• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ خالد الرفاعيالشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي شعار موقع الشيخ خالد الرفاعي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

فشلت في دراستي ولم أخبر والدي

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 8/5/2012 ميلادي - 16/6/1433 هجري

الزيارات: 30509

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشتكي من همٍّ في صدري لا أقدر على البوح به لوالِدِي، وهو: أنني لَم أوفَّقْ في دراستي الجامعيَّة، ولَم أُخْبِرهُم حتى الآن، فماذا أفعل؟ لأن أبي - وبكل صراحة - إنسانٌ عصبيٌّ جدًّا، وأمي مريضة، وأنا أخاف من الاثنَين، وأخاف على صحَّتهما قبلَ كلِّ شيءٍ، ويشهد اللهُ أنني أدعو عَلَى نفسي بالموت مائة مرة، لا أدري ماذا أفعل؟

أرجوكم ساعدوني في مصيبتي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الجواب:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

أخي الكريم: تَأَمَّلْتُ رسالتَكَ الحزينةَ، ووجدتُ أنك تعاني مشكلتَيْن أساسيتَيْن، تتطلبان علاجًا سريعًا، وهو ميسورٌ - إن شاء الله تعالى.

المشكلة الأولى: يَأْسٌ أَفْرَزَهُ الوضعُ الذي وَصَلْتَ إليه من التعثُّر في الدراسة، والظاهرُ أنك مستسلمٌ للضغوط التي تمرُّ بها، يَظهَر هذا في خُفُوتِ نظرة التفاؤل، وإحاطة النظرةِ التشاؤمية بك؛ ممَّا دفعك إلى أن تدعوَ عَلَى نفسك بالموت، وهو خلافُ الهدْي النبوي الشريف؛ كما في الصحيحين عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدُكُم الموتَ من ضُرٍّ أصابه، فإن كان لا بُدَّ فاعلًا، فلْيَقُل: اللَّهُم أَحْيِنِي ما كانت الحَيَاةُ خيرًا لي، وتَوَفَّنِي إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي))، وبيَّن - صلى الله عليه وسلم - الحكمةَ من ذلك، فقال: ((ولا يَتَمَنَّيَنَّ أحدُكُم الموتَ؛ إمَّا محسنًا، فلَعَلَّه أن يَزدادَ خيرًا، وإمَّا مسيئًا، فلَعَلَّه أن يُسْتَعْتَبَ)).

المشكلة الثانية: وأرجو أن تتحمَّل ذلك مني؛ لنأخذ بيدِك إلى بَرِّ الأمانِ، وسبيل الهداية؛ وهي ضعفُ الثقة بالله، وضعفُ الثقة بالنفس.

أما علاجُ تلك الأعراضِ وما تَمُرُّ به، فبدايةً لا بد أن تتذكَّر أن الدنيا دارُ ابتلاءٍ، وأنزل فيها آدم - عليه السلام - عقوبةً، وليس مثوبةً، ونحن جميعًا مأمورون بالصبر على الشدائد والمصائب، واستسلامُك لهذه الظروف، من وساوسِ الشيطان؛ ليُبعِدَك عن طريق العلاج، فضغوطُ الدُّنيا - وإن عَظُمَتْ - لا تُحَلُّ بالدعاءِ بالموتِ، ولا بالهَرَبِ منها، وإنما بمواجهتها، والصبر عليها، والدعاء، مع تقوية الإيمان بالله؛ بالمحافظة على الأعمال الصالحة؛ فقد قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت:69]، فلا يقنَطُ من رحمة ربِّه إلا الضالون عن طريق الله، الذين لا يسترْوِحُون رَوْحَهُ، ولا يُحِسُّون رحمته، ولا يستشعرون رأفتَهُ، وبِرَّهُ، ورعايته.

فأمَّا الْقلْبُ النديُّ بالإيمان، المتَّصِلُ بالرحمن، فلَا يَيْئَسُ، ولا يَقنَطُ مهما أحاطت به الشدائدُ، ومهما ادْلَهَمَّتْ حَوْلَهُ الخُطُوبُ، ومهما غامَ الجوُّ وَتَلَبَّدَ، وغَابَ وجهُ الأَمَلِ في ظلالِ الحَاضرِ، وثَقُلَ هذا الواقعُ الظاهرُ، فإن رحمة الله قريبٌ من قلوب المؤمنين المهتدين، وقدرةُ اللهِ تُنشِئُ الأسبابَ، كما تُنشِئُ النتائجَ، وتُغيِّرُ الواقع، كما تُغَيِّرُ الموعُودَ.

وتأمَّلْ حِوارَ الملائكةِ مع نبيِّ الله إبراهيمَ - عليه الصلاةُ والسلامُ - لَمَّا بَشروهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ، فقال لهم متعجبًا من هذه البشارة: ﴿ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ [الحجر:54]؛ أيْ: عَلَى أيِّ وجهٍ تُبَشِّرون وقد عُدِمت الأسبابُ؟ فأجابوه: ﴿ قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ﴾} [الحجر:55]؛ لأن اللهَ عَلَى كلِّ شيءٍ قديرٌ؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر:56].

 

هذا؛ وسألخص لك نقاطًا لعلاج ما أنت فيه:

1- إتمامُ التعليمِ الجامعيِّ من الأهمية بمكان، ولكن عدمُ إكمالِهِ ليس نهايةَ العالم؛ فأنت ترى وتتعاملُ كلَّ يومٍ مع أناسٍ ناجحين في شتَّى المجالاتِ، ولم يُكمِلوا تعليمَهم، فَضَعِ الأمر في حجمِه الحقيقي، ولا تجعلْه عائقًا في أن تَرَى نفسَك في مجالاتٍ أخرى تُناسِبُ مُيُولَكَ واستعداداتِك وقُدْراتِك، ولا تُضَيِّعِ الوقت، فأنت في مُقتَبَلِ العُمُر، وأمامَك كثيرٌ من الفرَص الأخرى، ولا يعني عدمُ التوفيق في مجالٍ فَشَلًا في جميع المجالات؛ وتذكَّر أنَّ وصولك لتلك المرحلة الجامعية، دليل على أنك تتمتَّع بالفهم، وبمؤهلات اجتيازها بنجاح.

3- ازرَعِ الثقة في نفسك، وضَعْ أمامَك ما تُتقِنُه وتُحسِنُه من مجالات النجاحات، ولا تَسْتَسْلِمْ، واستَمِرَّ مستعينًا بالله - تعالى - وهو مَعَكَ وسيوفِّقُكَ.

4- تَذَكِّرْ - دائمًا - أن التفاؤل مأمورٌ به شرعًا؛ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الفَأْلَ الحَسَنَ؛ فكن متفائلًا، ولا تَدَع اليأسَ يُسيطِر عليك، وتذكر - دائمًا - أن الإنسان مأمورٌ بالأخذ بأسباب النجاحِ، والسعْيِ، والبَذْلِ.

5- صاحبْ من يُشَجِّعُكَ عَلَى العملِ، والجِدِّ، ويُعينُك عليه، وخاصة في مجال الدراسة، وابتَعِدْ عن المثَبِّطين المتُكاسِلِين، والمتشائمين.

6- حدِّدْ هدفًا أو أهدافًا تُرِيدُ أن تَصِلَ إليها في مشوار حياتك، مع العَزْمِ الصَّادقِ، والعملِ الجَادِّ في تحقيقِ ما تريدُه، فَالعَرَبُ كانت تقول: "مَنْ حَرَصَ عَلَى شَيْءٍ نَالَهُ".

7- لا تَعُدْ للدُّعاء بالموت مهما ضاقت الدُّنيا، وَهَجَمَتِ المشكلاتُ، وَزَادَت هُمُومُك، فأمَّا إِذَا خفت ضَرَرًا في دينِكَ، أو فتنةً فيه، فاللهُ - تعالى - المستعانُ على ذلك، وتَسلَّحْ بتفويض أمرك لله - سبحانه وتعالى.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (16 / 174):

"وحكمةُ النهيِ عن ذلك: أن في طَلَبِ الموت قبلَ حُلُولِهِ نوع اعتراضٍ، ومراغمة للقدر، وإن كانت الآجالُ لا تزيدُ ولا تنقصُ، فإن تَمنِّي الموت لا يُؤثِّرُ في زيادتِها ولا نقصِها، ولكنه أمرٌ قد غُيِّبَ عنه".

8- لا بُدَّ من إخبارِ أهلِكَ بحقيقةِ الأمر، وتَحَمَّلْ بقوَّةٍ ومسؤوليةٍ تَبِعاتِ الأمر، ومهما تَكُنِ التَّبعاتُ، فَأَهْوَنُ مما أنت فيه، واستعن بالله، والجأْ إليه بالدعاء أن يهدِيَ والدَيْكَ، ويُهَوِّنَ عليهما الأمرَ؛ فمشقةُ ساعةٍ، أفضلُ من الانتظارِ طيلةَ الوقت.

9- وختامًا، أذكرك بأهمية الإيمان بالقدر؛ فكل شيء من عند الله، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ قال - تعالى -: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23]، وكلُّ ما ينالُكَ من أذًى فهو بقضاء الله وقدره؛ إذ لا يكون شيءٌ إلَّا بمشيئته وقدرته وخلقه، وقال - تعالى -: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11]، وهو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم، كما رُوِيَ عن ابن مسعود، وقولُه - تعالى -: ﴿ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾}؛ أي: يوفِّق الله قلبَه بالتسليم لأمره، والرضا بقضائه؛ كما في - "تفسير الطبري" (23 / 421).

والإيمان بالقدر يتجلَّى في الصبر على المصائب التي تجري بلا اختيار منا؛ كالمرض، وقسوة الوالد، والثوابُ فيها على الصبر عليها، لا على نفس المصيبة.

والله أسأل أن يلهمك رشدك، ويعيذك من شر نفسك، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • استشارات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة