• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. صغير بن محمد الصغير / مقالات


علامة باركود

عندما اتصل يبكي!

د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 7/2/2018 ميلادي - 21/5/1439 هجري

الزيارات: 11061

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عندما اتصل يبكي!

 

جاء يلومني عندما تكلمت عن بر الوالدة، وأغلظتُ القولَ على أولئك الجفاة مع والديهم قائلاً: أنت لم تذق ما ذُقتُه من أمي من مرِّ الكلام عليّ وعلى أبنائي من كلام جارح وعدم احترام، فمرّةً فعلت كذا ومرةً قالت كذا..! ومرةً نصرت أختي عليّ.. إلخ من التوافه التي تشغل صغار العقول.

 

ثم كرر المقولة الخاطئة والخطيرة التي كثيراً ما يردُّ به المنصوح على الناصح: من يده في النار ليس كمن يده في الماء!! تلك المقولة هي ذاتها التي قالتها المرأة للرسول صلى الله عليه وسلم عندما وجدها تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى. رواه البخاري.

 

أقول: فلما انتهى من لومه وعتابه لم يدع لي مجالاً للحديث وولّى. حاولت ثنيه ومحاورته فلم أستطع!!

وبعد سُنّيات اتصل يبكي يقول ماتت والدتي في مكة وأنا ذاهب الآن وأريد أن آخذ لها عمره من أين أحرم ؟ وأن أفعل لها وأفعل.. وسوف يصلون عليها في الحرم وأريد كذا وكذا..، شعرت وهو يحدثني بكمية الأسى والحزن وكأنّه يقول ليتني كنت بها باراً يوم كانت مريضةً تحتاجني!! ليتني لم أعاتبها يوماً!! ليتني وليتني!!

 

ثم تكرر المشهد مع آخر من نوع آخر..

 

في المقبرة يقفز على قبر أبيه يثير غباراً، يحاول بناء اللبن يلتقط أنفاسه يتنهد، يصرخ صارخٌ بجانبه كبير بالسن يا فلان: لقد كان لديك فسحةً لبر والدك عندما كان على قيد الحياة مريضاً يتمنى أنّك تخدمه!! يتمتم ودموعه على خدّيه تتساقط على بياض عوارضه، كأنّي به يقول: لا تزد حسرتي والله إني نادم أشدّ الندم!!

 

البر لا ينتهي بالموت نعم!! فعن أبي أسيد الساعدي قال: فيما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلِمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبويّ شيء أبرّهما بعد موتهما؟ قال: ((نعم، الصلاةُ عليهما والاستغفارُ لهما وانفاذُ عهدهما من بعدهما وصلة الرحِم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما)). رواه أبوداود. لكن قد يعاقب الإنسان على ترك بر والديه أو أحدهما بالحياة! والعكس صحيح.

 

وقد يحس الإنسان بجرمه وعقوقه فيريد أن يقلع ويتوب فلا يستطيع!

 

ذكر ابن قدامة في كتابه التوابين أنّ الحسن بن علي، رضي الله عنهما، حدَّث قائلاً: بينا أنا أطوف مع أبي حول البيت في ليلة ظلماء، وقد رقدت العيون، وهدأت الأصوات، إذ سمع أبي هاتفاً يهتف بصوت حزين شجي وهو يقول:

يا من يجيب دعا المضطر في الظلمِ
يا كاشف الضر والبلوى مع السقمِ
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا
وأنت عينك يا قيوم لم تنمِ
هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي
يا من إليه أشار الخلق في الحرمِ
إن كان عفوك لا يدركه ذو سرف
فمن يجود على العاصين بالكرمِ؟

 

قال: فقال أبي: يا بني، أما تسمع صوت النادب لذنبه، المستقيل لربه؟ الحقه فلعل أن تأتيني به. فخرجت أسعى حول البيت أطلبه، فلم أجده حتى انتهيت إلى المقام، وإذا هو قائم يصلي، فقلت: أجب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوجز في صلاته واتبعني، فأتيت أبي، فقلت: هذا الرجل يا أبت، فقال له أبي: ممن الرجل؟ قال: من العرب. قال: وما اسمك؟ قال: منازل بن لاحق. قال: وما شأنك، وما قصتك ؟ قال: وما قصة من أسلمته ذنوبه، وأوبقته عيوبه، فهو مرتطم في بحر الخطايا. فقال له أبي: علي ذلك، فاشرح لي خبرك ؟ قال: كنت شاباً على اللهو والطرب لا أفيق عنه، وكان لي والد يعظني كثيرا، ويقول: يا بني احذر هفوات الشباب وعثراته، فإن لله سطوات ونقمات، ما هي من الظالمين ببعيد، وكان إذا ألح علي بالموعظة ألححت عليه بالضرب، فلما كان يوم من الأيام ألح علي بالموعظة، فأوجعته ضرباً، فحلف بالله مجتهدا ليأتين بيت الله الحرام، فيتعلق بأستار الكعبة، ويدعو علي، فخرج حتى انتهى إلى البيت، فتعلق بأستار الكعبة، وأنشأ يقول:

يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا
عرض المهامه من قرب ومن بعدِ
إني أتيتك يا من لا يخيب من
يدعوه مبتهلا بالواحد الصمدِ
هذا منازل لا يرتد عن عققي
فخذ بحقي يا رحمنُ من ولدي
وشل منه بحول منك جانبه
يا من تقدس لم يولد ولم يلدِ

 

قال: فوالله ما استتم كلامه حتى نزل بي ما ترى، ثم كشف عن شقه الأيمن، فإذا هو يابس. قال: فأبت ورجعت، ولم أزل أترضاه، وأخضع له، وأسأله العفو عني إلى أن أجابني أن يدعو لي في المكان الذي دعا علي. قال: فحملته على ناقة عشراء، وخرجت أقفو أثره حتى إذا صرنا بوادي الأراك طار طائر من شجرة، فنفرت الناقة، فرمت به بين أحجار، فرضخت رأسه، فمات فدفنته هناك، وأقبلت آيساً، وأعظم ما بي ما ألقاه من التعيير، أني لا أعرف إلا بالمأخوذ بعقوق والديه، فقال له أبي: أبشر فقد أتاك الغوث، فصلى ركعتين، ثم أمره، فكشف عن شقه بيده، ودعا له مرات يرددهن، فعاد صحيحاً كما كان، وقال له أبي: لولا أنه قد كان سبقت إليك من أبيك في الدعاء لك بحيث دعا عليك لما دعوت لك . قال الحسن: " وكان أبي يقول لنا: احذروا دعاء الوالدين، فإن في دعائهما النماء والانجبار، والاستئصال والبوار" .اهـ. إي والله ذلك في دعائهما على الولد، أمّا دعاؤهما للولد ففيه الفوز والنجاح والسعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة. كان أبو هريرة –رضي الله عنه- كلما أراد أن يدخل أو يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال: "السلام عليك -يا أمتاه- ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك -يا بني- ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرًا، فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيرًا".

 

وثبت عند أحمد وغيره عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "نِمْتُ فَرَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ يَقْرَأُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟! فَقَالُوا: هَذَا حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: كَذَلِكَ الْبِرُّ، كَذَلِكَ الْبِرُّ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ".

 

وأمّا أويس القرني؟! فقد أنبأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بقدومه، ونوّه ببره بأمه، وقال لعمر -رضي الله عنه- كما في صحيح مسلم: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن، له والدةٌ هو بارٌّ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل".

 

وهذا حيوة بن شريح، من أئمة الدنيا، يقعد في حلقته ويأتيه الطلاب من كل مكان، فتقول له أمه -وهو بين طلابه-: "قم -يا حيوة- فأعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم".

 

فأين نحن من أولئك والله المستعان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة