• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات


علامة باركود

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (12)

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (11)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل


تاريخ الإضافة: 2/8/2016 ميلادي - 27/10/1437 هجري

الزيارات: 14207

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (12)

مقدمة ابن أبي زيد لكتابه "الرسالة"

تأليف الإمام: أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت386)


[ثم ختم الرسالة والنِّذارة والنبوة بمحمد نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم].

آخر الرسل وآخر الأنبياء الذين بعثهم الله برسالة منه ونِذارةٍ؛ لينذروا عباد الله إنسهم وجنهم، وبالنبوة: هو محمد عليه الصلاة والسلام، والأنبياء كثيرون، أولهم آدم، وأول الرسل نوح عليهما وعلى نبينا أكمل الصلاة والسلام، وآخرهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ما الفرق بين النبي والرسول؟ هل هناك فرق بينهما، الله عز وجل يقول: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]، فعطف النبي على الرسول، وهذا العطف يدل على أن بينهما فرقًا، ويستأنس لهذا بما روي في أحاديث، حديث أبي ذر وغيره، عند ابن حبان وأحمد وغيرهم: ((الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفًا، والرسل ثلاثمائة وبضعة عشر))، الحديث هذا فيه ضعف، ولكن يستأنس له بما جاء في القرآن، فثمة فرق بين الأنبياء والرسل، ولهذا أول الأنبياء آدم، وأول الرسل نوح عليهم الصلاة والسلام، إذًا ما الفرق بين النبي والرسول؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على ثمانية أقوال، أرجحها: أن النبي هو من بعث إلى قوم مؤمنين، بشريعة جديدة، أو بشريعة من كان قبله، آدم نبي أو رسول؟ نبي؛ لحديث رواه مسلم وغيره، لما سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن آدم قال: ((آدم نبي مكلَّم))؛ أي: كلمه الله جل وعلا، بعث إلى زوجته وأبنائه وهم مؤمنون، بشريعة جديدة، إذن يحيى وزكريا أنبياء بشريعة موسى عليهم الصلاة والسلام، الرسول من بعث إلى قوم مخالفين ومؤمنين، إما بشريعة جديدة مثل نوح وإبراهيم ومحمد، أو بشريعة من قبلهم، مثل إسماعيل، ولوط وإسحاق ويوسف، فهؤلاء بعثوا بشريعة أبيهم إبراهيم، إذًا الرسول مَن بعث إلى قوم مخالفين وإلى مؤمنين أيضًا، إما بشريعة جديدة أو بشريعة من قبلهم، هذا هو أرجح ما يقال في الفرق بين النبي والرسول، الأنبياء في الجملة أفضلهم أولو العزم الخمسة الذين نوه الله عنهم في آيتين في الشورى وفي الأحزاب: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾ هو محمد عليه الصلاة والسلام، ﴿ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، هؤلاء الخمسة، وهم الذين نوه الله عنهم في سورة الأحزاب: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [الأحزاب: 7]، فهؤلاء الخمسة هم أولو العزم، وسموا بأولي العزم، كما قال الله جل وعلا: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، أولو القوة والتحمُّل والصبر الشديد على ما لاقوا من أقوامهم، وهم نوح وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليهم جميعًا وآلهم وسلم، أولو العزم هم أفضل الأنبياء والرسل بإطلاق، أفضل أولي العزم الخليلان، وهما: إبراهيم وابنه محمد عليهما وآلهما الصلاة والسلام، وأفضل الخليلين: محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ فهو أفضل العالمين، أفضل ولد آدم، سيد الناس، عليه الصلاة والسلام، بعثه الله جل وعلا فجعله خاتم النبيين، آخرهم، كما جاء في آية الأحزاب: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40]، جعله الله بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وهذا تضمين من آية في القرآن، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ [الصف: 9]، وبعثه بشيرًا ونذيرًا، بالبشارة والنِّذارة، [وداعيا إلى الله بإذنه]، بإذن الله وأمره، [وسراجًا منيرًا]، وجعله سراجًا منيرًا للناس يدلّهم، فما هُدِيَ أحد بعد النبي إلا بسبب هذا النبي؛ ولهذا له عليه الصلاة والسلام أجر من تبعه واهتدى بهديه إلى يوم القيامة، وله علينا معروف، ومن معروفه علينا ومن حقه علينا أن نؤمن به، ومن ذلك أن نصلي ونسلم عليه؛ لأن صلاتنا وسلامنا عليه أداء لبعض حقه علينا، هو الداعي والدال لنا، والسراج الذي جعله الله جل وعلا لنا سراجًا منيرًا، يهدينا في دياجير الظلم، ظلم الشبهات والشكوك والكفر والمعاصي، سراج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو طريقه وسنته، وبيانه ودينه، هو السراج المنير لمن اتبع هديه واقتفى أثره عليه الصلاة والسلام، وهو آخر الأنبياء بالإجماع، وختم النبوة به عليه الصلاة والسلام دل عليه القرآن، في آية الأحزاب، ودل عليه السنَّة: ((أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي))، من حديث أنس وحديث ثوبان وأبي هريرة في الصحيحين: ((فضلت على الأنبياء بخمس))، وفي حديث ثوبان: ((فضلت على الأنبياء بست، كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة، وختم بي النبيون، ونصرت بالرعب، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطَهُورًا، فأي رجل من أمتي أدركته الصلاة، فمعه مسجده وطَهُوره، وأوتيت جوامع الكلم، وأُحلَّت لي الغنائم)) صلوات الله وسلامه عليه.

 

[وأنزل عليه كتابه الحكيم].

وهذا مما خص به النبي عليه الصلاة والسلام عن العالمين، أنزل الله عليه كتابه الحكيم، وهذا الكتاب الحكيم أنزل من الله جل وعلا على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد دل على إنزاله آيات كثيرة: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ﴾ [الزمر: 23]، في آية الفرقان: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1]، في سورة الشعراء في آخرها: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 – 195]، هذا المنزل هو القرآن الذي أنزله الله على رسوله.

 

[وشرح به دينه القويم].

شرح الله بالرسول صلى الله عليه وسلم، بسنته، بقوله، بهديه، بدلِّه، ودَلُّه هو فعله وأحواله وسيرته، شرح الله به دينه القويم؛ ولهذا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير فهو من دين الله جل وعلا، وهو القائل: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه))، والله جل وعلا يقول: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ ﴾ [الحشر: 7]، وما هنا عامة، موصولة، ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].

 

[وهدى به الصراط المستقيم].

وهدى الله بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم، والباء هنا باء السببية؛ أي: بسبب الرسول صلى الله عليه وسلم هدى الله جل وعلا الناس إلى صراطه المستقيم، الصراط المستقيم ينوه عنه بآية الفاتحة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، والصراط المستقيم: صراط الله جل وعلا، هدى الله إليه بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه إلى الناس بشيرًا ونذيرًا، وبعثه إليهم داعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، فلا هدى ولا استقامة إلا من جهة هذا الرسول وبطريق اتباعه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كما في حديث ابن مسعود: خط خطًّا طويلًا مستقيمًا، قال: ((هذا صراط الله))، وخط عن جنباته خطوطًا، وقال: ((هذه سُبُلٌ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه))، من أجابهم إليه قذفوه في النار، الصراط المستقيم الداعي إليه نبينا عليه الصلاة والسلام، وتلك السبل عليها دعاة من شياطين الإنس والجن، وهم المحدِثون المبتدعون، المخالفون لصراط النبي عليه الصلاة والسلام وطريقه ومنهاجه وسنته وهديه عليه الصلاة والسلام.

••••


إجابة أسئلة اليوم الثالث:

ما هي الثمرة من هذا السؤال؟ هل هناك ثمرة وفائدة؟ ومن أجل هذا يا إخوان، طالب العلم لا يسأل سؤالًا إلا يعرف له فائدته، فإن خفيت عنه فائدته فلا يسأل، وليس كل ما ذكره العلماء من المسائل والبحوث يناسب أن يبحثها ويعتني بها طالب العلم، فطالب العلم لا يسأل إلا عما يفيده هو، وهذا السؤال عند التأمل لا فائدة منه ولا طائل تحته، هب أن القلم خلق قبل، أو اللوح خلق قبل، ما الذي يفيدنا؟ لكن نعرف ونوقن أن الله أجرى بما هو كائن في اللوح المحفوظ.

 

التقادير الأربعة، الشامل، وأخذ منه ثلاثة، العمري والحولي واليومي، هذه الثلاثة مأخوذة من الشامل، وحديث: ((من أحب أن ينسأ له في أجله، أو في أثره، ويبارك له في رزقه، أو يوسع له في رزقه، فليصل رحمه))، هذا في كلها، في الشامل وفي العمري وفي الحولي وفي اليومي؛ لأنه مرتب بعين هذا الإنسان، لكن سبق في علم الله، هل يصل أو لا يصل؟ حتى يتحقق له موعوده بذلك، أنت لا تدري، هل هذا ثابت لك أو ليس بثابت لك؛ ولهذا مأمور بأن تتخذ الأسباب، وفعلك مهما فعلته ومهما اخترته، فلن تخرج بحال من الأحوال عما كتبه الله عليك، وقدره وقضاه عليك.

 

ليس بمطلق، هذا قول ما هو بسديد؛ لأن الذي يجحد بأن الله يراه، حتى ولو لم يعصِ، يكون بهذا كافرًا.

هذا الكلام ما هو بدقيق؛ لأن العاصي إذا عصى الله لا يعصيه على أنه لا يراه، أو أنه لا يطلع عليه، ولكن لغلبة الهوى والشهوة في نفسه، أما إذا كان يعتقد بأن الله لا يراه، حتى لو لم يعص الله، ولو أنه في عبادة دائمة، كفر بذلك، لكن من أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته أنها تحجز المؤمن عن المعاصي والذنوب، وإذا عصى اللهَ مؤمنٌ، فقد عصاه، لا لأن الله لا يطلع عليه، أو لا يسمع كلامه، أو لا يرى مكانه، ولكن لغلبة هواه ونفسه.

 

والله هذا جيد، ولكن أنا أحب أن يرجأ هذا الكلام حتى يأتي موضعه؛ لأن باب التكفير فيه مسائل أريد أن تنتبهوا لها بامتثال القواعد في هذا الباب، ومن ذلك إجابة على السؤال لأنك عجلت به، ولأن إكرام ذي الشيبة المسلم من صفات أهل الإيمان.

 

من كفرهم الله جل وعلا أو كفَّرهم رسوله على ثلاث مراحل، أو ثلاثة أحوال، هناك من كفرهم الله ورسوله عينًا، فهؤلاء نكفرهم عينًا ولا كرامة، أحد منكم يشك في كفر إبليس؟! أو فرعون أو أمية بن خلف؟ أو أبي جهل؟ أو عبدالعزى؟ أو أروى بنت حرب؟ من هي أروى بنت حرب؟ أم جميل، حمالة الحطب، هؤلاء نكفرهم ولا كرامة، لماذا؟ لأن الله في كتابه القرآن ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته سيد البيان، قد كفروهم وخلّدوهم في النار، إذًا من كفرهم الله ورسوله عينًا نكفره عينًا ولا كرامة، واضح هذا؟ ننتقل إلى مرحلة أخرى: من كفرهم الله ورسوله جنسًا، فكفر الله ورسوله جنس المشركين، جنس المجوس، جنس النصارى، جنس اليهود، هل نحكم بإسلامهم وقد كفرهم الله جنسًا؟ هل يقول مسلم عاقل: إن اليهود مسلمون؟ أو: إن النصارى مسلمون؟ أو: إن المجوس أو: إن المشركين مسلمون؟ هذا يرد على الله جل وعلا؛ لهذا من نواقض الإسلام، لمن حفظ منكم نواقض الإسلام، الناقض الثالث هو: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم؛ لأنه يعترض على الله الذي كفرهم جنسًا، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم الذي كفرهم جنسًا، المرحلة الثالثة أو النوع الثالث: من كفرهم الله ورسوله وصفًا، مثل المستهزئ بالله، وبرسوله وبدينه، من قام به وصف الاستهزاء، من كفره الله ورسوله وصفًا، لوصف الكفر الذي قام به، فهؤلاء نكفرهم، ولكن من يكفرهم؟ آحاد الناس؟ لا، لا يكفرهم إلا صنفان، إما القضاة الشرعيون الذين عندهم العلم، فيحكمون على هؤلاء أنهم كفار، بعدما يجتمع فيهم شروط التكفير... ولهذا في كتاب الحدود: باب حكم المرتد، باب حد المرتد، وهذا من يعرفه ويدريه؟ القاضي الشرعي الذي درس الفقه، فهذا هو الذي يقيم تكفير المعين بالوصف الذي كفره الله جل وعلا به، أو كفره رسوله صلى الله عليه وسلم، النوع الثاني: العلماء، المتحققون في علمهم، الذين عندهم علم بالتكفير وشروطه وموانعه وضوابطه وأحواله، هم الذين ينزلونه على المُعينين، أما المبتدئ أو الجاهل أو المتعالم أو المدعي العلم فليس هذا ميدانه؛ ولهذا يغلط في هذا الباب أكثر الناس يفسد ولا يصلح، وهذا تفسير قول أهل السنة: إن التكفير حكم محض، مرده إلى الله ورسوله، حكم خالص، مرده إلى الله ورسوله، ما مرده إلى أهوائنا وإلى شهواتنا وإلى كل من خالفنا، المبتدعة من مناهجهم أنهم يكفرون من خالفهم، أهل السنة: لا، عندهم عدل وإنصاف، لا يكفرون إلا من كفره الله ورسوله، إما عينًا، أو جنسًا، أو وصفًا، هذا خلاصة الموضوع، ولعل التتمة تأتي إن شاء الله في موضعها.

 

هذا فيما يتعلق بالتقدير العمري أو الحولي أو اليومي؛ لأن الله ذكر عن نفسه أنه يمحو ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب، فهذا من الإلحاح على الله بالدعاء، "اللهم إن كنت كتبتني شقيًّا، فاكتبني سعيدًا"، وهذا من الدعاء، مع بذل الوسائل والأسباب؛ لأن عمر رضي الله عنه وغير عمر لا يدري ما كتب الله له، لكن نحن نوقن الآن أن عمر كتبه الله مع السعداء، كما أخبرنا الله عن ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

لا، لا يقال: إن الله كلم هؤلاء؛ لأن الله كلم هؤلاء في غير حال الدنيا، فأما ملك الموت وملائكة الله، فحالهم وحياتهم غير حياتنا، كلم الله جبريل، كلم الله إسرافيل، كلم الله ملك الموت، يكلم من يشاء ممن لا ندري من خلقه، ولكن بالنسبة للعالمين المكلفين في الدنيا، فإن المكلمين منهم هم آدم وموسى ومحمد عليه الصلاة والسلام، عبدالله بن حرام رضي الله عنه كلمه الله في حال موته، في حال الموت، وهذا يغاير حالة الحياة.

 

الذي يقول: إني أخاف الله، ويعصي الله، فهو كاذب في قوله: إنه يخاف، عنده نوع خوف، وعنده كذب في هذا الخوف؛ لأنه لو خاف الله حقًّا ما عصاه، فأما أن يسكت لئلا يخالف قوله فعله فهذا له وجه حق، وهناك وجوه باطلة، فمسائل التكفير أنا ما أرى أن بابها الحكم عليها في الإطلاق فيما يقول هذا الخائف، ما كل خوف من المخلوق شركًا، أنت ما تخاف من الأسد؟ لو ندخل عليكم أسدًا في المسجد تخافون أم ما تخافون! ربما تطيرون في السماء، الخوف أنواع، وهذا يبدو أن قائله لم يدرِ التوحيد، لم يدرسه، هناك خوف طبيعي، هناك خوف جِبِلي، الإنسان يخاف من الظلام، يخاف من الحية، من العقرب، يخاف من السبع، يخاف من الظالم، هذا خوف طبيعي، إنما الخوف الذي هو شرك خوف السر، خوف القلب، أن تخاف من غير الله أن يضرك، كأن تخاف من مقبور، تخاف من أن يضرك في رزقك، هذا خوف الشرك، هو خوف السر، أما الخوف الطبيعي فقد وقع فيه أنبياء الله جل وعلا.

 

لا، هو مسير في القدر الكوني العام، لكن في إرادة الإنسان في نفسه: هو مخير، مخير في أن يحضر الدرس أو لا يحضر، مخير أن يعتمر اليوم أو لا يعتمر، فهو بالنسبة إلى فعله مخير، بالنسبة إلى قضاء الله وقدره العام هو مسير.

 

أعطني مثالًا على هذا وهذا، يعني يحتج بالقدر على المعايب، على معصية، حال عصيانه... لأن رجلًا في عهد عمر رضي الله عنه سرق، فجيء به إلى عمر، قال: (لم سرقت؟)، قال: قدر الله علي السرقة، قال: (وأنا أقطع يدك بقدر الله)، الاحتجاج بالقدر أثناء المعايب، أو على المعايب، هذا مذموم؛ لأن هذا هو فعل المشركين، ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾ [الأنعام: 148]، ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 35]، وهذا هو قول الجبرية، والعجيب أن هؤلاء يستدلون بالقدر عند المعايب، دون المصالح، لو أن جبريًّا أو هذا الذي قال: "أنا قدر الله علي السرقة وشرب الخمر"صكه كف على وجهه، قل: "يا أخي، الله قدر علي أني أرفع يديَّ وأصفق"، هل يقبل؟ لا يقبل، أو أتاه أحد فأخذ ماله، سرق ماله وهو يرى، هل يقبل؟ لا يقبل، هذا تناقضه هو في نفسه، إذًا لا يصح الاستدلال بالقدر على المعايب، إذن إنسان عمل معصية، مثل أنه كان يشرب الدخان مثلًا، أو متهاونًا في الصلاة، أو كان يحلق لحيته، أو كان يؤذي النساء في الأسواق، ثم من الله عليه وتاب، وإذا ذكر بالمعصية، أو تذكرها هو قال: "هذا أمر قضاه الله، والحمد لله تبت"، الاستدلال بالقدر على أمر كان منه، وأقلع منه أمر سائغ؛ لأن آدم عليه الصلاة والسلام لما قال له موسى: (يا أبانا آدم، أنت أخرجتنا من الجنة بمعصيتك، قال: يا موسى، أتلومني على شيء قد قدره الله علي؟)، آدم تاب أم لم يتب من المعصية، تاب وانقضى، وموسى لامه على أمر وقع منه وتاب منه، قال صلى الله عليه وسلم: ((فحجَّ آدم موسى))؛ لأنه استدل بالقدر على مصيبة، ولم يستدل به على معيبة، والحديث في الصحيحين.

 

لا الأربع توقيفية، لكن ليست بالترتيب، ولكن رتبناها لنعرف من انحرف فيها عن الترتيب.

لا، الله ما كتب إلا بما علم، لما علم سبحانه كتب، أمر القلم بأن يكتب في الكتاب، وكتب القلم بما شاءه الله، وما شاءه الله هو الذي خلقه.

لا، لا، لا، ما يقال هذا، هذا ما له في الحقيقة معنى.

 

القرآن من صفات الله، ألسنا نعتقد أن القرآن كلام الله؟ إذًا هو من صفاته، يقسم به، أقسم بآيات الله، يقسم بالقرآن ويحلف بالقرآن، والذي لا يُقسَمُ به المخلوق، أما الله وأسماؤه وصفاته فيحلف به، ويقسم به.

 

تم بحمد الله تفريغ الشريط الثالث من الشرح في الثاني من شهر الله الحرام المحرم عام 1428 من هجرة سيد الخلق، محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- أشكرك يا شيخ
فخوره بأمتي - فلسطين 02-08-2016 12:33 PM

معلومات قيمه ومفيده ،، جزاك الله خيرا يا شيخنا الفاضل.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة