• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة


علامة باركود

معالم من سورة الفتح (1)

د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 17/3/2018 ميلادي - 29/6/1439 هجري

الزيارات: 12578

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بسم الله.. رب يسر وأعن يا كريم

معالم من سورة الفتح (1)

الحمد لله..

أيها الأخوة:

السور القرآنية عندما تنزل فهي ليست مجرد أحكام وأخبار، إنها أبعد من ذلك إنها تنزل موضحةً بجلاء مع الأحكام والأخبار والمعاني سننا كونية وشرعية يستنير بها المؤمنون طريقة عيشهم وحياتهم ليسعدوا في الدارين، وثمة سورٌ قرآنية عظيمة نحن بأمس الحاجة اليوم إلى فقه معانيها والسنن الكونية والشرعية التي جاءت فيها، ولن نستطيع في هذا المقام الإحاطة بها لكن سنستظل ببعض معالمها.

 

ثبت في الحديث الصحيح عن زيد بن أسلم، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا ، فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر بن الخطاب: هلكت أم عمر نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك ، فقال عمر: فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون قد نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، فقال: لقد أنزلت علي سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: إنا فتحنا لك فتحا مبينا [ أي: سورة الفتح ] ،[1] وفي صحيح مسلم، عن قتادة، أن أنس بن مالك حدثهم قال: لما نزلت إنا فتحنا لك فتحا مبينا الآية إلى قوله: فوزا عظيما [ الفتح 5 : 1 ] مرجعه من الحديبية وهم مخالطهم الحزن والكآبة ، وقد نحروا الهدي بالحديبية فقال : لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعها[2].

 

﴿ إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما * وينصرك الله نصرا عزيزا ﴾

هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية، حين صد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء معتمرا في قصة طويلة، صار آخر أمرها أن صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، وعلى أن يعتمر من العام المقبل، وعلى أن من أراد أن يدخل في عهد قريش وحلفهم دخل، ومن أحب أن يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده فعل.

 

وبسبب ذلك لما أمن الناس بعضهم بعضا، اتسعت دائرة الدعوة لدين الله عز وجل، وصار كل مؤمن بأي محل كان من تلك الأقطار يتمكن من ذلك، وأمكن الحريص على الوقوف على حقيقة الإسلام، فدخل الناس في تلك المدة في دين الله أفواجا، فلذلك سماه الله فتحا، ووصفه بأنه فتح مبين أي: ظاهر جلي، وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله، وانتصار المسلمين، وهذا حصل بذلك الفتح، ورتب الله على هذا الفتح عدة أمور، فقال: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر.


وذلك - والله أعلم - بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة، والدخول في الدين بكثرة، وبما تحمل صلى الله عليه وسلم من تلك الشروط التي لا يصبر عليها إلا أولو العزم من المرسلين، وهذا من أعظم مناقبه وكراماته صلى الله عليه وسلم، أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

 

ويتم نعمته عليك بإعزاز دينك، ونصرك على أعدائك، واتساع كلمتك، ويهديك صراطا مستقيما تنل به السعادة الأبدية، والفلاح السرمدي.

 

وينصرك الله نصرا عزيزا أي: قويا لا يتضعضع فيه الإسلام، بل يحصل الانتصار التام، وقمع الكافرين، وذلهم ونقصهم، مع توفر قوى المسلمين ونموهم، ونمو أموالهم. ولهذا عندما يقّدر الله أمراً من الأمور الكونية أو الشرعية يجب على المؤمن أن يجزم بأن تقدير الله هو الخير بعينه!! ما أحوجنا إلى هذه المعاني في العصر!!

 

ثم ذكر الله تعالى آثار هذا الفتح على المؤمنين فقال:

﴿ هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما * ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما * ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ﴾


يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس..

 

وقوله: ﴿ ولله جنود السماوات والأرض ﴾ أي: جميعها في ملكه، وتحت تدبيره وقهره، فلا يظن المشركون أن الله لا ينصر دينه ونبيه، ولكنه تعالى عليم حكيم، فتقتضي حكمته المداولة بين الناس في الأيام، وتأخير نصر المؤمنين إلى وقت آخر.

 

 ﴿ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم ﴾ فهذا أعظم ما يحصل للمؤمنين، أن يحصل لهم المرغوب المطلوب بدخول الجنات، ويزيل عنهم المحذور بتكفير السيئات. وكان ذلك الجزاء المذكور للمؤمنين عند الله فوزا عظيما، فهذا ما يفعل بالمؤمنين في ذلك الفتح المبين

 

وأما المنافقون والمنافقات، والمشركون والمشركات، فإن الله يعذبهم بذلك، ويريهم ما يسوءهم؛ حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين، وظنوا بالله الظن السوء، أنه لا ينصر دينه، ولا يعلي كلمته، وأن أهل الباطل، ستكون لهم الدائرة على أهل الحق، فأدار الله عليهم ظنهم، وكانت دائرة السوء عليهم في الدنيا، وغضب الله عليهم بما اقترفوه من المحادة لله ولرسوله، ولعنهم أي: أبعدهم وأقصاهم عن رحمته وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا[3]

وفي تقديم المنافقين على المشركين دلالة على أنهم أشد منهم عذابا وأحق منهم بما وعدهم الله به.

 

ثم وصف الفريقين - المنافقين والمشركين-، فقال: الظانين بالله ظن السوء وهو ظنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يغلب وأن كلمة الكفر تعلو كلمة الإسلام.

 

ومما ظنوه ما حكاه الله عنهم بقوله: بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا [ الفتح : 12 ] عليهم دائرة السوء أي : ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين دائر عليهم حائق بهم ، والمعنى : أن العذاب والهلاك الذي يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم [4].

 

وهنا تتجلى أيها الأخوة سنن كونية وشرعية أخرى، قال الله جل وعلا: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما.


هذه المبايعة هي (بيعة الرضوان) التي بايع الصحابة رضي الله عنهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن لا يفروا عنه، فهي عقد خاص، من لوازمه أن لا يفروا، ولو لم يبق منهم إلا القليل، بل حتى لو كانوا في حال يجوز الفرار فيها، فأخبر تعالى: أن الذين بايعوك حقيقة الأمر أنهم يبايعون الله ويعقدون العقد معه، حتى إنه من شدة تأكده أنه قال: يد الله فوق أيديهم أي: كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة، وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية، وحملهم على الوفاء بها، ولهذا قال: فمن نكث فلم يف بما عاهد الله عليه فإنما ينكث على نفسه أي: لأن وبال ذلك راجع إليه، وعقوبته واصلة له، ومن أوفى بما عاهد عليه الله أي: أتى به كاملا موفرا، فسيؤتيه أجرا عظيما لا يعلم عظمه وقدره إلا الذي آتاه إياه.[5]

 

وهكذا كل داعية إلى الله وجاهد في سبيله.. فالله تعالى متكفل بحفظه ونصره !!فهل من يتكفل الله بحفظه ونصره يُهزم أو يقهر؟!

أقول قولي هذا وأستغفر الله..

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله

أيها الأخوة: لماذا تكرر ذكر إنزال السكينة في سورة الفتح أكثر من مرة؟

ثمة ارتباط بين الإيمان والسكينة، ودليل على أن حالة الاضطراب والفتن والصعوبات والابتلاءات لا يترك الله المؤمنين وحدهم ، بل يثبتهم وينزل عليهم السكينة والطمأنينة والنصر والفتح حتى لوكان ظاهرُ الحال غيرَ ذلك ولذا في الآية الأولى أخبر تعالى عن منته على المؤمنين بشكل عام بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس، فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه ، وينزل عليه السكينة ، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال، فيزداد بذلك إيمانه، ويتم إيقانه، فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم، وحط من أقدارهم، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس، فلما صبروا عليها ووطنوا أنفسهم لها، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم.

 

وفي الآية الثانية قال سبحانه: ﴿ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما ﴾.


أخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة "بيعة الرضوان" التي بيضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة، وكان سبب هذه البيعة - لرضا الله عن المؤمنين فيها، ويقال لها "بيعة أهل الشجرة" - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه، وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائرا هذا البيت، معظما له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق، أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين، وأن لا يفروا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات، فعلم ما في قلوبهم من الإيمان، فأنزل السكينة عليهم شكرا لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم، وتطمئن بها قلوبهم، وأثابهم فتحا قريبا وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها، جزاء لهم، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته.

 

وفي الآية الثالثة قال جل وعلا: فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به، بل صبروا لحكم الله، والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت، ولم يبالوا بقول القائلين، ولا لوم اللائمين.

 

وألزمهم كلمة التقوى وهي "لا إله إلا الله" وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها، وكانوا أحق بها من غيرهم.. ( و ) كانوا " أهلها " الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير، ولهذا قال: وكان الله بكل شيء عليما[6]..


وهكذا أيها الأخوة إذا اجتمع الإيمان والتوكل والرضا بقضاء الله والتسليم والاستجابة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بالأسباب فإن الله تعالى سيزل السكينة وتنقلب الأمور إلى فتح ونصر لم يكن يتوقعه المؤمنون..

 

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى حول معالم أخرى من هذه السورة.



[1] _  صحيح البخاري 6/135 برقم 4833، واللفظ للترمذي سنن الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الفتح 5/359 برقم 3262، فتح القدير للشوكاني 1/ 1381

[2] _ صحيح مسلم 3/1413 برقم 1786

[3] _ تفسير السعدي ص: 1667

[4] _ فتح القدير 1/1382

[5] _ تفسير السعدي ص: 1670

[6] _ المراجع السابقة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة