• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب


علامة باركود

نار الله الموقدة (خطبة)

نار الله الموقدة (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 12/8/2022 ميلادي - 14/1/1444 هجري

الزيارات: 17829

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نَارُ اللَّهِ المُوقَدَة

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعدُ؛ النَّارُ هِيَ الدَّارُ التي أَعَدَّها اللهُ لِلكافِرِينَ به، المُكَذِّبِينَ لِرُسُلِه، وهي عَذابُه الذي يُعَذِّبُ فيه أعداءَه، وسِجْنُه الذي يَسْجُنُ فيه المجرمين. وهي الخِزْيُ الأكبر، والخُسْرانُ العظيم، ولا خُسْرانَ أعْظَمَ منه: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [آل عمران: 192].

 

والنَّارُ مَخْلُوقَةٌ عَظِيمَةٌ، لا تَفْنَى أبدًا، ولا تَبِيدُ؛ قال الطَّحاوي رحمه الله: (وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ، لَا تَفْنَيَانِ أَبَدًا وَلَا تَبِيدَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ الخَلْقِ، وَخَلَقَ لَهُمَا أَهْلًا، فَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى الجَنَّةِ فَضْلًا مِنْهُ، وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى النَّارِ عَدْلًا مِنْهُ). فالإيمانُ بِالجَنَّةِ والنَّار معناه: التَّصْدِيقُ الجازِمُ بِوُجودِهِما، وأنهما مَخْلوقتان الآن، وأنهما باقِيَتان بإبقاءِ اللهِ لهما، لا تَفْنَيان أبدًا، ولا تَبِيدان.

 

ويَدُلُّ على ذلك قولُه تعالى – عن النار: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 131]؛ وقولُه: ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلْطَّاغِينَ مَآبًا ﴾ [النبأ: 21، 22]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – حين خَسَفَتِ الشَّمْسُ: «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ» رواه البخاري ومسلم.

 

والنَّارُ شاسِعَةٌ واسِعَةٌ، بَعِيدٌ قَعْرُها، مُتَرامِيَةٌ أطْرافُها، ويَدْخُلُها أعدادٌ لا تُحْصَى: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ» رواه مسلم. ويَدُلُّ على بُعدِ قَعْرِها أنَّ الحَجَرَ إذا أُلْقِيَ مِنْ أعلاها احتاجَ إلى آمادٍ طويلةٍ حتى يَبْلُغَ قَعْرَها؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً [أي: سَقْطَةً] فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالَ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا» رواه مسلم.

 

وفي وَصْفِ مَجِيءِ النَّارِ يومَ القيامة، وكَثْرَةِ العَدَدِ مِنَ الملائكةِ الذين يأتون بها - كما في قوله تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ﴾ [الفجر: 23]؛ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» رواه مسلم. ولكم – أيها المسلمون – أنْ تَتَخَيَّلوا عِظَمَ هذا المخلوقِ الرَّهيبِ الذي احتاج إلى هذا العددِ الهائلِ من الملائكة الأشِدَّاءِ الأقوياء، الذين لا يَعْلَمُ مدى قُوَّتِهم إلاَّ اللهُ تبارك وتعالى.

 

ومِمَّا يَدُلُّ على هَوْلِ النَّارِ وكِبَرِها؛ أنَّ مَخْلُوقَين عَظِيمَين - كالشَّمسِ والقمرِ - يُكَوَّرَانِ فيها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشَّمْسُ والقَمَرُ ثَوْرَان مُكَوَّرَان في النَّارِ يَومَ القِيَامَة» صحيح – رواه البيهقي. وفيه تَبْكِيتٌ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدهُمَا فِي الدُّنْيَا؛ لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَتهمْ لَهُمَا كَانَتْ بَاطِلًا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ﴾ [الأنبياء: 98].

 

والنَّارُ دَرَكَاتٌ؛قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ ﴾ [النساء: 145]. والعربُ تُطلِقُ: "الدَّرَك" على كُلِّ ما تَسَافَلَ، كما تُطْلِقُ "الدَّرَج" على كُلِّ ما تعالى، يُقال: للجنة دَرَجات، وللنار دَرَكات، وكُلَّما ذهبتِ النَّارُ سُفْلاً عَلا حرُّها، واشتدَّ لَهِيبُها. والمنافقون لهم النَّصِيبُ الأوفَرُ من العذاب، ولذلك كانوا في الدَّرْكِ الأسْفَلِ من النار.

 

وأَهْلُ النَّارِ مُتَفَاوِتُون فِي العَذابِ؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى عُنُقِهِ» رواه مسلم. وأخْبَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أخَفِّ أهلِ النَّارِ عَذابًا؛ فقال: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلاَنِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا، وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا» رواه مسلم.

 

ولِلنَّارِ سَبْعَةُ أَبْوابٍ؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 43، 44]. قال ابنُ كثيرٍ رحمه الله: (أَيْ: قَدْ كَتَبَ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهَا جُزْءٌ مِنْ أَتْبَاعِ إِبْلِيسَ يَدْخُلُونَهُ، لَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهُ -أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا - وَكُلٌّ يَدْخُلُ مِنْ بَابٍ بِحَسَبِ عَمَلِهِ، وَيَسْتَقِرُّ في دَرَك بِقَدْرِ عَمَلِه).

 

وتَفْتَحُ أبوابُ النَّارِ لِلكُفَّارِ؛ لِيَدْخُلوها خَالِدِينَ فيها: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 71؛ وبعدَ هذا الإقرارِ؛ يُقال لهم: ﴿ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 72]. ثم تُغْلَقُ هذه الأبوابُ على المُجرِمين، فلا مَطْمَعَ لهم في الخُروجِ منها بعدَ ذلك؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ * عَلَيْهِمْ نَارٌ مُوصَدَةٌ ﴾ [البلد: 19، 20] [أي: مُغْلَقَةُ الأبواب].

 

ووَقُودُ النَّارِ هي الحِجارَةُ، والكُفَّارُ الفَجَرَة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]؛ وقال: ﴿ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24]. ومِمَّا تُوقَدُ به النَّارُ الآلهةُ التي كانت تُعْبَدُ مِنْ دون الله ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [أي: وقودُها وحطَبُها] أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 98، 99].

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... عِباد الله.. ومِمَّا يَدُلُّ على شِدَّةِ حَرِّ جَهَنَّمَ، وعِظَمِ دُخانِها وشَرارِها؛ قولُه تعالى: ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة: 41-44]. وقد تَضَمَّنَتْ هذه الآيةُ ذِكْرَ ما يَتَبَرَّدُ به الناسُ من الكَرْبِ والحَر؛ وهو ثلاثة: الماءُ، والهواءُ، والظِّل. وذَكَرَت الآيةُ أنَّ هذه لا تُغْنِي عن أهلِ النَّارِ شيئًا، فهواءُ جهنَّمَ: السَّموم؛ وهو الرِّيحُ الحارَّةُ الشَّديدةُ الحر. وماؤها: الحَمِيمُ الذي قد اشْتَدَّ حرُّه. وظِلُّها: اليَحْمُوم؛ وهو قِطَعُ دُخانِها.

 

وقال اللهُ تعالى – مُبيِّنًا قُوَّةَ النَّارِ، ومَدَى تَأْثِيرِها فِي المُعَذَّبِين: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 26-29]. إنها تأكُلُ كلَّ شيء، وتُدَمِّر كلَّ شيء، لا تُبْقِي ولا تَذَر، تَحْرِقُ الجلودَ، وتَصِلُ إلى العِظامِ، وتَصْهَرُ ما في البطون، وتَطَّلِعُ على الأفئدة.

 

وأَخْبَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنَّ نارَنَا جُزْءٌ مِنْ سبعين جُزْءًا مِنْ نارِ جَهَنَّمَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً. قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا» رواه البخاري. وفي لفظٍ لمسلم: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ».

 

ونارُ جَهَنَّمَ لها تأثِيرٌ على الدُّنيا وأَهْلِها؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» متفق عليه. وقال أيضًا: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ فِي الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ» متفق عليه.

 

وهذه النَّارُ لا يَخْبُو أُوَارُهَا مع تَطاوُلِ الزَّمَانِ؛ ومُرورِ الأيام: ﴿ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴾ [النبأ: 30]، و﴿ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الإسراء: 97]. وتُسَعَّرُ النَّارُ يوم القيامة عندما تَسْتَقْبِلُ أهلَها ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ [أي: أُوقِدَتْ وأُحْمِيَتْ] ﴾ [التكوير: 12]؛ فلا يَجِدُ الكُفَّارُ طَعْمَ الرَّاحة، ولا يُخَفَّفُ عنهم العذابَ مَهْمَا طالَ العذابُ: ﴿ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ [البقرة: 86].

 

والنَّارُ تَتَكَلَّمُ وتُبْصِرُ؛ قال تعالى: ﴿ إِذَا رَأَتْهُم مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾ [الفرقان: 12] فتُطْلِقُ الأصواتَ المُرْعِبَةَ الدَّالةَ على مدى حَنَقِها وغَيظِها على هؤلاء المُجرِمين. وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ لَهُ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاَثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالْمُصَوِّرِينَ» صحيح – رواه الترمذي.

 

وجُمْلَةُ الجَرائِمِ التِي تُدْخِلُ النَّارَ- كما ذَكَرَ ابنُ تيمِيَّةَ رحمة الله – عندما سُئِلَ: مَا عَمَلُ أَهْلِ النَّار؟ فَأجَابَ: (عَمَلُ أَهْلِ النَّار: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ تَعَالَى، والتَّكْذِيبُ لِلرُّسُل، وَالكُفْرُ، والحَسَدُ، وَالكَذِبُ، والخِيانَةُ، وَالظُّلْمُ، وَالفَوَاحِشُ، والغَدْرُ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِم، والجُبْنُ عَنِ الجِهَاد، وَالبُخْلُ، وَاخْتِلَافُ السِّرِّ وَالعَلَانِيَة، واليَأْسُ مِنْ رَوْحِ الله، والأَمْنُ مِنْ مَكْرِ الله، والجَزَعُ عِنْدَ المَصائِب، وَالفَخْرُ والبَطَرُ عِنْدَ النِّعَم، وَترْكُ فَرَائِضِ الله، واعْتِداءُ حُدُودِه، وانْتِهاكُ حُرُماتِه، وَخَوفُ المَخْلُوقِ دُونَ الخَالِق، وَالعَمَلُ رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَمُخَالفَةُ الكِتابِ وَالسُّنةِ - أي اعْتِقَادًا وَعَمَلاً، وَطَاعَةُ المَخْلُوقِ في مَعْصِيَةِ الخَالِق، والتَّعَصُّبُ لِلبَاطِل، والاسْتِهْزاءُ بِآيَاتِ الله، وَجَحْدُ الحَقِّ، وَالكِتْمَانُ لِمَا يَجِبُ إظْهَارُهُ مِنْ عِلْمٍ وَشَهَادَة، وَالسَّحْرُ، وعقوقُ الوَالِدَين، وَقَتْلُ النَّفسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَق، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيم، والرِّبا، والفِرارُ مِنَ الزَّحْف، وَقَذْفُ المُحْصنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَات). نَسألُ اللهَ العفوَ والعافيةَ، والمُعافاةَ التَّامةَ في الدُّنيا والآخِرة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة