• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ خالد الرفاعيالشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي شعار موقع الشيخ خالد الرفاعي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

قبح جميل

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 17/8/2010 ميلادي - 7/9/1431 هجري

الزيارات: 42529

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

أنا فتاة أدرس في الكلية - الهندسة - لدي 20 عامًا، على قدْر كبير من الجمال، تقدَّم لخطبتي شابَّان في نفس الوقت:

كلاهما مهنْدس.

 

أحدُهُما شابّ عادي، بالكاد يصلّي، لكنَّه وسيم جدًّا.

 

أمَّا الآخر، فهو متواضِع المظْهر، لكنَّه متديِّن جدًّا، حافِظ للقرآن ويتعلَّم العلوم الدينيَّة، وهو إمام مسجِد أيضًا ويدْرس في معْهد ديني للقراءات.

 

ولا أفضليَّة لأحدهما في المستوى المادّي.

أنا أميل للوَسيم لكني أخاف أن أكون ممَّن قال فيهِم النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا أتاكم مَن ترْضَون دينَه وخُلُقَه فزوِّجوه))، فهل علي إثْم إذا رفضتُ الأخير وقبِلْتُ بالوسيم؟

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالجمالُ من حيثُ هو، محبوبٌ للنُّفوس، معظَّم في القلوب، ولا ينكِر هذا إلاَّ مكابر، والشَّارع الحكيم قد أباح للنِّساء النَّظر إلى الخاطب، وأن تَختار مَن تشاء، وترفض مَن تشاء، ولم يقُل أحدٌ من أهْل العِلم: إنَّ المرأة تُجْبَر على زواج دميم، ولكنَّ الإسلام قد وضع أُطرًا عامَّة، وأسسًا قويَّة؛ لصلاح الدُّنيا والدِّين في الاختيار؛ فمَن قدَرَتْ على رجُل صالحٍ في الصُّورة والمعنى، فلتعضضْ عليْه بالنَّواجذ.

 

والإنسان لمَّا كان مجْبولاً على حبِّ العاجِلة، بيَّن له نبيُّ الرَّحمة ميزانَ الاعتِدال في الحُكْم على الرِّجال؛ ففي الصَّحيحَين عن سهل بن سعد قال: مرَّ رجُل على رسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: ((ما تقولون في هذا؟)) قالوا: حريّ إن خطَبَ أن ينكح، وإن شفَع أن يشفع، وإن قال أن يسمَع، قال: ثمَّ سكت، فمرَّ رجُل من فقراء المسلمين فقال: ((ما تقولون في هذا؟)) قالوا: حريّ إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفَّع، وإن قال أن لا يسمع، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((هذا خيرٌ مِن ملْء الأرض مثل هذا)).

 

وقال: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا، وخيارُكم خياركم لنسائهم))؛ رواه أحمد والترمذي

 

وفي الصَّحيحين: ((تُنكح المرْأة لأرْبع: لمالِها ولحسبِها ولجمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذات الدِّين تربت يداك)).

 

قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا خطَبَ إليْكُم مَن ترضَون دينَه وخلُقَه فزوِّجوه، إلاَّ تفْعلوا تكُن فتنةٌ في الأرْض وفسادٌ عَريض))؛ رواه الترمذي.

 

فهذه كلها معانٍ للجَمال الحقيقي قد تَخْفى على الإنسان، ثمَّ إنَّ القُبح والجمال مسألةٌ نسبيَّة؛ فكما أنَّ الرَّجُل سليمَ الفِطرة يرى المرأة الغانية سيِّئةَ الخلُق بارعةَ الجمال، يراها شوهاءَ المنظر، كما قيل:

 

جَمَالُ الوَجْهِ مَعْ قُبْحِ النُّفُوسِ
كَقِنْدِيلٍ عَلَى قَبْرِ المَجُوسِ

 

وقول الآخر:

 

لَيْسَ الجَمَالُ بِأَثْوَابٍ تُزَيِّنُنَا
إِنَّ الجَمَالَ جَمَالُ العِلْمِ وَالأَدَبِ

 

وعلى العَكْس من ذلك يرى أطفالُ الأمِّ الشَّوهاء أمَّهم أجملَ النَّاس في وصف نفوسهم، وكذلك تراهم الأم!

 

والحاصِل: أنَّ شأن الرَّجُل هو أن يكون كبيرًا في إنسانيَّته، نبيلا في خلقه، وعلى المؤمن الصَّحيح الإيمان أن يَعيش فيما يصلح به النَّاس، والخروج من الحدود الضيِّقة إلى الحقائق الشَّاملة، والاستِقامة بالحياة على ما يؤدِّي لنعيم الآخرة، فكَمْ من رجُلٍ دميم ملَكَ قلْبَ زوجتِه، ونزَل منها بأرْفع منازلِها، باستقامتِه، وحسن تدبيرِه، وشفقتِه وحبِّه، وعظيم عطْفِه، وكبير عقله، وذكائِه ونُبل خلقه؛ ممَّا يجعل قبح الصُّورة يقلُّ ويقزم، حتَّى يزول باعتياد رؤيته، وتبقى المعاني الجميلة على روعتها وبهائها.

 

والمرأة العاقلة هي الَّتي تشتري باقيًا بفانٍ، لا العَكس، ولا تبيع حظَّها بشيءٍ من الحظوظ الخسيسة الفانية؛ قال الصَّادق المصْدوق: ((إنَّ الله لا ينظُر إلى صُورِكم ولا إلى أموالِكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالِكم)).

 

فعُلِم أنَّ مجرَّد الجمال الظَّاهر في الصُّور والثياب لا ينظر الله إليْه، وإنَّما ينظر إلى القلوب والأعْمال، فإن كان الظَّاهر مزيَّنًا مجمَّلاً بحال الباطن، أحبَّه الله، وإن كان مقبَّحًا مدنَّسًا بقبْح الباطن، أبغضه الله؛ فإنَّه - سبحانه - يحبُّ الحسن الجميل، ويُبغض السيِّئ الفاحش، وذو الصورة الحسنة إمَّا أن يترجَّح عنده العفَّة والخُلق الحسن، وإمَّا أن يترجَّح فيه ضدُّ ذلك، وإما أن يتكافأا، فإن ترجَّح فيه الصَّلاح، كان جماله بحسب ذلك، وكان أجْملَ ممَّن لم يمتحن تلك المحنة، وإن ترجَّح فيه الفساد، لم يكُن جميلاً؛ بل قبيحًا، وإن تكافأ فيه الأمران، كان فيه من الجمال والقُبح بحسب ذلك.

 

وأهلُ المعاصي تعلو وجوهَهم ظلمةُ المعصِية حتَّى يكسف الجمال المخلوق؛ قال ابن عبَّاس - رضِي الله عنْه -: "إنَّ للحسنة لنورًا في القلْب، وضياءً في الوجْه، وقوَّة في البدن، وزيادةً في الرِّزْق، ومحبَّة في قلوب الخلْق، وإنَّ للسيِّئة لظلمةً في القلْب، وغبرةً في الوجْه، وضعفًا في البدَن، ونقصًا في الرِّزْق، وبغضةً في قلوب الخلْق".

 

قال شيخ الإسلام في "الاستقامة" (ج1 /ص 349): "وليس في دين الله محبَّة أحدٍ لحسنِه قطّ؛ فإنَّ مجرَّد الحسن لا يُثيب الله عليه ولا يُعاقب، ولو كان كذلِك كان يوسف - عليْه السَّلام - لمجرَّد حسنه أفضلَ من غيره من الأنبِياء لحسنه، وإذا استوى شخْصان في الأعمال الصَّالحة، وكان أحدُهُما أحسنَ صورةً، وأحسنَ صوتًا - كانا عند الله سواءً؛ فإنَّ ((أكرم الخلق عند الله أتقاهم)) يعمُّ صاحبَ الصَّوت الحسَن والصورة الحسنة، إذا استعمل ذلك في طاعة الله دون معصيته، كان أفضل من هذا الوجْه، كصاحب المال والسُّلْطان، إذا استعمل ذلك في طاعة الله دون معصيته؛ فإنَّه بذلك الوجْه أفضل ممَّن لم يشْركْه في تلك الطَّاعة، ولم يمتحن بما امتُحِن به حتَّى خاف مقام ربِّه ونَهى النَّفس عن الهوى، ثمَّ ذلك الغير إن كان له عمَلٌ صالِح آخَر يُساويه به، وإلاَّ كان الأوَّل أفضل مطْلقًا".

 

وقال شيخ العربيَّة العلاَّمة مصطفى صادق الرَّافعي في "وحي القلم":

"هناك ذاتان لكلّ مؤمن، أحدُهُما غائبة عنْه، والأخرى حاضرة فيه، وهو إنَّما يصل من هذه إلى تلك، فلا ينبغي أن يحصر السَّماوية الواسعة في هذه التُّرابيَّة الضيِّقة، والقبح إنَّما هو لفظٌ ترابي يُشار به إلى صورة وقع فيها من التَّشويه مثل معاني التراب، والصّورة فانية زائلة؛ ولكن عملها باقٍ؛ فالنَّظر يجب أن يكون إلى العمل، فالعمل هو لا غيرُه هو الَّذي تتعاوره ألفاظ الحُسْن والقبح؛ وبهذا الكمال في النَّفس والأدب قد ينظُر الرَّجُل الفاضل من وجْهِ زوجتِه الشَّوهاء الفاضلة لا إلى الشَّوهاء؛ ولكن إلى الحُور العين، إنَّهما في رأْي العين رجل وامرأة في صُورتَين متنافِرَتَين جمالاً وقبحًا، أمَّا في الحقيقة والعمل وكمال الإيمان الرُّوحي، فهُما إرادتَانِ متَّحِدتان تَجذب إحداهُما الأخرى جاذبة عشق، وتلتقِيان معًا في النَّفسين الواسعَتَين المراد بهما الفضيلة وثواب الله، والإنسانيَّة؛ ولذلك اختار الإمام أحمد عوراءَ على أُختها، وكانت أختها جميلة، فسأل: مَن أعقلُهما؟ فقيل: العوراء: زوِّجوني إيَّاها، فكانت العوْراء في رأي الإمام أحمد وإرادته هي ذات العينيْن الكحيلتَين؛ لوفور عقله وكمال إيمانه ... وليسَت العين وحدَها هي التي تؤامر في أيّ الشيئَين أجلّ، بل هناك العقْل والقلْب، فجواب العين وحدَها هو ثلُث الحقِّ، ومتى قِيل ثلث الحقِّ، فضَياع الثُّلُثين يَجعله في الأقلِّ حقًّا غير كامل.

 

فما نكرهُه من وجهٍ، قد نكونُ هو الَّذي نحبُّه من وجهٍ آخَر، إذا نحن تركْنا الإرادة السليمة تَعمل عملَها الإنساني بالعقْل والقلْب، وبأوسع النظرين دون أضْيَقهما؛ ﴿ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ﴾ [النساء: 19]".

وختاما فما ننصح به الأختَ الكريمة هو: أن تتمسك بصاحب الدين وإن كان أقل ملاحة وجه من صاحبه، وسيجعل الله - إن شاء الله تعالى - فيه خيرًا كثيرًا، كما نوصيك بِمطالعة فصْل "قبح جميل" في كتاب "وحْي القلم" للرَّافعي (1 /151 - 161)،، والله أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • استشارات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة