• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

فأقل البيوت التي تبنى على الحب

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 18/4/2011 ميلادي - 14/5/1432 هجري

الزيارات: 41955

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم،،،

أغلب النساء يشتكين عدم اهتمام الزوج، أو خيانته، أما أنا فما ينغص عيشي هو العكس، لست الزوجة المحبة والمطيعة والمحترمة لزوجها، التي لطالما حلمت أكون، وطبعًا هذا لا أظهره للناس، عرفت زوجي وأنا في 17، وهو 22، أحبني من أول نظرة، وطلب الزواج مني، أنا أعجبت بوسامته، وظاهره، وقبلت دون تفكير بتشجيع من أهلي، خاصة أنه مغترب، وسأعيش معه في أوروبا، وهناك أستطيع استكمال دراستي، والحصول على شهادة الماجستير؛ زيادة على حياة الرفاهية الأوروبية، تلك كانت أحلام أهلي دامت فترة الخطوبة 3 سنوات، لم أستطع أن أتعرف عليه فيها؛ بحكم البعد، زيادة على أنه كان قليل الكلام معي رغم ثرثرته مع الآخرين، وأحسست خلالها أنه لا يناسبني، وأن إعجابي به لم يتحول إلى حب، وفكرت في فسخ الخطوبة، لكن أهلي رفضوا؛ لأنه سبب غير كاف، وخاصة أنه متمسك بي، وأقنعوني أن الحب سيأتي بعد الزواج، فاقتنعت، وتزوجته، وتأكدت من إحساسي؛ فهو رغم حبه الشديد لم يدللني كما تدلل العروس، بل كان يتعصب ويسبني ويضربني، ثم يندم ويطلب فرصة أخرى، منعني من الدراسة، أو حتى الخروج، وعندما كنت أعاتبه، يعدني أنه سيتغير عندما يصبح أبًا، رزقت بطفل = والحمد لله - ومررنا بظروف مالية صعبة، وقفت فيها معه، وتحملت المسؤولية وحدي، رغم أنني في بلد غريب؛ مما جعلني محط إعجاب أهله، وزاد في حبه أما أنا فزاد من احتقارى له، وبدل أن يتحول إعجابى إلى حب، تحول إلى كره، سجلت في الجامعة، وأصبحت المسؤولة عن البيت، أفعل ما أريد دون أن أهتم برأيه، وإذا تعصب، أو حاول الاعتراض، أجد نفسي أرد عليه بنفس طريقته - السب والشتم وعدم الاحترام - والغريب أنه أصبح يتودد لي، ومتمسكًا بي أكثر من السابق؛ مما يزيد من احتقاري وكرهي له، حتي مجرد لمسة يده تقرفني، أصبحت أتهرب من معاشرته؛ مما زاد من عذابي، وخوفي من الله، وعلى ابني؛ لأن مشاكلنا تزيد يومًا بعد يوم؛ ساعدونى من فضلكم، حتى لا أخسر ابني وحياتي ونفسي، وأهم شيء لا يغضب عليَّ ربي.

الجواب:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فلا شك أن الحياة الزوجية التي تقوم على الحب بين الزوجين هي الصورة المثلى للزواج، ولكنها ليست الصورة الوحيدة، ولا يعني كمال تلك الصورة استحالة استمرار غيرها مما فُقد فيها الحب؛ فثمة عوامل أخرى تمد الأسرة بمادة بقائها واستمرارها، وكم من المصالح ما يعين على استمرارها بلا حب، كرعاية الأبناء؛ فأقل البيوت التي تبنى على الحب.

 

والمتأمل في كلامك يلاحظ أنك أخذت موقفًا نهائيًّا من زوجك، وقفلتِ قلبك تجاهه، فلم يؤثر فيك ازدياد حبه الذي قابلتيه بالاحتقار، والظاهر أنك لم تستطيعي نسيان سوء معاملته في بداية زواجكما، على الرغم من أنه كان يندم خلالها، ويطلب فرصة - كما ذكرت - ولو أنك أدركت طبيعة كثير من الرجال، حتى يعتادوا على الزوجة، لقبلت اعتذاره، ولحصل لك من الحب؛ فالزواج قائمٌ على التجربة والمعاشرة والمودة والرحمة، التي يجعلها الله بين الزوجين تفضلًا منه - سبحانه - ويزداد ذلك الحب شيئًا فشيئًا مع الأيام، فتملأ البيت دفءً وسرورًا ينعم فيه الأبناء، وإن اعتراها منغصات، فلا تعصف بالبيت ما دام الكل يؤدي ما عليه، ويتقي الله في الآخر؛ فحسن العشرة وتبادل الحقوق والواجبات، كفيل مع الزمن برأب الصدع، وإنشاء المحبة والرحمة بينكما، وتُنَمِّي ما لديك من محبة وعاطفة تجاه زوجك بالمودة والإحسان.

 

فصارحي زوجك بما تنقمين عليه، واطلبي منه أن يعاملك بالطريقة التي تحبينها، ولتبدئي صفحة جديدة تتحلين فيها بالصفح الجميل الذي أمر الله - تعالى - به نبيه عن المشركين، في أذاهم له وتكذيبهم ما جاءهم به، فلا يشغل قلبه بالحنق والحقد؛ كما قال – تعالى -: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85]، وقال – تعالى -: ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 89].

 

قال الشيخ السعدي في "تفسيره":

"وهو الصفح الذي لا أذية فيه، بل يقابل إساءة المسيء بالإحسان، وذنبه بالغفران؛ لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب، فإن كل ما هو آت فهو قريب، وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا.

 

وهو: أن المأمور به هو الصفح الجميل؛ أي: الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذية القولية والفعلية.

 

لابد أن تنظري من ناحية أدائك لحقوق زوجك، وراجعي حكم الشرع في ذلك على موقعنا في الاستشارات: "زوجتي لا تحبني، ماذا أفعل؟"، "زوجتي لا تهتم بي لانشغالها بأهلها"، "ما الحل مع هذه الزوجة؟".

 

قال الأستاذ سيد قطب - في "الظلال" -: "والإسلام ينظر إلى الحياة الزوجية بوصفها سكنًا وأمنًا وسلامًا، وينظر إلى العلاقة بين الزوجين بوصفها مودة ورحمة وأنسًا، ومن ثم يكره فصم عقدتها إلا عند الضرورة القصوى، قال – تعالى -: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

فيدعو - سبحانه - إلى التريث والمصابرة حتى في حالة الكراهية، ويفتح الأعين على العاقبة الحميدة: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

فلعل في هؤلاء النسوة المكروهات خيرًا، وأن الله يدخر لهم الخير؛ فلا يجوز أن يفرطوا فيه، وينبغي لهم أن يستمسكوا به، هذا كي يستمسك الزوجان بعقدة الزوجية؛ فلا يُقْدِمَانِ على فصمها لأول خاطر، وكي يستمسكا بهذه العقدة، فلا يُقْدِمَانِ على فكها لنزوة، وما أعظم قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجته - لأنه لا يحبها -: "ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟، فأين الرعاية؟ وأين التذمم؟"، وما أتفه الكلام الرخيص الذي ينعق به المتحذلقون باسم الحب، وهم يعنون به نزوة العاطفة المتقلبة، ويبيحون باسمه - لا انفصال الزوجين وتحطيم المؤسسة الزوجية - بل خيانة الزوجة لزوجها! أليست لا تحبه؟! وخيانة الزوج لزوجته! أليس أنه لا يحبها؟!

 

وما يهجس في هذه النفوس التافهة الصغيرة معنى أكبر من نزوة العاطفة الصغيرة المتقلبة، ونزوة الميل الحيواني المسعور، ومن المؤكد أنه لا يخطر لهم أن في الحياة من المروءة والنبل والتجمل والاحتمال ما هو أكبر وأعظم من هذا الذي يتشدقون به في تصور هابط هزيل، ومن المؤكد - طبعًا - أنه لا يخطر لهم خاطر "الله"، فهم بعيدون عنه في جاهليتهم المزوّقة! فما تستشعر قلوبهم ما يقوله الله للمؤمنين: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

إن العقيدة الإيمانية هي وحدها التي ترفع النفوس، وترفع الاهتمامات، وترفع الحياة الإنسانية عن نزوة البهيمة، وطمع التاجر، وتفاهة الفارغ!

 

فإذا تبين بعد الصبر والتجمل، والمحاولة والرجاء، أن الحياة غير مستطاعة، وأنه لا بد من الانفصال، واستبدال زوج مكان زوج، فعندئذ تنطلق المرأة بما أخذت من صداق، وما ورثت من مال، لا يجوز استرداد شيء منه، ولو كان قنطارًا من ذهب؛ فأخذ شيء منه، إثم واضح ومنكر لا شبهة فيه".

 

وقال: "ولم يعد الهوى الشخصي هو الحكم في بقاء الارتباط بين الذكر والأنثى، إنما الحكم هو الواجب: واجب النسل الضعيف الذي يجيء ثمرة للالتقاء بينهما، وواجب المجتمع الإنساني الذي يحتم عليهما تربية هذا النسل إلى الحد الذي يصبح معه قادرًا على النهوض بالتبعة الإنسانية، وتحقيق غاية الوجود الإنساني.

 

وكل هذه الاعتبارات تجعل الارتباط بين الجنسين على قاعدة الأسرة، هو النظام الوحيد الصحيح، كما تجعل تخصيص امرأة لرجل، هو الوضع الصحيح الذي تستمر معه هذه العلاقة، والذي يجعل الواجب لا مجرد اللذة، ولا مجرد الهوى، هو الحكم في قيامها، ثم في استمرارها، ثم في معالجة كل مشكلة تقع في أثنائها، ثم عند فصم عقدتها عند الضرورة القصوى.

 

وأي تهوين من شأن روابط الأسرة، وأي توهين للأساس الذي تقوم عليه - وهو الواجب - لإحلال الهوى المتقلب، والنزوة العارضة، والشهوة الجامحة محله، هي محاولة آثمة، لا لأنها تشيع الفوضى والفاحشة والانحلال في المجتمع الإنساني فحسب، بل كذلك لأنها تحطم هذا المجتمع، وتهدم الأساس الذي يقوم عليه.

 

ومن هنا ندرك مدى الجريمة التي تزاولها الأقلام والأجهزة الدنسة، المسخرة لتوهين روابط الأسرة، والتصغير من شأن الرباط الزوجي وتشويهه وتحقيره؛ للإعلاء من شأن الارتباطات القائمة على مجرد الهوى المتقلب، والعاطفة الهائجة، والنزوة الجامحة، وتمجيد هذه الارتباطات، بقدر الحط من الرباط الزوجي!

 

كما ندرك مدى الحكمة والعمق في قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجته؛ معللًا ذلك بأنه لم يعد يحبها: "ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟" فأين الرعاية؟ وأين التذمم؟"؛ مستمدًا قولته هذه من توجيه الله - سبحانه - وتربية القرآن الكريم لتلك الصفوة المختارة من عباده: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، وذلك للإمساك بالبيوت - ما أمكن - ومقاومة نزوات القلوب، وعلاجها حتى تفيء، وعدم بت هذه الصلة إلا حين تفلس المجادلات كلها؛ رعاية للجيل الناشئ في هذه البيوت، وصيانة لها من هزات العاطفة المتقلبة، والنزوة الجامحة، والهوى الذاهب مع الريح!

 

وفي ظل هذه النظرة السامية العميقة، تتبدى التفاهة والسطحية فيما ينعق به اليوم أولئك المائعون، وهم يمجدون كل ارتباط إلا الارتباط الذي يحكم الواجب، والذي يرعى أمانة الجنس البشري كله، وهي تنشئة أجيال تنهض بمقتضيات الحياة الإنسانية المترقية، وتحكيم مصلحة هذه الأجيال، لا مصلحة العواطف الوقتية الزائلة!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة