ‌عاجلةٌ ونارٌ دنيويةٌ وجهنَّمُ حاضرةٌ) انتهى، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أَذىً ولا غَمٍّ، ‌حَتَّى ‌الشَّوْكَةِ ‌يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري ومسلم.

 

الخطبة الثانية

أما بعد: فمن أعظم علاجاتِ الْهُموم والغموم والأحزان:

أولًا: الإيمانُ بالله:﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22-23].


ثانيًا: الإيمانُ بالقَدَرِ، (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، ‌إِنْ ‌أَصَابَتْهُ ‌سَرَّاءُ ‌شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم، وقال ابن القيِّم: (فَالإِيمَانُ بِالْقَدَرِ وَالرِّضَا بِهِ: ‌يُذْهِبُ ‌عَنِ ‌الْعَبْدِ ‌الْهَمَّ ‌وَالْغَمَّ وَالْحَزَنَ) انتهى.


ثالثًا: دوامُ قراءةِ القرآن وذِكْرِ اللهِ على ‌كلِّ ‌حالٍ وفي كلِّ موطنٍ، قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال سبحانه: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143-144].


رابعًا: الصبرُ والصلاة، قال تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، قال ابن جرير: (فأمَره جل ثناؤُه في ‌نَوائبِه ‌بالفزَعِ ‌إلى ‌الصبرِ والصلاةِ) انتهى، وقال صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء: (وكانُوا إذا فَزِعُوا ‌فَزِعُوا ‌إلى ‌الصلاةِ) رواه الإمام أحمد وصحَّحه محققو المسند.


خامسًا: القناعةُ،(قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «انْظُرُوا ‌إِلَى ‌مَنْ ‌أَسْفَلَ ‌مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ») رواه مسلم، والقَنُوعُ غيرُ مُتشوِّفٍ لِمَا في أيدِ الناس، وغيرُ ساخطٍ على حالهِ من الفقرِ أو الصِّحةِ أو غيره، قال ابن القيم: (إنما ‌تحصل ‌الهموم ‌والغموم ‌والأحزان من جهتين: أحدهما: الرغبة في الدنيا والحرص عليها، الثاني: التقصير في أعمال البرِّ والطاعة) انتهى.


سادسًا: إحسانُ الظنِّ بالله وأن فَرَجَه قريب، قال صلى الله عليه وسلم: (وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ ‌الْفَرَجَ ‌مَعَ ‌الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) رواه الإمام أحمد وصححه محققو المسند.


سابعًا: الإحسانُ إلى الناسِ، (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ‌وَاللهُ ‌فِي ‌عَوْنِ ‌الْعَبْدِ ‌مَا ‌كَانَ ‌الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) الحديث رواه مسلم.


ثامنًا: الإكثارُ من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أُبيُّ بنُ كعبٍ: (يا رسولَ اللهِ إني أُكْثِرُ الصَّلاةَ عليكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صلاتِي؟ فقالَ: «ما شِئْتَ»، قالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قالَ: «ما شِئْتَ فإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: النِّصْفَ، قالَ: «ما شِئْتَ، فإنْ زِدْتَ فهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قالَ: قُلْتُ: فالثُّلُثَيْنِ، قالَ: «ما شِئْتَ، فإنْ زِدْتَ فهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صلاتِي كُلَّهَا؟ قالَ: «إذًا تُكْفَى هَمَّكَ، ويُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ») رواهُ الترمذيُّ وحسَّنه.


تاسعًا: عَدَمُ مُجالسةِ مَن تُبغضُهم، قال ابن القيِّم: (الثُّقَلاءُ والْبُغَضَاءُ فَإِنَّ ‌مُعَاشَرَتَهُمْ ‌تُوهِنُ ‌الْقُوَى، وَتَجْلِبُ الْهَمَّ وَالْغَمَّ، وَهِيَ لِلرُّوحِ بِمَنْزِلَةِ الْحُمَّى لِلْبَدَنِ، وَبِمَنْزِلَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ) انتهى.


عاشرًا: قال ابنُ القيِّم: (تَرْكُ ‌فُضُولِ ‌النَّظَرِ وَالْكَلامِ وَالاسْتِمَاعِ وَالْخُلْطَةِ وَالأَكْلِ وَالنَّوْمِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْفُضُولَ تَسْتَحِيلُ آلامًا وَغُمُومًا وَهُمُومًا في الْقَلْبِ، تَحْصُرُهُ وَتَحْبِسُهُ وَتُضَيِّقُهُ وَيَتَعَذَّبُ بِهَا، بَلْ غَالِبُ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مِنْهَا) انتهى.


الحادي عشر: عَدَمُ حَبْسِ الدُّموع، قال سفيان بنُ عيينة: (إنَّ الدَّمعةَ ‌إذا خَرَجَت ‌استراح ‌القلب) رواه أبو نُعيم في الحِلية.


الثاني عشر: أن تكون الآخرةُ هَمَّك، (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ، ‌جَعَلَ ‌اللهُ ‌غِنَاهُ ‌في ‌قَلْبِهِ، ‌وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ») رواه الترمذي وصحَّحه الألباني.


الثالث عشر: الدُّعاءُ، وخاصةً بالوارد، قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أُخْبرُكُم أوْ أُحدِّثُكُم بشيءٍ إذا نَزَلَ برَجُلٍ منكُمْ كَرْبٌ أوْ بَلاءٌ مِن أَمْرِ الْدُّنْيَا دَعَا ربَّهُ ففَرَّجَ عنهُ»؟ قالَ: فقالُوا: بَلَى، قالَ: «دُعَاءُ ذِي النُّونِ، قالَ: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]) رواه ابن أبي الدُّنيا وصححه الذهبي، وكانَ صلى الله عليه وسلم إذا ‌حَزَبَهُ ‌أَمْرٌ قَالَ: («لا إلهَ إلاَّ اللهُ الْحَلِيمُ العَظِيمُ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ ورَبُّ الأرْضِ ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ»، ثُمَّ يَدْعُو) رواه الإمام أحمد وأصلُهُ فِي الصَّحِيحَينِ،وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (أَلاَ أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عندَ الكَرْبِ أو في الكَرْبِ: اللهُ اللهُ ربِّى لا أُشْرِكُ بهِ شيئًا) رواهُ أبو داود وحسَّنه ابن حجر، وقال صلى الله عليه وسلم: (‌مَنْ ‌أَصَابَهُ ‌هَمٌّ ‌أو ‌غَمٌّ ‌أو ‌سَقَمٌ أو شِدَّةٌ فقالَ: اللهُ رَبِّي لا شَرِيكَ لَهُ، كُشِفَ ذلكَ عنهُ) رواه الطبراني في الكبير وحسَّنه الْمُناوي، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (ما أصابَ أحَدًا قَطُّ هَمٌّ ولا حَزَنٌ، فقالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عبدُكَ ابنُ عبدِكَ، ابنُ أَمَتِكَ، ناصيَتي بيدِكَ، ماضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عدلٌ فِيَّ قضاؤُكَ، أسأَلُكَ بكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بهِ نفْسَكَ، أو علَّمْتَهُ أحَدًا مِن خَلْقِكَ، أو أنزَلْتَهُ فِي كتابكَ، أوِ استأثرْتَ بهِ فِي عِلْمِ الغيبِ عندَكَ، أنْ تجعَلَ القُرآنَ رَبيعَ قَلْبي، ونُورَ صَدْرِي، وجِلاءَ حُزْني، وذهابَ هَمِّي، إلاَّ أذهَبَ اللهُ هَمَّهُ وحُزنهُ، وأبدَلَهُ مكَانَهُ فَرَحًا»، قالَ: فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، أَلا نتَعَلَّمُهَا؟ فقالَ: «بلَى، يَنبغي لِمَنْ سَمِعَها أنْ يَتَعَلَّمَها») رواهُ الإمامُ أحمد وصحَّحه ابن القيِّم، و(كَانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إذا ‌نَزَلَ ‌بهِ ‌هَمٌّ ‌أَوْ ‌غَمٌّ قَالَ: «يا حَيُّ يا قيُّومُ برَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ») رواه الحاكم وصحَّحه وحسَّنه الألباني، و(قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «دعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رحْمَتَكَ أرْجُو، فلا تكِلْني إلى نفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وأَصْلِحْ لي شأْني كُلَّهُ، لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ») رواه أبو داود وحسَّنه ابنُ باز، وقال أنس رضي الله عنه: (كُنْتُ أَسْمَعُهُ صلى الله عليه وسلم كثيرًا يقولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْهَمِّ والْحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والْجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ») رواهُ البخاريُّ، و(دخَلَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذاتَ يومٍ المسجدَ، فإذا هُوَ برَجُلٍ مِنَ الأنصارِ، يُقالُ لهُ: أبو أُمامةَ، فقالَ: «يا أبا أُمامةَ، ما لي أَرَاكَ جالسًا فِي المسجدِ فِي غيرِ وقْتِ الصَّلاةِ؟» قالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْني، ودُيُونٌ يا رسُولَ اللهِ، قالَ: «أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إذا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذهَبَ عزَّ وجَلَّ هَمَّكَ، وقَضَى عنكَ دَيْنَكَ؟» قالَ: قُلْتُ: بلَى يا رسُولَ اللهِ، قالَ: «قُلْ إذا أَصْبَحْتَ وإذا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْهَمِّ والْحَزَنِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن العَجْزِ والكَسَلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن الْجُبْنِ والبُخْلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهْرِ الرِّجَالِ» قالَ: ففَعَلْتُ ذلكَ، فأَذهَبَ اللهُ عزَّ وجَلَّ هَمِّي، وقَضَى عَنِّي دَيْني) رواهُ أبو داود وحسَّنه العراقي، و(كانَ صلى الله عليه وسلم يدْعُو فيقولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن الْهَرَمِ، والتَّرَدِّي، والْهَدْمِ، والْغَمِّ، والحَرِيقِ، والْغَرَقِ) الحديث رواه النسائي وصححه الألباني، وغيرها كثير.


الرابع عشر: الإكثارُ مِن لا حول ولا قُوَّة إلا بالله، قال ابن القيم: (وأمَّا تأْثيرُ: «لا حولَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ» فِي دَفْعِ هذا الدَّاءِ -أي: داء الْهَمِّ والغَمِّ- فَلِمَا فيها مِنْ كَمَالِ التفويضِ، والتَّبَرِّي مِنَ الحوْلِ والقُوَّةِ إلاَّ بهِ، وتَسْلِيمِ الأَمْرِ كُلِّهِ لَهُ).


الخامس عشر: التداوي بالأدوية الْمُباحة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة