• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الدكتور زيد الرماني  الدكتور زيد بن محمد الرمانيد. زيد بن محمد الرماني شعار موقع الدكتور زيد بن محمد الرماني
شبكة الألوكة / موقع د. زيد بن محمد الرماني / تحقيقات وحوارات صحفية


علامة باركود

الشراهة في الطعام تنافي مقاصد الصيام

الشراهة في الطعام تنافي مقاصد الصيام
د. زيد بن محمد الرماني


تاريخ الإضافة: 24/7/2014 ميلادي - 26/9/1435 هجري

الزيارات: 20881

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشراهة في الطعام تُنافي مقاصد الصيام

 

تحقيق: فوزية المحمد.


قبل قدوم رمضان بأيام وربما بأسابيع تعلن حالة الطوارئ في البيوت والأسواق، ويبدأ تزاحم الجميع على شراء الأغذية والسلع الرمضانية، الضرورية وغير الضرورية، في “تظاهرة استهلاكية” مبالغ فيها، تحول شهر رمضان من شهر للعبادة والصوم والإقلال من الملذات، إلى شهر للتسوق والتخمة والإسراف، ما أسباب سعار الاستهلاك الذي يصيبنا في شهر المفترض فيه كبح جماح النفس عن الملذات؟ وما تأثير ذلك على ميزانية الأسرة؟ وكيف نواجه هذا الإسراف؟ عن هذه التحولات الكبرى في الرؤية لرمضان وكيف انقلبت المفاهيم تحدث إلى “الدعوة” عدد من المشايخ الأفاضل وأخصائيون في الطب والاقتصاد والتغذية.

 

خلل في اقتصاديات الأسرة:

الدكتور سعد محمد المقرن أستاذ الاقتصاد بجامعة الإمام يقول: لا يشك أحد في الفضل العظيم الذي أودعه الله شهر رمضان المبارك كما لا يماري أحد في الفرحة والسرور التي تعم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بحلول هذا الشهر المبارك، بل إن الاستعدادات الكثيرة التي تسبق هذا الشهر لأكبر دليل على ذلك. لكن يبدو أن الغاية من شهر رمضان قد تحولت من كونه فرصة للتخلص من أعباء الحياة وهمومها، والسمو بالنفس والارتفاع بها عن شهوات الدنيا، وملذاتها إلى شهر يحمل العائلة أعباء مادية غير عادية. فمن الملاحظ تحول شهر رمضان إلى شهر استهلاكي عند كثير من الناس بشكل يفوق المعتاد ويخرج إلى حد التبذير وهو أمر يحتاج إلى وقفة لما له من آثار سلبية كثيرة. فشهر رمضان في الحقيقة يعد – بعد كونه تقوى لله جلَّ وعلا - فرصة لإعادة التنظيم الاقتصادي للبيت والأسرة والمجتمع، وطبيعة الصيام من المفترض أن تساعد على ذلك، فتحول النظام الغذائي من ثلاث وجبات في الأيام العادية إلى وجبتين وضيق الوقت للإفطار المتاح بالنسبة لسائر الأيام أمر له معناه، وهو فرصة لتخفيض النظام الاستهلاكي لدى الأسر خاصة أننا أصبحنا أمة استهلاكية أكثر منا أمة إنتاجية، ومما لا يخفى على أحد أن حمى الشراء تؤدي مع الوقت إلى خلل في اقتصاديات الأسرة وينتج عنها آثار سلبية مادية وتربوية.

 

وأشد ما يعجب له الإنسان تلك العلاقة الطردية الدائمة بين شهر رمضان، وبين زيادة الاستهلاك والإنفاق بل قل التبذير والإسراف والتي ما فتئت وسائل الإعلام على تزكيتها ونشرها بالدعاية الحثيثة لها قبل الشهر وأثناء الشهر حتى ملأت عقول كثير من الناس بما جعلهم يبعثرون أموالهم دون وعي أو إدراك صحيح.

 

إن التبذير والإسراف وهوس الشراء يعد خللاً في السلوك يحتاج إلى علاج وشهر رمضان في الحقيقة ما هو إلا فرصة لتصحيح ذلك السلوك لو نظرنا إلى شهر رمضان نظرة قائمة على الهدي النبوي الشريف لأدركنا أنه يجمع بين النظرة الدينية للشهر والمتضمنة أيضا للنظرة الاقتصادية بدعوته إلى التخفف قدر المستطاع من الأكل والشرب والإقبال على الدنيا بوجه عام. هذا بالإضافة إلى أن نظرة الإسلام للمسلم في مجال الإنفاق هي نظرة الكفاية لا التبذير والإسراف ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]. فأين ذلك من مآكل ومشارب نهايتها صناديق النفايات وضياع الأموال. إن الاستفادة من رمضان في ترشيد النفقات تتحقق عندما يعلم المسلم أن منفعته وإشباعه يتحقق ليس فقط بالإشباع المادي بل من خلال الإشباع الروحي الذي يتميز به هذا الشهر المبارك عن غيره لو أحسن المسلم استغلاله والاستفادة فلو تفكر حين يمسه ألم الجوع أو شدة العطش إخوانا له في بقاع الأرض لا يجدون ما يسدون به رمقهم ليس لساعات معدودة وإنما لأيام طويلة لعرف نعمة الله عليه ولدعاه ذلك للإحسان إلى أولئك المحتاجين لا إلى مزيد من النفقات وملء حاويات النفايات.

 

القاعدة الصحية في التغذية:

الدكتور ماجد النوفل أستاذ علوم الأغذية يقول: الإسراف في تناول الطعام يؤدي إلى انخفاض كفاءة وقدرة الجسم على النشاط البدني والذهني، ونحن في شهر رمضان المبارك نسرف في تناول الطعام مما يؤثِّر على حسن العبادة لذلك كان لقمان ينصح ابنه بقوله يا بني إذا امتلأت المعدة، نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة، وإذا كانت جميع الدراسات الصحية قديماً وحديثاً قد توصلت إلى ضرورة عدم الإسراف فإن القرآن الكريم قد سبق ذلك عندما ذكر في آياته الكريمة القاعدة الصحية في التغذية وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. وأفضل طريقة لتنفيذ هذه القاعدة الصحية ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع وقال أيضاً كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا إسراف. ويضيف الدكتور النوفل: أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن الفائدة الصحية من تقليل كمية الطعام المتناولة ترجع إلى انخفاض تكوين ما يعرف بالشقوق الحرة في الجسم وهي مركبات تتحرك داخله في كل الاتجاهات وتدمر في حركتها خلايا الجسم سريعة التعرض للإصابة وأيضاً تتلف أغشية الخلايا العادية وجزءاً من الشفرات الوراثية المسئولة عن سلامة التشغيل العادي لأجهزة الجسم. ونتيجة لذلك ينخفض معدل كفاءة العمليات الحيوية في الجسم الذي يسرف في تناول الطعام فيتعرض إلى سرعة ظهور أعراض الشيخوخة مع ارتفاع نسبة تعرضه للإصابة بالأورام والأمراض المختلفة، وهناك آراء علمية تعتبر أن الإقلال من تناول الطعام هو العلاج الذي يزيد من كفاءة العمليات الحيوية في الجسم ويدعم قدرة الخلايا على التعامل مع المواد الضارة التي تدخل جسم الإنسان. أما والجديد الذي أثبتته الدراسات الحديثة أن هناك فائدة أخرى من تقليل تناول الطعام، وهي وقاية الجسم من أضرار التداخلات الغذائية التي تحدث عادة من الإسراف في الطعام فمع الأضرار المعروفة للإسراف في تناول اللحوم والدواجن، ومنتجاتها من التعرض للإصابة بحصوات الكلي ومرض النقرس فإنها تتداخل أيضا - سلبياً - مع الكالسيوم في الجسم وتزيد من معدل فقده في البول مما يضعف العظام فتصاب بالهشاشة وتعتبر هشاشة العظام من أهم المشاكل الصحية التي تعاني منها بعض الدول المتقدمة بسبب إسرافها في تناول اللحوم ومنتجاتها بالرغم من زيادة معدل استهلاكها للألبان.

 

ماراثون الأكل:

وينبه د. النوفل إلى أن الأغذية الصحية الغنية بالألياف مثل الخضراوات والفواكه ومنتجات الحبوب يؤدي الإسراف في تناولها إلى ظهور تداخلاتها الغذائية الضارة التي منها تقليل امتصاص الجسم لبعض المغذيات المهمة مثل الكالسيوم والحديد والزنك مما يؤثِّر على درجة الوقاية من الأمراض.

 

ومن المعروف أن الإسراف في تناول الأغذية الدهنية والدسمة يعرض الجسم للإصابة بالسمنة وتصلب الشرايين وأمراض القلب فضلا عن زيادة نسبة الإصابة بالأورام المرتبطة بكثرة تناول الدهون بينما تؤدي كثرة تناول الأغذية السكرية إلى تعرض الأسنان للأضرار الصحية وإلي مخاطر ارتفاع مستويات الأنسولين في الجسم. ولا يقتصر الإسراف على الإنفاق على الطعام وإنما تناوله أيضاً؛ فأغلبية الصائمين ما إن يؤذن لصلاة المغرب ويضرب مدفع الإفطار حتى يبدأون ماراثون تناول الطعام والانتقال من صنف إلى آخر حتى أذان الفجر وضرب مدفع الإمساك. ويرجع هذا النهم في الأكل. كما يؤكد الدكتور ماجد النوفل إلى تصور خاطئ هو أن الصائم لا يأكل طوال النهار؛ ومن حقه أن يعوض ذلك الحرمان بأكل كميات إضافية عند الإفطار، وكأن الإنسان يجتر كما تفعل الجمال والنوق في سفرها الطويل عندما تحتفظ بالأكل في سنامها غير مهضوم لتجتره عند الجوع، وتهضمه فتشعر بالشبع، وتستطيع مواصلة الرحلة. هذا التصور على الرغم من طرافته خاطئ تماما؛ فمعدة الإنسان تهضم جميع الأطعمة بمجرد أن تصل إليها، وبالتالي كلما زادت كمية الطعام زاد الوقت اللازم للهضم، وهو ما يسبب الخمول والكسل، فلا يستطيع الصائم ممارسة أي نشاط بعد الإفطار لشعوره بالثقل، وفي أحيان كثيرة يسبب هذا الإفراط في تناول الطعام عسر الهضم، خاصة إذا ما كانت المواد الغذائية المتناولة تحتوي على نسبة كبيرة من الدهون؛ لأن تكسير الدهون وهضمها يحتاج إلى وقت أكبر من هضم السكريات والنشويات.

 

زكاة الجسد:

الدكتور بشير فرحان يقول: بأنه مجاوزة الحد في كل فعل أو قول تبذير في غير وجه شرعي وقد يكون في معصية أو لعب وتسلية وله أسباب، فالكثير ينجذب للإعلانات التجارية ولإغراءات أصحاب المحال، ولوسائل الإعلام دور أيضا والأمر بحاجة إلى الشعور بالمسؤولية تجاه المال المعد للإنفاق كما أن لربة البيت دوراً في الحد من الإسراف في الإنفاق واستشعار قيمة وفائدة المال وخاصة في هذا الشهر، فالكثير من العوائل تسرف في إعداد موائدها وتملؤها بأصناف الطعام المختلفة والتي يذهب معظمها إلى مكبات النفايات، وعلينا أن نعلم أن النعمة معرضة للزوال فلا تعرضوا أنفسكم لسخط الله. وهل المطلوب من الأسر الاقتصاد بشكل دائم؟ إن الشرع قبل كل شيء دعانا إلى الوسطية في الأمور، وأثنى على المقتصدين في الوقت نفسه لم يدعنا إلى التقصير على أنفسنا وبيوتنا والله سبحانه يقول: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67] فما أجمل أن يكون الإنفاق بشكل شرعي وبصورة صحيحة لا تقتير ولا إسراف. وأخيراً نقول: إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول تعليماً لنا وتفهيماً: لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصيام والصيام نصف الصبر فإذا كان الصيام هو نصف الصبر حديث رواه ابن ماجة وضعفه الألباني، فإن الصبر مفتاح الفرج وفي الفرج تكمن راحة النفس وإذا كنا في شهر نتحمل الصيام ونحرم أنفسنا من لذة الطعام والشراب والشهوات فلماذا لا نريح أنفسنا برضا الله عنا، فلماذا لا نعود أنفسنا على عدم الإسراف في النفقات؟ ولماذا لا نسعى لتطهير أنفسنا وتزكية دواخلنا من تفاهات الحياة وحب التهام الأكلات التي ليس لها طريق سوى الفضلات أليس في ذلك راحة للنفوس بعدم معصية الله؟! إننا بحاجة إلى تدبير أمورنا وتقتير شهواتنا ورغباتنا الدنيوية وتوجيهها لما يضمن لنا الراحة في الدنيا والآخرة.

 

هدي الإسلام:

الشيخ الدكتور عائض القرني الداعية الإسلامي المعروف يقول: من الأخطاء الإسراف في رمضان على موائد الإفطار والسحور فيوضع من الطعام ما يكفي الفئام من الناس، ويكثر من الأنواع ويتفننون في عرض كل غال ورخيص من مطعم ومشرب ثم لا يؤكل منه إلا القليل ويهدر باقيه في النفايات، وهذا خلاف هدي الإسلام العظيم، قال سبحانه وتعالى ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]. فكل ما زاد على حاجة الإنسان واستهلاكه فهو إسراف مذموم، ولا يرضى به رب الصائمين ويندرج في قوله تعالى﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 27] وقال عزَّ وجلَّ ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67] وقال القرني: من مقاصد الصيام استفراغ المواد الفاسدة في المعدة بتقليل الطعام، وكيف يتم ذلك لمن أسرف في طعامه وشرابه، وبذَّر في مأكله؟! ناهيك عن من أتعب أهله بتكليف صنع كثير من الأطعمة والأشربة حتى أشغلهم عن العبادة، ولو اقتصر على الضروري لوجد أهله وقتاً واسعاً للتزود من طاعة الله عزَّ وجلَّ مشيراً إلى أن الصائم يعيش لذة الجوع لمرضاة الله وطعم الظمأ في سبيل الله، والذي جعل النهار نوماً كله لا يجد ذلك.

 

المنهج القرآني وعن الطريقة الصحيحة لتناول الطعام تقول سلمى عبد الحميد أخصائية التغذية: لا يوجد أفضل من المنهج القرآني فالله عزَّ وجلَّ يأمرنا بألا نسرف في تناول الطعام ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31] ويقول الله تبارك وتعالى ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 27] وتضيف: إن الآيتين الكريمتين مدلولهما أن الإسراف لا يحبه الله، ورمضان ليس شهر أكل وشرب ولكنه شهر عبادة وإنابة. كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه”.

 

المنهج النبوي:

وتعلق الأستاذة سلمى - أخصائية نفسية تقول: المنهج النبوي في طريقة تناول الطعام هو الذي ينصح به علماء التغذية في الغرب الآن؛ فقد ثبت أن كثرة الأكل وملء المعدة بالطعام يجعلها تتمدد فتضغط على الحجاب الحاجز الفاصل بين الجهازين الهضمي والتنفسي فيقل الفراغ المتاح للرئتين فلا تستطيعان التمدد للتنفس كما ينبغي، فيسبب ذلك ضيق النفس. وفي نفس السياق نجد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “صوموا تصحوا”، فقد بينت الدراسات العلمية أن الأفراد الذين يتناولون طعامهم في شهر رمضان باعتدال وحسن اختيار تنخفض عندهم نسبة الكولسترول والدهون والسكر في الدم، بالإضافة إلى إراحة الجهاز الهضمي وتحسنه في العديد من الجوانب الصحية، ولكن للأسف ما يحدث هو العكس؛ حيث نجد أن ملء البطون والإسراف في تناول ما لذ وطاب من كل أنواع الحلويات والأكلات الدسمة في هذا الشهر أدى إلى حدوث العديد من الاضطرابات الهضمية بين الناس، وكأن الفرد يحتاج إلى غذاء أكثر في هذا الشهر الفضيل، في حين أن معظم الأفراد يحتاجون إلى كمية غذاء أقل خاصة من المواد النشوية والدهنية (المولدة للطاقة) لقلة حركتهم وجهدهم المبذول في شهر رمضان، والدليل على ذلك معاناة الكثيرين من زيادة الوزن خلال رمضان وبعده بسبب تناولهم ما يفوق احتياجاتهم الحقيقية. وتضيف: أيضا من الظواهر والأخطاء التي يرتكبها البعض ترك السحور؛ فكثير منهم لا يتسحرون بالرغم من ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في السحور؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام: “تسحروا فإن في السحور بركة”، كما أن البعض يعجل السحور خلافا للسنة المطهرة التي أمرت بتأخيره ما لم يخش طلوع الفجر مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطور وأخروا السحور”.

 

عدوان على النعم:

ومن جانبه شدّد الشيخ محمد الماجد على ضرورة الاقتصاد وعدم الإسراف في شهر رمضان وقال: “إن الإسراف والتبذير عدوان للنعم بسببهما تتبدل وتتغير ويتحول حال العباد، فالإسراف نفسه صفة قبيحة في الإنسان والتبذير وصف ذميم وكفى بهاتين الصفتين قبحاً للمرء يتصف بهما. والمسرفون أنفسهم في خطر وبلاء كبيرين فإنهم لا يحبهم الله ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]، وشهر رمضان شرع لتقوى الله تعالى لقوله ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، أي لم يشرع حتى تتفنن الأسرة في أنواع الطعام والشراب. ودعا الشيخ إلى تفعيل شهر رمضان بداخلهم للوصول إلى أهدافه الحقيقية التي تتضمن تقوى الله وخشيته، والاستزادة من العمل الصالح، وجعل رمضان موسماً من مواسم الخيرات التي تتوافر فيها العلاقات الاجتماعية، وتقوى فيها صلة الأرحام، ولذلك ينبغي أن يقتصر فطور رمضان على المتيسر من الطعام لأن الزيادة فيه تضعف النفس عن ممارسة العبادة والمعروف عن شهر رمضان أنه شهر للعبادة. وحول ظاهرة الاستهلاك المسرف في رمضان بين أن الإسراف موجود، وأضاف: “للإعلام دور مهم في تشجيع المرأة بالذات على الإسراف، فالإعلانات التجارية عن السلع المخفضة والتي تسبق رمضان تحفز بداخلها عادة الإسراف، كما أن للعادات دوراً مهماً، إذ إن المجتمع السعودي يعتمد على الولائم في شهر رمضان، لذلك تلجأ الأسر إلى الشراء بكميات كبيرة، ربما تفيض عن حاجاتها اليومية من الطعام، وهنا لا بد من الموازنة بين الإنفاق والاستهلاك فيجب على المرأة، المسئولة الأولى عن إدارة شؤون المنزل، أن تقتصد في إنفاقها في رمضان.

 

مدرسة روحية:

• الدكتور زيد محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام يقول: الصوم مدرسة روحية عظيمة القدر، تتجلى فيه المشاركة التامة بين الغني والفقير. وفي الصوم فرصة لتربية ملكة الأمانة في شعور الصائم، وفريضة الصيام تربي في نفسية الصائم ملكة النظام. وبعبارة مختصرة، الصوم هو أحد دعائم الإسلام وأركانه الخمسة. جاء في الحديث القدسي “الصوم لي وأنا أجزي به”. ومن جهة أخرى، فإن من معاني الصوم أنه إمساك عن شهوة البطن. وبالمعنى الاقتصادي، تخفيض الإنفاق أي ترشيده بمعنى أدق. بيد أننا نرى، في حياتنا المعاصرة، علاقة طردية بين شهر رمضان والاستهلاك الشره. والمرء يدهش من هذا النهم الاستهلاكي الذي يستشري لدى الناس عامة في هذا الشهر دون مبرر منطقي، فالجميع يركض نحو دائرة الاستهلاك المفرط. والاستعداد للاستهلاك في شهر رمضان يبدأ مبكراً مصحوباً بحملات رهيبة من الدعاية والإعلان والمهرجانات التسويقية التي تحاصر الأسرة في كل مكان وزمان ومن خلال أكثر من وسيلة. فالزوجة تضغط باتجاه شراء المزيد من الحاجات، والأولاد يلحون في مطالبهم الاستهلاكية، والزوج نفسه لديه حالة شراهة لشراء أي شيء قابل للاستهلاك وبكميات أكثر من اللازم. فعندما يأتي شهر رمضان نرى أغلبية المسلمين يرصدون ميزانية أكبر من ميزانية الأشهر العادية، وتبدأ مضاعفة الاستهلاك، ويكون النهار صوماً وكسلاً والليل طعاماً واستهلاكاً. ونسي هؤلاء أو تناسوا أن اختصار وجبات الطعام اليومية من ثلاث وجبات إلى وجبتين اثنتين فرصة طيبة لخفض مستوى الاستهلاك، وهي فرصة مواتية لاقتصادياتنا خصوصاً نحن أمة مستهلكة. فجميع الإحصاءات تشير إلى أن الأقطار الإسلامية كافة تستهلك أكثر من إنتاجها، وتستورد أكثر من تصديرها، وما هذا الاستهلاك الزائد دائماً والاستيراد الزائد غالباً إلا عاملان اقتصاديان خطيران تشقى بويلاتهما الموازنات العامة وموازين المدفوعات. وغير خافٍ، أن الإنفاق البذخي في شهر رمضان أمر لا يمكن أن يتسق مع وضعية مجتمعاتنا الإسلامية التي في أغلبها مجتمعات نامية في حاجة ماسة إلى المحافظة على كل جهد وكل إمكانية من الهدر، وما نصنعه في شهر رمضان هو بكل تأكيد هدر لإمكانات مادية وهدر لقيم سامية وهدر لسلوك منزلة القناعة.

 

تبعية غذائية:

ويؤكد الدكتور زيد الرماني أن الاستهلاك المتزايد باستمرار معناه المزيد من الاعتماد على الخارج، وذلك لأننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي أو مستوى معقول لتوفير احتياجاتنا الاستهلاكية اعتماداً على مواردنا وجهودنا الذاتية، وهذا له بعد أخطر يتمثَّل في وجود حالة تبعية غذائية للآخر الذي يمتلك هذه الموارد ويستطيع أن يتحكم في نوعيتها وجودتها ووقت إرسالها إلينا. ومن ثم، فإن لهذا الميل إلى الاستهلاك الشره أبعاداً خطيرة كثيرة تهدد حياتنا الاقتصادية، وتهدد أيضاً أمننا الاقتصادي. فهل يكون شهر رمضان فرصة ومجالاً لامتلاك إرادة التصدي لحالة الاستهلاك الشرهة التي تنتابنا في هذا الشهر الكريم؟ إن صفة استهلاك المسلم هي الكفاية لا التبذير، وإن منفعته وإشباعه يتحققان ليس فقط بالإشباع المادي بل من خلال الإشباع الروحي بأداء الواجب نحو المسلمين من مال الله الذي رزقه إياه. وإن منفعة المسلم تتحقق حتى في قيامه بواجبه نحو المسلمين، وقبل ذلك أهله وزوجته وولده. ولذا، يسعى المسلم إلى مرضاة الله تعالى، فيشكر الله على نعمه ويحمده كلما وُفق إلى استهلاك شيء من رزق ربه. والمسلم ينفق ماله ليحقق منفعة بسد حاجته، وبلوغ متعته والكفاية عن الحرام، وتحقيق مرضاة الله ونيل ثوابه عزَّ وجلَّ. ويضيف الدكتور إن شهر رمضان فرصة دورية للتعرف على قائمة النفقات الواجبة بالمفهوم الاقتصادي، وعلى قائمة الاستبعاد النفقي، ثم فرصة لترتيب سلم الأولويات، ثم فرصة كذلك للتعرف على مستوى الفائض الممكن. ثم إن شهر رمضان فرصة لتحقيق ترشيد أفضل، ولتوسيع وعاء الفائض الممكن، ولكن شريطة أن يرتبط بالقاعدة القرآنية الإرشادية المعروفة؛ كلوا واشربوا ولا تسرفوا. هذه القاعدة، ولا شك هي ميدان الترشيد على المستوى الفردي والمستوى العام. لقد أكد الباحثون على حقيقة مهمة تنص على أن فوضى الاستهلاك تبرز بوضوح، حينما تبدأ الزوجة بعرض نفقاتها من السلع والمواد الغذائية التي تبتلع الدخل الشهري حتى آخر قرش فيه. وتنتقل عدوى التبذير إلى الأطفال فينمو معهم انعدام الحس بقيمة الأشياء فلا يحافظون بالتالي على ألعابهم أو كتبهم. وفي ظل ذلك، لا يعود التبذير والترف مسألة فردية بل مظهراً اجتماعياً، ولا يعود قضية وقتية حالية، بل مسألة تمتد إلى المستقبل ولا يعود التبذير والترف مقتصراً على الأسرة بل يمتد إلى الوطن كافة. وانتقل الدكتور الرماني بالحديث إلى مقارنة في الاستهلاك بين الرجل والمرأة وقال: الشائع بيننا أن المرأة أكثر إسرافاً من الرجل سواءً في ملبسها أو إنفاقها، ولكن هناك من الرجال من هم أكثر إسرافاً في أموالهم وسلوكهم ومقتنياتهم، فالأمر نسبي ويرتبط بحجم ما يتوفر لدى الفرد من مغريات نحو الإسراف. ويبقى السؤال المهم؛ أيهما أكثر إسرافاً الرجل أم المرأة أم الاثنان معاً؟ والحقيقة أن كلاً من الرجل والمرأة مسئول، وإن كان الإسراف والتبذير قد يكون أكثر في المجتمع النسوي نسبياً. ومن ثم فإن الزوجة التي تعد وتطبخ والزوج الذي يجلب وينفق كلاهما متهم في الشراهة الاستهلاكية التي تنتاب مجتمعنا في شهر رمضان وغير رمضان. وبلغة الإحصاءات والأرقام يذكر أنه في أحد الأعوام قدر نصيب شهر رمضان من جملة الاستهلاك السنوي في إحدى الدول العربية بما نسبته 20%، أي أن هذه الدولة تستهلك في شهر واحد وهو شهر رمضان خمس استهلاكها السنوي كله، بينما تستهلك في الأشهر المتبقية الأربعة أخماس (80%) الباقية. وقد كلف شهر رمضان في ذلك العام خزانة تلك الدولة حوالي 720 مليون دولار أمريكي. وتشير بعض الدراسات التي أجريت حديثاً إلى أن ما يلقى ويتلف من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة كبير إلى الحد الذي قد يبلغ في بعض الحالات 45% من حجم القمامة. لذا، يمكن القول، بصفة عامة، إن الإسراف في شهر رمضان وفي غيره، سمة من سمات منطقتنا العربية. فشهر رمضان، يجري تحويله عاماً بعد عام إلى مناسبة للترويج الكثيف لمختلف السلع، وتسهم في ذلك بقوة مختلف وسائل الإعلام، وفنون الدعاية ووكالات الإعلانات. وهكذا، يتزايد إخضاع المشاعر الدينية للاستغلال كوسيلة من وسائل توسيع السوق، بل وأحياناً لترويج أكثر السلع بعداً عن الدين.

 

وعليه، فإننا نؤكد على أن مفتاح حل الأزمات الحقيقي إنما يكمن في التربية الاستهلاكية. إن شهر رمضان هو محاولة لصياغة نمط استهلاكي رشيد وعملية تدريب مكثف تستغرق شهراً واحداً يشعر فيها الإنسان أن بإمكانه أن يعيش بإلغاء استهلاك بعض الحاجات في حياته اليومية ولساعات طويلة كل يوم. إنه محاولة تربوية لكسر النهم الاستهلاكي الذي أجمع علماء الاجتماع وعلماء النفس على أنه حالة مرضية. وهنا نذكر بعض المعالجات التي يمكن من خلالها التصدي للشراهة الاستهلاكية أو التخفيف من حدتها فيما يلي: ينبغي التخلص من القيم الاستهلاكية السيئة حتى لا يتسبب الاستهلاك الترفي في الفقر، إذ باستمراره تضيع موارد الأسرة. كبح رغباتنا العاطفية المتعلقة بالشراء والاستهلاك على مستوى الأطفال والنساء والأسر. الحذر من تقليد المجتمعات المترفة ذات النمط الاستهلاكي الشره المترف.

 

ويضيف الدكتور زيد الرماني:

ذات يوم أوقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ابنه عبدالله، رضي الله عنهما، وسأله؛ إلى أين أنت ذاهب؟ فقال عبدالله؛ للسوق، لأشتري لحماً اشتهيته، فقال له الفاروق؛ أكلما اشتهيت شيئاً اشتريته. إنها حكمة اقتصادية خالدة وقاعدة استهلاكية رشيدة، خصوصاً نحن نشهد في أيامنا هذه سباقاً محموماً يترافق معه أساليب تسويقية جديدة وأساليب إعلانية مثيرة ووسائل إعلامية جذابة. وأقول لأختي المرأة المسلمة، ينبغي عليك عندما تشعرين بأن حافز الإنفاق يدفعك إلى مزيد من الإسراف والتبذير والتسوق والشراء والشراهة الاستهلاكية، عليك اتباع الخطوات التالية:تمهلي قليلاً قبل أن تخرجي نقودك واسألي نفسك إن كان هذا الشعور حقيقياً أم انفعالياً. احرصي على ألا تشتري محبة الآخرين بالهدايا أو تقليدهم ومحاكاتهم بالإنفاق المفرط. اسألي نفسك قبل الشراء إذا كان بالإمكان شراء ما هو أفضل من هذا الشيء إذا أتيحت فرصة عرض سعري أفضل. وختام القول؛ فإننا لو جمعنا كل ما ننفق على الأمور التافهة في صندوق، ثم وجهنا هذا المال للقضاء على أسباب المآسي من حياة الناس لصلحت الأرض وطاب العيش فيها.

 

تدافع وتزاحم:

أما الدكتور عباس الحازمي إمام وخطيب جامع النور بالرياض يقول: شهر رمضان مختص بأمور كثيرة وعظيمة تجعل له خصوصية وهو فريضة من فرائض الإسلام قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً”. ويضيف الدكتور وليس من التخطيط والإعداد للتزود من هذا الشهر الكريم والفوز بالرضوان ليس من الإعداد هذا التدافع الشديد والتزاحم الكبير أمام الأسواق وكأن الناس مقبلون على زمن قحط وليس من التجديد والابتكار أصناف الأطعمة والأشربة التي تمتلئ بها بيوتنا استعداداً لهذا القادم، والانشغال التام بهذه الولائم عن المقصود الأعظم من هذه العبادة. ويؤكِّد الدكتور على أن من أسباب إقبال الناس على الشراء في شهر رمضان المبارك أن الناس يحرصون على الشراء بدعوى قول النساء إن الرجال طلباتهم على الأكل والشرب تكثر في شهر رمضان لذلك هن يثقلن الكاهل بكثرة طلبات الشراء تحقيقاً لرغبة الرجال، وأيضاً تريد النساء اختصار الطريق لقلوب الرجال واستبقائهن لبقايا مهارة سلبتها اعتماد كثير من النساء على الخادمات في الطبخ فهن يردن من خلال هذا الشهر تنويع المأكولات والمشروبات وتقديمها على المائدة. وهذا لا شك جهل بخصائص الشهر وفضائله من قبل الرجال والنساء، فليس رمضان شهر أكل وشرب وتكاسل عن أداء الطاعات. ويضيف: أن الدعايات تلعب دوراً مهماً في إقبال الناس على الشراء والازدحام في الأسواق وللأسف يكون مصير بقايا هذه الأطعمة والأشربة أكياس النفايات وسلال المهملات في صور تدل على دلالة واضحة على التعدي على حرمة الشهر الكريم وتتنافى في الوقت نفسه مع آداب وحكم الصيام العظيمة، في الوقت الذي تتوارى خلف هذه الغايات المضللة من الإعلانات إشارات خجولة عن فضل العبادة في بيت الله الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشيء من الحث على البذل في سبيل الله ورعاية الأيتام وتحفيظ القرآن الكريم.

 

صورتنا في الحقيقة:

الشيخ الدكتور حسن النعيمي إمام وخطيب جامع أبو بكر الصديق بالرياض يقول: ما يحدث من تزاحم الناس وإقبالهم على الشراء قبل دخول شهر رمضان الكريم في مواقف وصور تتنافى مع حقيقة الصيام الذي فرضه الله على الخلق فالله جلَّ شأنه عندما شرع للمسلمين الصيام احتلت منزلة التقوى أولى المنازل ومن معاني التقوى الوصول إلى مرحلة الخشوع والخضوع لله عزَّ وجلَّ والخشوع ضمناً يتنافى مع البطنة التي هي بسبب الأكل. ويضيف الدكتور أن الجائع يشعر بالصبر والصبر جزء من التقوى والصبر لله لن يكون إلا بالتخفف من الآثام والذنوب والمعاصي ومحصلة التقوى تكون بالصبر فكيف لنا الوصول للصبر ونحن نناقض أنفسنا فالمرء يصوم جزءاً من اليوم فإذا ما جاء الليل وأفطر أشبع بطنه بما لذ وطاب من المأكل والمشرب بما يتناقض مع النصف الأول من النهار. ويقول: إن من أهداف وآداب وحكم الصيام العالية أن يشعر الغني بلذة الجوع لدى الفقير وهذا حقيقة لا يتأتى مع إقبال الناس وازدحامهم في الأسواق والمحلات التجارية فكيف سيشعر المسلم بأخيه المسلم وهو ينفق يمنة ويسرة شعاره في ذلك البذخ وعدم النظر لمن حوله من الفقراء والمحتاجين. أفليس التصدق والإحسان إلى هذه الفئة أولى من التسابق في ميادين المأكولات والمشروبات بدون حاجة ماسة تدعو إلى ذلك. أمر آخر إن كثيراً من الناس اعتادوا الصيام في مناسبات عدة منها صيام الأيام البيض وصيام يومي الاثنين والخميس وصيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وغيرها من أنواع القربات ولم نر هؤلاء يتكدسون في هذه المحلات والأسواق بحثاً عن أطعمة وأشربة هي متوفرة أصلاً في منازلهم، فما الذي نقص من صيام هؤلاء أثناء هذه المناسبات لاشك أنه لم ينقص منهم شيء وإن شاء كتب لهم أجر الصيام إذاً فلماذا إذا أقبل شهر رمضان المبارك رأيت هؤلاء وغيرهم يسارعون ويزاحم بعضهم بعضاً وكأن الناس مقبلون على مجاعة، لا شك أن هذا يتنافى مع عملية الارتقاء بالصيام وتحقيق أهدافه السامية. ويضيف الدكتور النعيمي: بأن هذا الازدحام والإقبال من الناس على المحال والأسواق يمثل ثقافة القطيع تحول معها الناس إلى مجرد آلات تحركها الدعايات الإعلانية هدفها الصرف التجاري ووصل الناس مع هذه الحملات الإعلانية إلى مرحلة لا يفكرون بل ينساقون وراءها لأنواع من المأكولات والمشروبات هي موجودة أصلاً في بقاله وسوق ولكن يزداد التركيز على تسويقها في شهر رمضان المبارك. وحتماً إن الذي يغطى بالنفقات شراء كل هذه الأصناف سيفقد كثيراً من معاني وفوائد الصيام وتظهر في صور من التكاسل والتقاعس عن أداء الصلوات وخاصة صلاة التراويح والإحساس بالكسل والنوم. ويختتم الدكتور حديثه بأن الأطباء في مجال تخصصهم ينصحون بما جاءت به السنة المطهرة بالتخفف من الأكل والشرب، ويعدون رمضان فرحة للصائم ليخفف من وزنه وليقي نفسه من الأمراض فكيف يستفيد من رمضان من اُتخم بطنه بكثرة المأكولات والمشارب، كما أن كثيراً من العلاج يكون بالحمية وشهر رمضان فرصة عظيمة لمن أراد أن يحقق نجاحاً صحياً إذا التزم فيه بالنهج النبوي الشريف ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قراءات وملخصات
  • صوتيات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • محطات وخبرات
  • تحقيقات وحوارات ...
  • نُبذ عن الكتب
  • المطويات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة