• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبدالرحمن الشثريالشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري شعار موقع الشيخ عبدالرحمن الشثري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات


علامة باركود

الغبار آية يخوف الله به عباده

الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


تاريخ الإضافة: 26/3/2017 ميلادي - 27/6/1438 هجري

الزيارات: 38458

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغُبارُ آيةٌ يُخوِّفُ الله به عبادَه

﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]


الحمدُ للهِ القاهرِ فوقَ عباده، والحمدُ للهِ الذي لا رادَّ له عن مُرادِه، والحمدُ للهِ الذي تفرَّدَ بالحُكمِ في عبادهِ وبلادهِ، والحمدُ للهِ الذي يُرسلُ بالآياتِ تخويفاً، ويُري عبادَهُ آثارَ قُدرتهِ زجراً لهم عن القبائحِ وتعريفاً، والحمدُ للهِ تَمُورُ السماءُ بقدرتهِ مَوْرَاً، وتَسيرُ الجبالُ بمشيئتهِ سَيْرَاً، والحمدُ للهِ الذي يَفعَلُ ما يشاءُ ويَحكُمُ ما يُريدُ، نستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من غَضَبِهِ وعقابهِ وعذابه الشديد، وأشهدُ أن لا إله إلا الله الذي أنزل في كتابه: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ [الملك: 16]، الذي أهلَكَ عاداً بالرَّجْفةِ، فأصبحُوا في ديارهم جاثمين، منازلهم القُبور، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، الذي أنذرَ قومَهُ صاعقةً مثلَ صاعقةِ عادٍ وثمود، صلى الله عليه وعلى آله الذي يخشون ربَّهُم، وتقشعرُّ مخافةً له منهم الجلود.


أمَّا بعد: أيها الناس! فإنَّ ربَّكم جلَّ جلالُه يُخوِّفكم بالآيات، ويستعتبكم بالريح المغبرات، ويُريكم آياته في الآفاق وفي أنفسكم حتى يتبيَّن لكم أنه الحقُّ المبين، فتُوبوا إلى ربِّكم قبلَ أن يأتيكم اليقين، ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50]، وإنَّ ربَّنا جلَّ جلالُه أحدَثَ في يوم الأحد الماضي من آثار قُدرتهِ ما أذهلَ عُقولَ أهلِ الإيمانِ، وما وَجَلَت له قلوبُ أهل الإيقان، وما أجرى دُموعَهم من الأجفان، بينما الناسُ في منازلهم نازلون، وفي طُرُقاتِهِم وأسواقهم غادُون ورائحون، وفي غَمَراتِهم غافلون، وفي سَكَراتهِم يعمَهُون، وفي شهواتهم يشتغلون، ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 97 - 99]، بينما هم على تلك الحال، إذ أرسل الله تلك الريح المظلمة، ففزعَ منها أهلُ الإيمان، لعلمهم أنها آية من آيات الله التي يُرسلها تخويفاً للعباد، ومُحذِّرات عقوباته التي يُنزلُها إذا اشتدَّ غضبه على أهل الفساد.


أيها المسلمون: إن الرِّيحَ جُندٌ من جنود الله يُصرِّفُهَا كيفَ يَشاءُ، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]، وقال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح: 4]، فمنها:

الرِّيحُ التي فيها الصِّرُّ: قال تعالى: ﴿ مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 117]، قال ابنُ عبَّاس: هو البردُ الشديد، وقال: السَّمُومُ الحارَّةُ التي تَقتُلُ، وقيل: هو الصوتُ الذي يَصحبُ الرِّيحَ من شدَّة هُبوبها، قال ابنُ القيِّم: (والأقوالُ الثلاثةُ مُتلازمةٌ، فهوَ بردٌ شديدٌ مُحرِقٌ بيَبْسِهِ للحَرثِ كمَا تُحرِقُهُ النارُ، وفيهِ صَوْتٌ شديدٌ) انتهى.

 

وقال تعالى: ﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 6 - 8]، فوصَفَها الله بأنها: ﴿ عَاتِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 6] قال جمهور المفسرين: أي عتَتَ بأمر الله على خُزَّانها من الملائكة عليهم السلام فلم يستطيعوا السيطرةَ عليها، وقيل: عتَت على عادٍ وزادت عن الحدِّ بأمر الله.

ومنها: الرِّيحُ العاصف: قال تعالى: ﴿ جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ ﴾ [يونس: 22]، أي: شديدةُ الهُبُوب.

ومنها: الرِّيحُ القاصف: قال تعالى: ﴿ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ﴾ [الإسراء: 69]، قال النيسابوي: (القاصفُ من الرِّيح التي تكسرُ الشجرَ وتدقُّ كلَّ شيءٍ وتُحطِّمه) انتهى.

 

ومنها: الرِّيحُ الحاصبُ: وهي الرِّيحُ الشديدة التي تحملُ التراب والحصباء، وقيل: حجارةٌ من السماء، قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ﴾ [الإسراء: 68]، وقال تعالى: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40]، وقال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ﴾ [القمر: 33، 34]، وقال تعالى: ﴿ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [الملك: 17]، فما أهونَ الخلقِ على الله إذا عَصَوا أمره.

 

ومنها: الرِّيح التي تُدمِّرُ كلَّ شيءٍ بإذن الله، قال تعالى عن الرِّيح التي أرسلها على قوم هودٍ عليه السلام: ﴿ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 24، 25]، قال ابنُ عباس رضي الله عنهما: (كانت الرِّيحُ تطيرُ بهم بينَ السماءِ والأرضِ حتى أهلكتهم، فلم يَبقَ إلا هُودٌ عليه السلام ومَن آمنَ مَعَه) انتهى.

 

ومنها: الرِّيح العقيم، وهي ريحُ الإهلاك، قال تعالى: ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ * وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ﴾ [الذاريات: 41 - 43].

 

ومنها: الرِّيح المُسبِّبة للضَّرر بالنبات فتُجفِّفه قبل وقت استوائه أو تُحرقه ابتلاءً للعباد، قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ﴾ [الروم: 51].

ومنها: ريحُ الإعصار، قال الزجَّاج: (الإعصارُ الرِّيحُ التي تهبُّ من الأرض كالعَمُودِ إلى نحوِ السماءِ، وهي التي تُسمِّيها الناس الزَوْبَعةَ) انتهى. وهي ريحٌ شديدةٌ تُدمِّرُ المنشآت وتُحرق النبات، فيها نارٌ، أي شدَّةُ حرارةٍ، وهي المسمَّاةُ: بريح السَّمُوم، قال تعالى: ﴿ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 266].

 

ومنها: ريحُ الصَّبَا وهي ريحُ النصر، وهي الريحُ الشرقيةُ، وقد هزمَ الله سبحانه الأحزاب الذين تحزَّبُوا على المدينة بالرِّيح التي اقتلَعت خيامَهُم وقوَّضت بنيانهم، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9]، وقال صلى الله عليه وسلم: (نُصِرْتُ بالصَّبَا، وأُهلِكَت عادٌ بالدَّبُورِ) متفقٌ عليه، وقد تكونُ علامةً على موت بعض المنافقين، فعن جابرٍ: (أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ من سَفَرٍ، فلَمَّا كانَ قُرْبَ المدينةِ هاجَتْ رِيحٌ شديدَةٌ تكادُ أنْ تَدْفِنَ الراكبَ، فزَعَمَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: بُعِثَتْ هذهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ فإذا مُنافقٌ عظيمٌ من المنافقينَ قد ماتَ) رواه مسلم.

 

فاعتبروا رحمني الله وإياكم بهذه الآية من آيات الله، قال ابن عثيمين: (ولو أن الخلق اجتمعوا كُلُّهم على أن يصرفوا الرِّيحَ عن جهتها التي جعلَها اللهُ عليها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولو اجتمعت جميعُ المكائنِ العالميةِ النفاثة لتُوجدَ هذه الريح الشديدة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله عزَّ وجلَّ بقدرته يُصرِّفها كيفَ يشاءُ وعلى ما يُريد) انتهى، فاتقوا الله عباد الله واعتبروا، وإذا زُجرتم فازدجروا، وإذا ذُكِّرتُم فتذكَّرُوا، ولآياتِ ربِّكم فتدبَّروا، وتوبوا إلى الله في كلِّ حينٍ، اللهمَّ إنا إليك راغبون، ولذنوبنا وأوزارنا مستغفرون، ولباب رحمتك وعفوك بالدُّعاء قارعون، اللهمَّ لا تؤاخذنا بقبيح أعمالنا وما فعله السفهاء منا، وأبلغنا برحمتك غاية آمالنا، اللهم آمين، سبحانك الله وبحمدك، أستغفرك وأتوبُ إليك.

 

إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

 

أمَّا بعدُ: فقد كان من هديِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند هُبوب الرِّيح:

ألا تُسبَّ الرِّيح: فعن ابنِ عباس: (أنَّ رجلاً نازعَتْهُ الرِّيحُ رداءَه على عهدِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلعَنَها، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا تَلْعَنْها فإنها مأمُورَةٌ، وإنه مَنْ لَعَنَ شيئاً ليسَ له بأهْلٍ رَجَعَتِ اللعنةُ عليه) رواه أبو داود وصححه الألباني.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فإذا رأيتُم ما تكرَهُون فقُولُوا: اللهُمَّ إنا نسأَلُكَ مِن خيرِ هذهِ الرِّيحِ وخيرِ ما فيها وخَيرِ ما أُمِرَت بهِ، ونعُوذُ بكَ مِن شَرِّ هذهِ الرِّيحِ وشرِّ ما فيها وشَرِّ ما أُمِرَتْ بهِ) رواه الترمذي وحسَّنه.

 

إظهار الخوف عند هبوبها: قالت عائشة رضي الله عنها: (كانَ صلى الله عليه وسلم إذا رأى غَيْماً أو رِيحاً عُرِفَ في وَجْهِهِ، قالت: يا رسولَ اللهِ إنَّ الناسَ إذا رأوا الغَيْمَ فَرِحُوا رَجاءَ أن يكُونَ فيهِ المَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) رواه البخاري ومسلم، وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال: (كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه البخاري.

 

وروى الشَّافعيُّ في مُسندِه قال: (أخبَرَنا مَن لا أتَّهِمُ، أخبَرَنا العلاءُ بنُ راشدٍ، عن عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قال: ما هَبَّتْ رِيحٌ قَطُّ إلاَّ جَثَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رُكبَتَيهِ وقال: اللهُمَّ اجعَلْها رَحمةً ولا تَجعلها عذاباً، اللهُمَّ اجعلهَا رِياحاً ولا تجعلها رِيحاً) وذهبَ أكثرُ أهل العلم إلى تضعيفه.

 

الدُّعاء بما ورَد: (عن عائشةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قالَ: اللهُمَّ إني أسأَلُكَ خَيرَها، وخَيرَ ما فيها، وخيرَ ما أُرسلَت بهِ، وأعُوذُ بكَ من شرِّها، وشَرِّ ما فيها، وشَرِّ ما أُرسلَت بهِ، قالت: وإذا تَخَيَّلَتِ السماءُ تغيَّرَ لَونُه، وخَرَجَ ودَخَلَ، وأقبلَ وأَدْبَرَ، فإذا مَطَرَتْ، سُرِّيَ عنهُ، فَعَرَفْتُ ذلكَ في وَجْهِهِ، قالت عائشةُ: فسألتُهُ، فقالَ: لعلَّهُ يا عائشةُ كما قالَ قومُ عادٍ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]) رواه مسلم.

 

وعن سلمة رضي الله عنه قال: (كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا اشتَدَّتِ الرِّيحُ يقُولُ: اللهُمَّ لاقِحاً لا عقيماً) رواه البخاري في الأدب المفرد وصحَّحه الألباني.

 

الفزع إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (هذهِ الآياتُ التي يُرسِلُ اللهُ لا تكُونُ لموتِ أحَدٍ ولا لحياتِهِ، ولكنْ يُخوِّفُ اللهُ بهِ عبادَهُ، فإذا رأيتُم شيئاً مِن ذلكَ فافزَعُوا إلى ذِكرِهِ ودُعائِهِ واستِغفارِهِ) متفق عليه.

 

التعوُّذ بسورتي الفلق والناس: عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قالَ: (بيْنَا أنا أسيرُ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينَ الجُحْفَةِ والأبواءِ إذ غَشِيَتْنا رِيحٌ وظُلْمَةٌ شديدَةٌ، فجَعَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ بـ ﴿ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، ويقُولُ: يا عُقبةُ تَعَوَّذ بهِمَا، فمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بمثلِهِما.

قالَ: وسَمِعتُه يؤُمُّنا بهما في الصلاةِ) رواه أبو داود وحسَّنه ابنُ حجر.

والرِّيحُ تخافُ من يوم الجمعة: قال صلى الله عليه وسلم عن يوم الجمعة: (وفيهِ تَقُومُ الساعةُ، ما مِن مَلَكٍ مُقرَّبٍ، ولا سَماءٍ، ولا أرضٍ، ولا رِياحٍ، ولا جِبالٍ، ولا بَحْرٍ، إلاَّ وَهُنَّ يُشفِقْنَ مِن يومِ الجُمُعةِ) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

 

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: (الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفيضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه، والضراعة إليه وسؤاله العافية، والإكثار من ذكره واستغفاره، كما قال صلى الله عليه وسلم عند الكسوف: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره» متفق عليه.

 

ويُستحبُّ أيضاً: رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «ارحموا ترحموا» رواه أحمد، «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن لا يَرحَم لا يُرحَم» رواه البخاري، ورُويَ عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان «يكتبُ إلى أُمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدَّقوا».

 

ومن أسباب العافية والسلامة من كُلِّ سوءٍ، مُبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء، وإلزامهم بالحقِّ، وتحكيم شرع الله فيهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) انتهى.

اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، وارزقنا التوبة النصوح يا ربَّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- الشكر والدعاء
شيخ محمد الأمين سيسي - غامبيا 26-03-2017 10:05 PM

جزاكم الله خيرا كثيرا وبارك فيكم وفي جهودكم المثمرة والمتواصلة في خدمة دين رب البرية وجعل ما تقومون به في موازين حسناتكم .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة