• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات


علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (9)

شرح العقيدة الواسطية (9)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل


تاريخ الإضافة: 13/10/2015 ميلادي - 29/12/1436 هجري

الزيارات: 11455

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (9)


♦ إثبات صفة الرحمة:

وقوله: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1]:

في هذه الآيات إثبات الرحمة، وأنها من صفات الله، فإن الله وصَف نفسه بالرحمة فقال: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 1] الرحمن: كثير الرحمة، والرحيم: رحمة خاصَّة بالمؤمنين؛ لقوله تعالى:

وقوله: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43].


فيها خصوصية رحمته بالمؤمنين، أما هو سبحانه وتعالى فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمُهما، لكن الرحيم خاصٌّ بالمؤمنين؛ لأن الله ذو رحمة، ورحمته لم تقتصر على المؤمن فقط وإنما تعدَّت إلى الكافر، فيرحم الله الكافر، ولهذا يُطعمه ويَسقيه في الدنيا ويَرزقه ويُمكِّن له، وهذا من رحمته لأنه شيء وقد أدركته رحمة الله.

 

وقوله: ﴿ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ﴾ [غافر: 7]، وقوله: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]، وقوله: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 54]، وقوله: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]، قوله: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].


فرحمة الله أعظمُ مِن غضبه؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل في الحديث القدسي: ((إنَّ رحمتي سبقت غضبي))[1]، وفي رواية: ((إنَّ رحمتي غلبت غضبي))[2]

 

أنواع رحمة الله عز وجل:

ورحمة الله نوعان:

1- الأول: صفة من صفاته وصَفها الله بنفسه: ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ﴾ [غافر: 7]، فعِلم الله صفته، ورحمته صفته، ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43]، وقال: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 54]، وقال: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]، وقال: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64]، إذًا فالرحمة صفةٌ من صفات الله.


2- الثاني: وهناك رحمة أخرى؛ وهي: خلقٌ مِن خَلقِ الله، وهي من آثار رحمته التي هي صفته، وهي رحمات كثيرة، وهي المعنية بقوله: ((إنَّ الله جعل الرحمة في مئة جزء فأنزل إلى الأرض جزءًا واحدًا، فمنه يتراحَم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولَدِها؛ مَخافة أن تُصيبه))[3]، فإذا كان يوم القيامة رجعت الرحمات إلى الله تعالى فرحم بها خلقه، ومِن رحمة الله المخلوقة: الجنة؛ فهي رحمة الله.


وعلى هذا، فإن رحمة الله نوعان؛ الأول: صفة من صفاته، وهي غير مخلوقة، ومن آثارها الرحمات المخلوقة كلها، ومنها التي جعلها مئةَ جزء، وسيَرجع الجزء الذي نزل إلى الخلق يتراحمون به إلى التسع والتسعين فتكمل بها مئةً، يَرحم الله بها خلقَه، ولهذا إذا دعا الداعي فقال: اللهمَّ إني أسألك مستقرَّ رحمتك فلا غضاضة؛ فإن الجنة مستقَرُّ رحمة الله المخلوقة، وأعظم رحمات الله المخلوقة هي جنته، ورحمة الله المخلوقة غير رحمته التي هي صِفة من صفاته، بل الرحمات المخلوقة مِن آثار صفته - عز وجل.


والرحمة تطال الكافر كما تطال المؤمن، لكنها يوم القيامة يَخُص الله بها المؤمنين فيرحمهم الله برحمته الواسعة، ومن آثار ذلك أن رحمة الله غلبَت غضبَه؛ الجنَّة لها ثمانية أبواب، كما جاء في الصحيح عنه صلَّى الله عليه وسلم[4]، والنار لها سبعة أبواب كما جاء ذلك في قوله تعالى: ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 44]، ولهذا قال النبي: ((فسُبحان الذي غلبَت رحمتُه غضبَه))[5]، حتى الجنة والنار، فالنار غضب الله، والجنة رحمة الله، فغلبَت رحمتُه غضبَه، مع أن أهل النار أكثر من أهل الجنة أضعافًا مُضاعَفة، لكن رحمة الله غلبَت وسبقَت ووسعت حتى غضبَه، ولهذا فالنار لا تشبَع ولا تَمتلئ وتقول: هل مِن مزيد؟ حتى يستوعب فيها أهلها وهي تقول: هل مِن مزيد؟ حتى يضَع الرحمن فيها قدمه فيُزوى بعضها إلى بعض فتقول: قطني قطني؛ أي: حسبي حسبي، امتلأت عند؛ئذ لأنها جاءها من العِظَم ما لا قدرة لها بها، فسبحانه لا إله إلا هو.


إثبات صفة الرضا لله عز وجل:

وقوله: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8]:

هذه الآية فيها إثبات صفة الرضا، والرضا من صفات الله الفعليَّة، والرضا يؤوِّله المؤولة - على اختلاف أنواعهم ومِلَلِهم - إما إلى صفة أخرى، أو إلى مخلوق، فالصفات الفعليَّة - كالرضا، والغضب، والمحبة، والبُغض - تُؤوَّل عند المؤولة: إما إلى صفات؛ كإرادة الانتقام في الغضب، وإرادة الثواب في المحبة والرضا، أو يؤولونها إلى خَلقٍ مِن خَلقِ الله، فالمحبة والرضا يؤولونها بأنه يثيبهم ويعطيهم عطاءً جزيلاً، فتؤول إلى مفعولات الله ومخلوقاته، والغضب والانتقام يُؤول إلى أنه يُعاقبهم، هذا منهجهم فيها، فهذا هو التحريف لكلام الله عن معناه وعن ظاهره، وقد أخبر الله أنه رضي عنهم، والعجيب من هؤلاء أنهم يؤولون الرضا عن الله ولا يؤولون الرضا عن المخلوق، فتجرَّؤوا على الله ما لم يتجرؤوا على المخلوق.


تنبيه: المؤولة من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والمتكلمين - هؤلاء يؤولون رضا الله بأنه إرادة ثوابه، أو إثابته عباده، ولا يؤولون رضا المخلوق في قوله: ﴿ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8]، فكأنه قام في قلوبهم من إجلال المخلوق وإثبات الصفة له ما لم يَقُم في قلوبهم من إثبات الصفة للخالق، وهذا من آثار أصولهم الفاسدة في صفات الله تعالى.


إثبات صفة الغضب لله عز وجل:

وقوله: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ﴾ [النساء: 93].


من صفات الله "الغضب"؛ كما في هذه الآية، وهذه خمسة أنواع من الوعيد لمن قتَل مؤمنًا ظلمًا وعدوانًا وبغيًا، وبناءً على هذه الآية قال العلماء: إنَّ أعظم ذنب عُصي الله به بعد الشرك أن يَقتُل المسلمَ المؤمنَ ظلمًا وعدوانًا، فجزاؤه جهنم، وهذا وعيد له بالنار، وهذه كبيرة بحد ذاتها، قال: ﴿ خَالِدًا فِيهَا ﴾ [النساء: 14]، ولم يقل: خالدًا فيها أبدًا، فالمراد بالخلود هنا هو: المكث الطويل، ﴿ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ [النساء: 93] فيه إثبات أن الله يغضب، فاستوجب غضب الله بقتل المعصوم المسلم بغير وجه حق، ﴿ وَلَعَنَهُ ﴾ [النساء: 93] لعنه هو: طرْدُه وإبعاده، ﴿ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إنَّ قاتل المسلم بغير وجه حقٍّ لا توبةَ له"[6]، وهذا مذهب ابن عباس، فراجَعَه تلميذه مجاهد بن جبر شهرًا كاملاً يُناقشه ويُراجعه فيها، وهو مصرٌّ رضي الله عنه أن قاتل النفس لا بد أن يعذبه الله تعالى، وليس مذهب ابن عباس أنه خالد في النار أبدًا، بل يُعذِّبه على قدر هذا الذنب؛ أي: إن من قتل المؤمن ظلمًا وعدوانًا فهو في مذهب ابن عباس وجماعة لا يَدخُل تحت المشيئة، ولا يدخل تحت الموازنة، بل صاحبه مستحق للعذاب؛ جراء هذا الذنب العظيم بقتْل المسلم ظلمًا وعدوانًا، وهذا فيه عظم شأن المؤمن عند الله، حتى إنه أعظم شأنًا عند الله من بيته، وفي الخبر: ((لأنْ تُنقض الكعبة حجرًا حجرًا أهوَنُ على الله من أن يُقتَل امرؤ مسلم بغير وجه حق)).


وقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ ﴾ [محمد: 28]:

وهذا مِن أدلَّة إثبات الغضب، والشاهد من هذه الآية قوله: ﴿ مَا أَسْخَطَ اللَّهَ ﴾ [محمد: 28]؛ أي: أغضبَه، وفيه إثبات أنَّ الله يسخَط؛ لأنَّ الله أضاف الفعل إلى نفسه.

 

وقوله: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الزخرف: 55]:

وهذا في فرعون وقومه؛ أنَّهم لما أغضبوا الله انتقم منهم، وفيه إثبات أن الله يغضب، وإثبات الانتقام، وهذه اللغة من إطلاق الأسف على الغضب، وكنت أظنُّها مُندثرَة حتى زرنا إحدى الجهات، فسمعت رجلاً يُعاتب ابنه فيقول له: يا بنيَّ، لا تُؤسفني عليك؛ أي: لا تُغضِبني منك! وهذه من أدلة إثبات الغضب والسخط.

 

إثبات صفة الكُرْه لله عز وجل:

قَوْلِهِ: ﴿ وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ ﴾ [التوبة: 46]، وَقَوْلِهِ: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]:

هاتان الآيتان فيهما إثبات أنَّ الله يَكره ويَمقُت، وكرهُه وغضبُه وسخطُه وأسفُه كمالٌ يليق بجلاله، لا يشبه صفات المخلوقين، ومن الصفات المقاربة لهذا المعنى المقْت؛ فإنَّ المقْت والانتقام والسخط والغضَب صفات مُتقاربة المعاني، لكن المقت أشد الغضب، ولهذا نقول: كلُّ مقْتٍ غضب، وليس كل غضب مقتًا، كما الرضا في صفة المحبة كل خُلَّة محبة، وليس كل محبة خُلةً؛ فقوله: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]؛ أي: عَظُم مقتًا وسخطًا وبغضًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون.


فهذه مِن الصفات الفعلية دلَّت عليها الآيات، فالرضا، والغضب، والسخط، والأسف (الغضب)، والانتقام، والكره، والمقْت - صفات من صفات الله الفعلية.


إثبات صفة الإتيان لله عز وجل:

وقوله: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]، وقوله: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ﴾ [الأنعام: 158].


في هذه الآيات إثبات صفة الإتيان، وصفة المَجيء، وفي هاتين الآيتين من سورتي البقرة والأنعام صفة الإتيان، وأنَّ الله تعالى يأتي يوم القيامة لفصل القضاء، وفي ذلك المقام تشقَّق السماء بالغمام؛ لإتيانه ومجيئه جلَّ جلاله، وفي سورة الفجر:

وقوله: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 21، 22]، وقوله: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴾ [الفرقان: 25]:

فيها إثبات مجيء الله تعالى، ومجيء الملائكة، وحالة مجيء الملائكة أنهم يأتون صفوفًا؛ صفًّا إثر صفٍّ، وإتيانه تعالى ومجيئه من صفاته الفعلية التي يفعلها إذا شاء، فهي مرتبطة بمشيئته، وليست من الصفات الذاتية التي هي ملازمة لذاته، بمعنى أنه ليس في كل وقت جائيًا، وليس في كل وقت آتيًا.


وإن كانت الصفات الفعلية مرتبطة بالذاتية من كونها متعلقة بالذات أفعالاً لهذه الذات، يفعلها تعالى إذا شاء، كيف يشاء، والمنحرفون من المؤولة والمعطلة حرفوا إتيانه ومجيئه إلى أنواع من التحريفات فقالوا: إنه تأتي الملائكة، أو يأتي أمرُه، أو يجيء ثوابه وعقابه، ونفَوا عن الله حقيقة الإتيان والمجيء اللائقَين به، وهذا من الانحراف، فإذا كان التعلق بمجيئه وإتيانه حرَّفوه بما يسمونه تأويلاً، وأما مجيء الملائكة ومجيء بعض آيات الله فإنهم يُثبتونه على ظاهرِه، وهذا غاية التضاد والانحراف، ففيما يتعلق بالله يُحرف ويؤول، وفيما يتعلق بالمخلوق يُمضى على ظاهره؟! وإتيان بعض آيات الله؛ كما في قوله تعالى: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ﴾ [الأنعام: 158].


معاني (نظر) بحسب تعدِّي الفعل:

1- يَنظرون بمعنى ينتظرون؛ لأن النظر في الأدلة يأتي متعديًا بنفسه (هل ينظرون)، فيحتاج إلى مفعول، وهذا هو الانتظار، ومنه قوله تعالى عن المنافقين: ﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ﴾ [الحديد: 13]؛ أي: انتظرونا، فالنظر هنا وما تعدى به يكون بمعنى الانتظار، ومنه ما في آخِرِ سورة البقرة: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة: 280]؛ أي: فانتظار إلى أن يوسر.


2- ويأتي النظر متعديًا بحرف الجر (في)؛ ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 185]، فالنظر إذا تعدى بـ"في" فإن معناه التفكُّر والاعتبار والاستبصار.


3- ويأتي النظر متعديًا بحرف الجر؛ كما في قوله تعالى: ﴿ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ﴾ [الأنعام: 99]، وقوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]، فإذا تعدى النظر بحرف الجرِّ "إلى" فإنه يدل على المعاينة بالبصر، والنظر بالأبصار، وهذا من أدلة أهل السنة على إثبات النظر لله حقيقة.


وإتيان بعض آيات الله - كما فُسِّرت في الصحيح - عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك في آخِر الزمان إذا طلعَت الشمس مِن مغربها، أو الدجَّال، أو الدابَّة، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا[7]، فالمقصود أنَّ الإتيان (المجيء) من صفات الله تعالى الفعليَّة، التي يَفعلها إذا شاء، وهو يأتي ويجيء كما يشاء سبحانه وتعالى على كيفيَّة يعلمها هو ونجهلها نحن، فلا نعلمها.



[1] رواه البخاري (7554)، ومسلم (2751)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] رواه البخاري (7404)، ومسلم (2726)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[3] رواه البخاري (6000)، ومسلم (2752) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] وهو ما رواه مسلم (234) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهمَّ اجعلني من التوابين، واجعلني مِن المتطهِّرين، فُتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء)).

[5] رواه البخاري (6661)، ومسلم (2848)، بلفظ مقارب له من حديث أنس رضي الله عنه.

[6] رواه البخاري (4590)، ومسلم (3023).

[7] رواه مسلم (157)، ورواه البخاري (4635) بلفظ: "طلوع الشمس من مغربها" فقط، وهو عندهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة