• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ خالد الرفاعيالشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي شعار موقع الشيخ خالد الرفاعي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

هل أقبله زوجًا

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 2/2/2011 ميلادي - 27/2/1432 هجري

الزيارات: 12797

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أجد نفسي في حيرةٍ شديدة وخوف وقلق من اتِّخاذ قرار الارتِباط بشخصٍ عمره 31 عامًا، مطلِّق، مدخِّن، جامعي، يحبُّ الهدوء والتحاوُر، راتبه الشهري 3500 ريال، وهو راتب متواضع بالمقارنة براتبي البالغ 12000ريالاً، لمست منه الصراحة، ولكنَّه يلجأ للكذب لتصريف أموره، وقد أَبدَى استعدادَه كمُرافقٍ لي في بعثتي (للعلم أنا معيدة في الجامعة)، وموافقته على عملي.

 

هو به محاسن ومساوئ، فماذا أفعل؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فإن اختيار الزوج على أساس الدين والخُلق، وليس على أيِّ اعتبارات أخرى - هو ما يجب أن تَحرِص عليه المرأة العاقِلة وأولياؤها، أمَّا غير ذلك من مَتاع الدنيا، فظلٌّ زائل، فصاحب الدين والخلق لا تعدم منه المرأة خيرًا؛ إنْ أعجبَتْه أمسَكَها، وإن كَرِهَها لم يظلمها، ويكون مُبارَكًا عليها وعلى وذريَّتها بخلاف غيره.

 

ومن ثَمَّ حثَّ الشارع الحكيم المرأةَ وأولياءَها على الظَّفَر بصاحب الدِّين مرضيِّ الخُلُق؛ قال - تعالى -: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

 

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أتاكم مَن ترضَوْن دينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلاَّ تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفساد عريض))؛ رواه الترمذي.

 

فالحديث بِمَنطُوقه يحثُّ على ارتِباط المرأة بصاحب الدِّين، وبمفهومه يدل على أنَّ غير مرضي الديانة لا يُزوَّج، كما هو الحال بالنسبة للشابِّ المذكور.

 

ولمَّا كان الدِّين الإسلامي نظامًا حياتيًّا مُتكامِلاً، نظَّم الارتِباطات الزوجيَّة بشريعةٍ محدَّدة أقام فيها نِظام البيت على أُسُسٍ راسخة مَتِينة؛ تمنع الفوضى والاضطراب والنِّزاع، وربَط هذه العلاقة كلَّها بتقوى الله ورقابته، وحثَّ كلاًّ من الزوجين على أن يُحسِن اختِيار صاحِبِه، وبيَّن المواصفات المطلوب توافُرها في كلٍّ من الرجل والمرأة؛ لأن الدين والخُلُق القويم يمنَع صاحِبَه من الإساءة للآخَر، ويجعَلُه مبقيًا عليه بالمعروف، وإن كره منه خُلُقًا رضي غيره، وصبر على ما لا يستَقِيم من اعوجاج أخلاق صاحبه.

 

وقد ذكرتِ – رعاك الله - في رسالتكِ أنَّ هذا الشاب به خصلتان غير مرضيَّتين: أنَّه يلجَا للكذب لتصريف أموره، ومعلومٌ أنَّ الكذب هو الداء العضال، وأي داء أدوأ منه؟! فالكذب على الفجور والانحِراف والميل عن طريق الهداية؛ كما في "الصحيحين" وغيرهما عن عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وإيَّاكم والكذب؛ فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذَّابًا)).

 

وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع فتاوى ابن تيميَّة" (4 / 244): أنَّ الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيِّئات ونظامها، فقال: ويظهر ذلك من وجوه:

أحدها: أنَّ الإنسان هو حي ناطق، فالوصف المقوم له الفاصل له عن غيره من الدواب هو المنطق، والمنطق قسمان: خبر وإنشاء، والخبر صحَّته بالصدق، وفساده بالكذب، فالكاذب أسوأ حالاً من البهيمة العجماء، والكلام الخبري هو المميِّز للإنسان، وهو أصل الكلام الإنشائي؛ فإنَّه مُظهِرُ العلم، والإنشاء مظهرُ العمل، والعلم متقدِّم على العمل ومُوجِب له، فالكاذب لم يَكفِه أنه سلب حقيقة الإنسان حتى قلبها إلى ضدِّها ولهذا قيل: لا مروءة لكَذُوب، ولا راحة لحسود، ولا إخاء لملول، ولا سؤدد لبخيل، فإنَّ المروءة مصدر المرء، كما أنَّ الإنسانية مصدر الإنسان.

 

الثاني: أنَّ الصفة المميِّزة بين النبي والمتنبِّئ هو الصدق والكذب؛ فإنَّ محمدًا رسول الله الصادق الأمين، ومسيلمة الكذَّاب؛ قال الله - تعالى -: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 32 - 33].

 

الثالث: أنَّ الصفة الفارِقة بين المؤمن والمنافق هو الصدق، فإنَّ أساس النِّفاق الذي بُنِي عليه الكذبُ، وعلى كلِّ خلق يطبع المؤمن ليس الخيانة والكذب، وفي "الصحيحين" عن أنس بن مالك - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثٌ مَن كنَّ فيه كان مُنافِقًا خالصًا: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلَف، وإذا اؤتُمِن خان)).

 

الرابع: أنَّ الصدق هو أصل البر، والكذب أصل الفجور.

 

الخامس: أنَّ الصادق تنزل عليه الملائكة، والكاذب تنزل عليه الشياطين؛ كما قال - تعالى -: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 - 223].

 

السادس: أنَّ الفارق بين الصدِّيقين والشُّهَداء والصالحين، وبين المتشبِّه بهم من المُرائِين والمُسَمِّعين والمُبلِسين - هو الصدق والكذب.

 

السابع: أنَّه مقرونٌ بالإخلاص الذي هو أصلُ الدين في الكتاب وكلام العلماء والمشايخ؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ﴾ [الحج: 31]، ولهذا قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((عدلت شهادة الزور الإشراك بالله)) مرتين، وقرأ هذه الآية وقال: ((ألاَ أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وكان متكئًا فجلس فقال -: ألاَ وقول الزور، ألاَ وشهادة الزور))، فما زال يكرِّرها حتى قلنا: ليته سكت.

 

الثامن: أنَّه ركن الشهادة الخاصَّة عند الحكَّام التي هي قوام الحكم والقضاء، والشهادة العامة في جميع الأمور، والشهادة خاصة هذه الأمة التي مُيِّزت بها في قوله: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]، وركن الإقرار الذي هو شهادة المرء على نفسه، وركن الأحاديث والأخبار التي بها يقوم الإسلام، بل هي ركن النبوَّة والرسالة التي هي واسطةٌ بين الله وبين خلقه، وركن الفتيا التي هي إخبار المفتي بحكم الله، وركن المعاملات التي تتضمَّن أخبار كلِّ واحدٍ من المتعامِلين للآخر بما في سلعته، وركن الرؤيا التي قِيل فيها: أصدقهم رؤيا أصدقهم كلامًا، والتي يُؤتَمَن فيها الرجل على ما رأى.

 

التاسع: أنَّ الصِّدق والكذب هو المميِّز بين المؤمن والمنافق؛ كما جاء في الأثر: أساسُ النفاق الذي بُنِي عليه الكذبُ، وفي "الصحيحين" عن أنس - رضِي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان))، وفي حديث آخر: ((على كلِّ خُلُقٍ يُطبَع المؤمن ليس الخيانة والكذب))، ووصَف الله المنافقين في القرآن بالكذب في مواضع متعدِّدة، ومعلومٌ أنَّ المؤمنين هم أهل الجنة، وأنَّ المنافقين هم أهل النار، في الدرك الأسفل من النار.

 

العاشر: أن المشايخ العارِفين اتَّفَقوا على أنَّ أساس الطريق إلى الله هو الصدق والإخلاص؛ كما جمع الله بينهما في قوله: ﴿ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ﴾ [الحج: 30 - 31]، ونصوص الكتاب والسنَّة وإجماع الأمَّة دالٌّ على ذلك في مواضع؛ كقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، وقوله - تعالى -: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 32]، ﴿ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 33].

 

وقال - تعالى - لمَّا بيَّن الفرق بين النبي والكاهن والساحر: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الشعراء: 192 - 196]، إلى قوله: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 - 223]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 93]، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا ﴾ [النساء: 135].

 

الخصلة الثانية غير المرضية: أنَّه يدخِّن، ومعلومٌ شؤم التدخين، وتعدي ضرره لغير المدخِّن ممَّن يُخالِطونه أو يُساكِنونه، فضلاً عن ضرره وحرمته على.

 

هذا؛ والأهمُّ ممَّا ذكَرنا أنَّ هذا النوع من الأزواج غالبًا ما يكون قدوةً سيِّئة للزوجة والأبناء؛ فيُحاكُونه ويُقلِّدونه فيما يَفعَله، والواقع يَشهَد على أنَّ الزوج إذا وُجِد عنده خللٌ في دينه أو سلوكه أو خلقه، ينعَكِس ذلك سلبًا على الزوجة - وإن كانت قبلُ صالحةً - والأولاد، ولا شكَّ أنَّ كثيرًا من الرجال قدَّر الله هدايتهم على يد أزواجهم، وكم من امرأةٍ كانت سببًا في إصلاح رجلٍ! ولكنَّ هذا أمر غير مضمونِ العَواقِب، فتُنصَح به مَن تزوَّجت وقُضِي الأمر، أمَّا غيرها فعندها سعة، فتأخذ بالحزم وعدم المغامرة، وتنتظر صاحب الدين والخلق، كما وصى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

ولكن إن آنَسَت منه جديَّةَ صِدقٍ ورغبةً في التغيير للأفضل وترك الكذب والدخان، والاستقامة على شريعة الرحمن - فلا مانع من الارتِباط به.

 

ولا تُهمِلي أمرَ الاستخارة؛ فلا خابَ مَن استَخار، ولا ندم مَن استَشار.

 

واللهَ نسألُ أن يُقدِّر لك الخيرَ حيث كان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • استشارات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة