• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الدكتور زيد الرماني  الدكتور زيد بن محمد الرمانيد. زيد بن محمد الرماني شعار موقع الدكتور زيد بن محمد الرماني
شبكة الألوكة / موقع د. زيد بن محمد الرماني / مقالات


علامة باركود

غريزة حب الظهور

غريزة حب الظهور
د. زيد بن محمد الرماني


تاريخ الإضافة: 1/10/2024 ميلادي - 27/3/1446 هجري

الزيارات: 1280

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غريزةُ حبِّ الظهور


حبُّ الظهور لا يقتصر على جنس البشر، بل هو غريزة في كل ذي روح؛ فالخيل في خُيَلائها، والآساد في زهواتها، بل النمور في نزواتها، والذئاب في غزواتها، والغزلان في شبحاتها، بل كل ما شرد وأنس يحاول أن يظهر بأبدع مظهرٍ.

 

الطيور مع أسرابها، والدواجن مع أضرابها، والحمام مع إلفه، واليمام مع حِلفه، والنعام مع صِنوِه، والغراب مع قِنوِه، بل سائر ما طار ودرج، كلها تتسابق على الظهور حين الطير، وحين السير.

 

النحل في خليته، والنمل في سرِيَّتِهِ، بل سائر ما هبَّ ودبَّ، وهام وعام، يحاول أن يطول السَّماك، ويطاول الأفلاك، دون أن يباليَ بالهلاك، فالنحل يحزب الأحزاب، ويتخذ اليعاسيب، وقد يهاجم بجيشه الإنسان، والمستبسل من جنده في الهجوم هو أكثرهم حبًّا في الظهور، ومن ثَمَّ يتبوأ مقامًا محمودًا في أمته، فيُقدَّم أمام الصف، يوم الزحف، وحين الحتف، وهو بين هذا وذاك يجد لذة لا تُكيَّف بكيفٍ، ولا تُوصَف بوصف، أما النمل - وهو الضعيف - فقد يدفعه حب الظهور إلى السموِّ بجناحيه إلى الجوِّ، غير مبالٍ بالوبال، هازئًا بقول من قال:

إذا ما أراد الله إهلاك نملةٍ
سَمَت بجناحيها إلى الجوِّ تصعدُ

وقد يحمل أضعاف أضعافه على قارعة الطريق تحت الحطم واللطم، غير مبالٍ بتحطيم سليمان، ولا تلطيم سامان.

 

هذه الموهبة الفطرية في كل ذي روح هي سائقة العَلاء، وداعية الارتقاء، وهي أُسُّ الأساس لعمران هذا الكون؛ لأنها رائد الفضائل، ودليل المجد، ولولاها لَما وصلت المدنِيَّة المادية إلى حالتها الحالية؛ فإن الأمم كالأفراد، فكما أن الفرد يحاول الظهور بين أقرانه بما يراه حسنًا في نظر الناس، فكذلك الأمم تحاول أن تظهر على غيرها بما تراه حسنًا في نظر الأمم.

 

فحب الظهور هو الذي مُدِّنت به المدن، ومُصِّرت الأمصار، وأُنشئت المعاهد والمشاهد، وبُنِيت الآثار والخوالد، وما مُدهشات الأهرام، ومعجزات بعلبك، وبدائع الزهراء الحمراء، وعجائب أنس الوجود، وغرائب تَدْمُر، وطرائف بابل، ولطائف سامرَّاء إلا أثرٌ من آثار حب الظهور.

 

يقول أديب الأدباء مصطفى الغلاييني: "مهما حاولت الإنسانية الراقية أن تتبرأ من هذه الغريزة الطبيعية، ومهما حاول زعماؤها وقادتها إظهار أنهم يخدُمون في زعامتهم وقيادتهم، أو بعبارة أصرح: في ظهورهم وتفوقهم على غيرهم، الإنسانيةَ البحتة، فلا تقدر، بل ولا يقدرون أن يحاولوا في كونهم بخدمتهم التي سادوا بها، وظهورًا قد خدموا أنفسهم قبل أن يخدموا غيرهم".

 

نعم، إن هذه الخَلَّة هي خلة شريفة، ومتى سادت، وحاول كل إنسان أن يخدُم نفسه خدمة يسود بها ويظهر، سادت المواهب العالية، والمظاهر السامية، وأصبح كل إنسان أُمَّةً بنفسه، ومن ثَمَّ يرتقي النوع البشري الارتقاء الذي يحلُم به الفلاسفة، ويطمح إليه الأخلاقيون، وترمي إليه الشرائع.

 

ولكن هيهات، فإن طبيعة النوع أيضًا تناديهم من الشق الثاني، أو من وراء تلك الحجب الكثيفة، إن ذلك الارتقاء الموهوم يتطلب مستقبلًا بعيدًا جدًّا، هذا إذا ظلَّ الارتقاء الإنساني مطردًا على ما نراه، ولم يَجْتَحْ هذا الكوكب الأرضي جائحة سماوية، أو يصدمه مذنب كمذنب "هالي"، فيجعله كالهباء تَذْرُوه النَّكباء.

 

يتفاوت حب الظهور في الأمم والأفراد بتفاوت الغرائز والفِطَرِ؛ فأكثر الأمم آثارًا وأعمالًا هي أكثرهم حبًّا في الظهور، وأحرصهم على السيادة، وأكثر الأفراد خدمة وأعمالًا هو أكثرهم حرصًا على إظهار نفسه وتسوُّده بين بني جنسه.

 

وعلى هذه النسبة كان أعرق الأمم حبًّا في الظهور مَن لم تزل لأبنائها حتى اليوم آثار مدنية باقية، وأسبق الجميع إلى هذه الآثار هي السابقة في هذه الموهبة العالية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قراءات وملخصات
  • صوتيات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • محطات وخبرات
  • تحقيقات وحوارات ...
  • نُبذ عن الكتب
  • المطويات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة