• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيليأ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي شعار موقع الأستاذ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي / مقالات


علامة باركود

تعبد لله في محراب الألم

تعبد لله في محراب الألم
أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي


تاريخ الإضافة: 19/3/2025 ميلادي - 19/9/1446 هجري

الزيارات: 2712

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعبّدٌ لله في محراب الألم!

 

‏الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

أمّا بعد: فقد قدّر عليّ خالقي ومولاي اختبارًا مؤلمًا مُسْعِدًا؛ لكونه اختبارًا في ثوب الألم قد أجراه الله-جلّ جلاله- وقدّره عليّ بلطفه ورحمته وكرمه، الذي قد لا ينتبه له بعضُ المختَبرِين! الأمر الذي دعاني إلى مخاطبة نفسي برسالةٍ وأنا في ساحةِ الاختبار الإلهي، هي رسالةٌ مِنّي لنفسي؛ فأحببتُ نقلها إلى غيري؛ علّه يشاركني الاختبار والسعي لتحصيل نتيجته.

 

وها هي الرسالة، ومِن خلالها سيتضح للقارئ الكريم الموضوع:

إليك يا عبدالله هذه الكلمات بمناسبة ما مررت به في إجراء هذه العملية الطبية الجراحية، وما مرّ بك فيها وبعدها من ألمٍ مبرّح؛ لتذكيرك بما ينبغي لك، أو يجب عليك مِن التعبّد لله سبحانه مِن العبادة تجاه هذه الحال، ولا سيما في جانب تعاملك فيه مع الله جلّ جلاله.

 

‏ فأنا عبد الله، أقول لك: تذكرْ يا عبدالله - أعنيك أنت أيها المتكلم، كما أعنيك يا عبد الله، أقصدُ أيّ عبدالله، الذي لعله يقرأ هذا الكلام - إنك أنت عبد الله؛ فيجب أن تكون عبد الله حقًا في أحوالك وحالاتك كلها، وأن ترضى عن الله، وترضى بالله، وترضى بما كتبه الله لك من سراء أو ضراء، وتعلمَ أنها كلها لك، وليست عليك؛ إذْ قال الله تعالى لرسوله صلّى عليه وسلّم وآله وأصحابه أجمعين: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾، [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥١]، أي: لن يصيبنا مِن المصائب، (إلا ما كتبَ الله لنا)، ولاحِظْ كلمة (لنا)، ولم يقلْ: (علينا)! لأن حقيقةَ ما يكتبه لك من السرّاء والضرّاء، هو كله لك، بحسب ميزان الله، إنْ أنت قمتَ بحقوق الله عليك في هذه الأقدار، فليست هي عليك، هذا بحسب ميزان الله وبحسب حقائق هذه الظواهر عنده؛ لا بحسب ميزانك أنت أيها الإنسان، أو ميزان البشر وما يبدو لهم من ظواهر الأمور والأحداث! فعليك اليقين بهذه الحقيقة، والتعامل معها بحسب ما يبدو من الظاهر للبشر دون انتباهٍ لحقائق الأحوال والظواهر!

 

فالبشر قد لا ترى أعينُهم وقلوبُهم في هذه الظواهر والأقدار المؤلمة، التي يُجريها الله لك إلا أنها مصائب وآلام ومتاعب فقط؛ ويَغفلون أو تَغفلُ أنت عن حقيقةِ هذه الأقدار الإلهية عنده، وأنها عند الله شيء آخر في حقائقها!

 

نعم، إنّ هذه الأقدار المؤلمة، وهذا الألم، وهذا الحرمان في الظاهر، وهذا الفقد، الذي قد يقدّره الله، ليس هي بحسب هذا الظاهر للبشر، وإنما حقيقتها شيء آخر هو خيرٌ لك عند الله؛ إنْ قمتَ بحق الله عليك فيها!

 

وإليك مثَلًا يُوضّح لك هذه الحقيقة، ويُفسِّر لك معنى كلمة (لنا) في قول الله تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾، [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥١]؛ وذلك أنّ الله يقول: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾، [سُورَةُ الزُّمَرِ: ١٠].

 

وهذه الآية إشعارٌ للناس بأنه بالإيمان بالله والتقوى مع الإحسان في حياتك وفيما يُقدّره الله لك مِن أقدار؛ يكافئك الله عليه مكافأةً لا يَقْدر قدرها إلا الله، وهي ما ذكره الله بقوله جل شأنه: ﴿ … إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾! لاحِظ (بغير حساب)! في حين أنّ البشر المصابين بهذه الأقدار المؤلمة بالفقد، وما إلى ذلك، قد لا تبدو لهم إلا أنها مصائب!

 

فهل أدركتَ معنى (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)!

 

لقد أوضحَ الله مقدار الثواب والحسنات للطاعات، كبيرها وصغيرها، بالعدد، إلا عملين لم يحدد ثوابهما إلا أنه (بغير حساب)!

 

هذان العملان هما:

(الصبر).

 

و(الصوم).

 

فأما الصبر ففيه قول الله سبحانه: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾!

 

وأمّا الصوم ففيه الحديث القدسي، الذي يرويه الرسول صلّى الله وسلّم عليه وآله وصحبه أجمعين: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ الحسَنةُ بعَشرِ أمثالِها إلى سَبعِ مائةِ ضِعفٍ إلى ما شاءَ اللَّهُ يقولُ اللَّهُ إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأنا أجزي بِه يدَعُ شَهوَتَه وطَعامَه مِن أجلي، للصَّائمِ فَرحَتانِ: فرحةٌ عندَ فِطرِه، وفَرحةٌ عندَ لقاءِ ربِّهِ. ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المِسكِ)، أخرجه ابن ماجه، واللفظ له، وأخرجه البخاري ومسلم باختلاف يسير. والحديث جاء بألفاظٍ مختلفة، وبتدبرك سائر ألفاظه يَظهر لك لفتات جميلة مهمة لفقه الحديث وفقْه شعيرةِ الصيام وأسراره.

 

وفي لفظةِ (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، أي: إلا الصوم فإنه خارجُ هذا النظام الإلهي في حساب ثواب الطاعات، الذي هو (الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، ويضاعف الله لمن يشاء)؛ فجزاء الصوم عظيم يَمنّ به الله على عبده الصائم لوجه الله جلّ جلاله!

 

وباقي الحديث، نصٌّ على بعض السرّ في كون الصيام لله؛ ومِن ذلك معنيان يُبْرزان معنى استثناء الصوم وكونه لله (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)؛ وذلك:

-أن الصوم سِرٌّ بين الصائم وربه؛ لأنه لا يَعلم حقيقة صومه إلا الله، الذي يَعلم أنه صام له في السرّ والعلن.

 

-أنّ الصائم يَدَع شهوته ورغباته تلبيةً لمراد الله؛ حيث يمتنع الصائم من شهوات نفسه المباحة والمحرّمة؛ صيامًا لوجه الله تعالى؛ فالصائم، في حال صومه، مشغول بطاعة ربه، لا بطاعة نفسه ورغباتها؛ حتى أنّ الأكل والشرب المباحين يَمتنع عنهما الصائم؛ فيتّبِع تعليمات الله وأوامره تجاه ذلك؛ حيث يقول الله له في وقتٍ محدَّد لا تأكل ولا تشرب، وفي وقتٍ محدَّدٍ آخر يقول له ربه كلْ واشربْ، أوقات واضحة محدَّدة ثابتة مرتبطة بأوقات بعض الصلوات!

 

فالصائم -في حال صومه- لا يأكل ولا يشرب لأنه يريد أنْ يأكل ويشرب فقط، بل لأن مولاه وخالقه سبحانه يأمره به!

 

إنّ هذين المعنيين في الصيام يُضْفيان على الصيام قداسةً وأُنسًا تتجاوز صورةَ الصيام وأعماله الظاهرية؛ والصائم الموفق هو مَن يَهديه الله لاستحضار هذه المعاني الإيمانية العظيمة في ثواب الله!

 

وهكذا، فالمشاقّ والابتلاءات تحتاج من العبد الصبر، بل والرضا بِخِيرة ربك ومولاك لك؛ معافى أو مبتلى، غنيًّا أو فقيرًا، في حالِ فقدٍ أو وَجْد، في عافية أو في مرض، ألمٍ أو أمَلٍ؛ فأنت عبده، وهو خالقك، وهو أرحم الراحمين، وهو لا يُقدّرُ أقداره المؤلمة عليك لتكون عليك، وإنما يُقدّرها لتكون خيرًا لك، وهذا مما أشار إليه رسول الله صلّى الله وسلّم عليه وآله وصحبه أجمعين، أيضًا، بقوله: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)، أخرجه مسلم وغيره.

 

ولاحِظْ أنّ هذا الخير قد رتّبه على فعل العبد تُجاه كلٍّ مِن السرّاء والضرّاء (شكرَ) و(صبرَ)! فموقف العبد من قدر الله بالتزام طاعته هو السبب الذي يجعل الله به الأمر خيرًا له؛ فقانون سعادتك هو قانون (الشكر لله) وقانون (الصبر لوجه. الله)؛ وليس في ضدهما إلا شقاء العبد، عياذًا بالله.

 

وهكذا، أيضًا، فالصيام لله وَفْق مراد الله، يجعله الله سببًا لذلك الثواب من ثواب الله بحسب نظامه في إثابة الصائمين لوجهه الكريم، وهو نظام (بغير حساب)!

 

وبهذا تُدرِك أنّ كلًّا مِن السرّاء والضرّاء، كليهما محرابان من محاريب العبودية لله، يختارها لك الله؛ لا تعذيبًا لك، وإنما وسائلَ يُقدّرها لك؛ لتَظهَر منك حقيقتك وحقيقة عبوديتك لله!

 

فإياك أنْ تنسى هذا يا عبد الله!

 

فهذا هو دواء الله يا عبد الله، يَسُوقه لك عَبْر السرّاء أو الضرّاء؛ فلْتتلقّهُ بشكر أو صبر ورضًا؛ لتكون في كِلا الحالين في مقام العبودية لله خالقك، سواء كان دواء الله لك حلوًا أو مرًّا؛ فكله دواءٌ من الله لك؛ يَستخرج به عبوديتك في الحالين!

 

فيا عبد الله، إياك أن تَنكص على عقبيك لأدنى ابتلاءٍ واختبارٍ إلهيّ لك؛ فتكون كالمنافقين، الذين وصفهم الله بأنّ رضاهم عن الله وعن رسوله صلّى الله وسلّم عليه وآله وصحبه أجمعين يكون بمقياس حصولهم على شيء من الدنيا، أو حرمانهم منها: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ﴾، [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٥٨-٥٩].

 

لقد اخترتُ إنْ أُصبتُ بمصيبةٍ أو صعوبةٍ أو مشكلةٍ، أنْ أقول لها: مُرِّي؛ فربي يداويني بالحلو والمُرِّ!

 

فيا عبد الله، سواءٌ كنتَ (أنا) أو كنتَ (أنت هو)، هذه الحروف أُزْجيها لك حارّةً مِن فُرْن التعبد لله عزّ وجل في محراب الألم ومعاناة المرض برضًا وقبولٍ ومشاهدةٍ لفضل الله علينا بابتلائه لنا، وهو الرحمن الرحيم، اللطيف بعباده على أيّ حال!

 

إنه يليق بك يا عبد الله، إذا ابتلاك بضرّاء أنْ ترضى وتحتسب، وأن يسوقك الألم إلى استحضار عبوديتك لله، ومحبتك لله؛ فتقول بلسان حالك أو بلسان مقالك حينما تكون في قمّة الألم، وربما تُسِيل شيئًا مِن دموعك: أُحبك يا حبيبي يا الله، رضيتُ بك يا الله، رضيتُ بِخِيرتك لي يا الله!

 

إذا حاصرك الألم، واستبدّ بشعورك، فقل: اللهم إنك أنت أرحمُ بي مِن نفسي وأرحمُ بي مِن والديّ! فوّضتُ إليك أمري، إلهي ومولاي!

 

لا تَكرهْ ما تمرُّ به، أو يَمرّ بك مِن مصائب أو شدائد أو صعاب؛ فإنك لا تَعلم حِكمة العليم الحكيم، سبحانه؛ فلعل هذه الشدائد والمصائب تُهيئك لمكان أو مقامٍ أفضل؛ لعلها تُنضجك! ألم ترَ أنّ الخُبْز لا يَنضج إلا بالنار، ولا يَصلح للأكل إلا بها!

 

تذكَرْ أنّ هذه الدنيا ليستْ دار جزاء أو حصاد لعباداتك وأعمالك؛ وإنما هناك آخرةٌ، هي دار الحصاد والجزاء الإلهيّ، دارٌ فيها الجنة والنار!

 

إنْ أُصبتَ بمصيبةٍ فكنْ على يقين أنه لا خيرَ لك في الجزع والحزن مِن ألم القدَر والفقد والحرمان: ﴿ … يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.. ﴾، [سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٨٥].

 

لتتخيل مدى سوء أدبك مع مولاك وخالقك سبحانه؛ تذكّر أنه ربك، وأنت عبده، وأنّ له ملْك السماوات والأرض وما فيهن، بما فيه أنت؛ وأنك لستَ شريكًا لله في ملكه؛ فليس لسخطك في حال القدر المؤلم وجْه حقّ؛ فبأيّ صفة تعترض عليه سبحانه فيما يختاره من الأقدار والأكدار الظاهريّة، التي يُقدّرها عليك! هل حرَمَك شيئًا هو لك! كلا.

 

أيقِنْ أنه لا يفيدك الاعتراض على قدَر الله، ولا يُفيدك الحزن في تدارك حال حزنك بشيء من الأسباب، إطلاقًا؛ ذلك أنّ الحزن من الشيطان؛ لِيَحزن الذين آمنوا: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾، [سُورَةُ المُجَادلَةِ: ١٠]! وذا هو المعنى الذي يَشهد لك بالرضا بالله والرضا بابتلاء الله، وعدم الاعتراض عليه أو التحسّر على ما فات، أو الفرح بما ابتلاك به من سرّاء.

 

وختامًا: الأمور ليست دائمًا بظواهرها، والخواتيم ليست دائمًا كبداياتها؛ فرُبّ آلام أنبتت آمالًا؛ وأتراح خَلَفتْها أفراحٌ؛ وكم مِن مصائب في الدنيا أعقبتْ سعادةً وأفراحًا في الآخرة! وكم مِن ألمٍ أنتجَ أعمالًا أو عملًا! وكم مِن أهوالٍ تَغيّرتْ إلى أحسنِ حال! وكل ذلك لا يزكو إلا بمعية الله ذي الجلال! والمثال القريب لهذا، هو هذا الأمر الذي أصابني مِن مرضٍ وآلام، فما يدريك أنْ يكون مولاي قد ابتلاني، وأذاقني هذه الآلام؛ لأكتب هذا المقال؛ ليكون سببًا لي ولك، أيها القارئ، لدخولي ودخولك في رضوان الله وجنّته! وإني لأَحتسِب على الله ذلك!

 

اللهم توفيقًا ورضوانًا منك وغفرانًا.

 

والحمد لله ب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
5- تعليق على التعليق الثالث
عبد الله بن ضيف الله الرحيلي - المملكة العربية السعودية 01-04-2025 12:22 AM

شكراً لصاحب هذا التعليق العزيز، المشتمل على سروره بهذه المقالة (تعبدٌ لله في محراب الألم)، وبمقال: (هل لسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصادر غير إسلامية؟)، والأمل في الله عزّ وجلّ أن يتقبل هذا وذاك ويجعلهما في رضوانه سبحانه، وينفع بهما عباده.
والواقع أنّ كلّاً مِن المقالين مرادٌ بهما التأصيل المنهجيّ لموضوعيهما؛ ليكون موقف المسلم والمسلمة فيهما موقف المسلم الخاضع لمنهج الله، المتعبّد لله به! (بالإخلاص والفقه في الدِّين؛ تُحَلُّ مشكلات المسلمين)!
اللهم اجمعْ لنا بين الإخلاص لك والفقه عنك وعن رسولك محمد صلّى الله عليه وسلّم وآله.

4- تعليق على التعليق الثاني
عبد الله بن ضيف الله الرحيلي - المملكة العربية السعودية 01-04-2025 12:06 AM

شكراً لطالبي العزيز على عنايتك وإدراكك لهذه الحقيقة المهمة، التي قرّرها المقال، وهي أنه ينبغي لكل مسلم ومسلمة التعبد لله في هذه المحاريب المتنوعة كلها، التي يُجريها الله له على مدى عمره كله.
اللهم اجعلنا من عبادك المتعبدين لك على الوجه الذي يُرضيك عنّا إلهنا ومولانا، وهو الوجه الذي تجتمع فيه النية والصبر والاحتساب والرضا بالله جلّ جلاله!

3- مقالة روحانية
نبض سعودي - السعودية 31-03-2025 10:12 AM

مع هذه الخاطرة الجميلة عن الألم والصبر أعجبني رأيه في أخذ المسلم لسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم من غير المسلمين
فجزى الله الشيخ الدكتور عبدالله الرحيلي خيرا على ما يقدمه للاسلام بالدفاع عنه في تخصصه
وما يقدمه للمسلمين من نصح وإرشاد ورقائق وحقائق وتنبيهات.

2- استفدت من شيخنا الغالي العزيز معنى كلمة محاريب التعبد لله سبحانه وتعالى
عبدالله موسى الحسن - نيجيريا 26-03-2025 08:02 AM

حقيقة محاريب التعبد لله سبحانه وتعالى أمر لكل مسلم أن يخوض فيه.
جزاكم الله خيرا في الدارين.

1- نقلُ تعليٍقٍ علّقه فاضل على المقال جدير ٌ بالقراءة
عبد الله بن ضيف الله الرحيلي - المملكة العربية السعودية 23-03-2025 05:21 PM

الحمد لله ربّ العالمين،الذِيْ أوجب الشكر في السرّاء والضرّاء، ورفع مقام الصابرين والمحتسبين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

فضيلة شيخنا الغالي الكريم... - عافاه الله تعالى وشفاه وحفظه ورعاه ووقاه من كل مكروه وسوء - :
أحمد الله تعالى الذي منّ عليكم بالشفاء وأكرمكم بمزيدٍ من ألطافه وأنوار رحمته في هذا الابتلاء، وأسأله جلّ وعلا أن يجعل ما ألمَّ بكم كفّارةً لكم، ورفعةً في الدرجات، وأن يلبسكم ثوب الصحة والعافية أبدًا ما حييتُم. لقد أسعدني - والله - ما رأيتُه من جميل صبركم، وحسن احتسابكم، وانشغالكم بتدبّر حكمة الله تعالى فيما قدَّره لكم؛ فما أجملَ أن يتحوّل محرابُ الألم إلى محرابٍ للتعبّد، نتقرّب به إلى الله ونشعر في ثنايا المعاناة بحلاوة المناجاة!
وما سطّرتُم في مقالتكم الرفيعة: «تعبّدٌ لله في محراب الألم» خيرُ شاهدٍ على صدق اليقين، وحلاوة الأنس بذكر الله سبحانه، فهي كلماتٌ تنبضُ بالتأمّل والتدبّر، تجمع في ثناياها بين تذكير النفس وتذكير الغير بفضائل الصبر ورفعة شأن الصائمين والصابرين، وكيف يختار لنا الله سبحانه ألوانًا من المحاريب نتعبّد فيها؛ فمن حَلِيَ من محاريب السرّاء فليتشبّث بالشكر، ومن ابتُلي بمحراب الضرّاء فليعتصم بالصبر والرضا، وما كلُّ ذلك إلا فضلٌ من الله يورث العبد سكينةً وطمأنينةً ورفعةً عنده.
أدعو الله أن يضاعف لكم الأجر والمثوبة لقاءَ ما خطّت يمينكم من دررٍ نافعةٍ، وأن ينفع بها القارئين. ..وقد منّ الله عليكم بالشفاء، فالفضلُ له سبحانه والحمدُ له أولًا وآخرًا.
أسأل الله أن يحفظكم في حلّكم وترحالكم، وأن يزيدكم علمًا ونورًا، وأن يجمعنا وإيّاكم دائمًا على طاعته ومرضاته، سائلًا المولى عزّ وجلّ أن يتمّ عليكم نعمة العافية، وأن يجعل كلَّ ما نزل بكم رفعةً لكم في الدنيا والآخرة، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • مرئيات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة