• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبدالرحمن الشثريالشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري شعار موقع الشيخ عبدالرحمن الشثري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات


علامة باركود

حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)

حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


تاريخ الإضافة: 21/10/2025 ميلادي - 29/4/1447 هجري

الزيارات: 195

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حُقُوقُ الطِفْلِ العَقَديةِ في ضوءِ الكتابِ والسُّنةِ

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم.

أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و (لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).

 

عباد الله: اتقوا الله تعالى واشْكُروهُ على نِعْمَتِه بالأولادِ، وأَدُّوا حُقوقَهُم العَقَدية عليكم، والتي جاء التأكيدُ عليها في القرآنِ العظيمِ، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، قال ابن جرير في تفسيرها: (‌وعلِّموا ‌أهليكم مِن العملِ بطاعةِ اللهِ ما يَقُون به أنفسَهم مِن النارِ) انتهى، وتذكَّر عبدَ اللهِ أنَّ وَلَدَكَ وهو في مرحلة طُفولتِه تكونُ نفسُه مَرِنةً قابلةً لكُلِّ شيء، فالطُّفولةُ كالصفحةِ البيضاءِ الخاليةِ مِن كُلِّ نقشٍ وصورةٍ، لكنها على الفِطْرَةِ السليمةِ، وأشارَ إلى ذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم بقولهِ: (كُلُّ ‌مَوْلُودٍ ‌يُولَدُ ‌عَلَى ‌الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) الحديث رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ‌مَا ‌مِنْ ‌نَسَمَةٍ ‌تُولَدُ ‌إِلا عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا) رواه الإمام أحمد وصححه لغيره مُحققو المسند، ولذا سيكون حديثنا إن شاء الله عن حقوقِ الطفلِ العَقَديَّةِ في الكتابِ والسُّنة.


أيها الأب: وَرَدَ لفظُ (الطفلِ) في القرآن الكريم في أربعة مواضع، قال سبحانه في سورة الحج: ﴿ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ﴾ [غافر: 67]، وقال سبحانه في سورة غافر: ﴿ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ﴾ [غافر: 67]، وقال سبحانه في سورة النور وفي موضعين: (﴿ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ﴾ [النور: 31]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ ﴾ [النور: 59]، وورد في القرآن الكريم رِدافٌ لكلمة طفل، وهي: غلامٌ في ثلاثة عشر موضعاً، وصبيٌّ في موضعين، وصغيرٌ في موضعٍ واحدٍ، وولَدٌ في أربعة عشر موضعاً، قال القرطبيُّ: (الطِّفْلُ يُطْلَقُ ‌مِنْ ‌وَقْتِ ‌انْفِصَالِ ‌الْوَلَدِ إِلَى الْبُلُوغِ) انتهى.


وتنقسمُ مرحلةُ الطفولةِ إلى طَوْرَيْنِ: الأول: مرحلة ما قبل التمييز، وتبدأ من مولدِ طِفْلِكَ حتى قُبيل السن السابعة تقريباً، وتنقسم إلى قسمين: مرحلة الرضاعة: تبدأ من مولده حتى نهاية السنة الثانية من عُمُره، والثاني: مرحلة الحضانة، وتبدأ من بداية السن الثالثة حتى نهاية السن السادسة تقريباً.


والطور الثاني: مرحلة ما بعد سِن التمييز، وهي تقريباً من السابعة إلى ما قبل سِنِّ البُلُوغ، قال تعالى فيمن يجوز له الدُّخول على النساء: (﴿ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ﴾ [النور: 31]، قال ابنُ كثير: (يعني: لِصِغَرِهم لا يَفْهمون أحوالَ النساءِ وعوراتهِنَّ مِن كلامِهِنَّ الرخيم، ‌وتعطُّفِهِنَّ ‌في ‌الْمِشيةِ وحركاتهِن وسكناتهِن، فإذا كان الطفلُ صغيرًا لا يفهمُ ذلك فلا بأسَ بدخوله على النساء، فأمَّا إن كان مُراهقًا أو قريبًا منه، بحيثُ يَعْرِف ذلك ويَدريه ويُفرِّق بين الشوهاء والحسناء، فلا يُمكَّن مِن الدُّخول على النساء) انتهى، وقال مجاهد: (لَم يعرفوا العورة من غيرها مِن الصِّغَر)، قَالَ ابنُ العَرَبي: (قَوْلُ مُجَاهِدٍ أَظْهَرُ; لأَنَّ مَعْنَى أَنَّهُمْ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ أَنَّهُمْ لا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ ‌عَوْرَاتِ ‌النِّسَاءِ ‌وَالرِّجَالِ لِصِغَرِهِمْ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ بِذَلِكَ) انتهى، و(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، ‌وَاضْرِبُوهُمْ ‌عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ») رواه أبو داود وحسَّنه النووي.


فَلكَ أيها الأب وزوجَتُكَ وخاصة في السنوات الأولى من عُمُرِ طِفلِكُما أثرٌ عظيمٌ عليه في ديانتهِ وعقيدته وأخلاقهِ، فعليكُما وَقَعَت الأمانةُ على تنشئةِ طِفْلِكُما التنشئةَ الصالحة، وتربيتهِ التربية السويَّة القويمة، ففي مرحلة الطفولة قبل احتكاكه بالمجتمع ودُخُولِه المدرسة، يكونُ الْمُربِّي الأول لِطِفْلِكَ هُوَ أنتَ ووالدتُه، مع روافِدَ أُخرى كإخوتهِ وأخواتِه إنْ وُجِدُوا، وأقاربكُم الذين تُزاوِرُونَهُم، والْمُعلِّمُ الْمُؤثِّر بعدَ دُخولِ طِفْلِك المدرسة، ثم زملاؤه وأصدقائه بالمدرسة، ثم البيئة المحيطة به من الجيران والمجتمع.


أيها الأب: إن مِن أوجب الواجبات عليكَ تُجاهَ طِفْلِكَ بناءُ عقيدةِ أهلِ السُّنةِ في نفسهِ وتقريبُها إليهِ وغَرْسُها، خصوصاً في هذا الزمان الذي كَثُرت فيه فِتَنُ الشُّبُهاتِ والشهواتِ، فإذا تَمكَّنتِ العقيدةِ في نفسهِ أيقظت فيها دوافعَ الخيرِ وأضفت على حياتِها الأمن والطُّمأنينة، وحَمَتْها مِن الشكِ والارتياب، ومَحَتْ منها القَلَق والْحَيْرَة، وقد اهتمَّ رسولُنا صلى الله عليه وسلم بتعليم صِغَارِ الصحابة رضي الله عنهم أُمورَ العقيدة، فعَنْ جُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ونَحْنُ ‌فِتْيَانٌ ‌حَزَاوِرَةٌ -هو الذي قاربَ البُلُوغ-، فَتَعَلَّمْنَا الإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا) رواه ابنُ ماجه وصحَّحه البوصيري، تعلَّموا الإيمان قبل أن يتعلَّموا القرآن، وهذا يَدُلُّك أيها الأب على أنْ تُبادِرَ بتعليم ابنك العقيدة منذ الصغر، مِن تعريفه باللهِ تعالى وأحقيته سبحانه للعبادة وحده لا شريك له، واطلاعه سبحانه علينا في السِّرِّ والعَلَن، وبيدهِ ملَكوتِ السماواتِ والأرضِ، وبيده الضرُّ والنفعُ، وبيده الشفاءُ والْمَرَض، والموت والحياة، والرزق وتدبير هذا الكون، وتعليمه ما لله سبحانه من صفات الجلال والكمال والعظمة، وبهِ سبحانه الاستغاثة والاستعانةُ والتوكُّل، وإليه تُوجَّه أعمالُ القلوبِ كخشيته والإنابة إليه والرجاء والخوف، والإيمان بالملائكة والكُتُب والرُّسُل وباليومِ والآخرِ والقضاءِ والقَدَر، والإيمان برسولنا صلى الله عليه وسلم، وما له صلى الله عليه وسلم من الحقوقِ ونحوِ ذلك من أمور الإيمان، وهذا مما يُفيده قبل تَعَلُّم القرآن في تعظيم القرآن والازديادِ به إيماناً، كما قال جندب: (ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا).


أيها الأب: تُعتبرُ مرحلةُ الطفولةِ هي المرحلةُ الأولى من حياةِ ابنك، وهي مِن أهمِّ مراحل النمو التي يَمَرُّ بها، حيثُ تُعبرُ حجرَ الأساس في بناءه وتكوينه وتنشئتهِ، حيث تتميز مرحلةُ طفولتهِ:

أولاً: بالضعف، قال تعالى: ﴿ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]، ولذلك أُنيطت مسؤولية رعايته والقيامِ على شُؤونهِ بكَ وبأُمِّه، حتى ينشأَ ويَرْشُدَ ويبلُغَ حدَّاً يَستقلُّ فيه بنفسه، فمن هُنا تظهر أهمية العناية الشديدة بهذه المرحلة، وإيلائها الحدَّ الأقصى من الرعايةِ والاهتمام.


ثانياً: قابلةُ هذه المرحلة للتكوين والبناء والتوجيه، فطفلك كالعجينة تُكَيِّفهُ كما تُريد إن شاء الله، لأن مرحلةَ الطفولة هي السِّنُّ الملائمة لتكوين العاداتِ الصالحةِ أو الطالحةِ بتأثيرك فيه، والإنسانُ يَشبُّ على ما شابَ عليه.


ثالثاً: كونُ مرحلةِ الطفولة إعدادٌ للمستقبل، فهي حجرُ الزاوية التي سُيبنى عليها مُستقبلُ طفلك.


أيها الأب: مِن الأسباب التي تدعوك إلى الحرص على غرس العقيدة في نفس طفلك:

أولاً: أن غرس العقيدة في مرحلة الطفولة أحرى وأقوى لثباتها في نفس طفلك، وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية أن العقائد والعادات والتقاليد تتأصل في مرحلة الطفولة أكثر من أي مرحلة أخرى.


ثانياً: أن ذلك منهج الأنبياء عليهم السلام: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].

 

ثالثاً: الاقتداءُ بنبيِّنا صلى الله عليه وسلم، فعن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: (كُنْتُ خَلْفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَوْماً فقالَ: «يا غُلامُ إني أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سَأَلْتَ فاسْأَلِ اللهَ، وإذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللهِ، واعلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بشَيْءٍ لم يَنْفَعُوكَ إلاَّ بشَيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، ولوْ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُّوكَ بشيْءٍ لم يَضُرُّوكَ إلاَّ بشيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتْ الصُّحُفُ») رواه الترمذيُّ وصحَّحه، قال ابنُ رَجَبٍ: (وهذا الحديثُ يَتَضَمَّنُ وَصَايَا عظِيمَةً، وقَوَاعِدَ كُلِّيَّةً مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ، حتى قالَ بعضُ العُلَمَاءِ: تَدَبَّرْتُ هذا الحديثَ فأَدْهَشَني وكِدْتُ أَطِيشُ، فَوَا أَسَفَا مِنَ الْجَهْلِ بهذا الحديثِ وقِلَّةِ التَّفَهُّمِ لِمَعْنَاهُ) انتهى.


رابعاً: وجودُ خطرٍ عظيمٍ على عقائد الأطفال وسلوكهم في أجهزة الاتصالات الحديثة وبعض الأفلامِ الكرتونيةِ.


خامساً: إذا تعلَّم الطفلُ العقيدة فالعبادات تأتي بالتبع.


سادساً: الأثر الإيجابي الكبير الذي تتركه العقيدة السليمة في نفس الطفل إذا تَرَبَّى عليها، فتصلح شؤونه ويسعد في حياته، وينجو من التخبُّط والبدع والخرافات، قال ابنُ القيِّم: (فمَنْ ‌أهملَ ‌تعليمَ ‌ولدِه ما ينفعُهُ، وتركَه سُدًى، فقد أساءَ إليه غايةَ الإساءةِ، وأكثرُ الأولادِ إنَّما جاء فَسَادُهُمْ مِنْ قِبَلِ الآباءِ وإهمالهِم لهم، وتَرْكِ تَعْليمِهم فرائضَ الدِّين وسُنَنِهُ، فأضاعُوهُمْ صغارًا، فلم يَنْتَفِعُوا بأنْفُسِهِمْ، ولم يَنْفَعُوا آباءَهُمْ كِبَارًا) انتهى.

 

الخطب الثانية

أما بعد: فإن من الصفات اللازمة لك أيها الأب لكي تنجح في غرس العقيدة في طفلك:

أولاً: أن تتقي الله ووالدتَه، وتُكثرانِ من الأعمال الصالحة التي تُقرِّبكم إلى الله، قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82]، قال ابنُ كثير: (فيه دليلٌ على أن الرجلَ ‌الصالِحَ ‌يُحفظ في ذريته، وتشملُ بركةُ عبادتهِ لهم في الدنيا والآخرة بشفاعتهِ فيهم، ورفْعِ درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة، لِتَقَرَّ عينُه بهم، كما جاء في القرآن ووردت به السُّنة) انتهى.

 

ثانياً: تأسي طفلُكَ بك: فإن رآك كثيرَ ذِكْر الله وتلاوة كتابه والمحافظة والمبادرة إلى الصلاة اقتدى بك.

 

ثالثاً: أن يكون لديك ووالدتهِ العِلْمَ الواجبِ تعلُّمِه.

 

ثالثاً: أن تتصف ووالدتهِ بالحزم في تربيتكما، فبالحزم قِوام التربية، والحازم هو الذي يضع الشيء في موضعه، فلا يتساهل في حالٍ تستوجبُ الشدَّة، ولا يتشدَّد في حالٍ تستوجبُ الرِّفق واللين، وضابطُ الحزم: أن تُلزمَ ولدكَ بما يَحفظُ دينَهُ وعقله وبدنه ومالَه، (قَالَ إِبْرَاهِيمُ -النخعي-: وَكَانُوا يَضْرِبُونَا عَلَى الشَّهَادَةِ ‌وَالْعَهْدِ ‌وَنَحْنُ ‌صِغَارٌ) رواه البخاري، وقال ابنُ الجوزي: (ولا تلتفت إلى بكاء طفل الطبع لفوات غرضه؛ فإنك إنْ ‌رحمتَ ‌بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يُمكنك تأديبه، فيبلُغ جاهلاً فقيرًا) انتهى.

 

رابعاً: أن تتصفا بصفة الصدق مع أنفسكما ومع طفلكما.

 

أيها الأب: من أهم الوسائل في غرس العقيدة في نفس طفلك:

أولاً: أنْ تُلَقِّنه كلمةَ التوحيد (لا إله إلا اللهُ محمدٌ رسولُ الله)، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ [النحل: 78]، قال ابن القيم: (فإذا كان ‌وقتُ ‌نُطْقِهم فلْيُلَقَّنُوا: «لا إله إلا الله محمَّد رسول الله»، ولْيَكُن أوَّل ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيدُه، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم، ويَسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا) انتهى.

 

ثانياً: القُدْوة، فَتُرَبِّيه على أنَّ قُدوتَه هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، قال ابنُ كثير: (هذه الآية الكريمة ‌أصل ‌كبير ‌في ‌التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله) انتهى.

 

ثالثاً: أنْ تُذَكِّرَهُ بأسماء الله وصفاته، قال تعالى في وصية لقمان لابنه: ﴿ يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16].

 

رابعاً: أنْ تُحاوِرَه وتُشاوِرَهُ، قال تعالى عن خليله إبراهيم مع ابنه إسماعيل: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]، وقال تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133].

 

خامساً: أن تدعوه للتفكُّر في مخلوقات الله، وآثارِ رحمةِ في إحياءِ الأرضِ بعد موتها، قال تعالى: ﴿ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 50].

 

سادساً: أنْ تضرب له الأمثال، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الزمر: 27].

 

سابعاً: أنْ تقصَّ عليه ما قصَّه الله في كتابه كقصص الأنبياء وغيرهم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].

 

ثامناً: تحفيظه للقرآن الكريم، (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ ‌وَقَدْ ‌قَرَأْتُ ‌الْمُحْكَمَ») رواه البخاري.

 

تاسعاً: أنْ تجهر بالواجبات والسُّنن أمام طفلك، كترديدك خلف المؤذن برفع صوت، وإذا عطست حمدت الله برفع صوت، وعند أكلك وشربك ولُبسك، من التسمية والحمد، وأن تصحبه في زيارة أرحامك، ومرضاك إذا كان يُناسبهم.

 

عاشراً: الدُّعاء له: وخاصة مما ورد في الكتاب والسُّنة،رَبّنا أَوْزِعْنا أَنْ نشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَينا وَعَلَى وَالِدينا وَأَنْ نعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لنا فِي ذُرِّيَّاتِنا يا أرحم الراحمين، ربَّنا هَبْ لَنَا من الصالحين، رَبّا هَبْ لنا مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ، رَبّنا أعذ ذرياتِنا وذُرِّيَّاتِهِمْ مِن الشيطان الرجيم، ربَّنا اجْنُبْنا وذُرِّياتِنا من عبادةِ الأصنام، رَبّنا اجْعَلْنا مُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّاتِنا، رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنا، رَبَّنَا اغْفِرْ لنا وَلِوَالِدينا وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَاب، اللَّهُمَّ جَمِّلْ ذُريَّتنا وأَدِمْ جَمَالَهُمْ، اللَّهُمَّ أَعذهُم مِنْ ‌عُقُوقِ ‌الأُمَّهَاتِ، اللَّهُمَّ ‌أعِذهُم ‌مِنَ ‌الْكُفْرِ والْضَّلالَةِ، ومِنَ الْفَقْرِ الَّذِي يُصِيبُ بَنِي آدَمَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِمْ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِمْ، وبَارِكْ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ عَلِّمْهُمُ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ، اللَّهُمَّ عَلِّمْهُمُ الْحِكْمَةَ وتَأْوِيلَ الْكِتَابِ، اللَّهُمَّ فَقِّهُمْ فِي الدِّينِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْهُمْ عِلْمَاً وفَهْمَاً، اللَّهُمَّ زِدْهُمْ عِلْمَاً وفَهْمَاً، ‌اللَّهُمَّ ‌لا ‌تَكِلْهُمْ إِلَينا فَنضْعُفَ عَنْهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إِلى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا، ولا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ ‌أَقْبِلْ ‌بِقُلُوبهِمْ عَلَى طَاعَتِكَ، وَحُطْ مَنْ وَرَائَهُمْ، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة