• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الدكتور زيد الرماني  الدكتور زيد بن محمد الرمانيد. زيد بن محمد الرماني شعار موقع الدكتور زيد بن محمد الرماني
شبكة الألوكة / موقع د. زيد بن محمد الرماني / مقالات / إدارة واقتصاد


علامة باركود

نمو لماذا؟ ونمو لمن؟

د. زيد بن محمد الرماني


تاريخ الإضافة: 16/4/2010 ميلادي - 2/5/1431 هجري

الزيارات: 10866

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إن ما يسمّى سياسة النمو هو سياسة غايتها تشغيل الآلة، حتى ولو كانت آلة بلا فائدة، أو ضارة أو مميتة.

إن هناك مبدأً واحدًا غير معترف به - على حد زعم المفكّر الفرنسي روجيه غارودي - فكل ما هو تقني ممكن، هو ضروري ومرغوب فيه: صنع قنابل ذرية، السفر إلى القمر، تدمير المستقبل بالنفايات الإشعاعية، النشاط في المولدات النووية.

إذن: نموّ لماذا، ونموّ لِمَنْ؟!

إنه نموّ - كما يقول بعض المفكرين - من أجل إرباح بعض الأفراد بالتلاعب بالجميع وبتكييفهم، ومن ثمّ، فليس صحيح أن النمو الاقتصادي يسمح بتجاوز الأزمات، فهو يحدثها، إنه يقود إلى توزيع الامتيازات بشكل متفاوت.

وليس صحيحًا كذلك أن بالإمكان وقف النمو في حين لا يملك مليارات البشر في العالم الثالث، وملايين البشر في البلدان الغنية أية وسائل حياة إنسانية.

ليس الأمر وقف النمو، بل توجيهه لخدمة الإنسان.

لقد أوجدت السوق الاقتصادية الحرة الغاب الحيواني من جديد، وفي هذا الغاب يفترس الأقوياء الضعفاء، فالمنشآت الكبرى تسحق الصغرى، والعمالقة الضواري في المجتمعات المتعددة الجنسية يستولون على العالم، ويفلتون من كل رقابة من الشعوب.

وفي مثل هذا العالم، ثلاثة مليارات من البشر مُستغلّون، وملياران منهم جائعون.

وتلعب الدعاية والإعلان دورًا رئيسًا كطقسٍ جنوني في ديانة النمو الاقتصادي؛ فهو طقس مكلّف 20 مليار دولار سنويًّا، وهو خصوصًا طقس مبذر، فهذه الدعاية تلعب دورًا مخرّبًا بالنسبة للبيئة والبشر كذلك، كما تلعب الدعاية؛ بسبب من طابعها التنويمي دورًا أكبر في تبليه الإنسان وتكييفه.

إن الدعاية تشكل عدوانًا دائمًا على الإنسان الذي تخضعه لقصف من الأنباء الكاذبة، وتثير فيه شهوات، وهمية غير محدودة؛ سواء بشكل مباشر، كالإعلان بالنيون، وكتكييف السلع ومستهلكيها، أو بشكل غير مباشر في الفيلم، أو الرواية أو الإذاعة المتلفزة، حين تقدم نماذج من السلوك المترف السهل الذي يُقاد المشاهد، على نحو خفي إلى تقليده أو الحصول عليه بكل وسيلة، حتى ولو بالجريمة.

في هذا العالم الاستهلاكي - كما يقول إدغار موران - لا يُقاد مجتمعنا بعقلانية اقتصادية، وإنما يُقاد مدفوعًا بجدلية الحاجات التائهة، والقوى العمياء.

إن مجتمع النمو هو مجتمع جرائمي، ويؤكد هذا نادي روما؛ حيث يشير إلى أن باستطاعتنا أن نعزو إلى النمو انحرافات اجتماعية من مثل إدمان المخدرات السامة، وازدياد نسبة الإجرام وخطف الطائرات، والـمذابح ونُـذُر حرب عالمية ثالثة، والسلب بالقوة، والابتزاز.

إننا لم نقدّم حتى الآن إلا أمثلة مميّزة عن النمو الوحشي؛ أي: نـمو مجتمعات تتطور بشكل فوضوي، محتقرة البيئة والبشر ومستقبلهم، من غير أية رؤية متكاملة للحفاظ على الكرة الأرضية وسعادة البشر، ومتنامية سرطانيًّا وفق شهوة الربح، أو إرادة القوة لدى الأقوى.

هذه الإثارة التي هي اليوم روح مجتمع الـنمو الأعمى الغربي، قد قلبت في نهاية هذا القرن نظام مجتمعات العوز الذي ساد قرونًا عديدة، فليست القضية اليوم أن ننتج لنستطيع إشباع حاجاتنا، بل إنهم على العكس يقنعوننا بأن نستهلك ونبذر؛ حتى نستطيع أن ننتج، وكل شيء يجري كما لو كنا خاضعين لآلة تُنتج بضائع وتُوجد أسواقًا وتكيّف المستهلكين؛ لإشباع حاجات هذه الآلة الكلية، قبل كل شيء.

إن هناك استمرارية كاملة بين قانون مجتمعات النمو وقانون الجريمة، يقول وزير فرنسي سابق إن المخدر هو داء المجتمعات الاستهلاكية ذات النظام الليبرالي.

إن النمو هو أساسًا نمو العدوانية ضد البيئة وضد الإنسان، والحق أن هناك أمراضًا أخرى سُميت بـ (أمراض المدنية)، سبّبها مجموع طرائق العيش في مجتمعاتنا.

يؤكد نادي روما في تقاريره أنه إذا لم نتخذ أي تدبير مباشر لتغيير الطراز الحالي للنمو في البلدان المتطورة، فسيكون هناك 500 مليون وفاة بالجوع في آسيا.

إن الإنسان الإحصائي لا يوجد في أي مكان والمشكلة أن الأوروبي الذي يستهلك 500 ضعف من الطاقة والموارد الطبيعية، يكون بالتالي أكثر تلويثًا بـ 500 ضعف من الإفريقي.

إن الأيديولوجيات التبريرية للنمو تصطدم بتناقض الوقائع الأكثر بداهة في قلب البلدان المصنّعة ذاتها.

فليست القضية هي قضية الماضي فحسب، قضية مطلع القرن التاسع عشر حين رسم كارل ماركس لوحة (رقصات رأس المال الصاخبة)، ساحبًا تحت (دبابة النمو) الأولاد والنساء كيدٍ عاملةٍ رخيصة.

بل وقضية الحاضر أيضًا، قضية القرن الحادي والعشرين؛ حيث المجتمع الجرائمي المنظّم، ففي حين كان الإجرام التقليدي مرتبطًا بالفقر، فقد كان ثمة علاقات وثيقة بين البؤس، وإدمان الكحول، والسل والبغاء، والسرقة والاستعطاء والتشرُّد.

أصبح الإجرام له أشكال جديدة، إجرام منظّم إجرام بـ (ياقة بيضاء)، عنف مجاني، مرتبطة بالنمو، وليس بالعوز.

إن التبرير الأكثر رواجًا للنمو في نظر الاقتصاديين هو أن ديناميكيته ذاتها ستسمح بامتصاص (جيوب البؤس)، بفضل المبدأ الذي ينص على أن حصة كل شخص تكبر بقدر ما يكون قالب الحلوى كبيرًا. والتجربة التاريخية ترينا اليوم أن الأمر ليس كذلك، فإن طراز النمو لا يقودنا فحسب إلى انتحار بطيء للأرض وسكانها، بل إن الفجوة بين البلدان الـمصنعة والبلدان النامية تتسع، ولا تكف عن التفاقم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قراءات وملخصات
  • صوتيات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • محطات وخبرات
  • تحقيقات وحوارات ...
  • نُبذ عن الكتب
  • المطويات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة