• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ خالد الرفاعيالشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي شعار موقع الشيخ خالد الرفاعي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

الصبر على الحياة في فلسطين

الصبر على الحياة في فلسطين
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 22/8/2017 ميلادي - 29/11/1438 هجري

الزيارات: 8809

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ الملخص:

فتاة تعيش في فسلطين تحت القصف والطلق الناري، وتسأل: هل لي أجر على صبري على العيش في بلدي وعدم الهجرة؟

 

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة فلسطينية، بلدي لا يتوفَّر فيه الأمان والاستقرار، وقد نَتَعَرَّض في أيّ لحظة إلى القصف ونحن نائمون في بيوتنا، أو إلى الطلق الناري أثناء خروجنا إلى المدارس أو الجامعات أو العمل.


كل مرة أخرُج فيها أقول في نفسي: سأخرج وقد أموت، أو أتحوَّل إلى أشلاء نتيجة القصف، كل يوم أنام وأسمع صوت الطائرات أقول: هذا دورنا!


أعاني مِن سوء الأحوال المالية وسوء الخدمات وكثرة البطالة، وغلاء المعيشة، وتأخر زواج الفتيات، ومَن تتزوَّج منهنَّ تتزوج عن طريق الإنترنت، وأنا أرفض هذه الطريقة!

أخبِروني هل لي الأجر والثواب على ذلك؟

وهل لي الأجر والثواب لعدم الهجرة إلى بلد آخر وعيشة أخرى أفضل؟

الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فهنيئًا لك أيتها الأخت الكريمة العيش في الأرض المقدسة المباركة، وهنيئًا لك تلك القوة والثبات والمقدرة على العيش في ظل هذه الأهوال، فهذه نعمةٌ عظيمة يَهبها الله للقليل مِن عباده الذين أيقنوا أنَّ الحياة الدنيا وإن كانتْ قصيرة ضيقة وساعات معدودة، إلا أنها تتصل بحياة سواها وهي الدار الآخرة، فالإيمانُ بالحياة الآخرة نعمة تفيض على النفس بالحيوية وعلى القلب بالأمل والقوة والاحتساب والصبر والتحمل، ويضيف معنى للحياة، فهي لا تقف عند حدود الأرض، وإنما تتجاوزها إلى الخلود والمرتقى السامي في جوار الله العزيز الحكيم، وإيمان بعدل الله المطلق، وجزائه الأوفى.


الأخت الكريمة، لا يخفى على مثلك سلمك الله قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمانٌ، الصَّابر فيهم على دينِه كالقابض على الجمر))؛ أخرجه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما، وفي المسند عن أبي هريرة رضِي الله تعالى عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للعرَب من شرٍّ قدِ اقترب، فتنًا كقِطع اللَّيل المظلم، يصبح الرجُل مؤمنًا ويُمسي كافرًا، يبيع قومٌ دينَهم بعرَض مِن الدنيا قليل، المتمسِّك يومئذ بدينِه كالقابض على الجمر))؛ رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم: ((بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء))؛ رواه مسلم.


وكلُّ هذه الأحاديث وغيرها كثير مِن آيات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذكرتِ في رسالتك من أحوال المسلمين في الأرض المقدسة إنما هو مِن مظاهر غربة الدين، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع الفتاوى" (18/ 292، 293) أنَّ المتمسِّك بدينه في تلك الفِتَن أسعد النَّاس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في تَمام الحديث: ((فطوبى للغرباء)).


وطوبى مِن الطيب؛ قال تعالى: ﴿ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 29]، فإنَّه يكون مِن جنس السَّابقين الأوَّلين، الذين اتَّبعوه لمَّا كان غريبًا وهم أسعدُ الناس.


أمَّا في الآخرة فهم أعْلى النَّاس درجةً بعد الأنبياء عليهم السلام، وأمَّا في الدنيا فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]؛ أي: إنَّ الله حسبُك وحسْبُ متَّبعِك، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196]، وقال تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [الزمر: 36]، وقال: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، فالمسلم المتَّبع للرَّسول اللهُ تعالى حسبُه وكافيه، وهو وليُّه حيث كان، ومتى كان.


ولهذا يوجد المسلمون المتمَسِّكون بالإسلام في بلاد الكفر لهم السعادةُ كلما كانوا أتَمَّ تمسُّكًا بالإسلام، فإنْ دَخَل عليهم شر كان بذنوبهم، فإنه لا بد أن يحصُلَ للناس في الدنيا شرٌّ، ولله على عباده نِعَم، لكن الشر الذي يُصيب المسلم أقل، والنِّعَم التي تصل إليه أكثر، فكان المسلمون في أول الإسلام وإن ابتُلوا بأذى الكفار والخروج من الديار فالذي حصل للكفار مِن الهلاك كان أعظم بكثير، والذي كان يحصل للكفار مِن عزٍّ أو مال كان يحصل للمسلمين أكثر منه حتى من الأجانب". اهـ.


فأبشِرْي سلمك الله، واهنئي ببشارة الصادق المصدوق وهو يُعدِّد صفات الغرباء الذين أبوا أن يتركوا أوطانهم لأعداء الله حسبة لله، فكان جزاؤهم أن وصفهم الله بالغرباء ((الذين يُصلحون ما أفسد النَّاس من بعدي مِن سنَّتي))، و: ((الذين يُصلحون إذا فسد النَّاس))، و: ((ناس صالحون قليل في ناس كثير، مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم))، و: ((الفارون بدينهم)).


وقال ابن القيم في "مدارج السَّالكين"(3/ 186): "فهؤُلاء همُ الغرباء الممْدوحون المغبوطون، ولقلَّتهم في الناس جدًّا سُمُّوا: غرباء، فإنَّ أكثر النَّاس على غير هذه الصفات، فأهل الإسْلام في النَّاس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غُرباء، وأهل العلم في المؤمنين غُرباء، وأهل السنَّة - الَّذين يميِّزونَها من الأهواء والبدع - هم الغرباء، والدَّاعون إليْها الصَّابرون على أذى المخالفين هم أشدُّ هؤلاء غربة، ولكنَّ هؤلاء هم أهل الله حقًّا، فلا غربة عليهم، وإنَّما غربتهم بين الأكثرين، الَّذين قال الله عزَّ وجلَّ فيهم: ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]، فأولئِك هم الغرباء مِن الله ورسولِه ودينِه، وغربتهم هي الغربة الموحِشة، وإن كانوا هم المعروفين المشار إليهم، كما قيل:


فَلَيْسَ غَرِيبًا مَنْ تَنَاءَتْ دِيَارُهُ
وَلَكِنَّ مَنْ تَنْأَيْنَ عَنْهُ غَرِيبُ

ولَمَّا خرج موسى عليه السلام هاربًا مِن قوم فرعون انتهى إلى مدين على الحال التي ذكر الله، وهو وحيدٌ غريب خائف جائع، فقال: يا رب وحيد مريض غريب، فقيل له: يا موسى الوحيد، من ليس له مثلي أنيس، والمريض، من ليس له مثلي طبيب، والغريب، من ليس بيني وبينه معامل". اهـ.


فاثبتي على ما أنتِ عليه، واحمدي الله على نعمة المرابطة، وإني لأرجو الله أن تدخلي في بشارة النبي صلَّى الله عليه وسلم إذ يقول: ((لا تزال طائفة مِن أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، إلا ما أصابهم مِن لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس)).


فبقاءُ المسلمين في أرض فلسطين خيرٌ مِن هجرها بلا تردد، بل هو مِن الرِّباط في سبيل الله تعالى لأنَّ المقام في الثغر تقْوية للمسلمين ورباط.


والثَّغر: كلُّ مكان يخاف أهله العدو؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾} [المائدة: 56]، ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120].


والله تعالى وَعَدَ الكافرين بالخيبة فيما يبغون، وبالحسرة على ما ينفقون، وبالهزيمة في الدنيا وبجهنم في الآخرة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].


"إنهم يُنفقون أموالهم، ويَبذلون جهودهم، ويستنفدون كيدهم، في الصد عن سبيل الله، وفي إقامة العقبات في وجه هذا الدين، وفي حرب العُصبة المسلمة في كل أرض وفي كل حين، والله سبحانه يُنذر الكفار الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله بأنها ستعود عليهم بالحسرة، إنهم سينفقونها لتضيعَ في النهاية، وليغلبوا هم وينتصر الحق في هذه الدنيا، وسيحشرون في الآخرة إلى جهنم، فتتم الحسرة الكبرى؛ ذلك ﴿ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأنفال: 37].


إن هذا المال الذي يُنفق يُؤلِّب الباطل، ويملي له في العدوان، فيُقابله الحق بالكفاح والجهاد وبالحركة للقضاء على قدرة الباطل على الحركة، وفي هذا الاحتكاك المرير تنكشف الطباع، ويتميَّز الحق من الباطل، كما يتميز أهل الحق مِن أهل الباطل حتى بين الصفوف التي تقف ابتداءً تحت راية الحق قبل التجربة والابتلاء، ويَظهر الصامدون الصابرون المثابرون الذين يستحقون نصر الله؛ لأنهم أهلٌ لحمل أماناته، والقيام عليها، وعدم التفريط فيها تحت ضغط الفتنة والمحنة، عند ذلك يجمع الله الخبيث على الخبيث، فيلقي به في جهنم، وتلك غاية الخسران"؛ قاله أديب الإسلام في ظلال القرآن (3/1506، 1507).

أسأل الله العليَّ الأعلى أن يرزقنا جميعًا الثَّبات والاستِقامة، وأن يَحفَظَنا مِن الفِتَن ما ظهَر منها وما بطَن

وأن يَقتُلَ أعداءَ الدين ولا يغادر منهم أحدًا





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • استشارات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة