• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي / مقالات


علامة باركود

اتفاق علماء الأمة على حجية السنة

اتفاق علماء الأمة على حجية السنة
الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي

المصدر: أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ (مَفْهُومٌ - وفَضَائِلُ - وخَصَائِصُ - وَأَحْكَامٌ) دراسة موضوعية (بحث محكم)

تاريخ الإضافة: 30/1/2024 ميلادي - 19/7/1445 هجري

الزيارات: 4994

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اتفاق علماء الأمة على حجية السنة

 

لقد اتفق علماء الأمة على أن السنة بمجموعها حجة ومصدر من مصادر الأحكام واستدلوا على ذلك بثلاث دلالات:

أولاً: الدلالة الأولى: دلالة كتاب الله تعالى.

فقد وردت آيات في القرآن الكريم تدل على حجية السنة ومن ذلك:

1- قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3-4].


2- وقوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

 

3- وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59].

 

4- وقوله تعالى: ﴿ وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُـزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون ﴾ [النحل: 44].

 

5- وقوله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

6- وقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

7- وقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 36].

 

8- وقوله تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80].

 

9- وقوله تعالى: ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيم ﴾ [النساء: 65].

 

10- وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].

 

فهذه الآيات جميعها تدل على وجوب اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم-، فهي تثبت حجية السنة قطعًا.

 

ثانيًا: الدلالة الثانية: دلالة إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -:

فإنهم - رضي الله عنهم - لم يفرقوا بين حكم ثبت بالقرآن وبين حكم ثبت بالسنة، فهم يعملون بهما جميعًا، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى، ومن يطلبها يجدها في مظانها.

 

وعلى ذلك كان عملهم - رضي الله عنهم - من الاحتجاج بسنته - صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بهديه، وامتثال أوامره، والرجوع إليه في الدقيق والجليل، فكانوا أحرص الخلق على ملاحظة أقواله وأفعاله وحفظها والعمل بها، وبلغ من اقتدائهم أنهم كانوا يفعلون ما يفعل ويتركون ما يترك، من دون أن يعلموا لذلك أي سبب أو حكمة؛ قال الإمام الشافعي (ت: 204هـ) - رحمه الله-: "أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس"[1].

 

ويقول الأوزاعي (ت: 157هـ)- رحمه الله:-"اصْبِر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفَّ عما كفُّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم"[2].

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ) - رحمه الله-:

"وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولًا عامًّا يتعمد مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء من سنته دقيق ولا جليل، فإنهم متفقون اتفاقًا يقينيًا على وجوب اتباع الرسول، وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله"[3].

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ) - رحمه الله - أيضًا:

"وليس لأحد أن يُنَصِبَ للأمة شخصًا يدعو إلى طريقته، ويُوَالي ويُعَادي عليها غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا يُنَصِبُ لهم كلامًا يُوالى عليه ويُعادَي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين يُنصِبُون لهم شخصًا أو كلامًا يعادون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام ويعادون"[4].

 

وهكذا استدل المسلمون في جميع العصور على الأحكام الشرعية، ولم يختلفوا في وجوب العمل بما أفاد قطعًا أو ظنًا راجحًا من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - المروية على درجة من القبول، ويستندون لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني)[5].

 

ثالثًا: الدلالة الثالثة: دلالة النظر من المعقول الصحيح على حجية السنة، وبيان تَعَذُر العملِ بالقرآنِ وحده.

أ- دلالة النظر من المعقول الصحيح: على حجية السنة:

فإرسال الرسول - صلى الله عليه وسلم- يقتضي ويُلْزِمُ طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأَلا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بِمَا شَرَعَ، ومن المُسلَّم به أنه - صلى الله عليه وسلم- قد أخبر وحكم بأمور زائدة على ما في القرآن الكريم ومفصلة له ومبينة وموضحة له، فالتفريق بينها وبين القرآن في وجوب الالتزام بها، والاستجابة لها، تفريق بما لا دليل عليه، بل هو تفريق باطل، فلزم أن يكون خبره - صلى الله عليه وسلم- واجب التصديق، وكذا أمره واجب الـطـاعة والامتثال والانقياد.

 

ثم إن العقل السليم والرأي القويم السديد لا يقبل أن يرسل الله رسولًا إلى خلقه ثم يقول: لا تطيعوه ولا تمتثلوا أمره، بل إن العقول السليمة والفطر السوية تقرر وتقول: إن رسول الله مبلغ عن ربه، فكل ما يقوله ويفعله منسوب إلى ربه، فإذا أقره الله سبحانه وتعالى على ذلك، فمعنى ذلك رضاه عما يقوله رسوله الذي بعثه وأرسله إلى خلقه؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 47].


وإن تأييد الله سبحانه وتعالى لأنبيائه بالمعجزات الخارقة للعادة، دلالة على تصديقه سبحانه وتعالى لهم وتمكينه لهم من إقامة حجته على خلقه وإظهارًا لما هم عليه من الحق والهدى والدين؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 64 - 65].


يقول ابن كثير(ت: 774هـ) - رحمه الله -: يقول تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ﴾ [النساء: 64]؛ أي: فرضت طاعته على من أرسله إليهم [6].

 

ويقول البغوي (ت: 516هـ) - رحمه الله-:

قوله عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ ﴾ [النساء: 64]؛ أي: بأمر الله تعالى لأن طاعة الرسول وجبت بأمر الله، قال الزجاج: ليطاع بإذن الله لأن الله قد أذن فيه وأمر به، وقيل: إلا ليطاع كلام تام كاف[7] بإذن الله تعالى أي: بعلم الله وقضائه، أي: وقوع طاعته يكون بإذن الله[8].

 

ب- بيان تَعَذُر العملِ بالقرآنِ وحده:

ومما يدل على حجية السنة - من حيث النظر أيضًا-

أنه لا يمكن الاستقلال بفهم الشريعة وتفاصيلها وأحكامها من القرآن وحده، لاشتماله على نصوص مجملة تحتاج إلى بيان، وأخرى مشكلة تحتاج إلى توضيح وتفسير، فكان لا بد من بيان آخر لفهم مراد الله، واستنباط تفاصيل أحكام القرآن، ولا سبيل إلى ذلك إلا عن طريق السنة، ولولاها لتعطلت أحكام القرآن، وبطلت التكاليف.

 

يقول ابن حزم (ت: 516هـ) - رحمه الله-: "في أيِّ قرآن وُجِدَ أن الظهر أربع ركعات، وأن المغرب ثلاث ركعات، وأن الركوع على صفة كذا، والسجود على صفة كذا، وصفة القراءة فيها والسلام، وبيان ما يُجْتَنَبُ في الصوم، وبيان كيفية زكاة الذهب والفضة، والغنم والإبل والبقر، ومقدار الأعداد المأخوذ منها الزكاة، ومقدار الزكاة المأخوذة، وبيان أعمال الحج من وقت الوقوف بعرفة، وصفة الصلاة بها وبمزدلفة، ورمي الجمار، وصفة الإحرام وما يجتنب فيه، وقطع يد السارق، وصفة الرضاع المحرم، وما يحرم من المآكل، وصفة الذبائح والضحايا، وأحكام الحدود، وصفة وقوع الطلاق، وأحكام البيوع، وبيان الربا والأقضية والتداعي، والأيمان والأحباس والعمرى، والصدقات وسائر أنواع الفقه؟ وإنما في القرآن جمل لو تُرِكْنا وإياها لم ندر كيف نعمل فيها، وإنما المرجوع إليه في كل ذلك النقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك الإجماع إنما هو على مسائل يسيرة... فلا بد من الرجوع إلى الحديث ضرورة، ولو أن امرأً قال: لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرًا بإجماع الأمة"؛ اهـ[9].

 

فتبين مما سبق:

وجوب الاحتجاج بالسنة والعمل بها، وأنها كالقرآن في وجوب الطاعة والاتباع، وأن المستغني عنها هو مستغنٍ في الحقيقة عن القرآن، وأن طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - طاعة لله، وعصيانه عصيان لله تعالى، وأن العصمة من الانحراف والضلال إنما هو بالتمسك بالقرآن والسنة جميعًا.

 


[1] (الفلاني ص 68)، ويُنظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 201)، وللاستزادة يُنظر: أقوال الأئمة الأربعة -عليهم رحمة الله- في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها. ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم -بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى- ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء قال ربنا في كتاب الكريم ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 3]، فإليكم هذه الأقوال: 1- أبو حنيفة (ت: 150هـ) - رحمه الله-: فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت - رحمه الله-، وقد روي عنه أصحابه أقوالًا شتى وعبارات متنوعة كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة لها: 1- (إذا صح الحديث فهو مذهبي)؛ (ابن عابدين في الحاشية 1/ 63). 2- (لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه)؛ (ابن عابدين في حاشيته على البحر الرائق 6/ 293)، وفي رواية: (حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي)، زاد في رواية: (فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدًا)، وفي أخرى: (ويحك يا يعقوب (هو أبو يوسف) لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد). 3- (إذا قلت قولًا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاتركوا قولي)؛ (الفلاني في الإيقاظ ص 50). 2- مالك بن أنس (ت: 179هـ) - رحمه الله-: وأما الإمام مالك بن أنس - رحمه الله- فقال: 1- (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه)؛ (ابن عبد البر في الجامع 2/ 32). 2- (ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم)؛ (ابن عبد البر في الجامع 2/ 91). 3- قال ابن وهب: سمعت مالكًا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: ليس ذلك على الناس. قال: فتركته حتى خف الناس فقلت له: عندنا في ذلك سنة فقال: وما هي؟ قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه، فقال: إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل، فيأمر بتخليل الأصابع؛ (مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ص 31 -32). 3- الشافعي (ت: 204هـ) - رحمه الله-: وأما الإمام الشافعي -رحمه الله- فالقول عنه في ذلك أكثر وأطيب وأتباعه أكثر عملًا بها وأسعد، فمنها: 1- (ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم لخلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قولي)؛ (تاريخ دمشق لابن عساكر 15/ 1 / 3). 2- (أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل له أن يدعها لقول أحد)؛ (الفلاني ص 68). 3- (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعوا ما قلت)، وفي رواية: (فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد)؛ (النووي في المجموع 1/ 63). 4- (إذا صح الحديث فهو مذهبي)؛ (النووي 1/ 63). 5- (أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح، فأعلموني به أي شيء يكون: كوفيًّا أو بصريًّا أو شاميًّا، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا)؛ (الخطيب في الاحتجاج بالشافعي 8/ 1). 6- (كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أهل النقل بخلاف ما قلت، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي)؛ (أبو نعيم في الحلية 9/ 107). 7- (إذا رأيتموني أقول قولًا وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه، فاعلموا أن عقلي قد ذهب)؛ (ابن عساكر بسند صحيح 15/ 10/ 1). 8- (كل ما قلت فكان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي أَولى فلا تُقلدوني)؛ (ابن عساكر بسند صحيح 15/ 9/ 2). 9- (كل حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو قولي وإن لم تسمعوه مني)؛ (ابن أبي حاتم 933-94). 4- أحمد بن حنبل (ت: 241هـ) - رحمه الله-: وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعًا للسنة وتمسكًا بها حتى (كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي)، ولذلك قال: 1- (لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا)؛ (ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 302). وفي رواية: (لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير). وقال مرة: (الإتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير)؛ (أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص 276-277). 2-(رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي، وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار)؛ (ابن عبد البر في الجامع 2/ 149). 3- (من رد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فهو على شفا هلكة)؛ (ابن الجوزي في المناقب ص 182). تلك هي أقوال الأئمة - رضي الله تعالى عنهم- في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة وهي من الوضوح والبيان، بحيث لا تقبل جدلًا ولا تأويلًا، وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة، لا يكون مباينًا لمذهبهم، ولا خارجًا عن طريقتهم، بل هو متبع لهم جميعًا، ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم، بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة، والله تعالى يقول: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]. وقال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]؛ قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى-: (فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم- وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم بإتباع أمره وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة، فإن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحق أن يعظم ويقتدي به من رأى أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ، ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة وربما أغلظوا في الرد لا بغضًا له، بل هو محبوب عندهم معظم في نفوسهم، لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق، فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع، ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورًا له، بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بخلافه، قلت: كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مر وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة؟ بل إن الشافعي -رحمه الله- أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها أو أخذ بخلافها ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد - رحمه الله - المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها انفرادًا واجتماعًا في مجلد ضخم قال في أوله: (إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم). ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم إتباعا للسنة ولذلك كله كان أتباع الأئمة ثلة من الأولين. وقليل من الآخرين لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها بل قد تركوا كثيرًا منها لما ظهر لهم مخالفتها للسنة، حتى إن الإمامين: محمد بن الحسن وأبا يوسف -رحمهما الله - قد خالفا شيخهما أبا حنيفة (في نحو ثلث المذهب) وكتب الفروع. كفيلة ببيان ذلك ونحو هذا يقال في الإمام المزني وغيره من أتباع الشافعي وغيره ولو ذهبنا نضرب على ذلك الأمثلة لطال بنا الكلام ولخرجنا به عما قصدنا إليه في هذا البحث من الإيجاز فلنقتصر على مثالين اثنين: 1- قال الإمام محمد في موطئه (ص 1588): (قال محمد: أما أبو حنيفة -رحمه الله- فكان لا يرى في الاستسقاء صلاة وأما في قولنا، فإن الإمام يصلي بالناس ركعتين ثم يدعو ويحول رداءه) ... إلخ. 2- وهذا عصام بن يوسف البلخي من أصحاب الإمام محمد ومن الملازمين للإمام أبي يوسف (كان يفتي بخلاف قول الإمام أبي حنيفة كثيرًا؛ لأنه لم يعلم الدليل، وكان يظهر له دليل غيره، فيفتي به، ولذلك (كان يرفع يديه عند الركوع والرفع منه)، كما هو في السنة المتواترة عنه - صلى الله عليه وسلم- فلم يمنعه من العمل بها أن أئمته الثلاثة قالوا بخلافها، وذلك ما يجب أن يكون عليه كل مسلم بشهادة الأئمة الأربعة وغيرهم كما تقدم، وخلاصة القول إنني أرجو ألا يبادر أحد من المقلدين إلى الطعن في مشرب هذا الكتاب وترك الاستفادة مما فيه من السنن النبوية بدعوى مخالفتها للمذهب، بل أرجو أن يتذكر ما أسلفناه من أقوال الأئمة في وجوب العمل بالسنة، وترك أقوالهم المخالفة لها، وليعلم أن الطعن في هذا المشرب، إنما هو طعن في الإمام الذي يقلده أيًّا كان من الأئمة، فإنما أخذنا هذا المنهج منهم كما سبق بيانه، فمن أعرض عن الاهتداء بهم في هذا السبيل، فهو على خطر عظيم؛ لأنه يستلزم الإعراض عن السنة، وقد أمرنا عند الاختلاف بالرجوع إليها والاعتماد عليها؛ كما قال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]. أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم: ﴿ إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ﴾ [النور: 51 - 52] الكلام نقلًا من كتاب "صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - "للعلامة المحدث الألباني -عليه رحمة الله-".
[2] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للالكائي: (1/ 154).
[3] رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وانظر: ابن تيمية -حياته وعصره- آراؤه الفقهية(219).
[4] مجموع الفتاوى: (20/ 164).
[5] البخاري: (ج 15 / ص 493)، إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. مسلم: (ج 7 / ص 175)، فَقَالَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، ويُنظر: تلخيص الحبير، لابن حجر.
[6] تفسير ابن كثير: (2/ 348)؛ تفسير ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (ابن كثير) المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) المحقق: محمد حسين شمس الدين الناشر: دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت الطبعة: الأولى - 1419 هـ .
[7] يعنى الوقف عليها.
[8] تفسير البغوي: (2/ 245). تفسير البغوي:معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي المؤلف: محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (المتوفى: 510هـ) المحقق: حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الرابعة، 1417 هـ - 1997م -عدد الأجزاء: 8.
[9] الإحكام، لابن حزم: (2/ 79-80). الإحكام في أصول الأحكام المؤلف: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) قدم له: الأستاذ الدكتور إحسان عباس الناشر: دار الآفاق الجديدة، بيروت عدد الأجزاء: 8.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة