• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. أمين بن عبدالله الشقاوي / درر منتقاه


علامة باركود

علاج الهموم والغموم

علاج الهموم والغموم
د. أمين بن عبدالله الشقاوي


تاريخ الإضافة: 20/7/2014 ميلادي - 22/9/1435 هجري

الزيارات: 35243

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علاج الهموم والغموم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فإن المؤمن لا تخلو حياته من الهموم والأحزان التي تكدر عليه عيشته، وتنغص عليه لذته، ومع ما في ذلك من تكفير للسيئات، ورفع للدرجات، فإن فيها فوائد أخرى من أهمها أنها تدفع المؤمن للجوء إلى الله، والانكسار بين يديه، والتضرع إليه، فيحصل بذلك للقلب من الراحة والطمأنينة، واستشعار القرب من الله ما لا يمكن وصفه.

 

وأيضًا فإن هذه المنغصات تجعل المؤمن يعرف حقارة الدنيا، فيزهد فيها، ولا يركن إليها، ويقبل على الآخرة على بصيرة بأنها خير وأبقى، إذ لا هم فيها ولا حزن، كما قال سبحانه: ﴿ قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فاطر: 34، 35]، فما أعظم هذه الفائدة لمن عرف حكمة الله تعالى فيها! وهذه بعض الأسباب التي تدفع بها الهموم والغموم والأحزان والمصائب لمن أحسن استعمالها.

 

أولًا: الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وهذا وعد من الله لمن آمن وعمل صالحًا، أن الله يحييه حياة سعيدة، روى مسلم في صحيحه من حديث صهيب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له"[1].

 

ثانيًا: فرح المسلم بما يحصل له من الأجر العظيم، والثواب الجزيل، جزاء صبره واحتسابه على ما يصيبه من هموم الدنيا، ومصائبها.

 

روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه"[2].

 

وفي رواية لمسلم: "حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته"[3]، وفي رواية أخرى لمسلم: "ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها، إلا رفعه الله بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة"[4].

 

فيعلم المسلم أن ما يصيبه من هموم، وغموم إنما هو تكفير لسيئاته، وتكثير لحسناته، قال أحد السلف: "لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس"، وكان أحدهم يفرح بالبلاء كما يفرح أحدنا بالرخاء.

 

ثالثًا: معرفة حقيقة الدنيا، وأنها فانية، متاعها قليل، وما فيها من لذة فهي مكدرة، لا تصفو لأحد، إن أضحكت قليلًا، أبكت طويلًا، وإن سرت يسيرًا أحزنت كثيرًا، قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، فيوم لك، ويوم عليك، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"[5]، وهي كذلك دار نصب، وأذى، وغم، وهم، ولذلك يستريح المؤمن إذا فارقها، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي قتادة: أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مر عليه بجنازة، فقال: "مستريح ومستراح منه" قالوا: يا رسول الله ما المستريح و المستراح منه؟ قال: "العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد و البلاد و الشجر و الدواب"[6].

 

فهذا المعنى الذي يدركه المؤمن لحقيقة الدنيا، يهون عليه المصائب، والهموم؛ لأنه يعلم أن ذلك من طبيعتها.

 

رابعًا: هموم الدنيا وغمومها تشتت النفس، وتفرق شملها، فإذا جعل العبد الآخرة همه جمع الله له شمله، وقويت عزيمته، روى الترمذي في سننه من حديث أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت الآخرة همه؛ جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه؛ جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"[7].

 

خامسًا: الدعاء، فإنه علاج نافع لدفع الهم، والغم، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴾ [طه: 25]، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بالله من الهم، والحزن. روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك قال: كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال"[8].

 

وروى أبو داود في سننه من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت"[9].

 

فإذا لهج العبد بهذه الأدعية بقلب حاضر، ونية صادقة، مع اجتهاده في تحصيل أسباب الإجابة، حقق الله له ما دعا، وعمل له، وانقلب همه فرحًا، وسرورًا.

 

سادسًا: التوكل على الله، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، أي: كافيه من كل شيء مما يهمه من أمر الدنيا والآخرة، قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: "ومتى اعتمد القلب على الله، وتوكل عليه، ولم يستسلم للأوهام، ولا ملكته الخيالات السيئة، ووثق بالله، وطمع في فضله، اندفعت عنه بذلك الهموم، والغموم، وزالت عنه كثير من الأسقام القلبية والبدنية، وحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه..."[10] إلى آخر ما قال.

 

والأسباب كثيرة لمن تأملها، وقد اقتصرت على الأهم منها، وجماع هذه الأسباب قراءة القرآن بتدبر، فإنه ربيع القلوب، ونور الصدور، وجلاء الأحزان، وذهاب الهموم والغموم، والشفاء لجميع الأمراض البدنية والقلبية، قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]ن وقال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين ﴾ [الإسراء: 82].

 

فمن قرأ هذا القرآن بتدبر وإقبال، ذهبت عنه الهموم والغموم، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28][11].

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين



[1] برقم (2999).

[2] البخاري برقم (5642).

[3] برقم (2572).

[4] برقم (2573).

[5] برقم (2956).

[6] البخاري برقم (6512)، ومسلم برقم (950).

[7] برقم (2465)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٦٥١٦).

[8] برقم (2893).

[9] برقم (5090) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/959) برقم (4246).

[10] الأسباب المفيدة في الحياة السعيدة، (ص 24-25).

[11] انظر: رسالة الشيخ محمد المنجد: (علاج الهموم).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة