• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. إبراهيم بن حماد بن سلطان الريس / بحوث ودراسات


علامة باركود

الاستفادة من مخترعات وتجارب غير المسلمين

د. إبراهيم بن حماد بن سلطان الريس


تاريخ الإضافة: 24/12/2007 ميلادي - 14/12/1428 هجري

الزيارات: 111474

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستفادة من مخترعات وتجارب غير المسلمين

- دراسة حديثية -


بسم الله الرحمن الرحيم


المقـدمة

الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، أحمده حمد شاكر لخالقه على جزيل النعم، وأصلي وأسلم على النبي المبعوث رحمة للعالمين، الذي بعثه الله تعالى للعرب والعجم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد:
ففي عصرنا هذا حيث اتجهت سهام الكيد والتشويه نحو دين الله تعالى الإسلام، وتناوشت تلك السهام مبادئ الإسلام وأسسه وأهله والمنتسبين إليه بالتشويه والطعن، كان لابد من أن تنظر الأمة في حالها، وتراجع واقعها، وتفوت الفرصة على كل حاسد وحاقد يتربص بالأمة وبدينها، ولهذا فإن من القضايا المهمة التي هي ميدان للحديث حولها والتشويه من خلالها العلم وموقف الإسلام منه.

وليست قضيتي هنا هذه المسألة الواسعة، فهي من المسائل التي أشبعها علماء الإسلام بالكتابة والدراسة والتحقيق وهي كذلك من المسائل التي تواردت حولها كتابات الغربيين والشرقيين من غير المسلمين بالاعتراف بتميُّز دين الإسلام وعنايته بالعلم والحضارة، ولعل الهجمة الشرسة التي تستخدم كل سلاح اليوم كان مبعثها متانة هذا الدين ورسوخه ووضوحه، مما أقضَّ مضجع أعداء الملة، وأرهبهم، فجعلوا همتهم مضارّة الإسلام وأهله، وذلك تحقيق لتحذير الله عز وجل الأمة المسلمة في قوله سبحانه: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [سورة البقرة 109].

إن الإسلام هو دين العلم والحضارة، وإن من الآيات العظيمة في كتاب الله تعالى آية تبين مكانة العلماء في العلوم كافة وفي العلوم التجريبية المادية خاصة، فالله تعالى يقول: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [سورة فاطر 28]، وقد جاءت هذه الآية بعد قول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [سورة فاطر28]، فالآية في ذكر الظواهر العلمية البحتة؛ علم الأرض وعلم الفلك وعلم الزراعة وعلم الأحياء، مما يؤكد على أن علماء العلم المادي المؤمنين الصادقين، يقودهم علمهم ومعرفتهم للخشية من الله العلي العظيم.

والمسألة التي رأيت الحاجة لتقريرها ودراستها هي من مسائل التصحيح التي يجب على الأمة أن تتناولها وتنطلق فيها من أصول الدين ومصادره؛ وهي: " الاستفادة من مخترعات وتجارب غير المسلمين".

دراسة حديثية:
وهذه القضية قد تكون واضحة في أذهان البعض لا تحتاج إلى دراسة وتفصيل، ولكنني أرى أهمية تناولها بالدراسة لتوافر أسباب كثيرة تستدعي ضرورة التأصيل والبيان والتحرير لها.

ومن هذه الأسباب ما يلي:
1. أن العالم صار قرية واحدة متشابك المواقع ومتقارب الثقافات، فانتقلت بين الأمم مفاهيم ونظم وتصورات جديدة من خلال الاحتكاك الثقافي؛ منها ما هو متعلق بالمنتجات المادية والمخترعات التقنية، ومنها ما هو مرتبط بالأوضاع الحياتية والأحوال المعيشية وتنظيم الحياة وإدارتها، مما أوجد حاجة ملحة لمعرفة الموقف الصحيح من ذلك.

2. توافدت على الأمة كثير من البرامج التنظيمية والإدارية، وهي برامج فيها خبرة بشرية مهمة ونافعة، ولكنها أتت من ثقافات مختلفة ومغايرة لثقافتنا فلم تخل من تأثير العقائد الدينية لأهل تلك الثقافات، وقد لا يدرك الإنسان العادي مع توافر المعلومة ماذا يأخذ وماذا يدع، مما يستدعي وضع قواعد عامة من خلال نصوص الشريعة لهذه المسألة المهمة.

وأقرب مثال حاضر لذلك: هذا التوافر الحميم في هذه الفترة من حياة الأمة على برامج تدريبية وإدارية؛ تتناول تطوير الذات واكتساب المهارات واستغلال الطاقات الكامنة في النفس البشرية وطرق إيقاظها، إلى غير ذلك مما في الساحة اليوم من نتاج الثقافة الغربية أو الشرقية الكافرة، مما هو من خبرة الحياة وتجارب البشر؛ كالبرمجة اللغوية العصبية، وكالنظم الإدارية والخبرات التجارية والمهارات الاجتماعية في تكوين العلاقات والتأثير على الناس وإيصال الفكرة لهم وتحقيق المكاسب والوصول للأهداف بأخصر طريق، مما يستدعي التقعيد لهذه المسألة والتناول لها، وبيان ما نأخذ وما ندع من كل ذلك.

3. صارت التقنيات بشتى صورها وأشكالها ضرورة حياة، ومسيطرة على حياة الإنسان وتعاملاته، ولا انفكاك له منها إلا بصعوبة، وهذا الجانب وإن كان يخدم البشرية إلا أنه أورث أضراراً اجتماعية وبيئية وصحية كثيرة، فبدلاً من التواصل الاجتماعي بالزيارات والمقابلات ونحوها مما له لذته ومذاقه في الترابط الاجتماعي، جاءت التقنيات لتسهل للإنسان التواصل الاجتماعي البعيد من خلال الهاتف، ومن خلال الصورة المنقولة مع الصوت.

فهذه نعمة من جانب إلا أنها أفقدت التواصل الاجتماعي لذته وأهميته وترقبه، واستعاضت عنه بتواصل سريع يفتقد لكثير من المشاعر والأحاسيس الاجتماعية المهمة. وأما الأضرار الصحية لهذه التقنيات، فإن ما وفرته التقنيات من منافع يسرت الانتقال، أورث لدى الإنسان تواكلاً وكسلاً وخمولاً فقلت الحركة وزادت السمنة وعصفت بالمرء أمراض العصر من السكري وغيره من نتاج هذا الترفيه التقني.

وأما الأضرار البيئية فتتمثل في ما امتلأت به أجواء الأرض من عوادم المصانع والمراكب التي أضرت بحياة الإنسان ودمرت براءة البيئة من حوله، ففسدت الأجواء بالدخان والغازات، والبحار بالتلوث المدمر للحياة البحرية، والتربة بالمواد الكيميائية التي استخدمها الإنسان لزيادة الإنتاج وسرعة الكسب فأنتجت زراعات مضرة وتربة ملوثة، إلى غير ذلك من المخاطر الكثيرة التي يجب ألا نغفل عن استحضارها حين الحديث عن الموقف من هذه التقنيات.

4. هناك دعوات موجودة في بعض مجتمعات المسلمين اليوم تقف من المقتنيات الحضارية الصناعية موقف العداء والتحذير، وتطالب الأمة بالبقاء على ما أنتجته الأمة، و المنع لكل جديد في المبتكرات والصناعات، فهناك من يرى المنع من الاستفادة من التقنيات في مساجد المسلمين كمكبرات الصوت مثلاً والأنوار الكهربائية وغير ذلك؛ وهذا الأمر وإن كان منهجاً شخصياً للبعض ووجوده قليل؛ إلا أنه منهج يتدين به بعض العباد والزهاد، ويرون أنه الحق المبين وأن مخالفته تقصير في جنب الله، فهو منهج حياة له من يتمثله وله من يدعوا إليه، وهنا تتأكد ضرورة البيان.

5. وأمر آخر وهو واقع الأمة اليوم؛ فهناك تبعيةٌ ظاهرةٌ تعيشها، وضعفٌ في إدارة دفة الواقع أو السيطرة على موجِّهاته، خاصة مع التداخل الثقافي والتقارب المعرفي بين البشرية على وجه الأرض، مما يدعونا إلى أن نعرف ونعرِّف العالم أن نهج الإسلام في هذا نهج واضح أصيل، يغاير ما سواه من مناهج دينية أخرى، كما يؤكد الواقع اليوم علينا ضرورة قيام الأمة بإبراز ذلك في هذا العصر من خلال وسائل إعلامها المختلفة لترسخ مفاهيمها، وتحافظ على قيمها، وتكسب الجولة في حلبة الصراع الحضاري والثقافي المحموم اليوم، كما آمل أن تساهم هذه الدراسة في دفع الشبهة والدعوة إلى الحق، وأن تجعل المسلم يعي واقعه وواجبه وحكم الله تعالى في كل أموره.

أسأل الله تعالى أن يوفقني لإعطاء صورة واضحة لهذه المسألة، والوصول لنتائج قيمة ومهمة، ثم إن هذا جهد بشري لا يخلو من النقص والخلل فأسأل الله تعالى العفو والمغفرة إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مدخل

من الأولويات عند كل مسلم أن يعرف حُكم الله تعالى في كل أمر قبل العمل به، وحيث إن هذه التقنيات المعاصرة مما استجد؛ فلابد من عرضه على طاولة النظر والتحقق من مشروعيته.

وإن كان القول في ذلك مما استفاض به العمل في الاستفادة مما لدى الأمم الكافرة من وسائل و مخترعات، فإنني سأتناول هذه المسألة من خلال سنة وسيرة نبي الهدى -صلى الله عليه وسلم.

وقد احترت كثيراً في تصنيف ما وقفت عليه من أحاديث نبوية وأخبار من حياة سلف الأمة وأقوال علماء الإسلام، وذلك لكثرتها وتشعبها، ثم عزمت أمري على أن أسبكها في قوالب متقاربة تؤدي المقصود وتكشف المراد وتوضح الحالة وتجعل الترابط بين نصوصها متكاملاً.

وقد اقتصرتُ من أقوال علماء الأمة في هذه المسألة على ما يفي به الغرض، وابتدأتُ بذكر أحاديث نبوية، ومواقف من السيرة العطرة، ودراسة لواقع نظام الحياة والعلاقات والتنظيمات الإدارية في دولة الإسلام الأولى، وختمت ذلك بنقول عن علماء الإسلام وأقوالهم في ذلك.

وقد حرصت على إيراد ما وقفت عليه من أحاديث احتج بها علماء الإسلام على هذه المسألة ونحوها، حتى وإن كانت لا ترقى إلى درجة القبول عند المحدثين، وذلك لضرورة بيانها وارتباطها بموضوعنا؛ إذ الاحتجاج بها لدى البعض يستدعي ذكرها، إضافة إلى أن عدداً من هذه النصوص الضعيفة له ما يسنده من النصوص الثابتة كما يظهر من مجمل نصوص هذا البحث.

فصل
مواقف من حياة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وفيه عدة مباحث:
المبحث الأول: الاستفادة من خبرة الأمم الكافرة الطبية.
المبحث الثاني: الاستفادة منهم في الأمور الحياتية اليومية.
المبحث الثالث: الاستفادة منهم في النظم الإدارية.
المبحث الرابع: الاستفادة منهم في الشؤون العسكرية.

فصل: مواقف من حياة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

المبحث الأول
الاستفادة من خبرة الأمم الكافرة الطبية

الاستشفاء من الأمراض هو سبيل حفظ البدن من الأسقام، ولهذا قدر علماء الأمة مهنة الطب، يقول الإمام الشافعي[1]-رحمه الله-: " العلم علمان علم الدين وهو الفقه، وعلم الدنيا وهو الطب، وما سواه من الشعر وغيره فعناء وعبث ".

وجاء عنه أيضاً قوله[2]: "لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب، إلاَّ أنّ أهل الكتاب قد غلبونا عليه".

وقال حرملة[3]-رحمه الله-: "كان الشافعي-رحمه الله- يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب ويقول: ضيعوا ثلث العلم ووكلوه إلى اليهود والنصارى"، وقال[4]-رحمه الله-: "العلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان"، وقال: "شيئان أغفلهما الناس؛ النظر في الطب والعناية بالنجوم".

وقال[5] -رحمه الله-: "لا تسكنن بلداً لا يكونن فيه عالم ينبئك عن دينك ولا طبيب ينبئك عن أمر بدنك".

من الميادين التي كان للأمة دور فيها وتأثير على مسيرتها ميدان الطب والتداوي، ومع ذلك مرت بالأمة أزمنة صارت فيها منشغلة بهمومها وبنفسها عن الابداع والتطور في ذلك، وكان للأمم الكافرة دور ريادي متقدم في ذلك الميدان، وكان موقف الإسلام فيها هو ما تمثله أخبار نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- ومواقف من سيرته، وسيرة أصحابه رضي الله عنهم من بعده، واستفاضت بذكره أقوال علماء الأمة وواقع مسيرتها.

وسأذكر مواقف من سيرته -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب في مسائل من حياته وحياة أصحابه رضي الله عنهم، فمن ذلك:
1. الغيلة:
وفيه موقف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من العمل في شأن اجتماعي وطبي بما اعتاده الكفار، والاحتجاج بفعلهم على صحة العمل وسلامته:
فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها[6]، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الأَسَدِيّةِ[7] رضي الله عنها، أَنّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ[8]، حَتّى ذَكَرْتُ أَنّ الرّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلاَ يَضُرّ أَوْلاَدَهُمْ)).

وفي رواية عند مسلم[9] قَالَتْ جدامة: حَضَرْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فِي الرّومِ وَفَارِسَ، فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلاَدَهُمْ، فَلاَ يَضُرّ أَوْلاَدَهُمْ ذَلِكَ شَيْئاً)).

وعنده[10] أيضاً عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَ وَالِدَهُ سَعْدَ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ رضي الله عنه أَنّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟)) فَقَالَ الرّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا، أَوْ عَلَى أَوْلاَدِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ((لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارّاً، ضَرّ فَارِسَ وَالرّومَ)). وفي رواية له: ((إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلاَ. مَا ضَارَ ذَلِكَ فَارِسَ وَلاَ الرّومَ)).

قال القاضي عياض[11]رحمه الله تعالى: كان العرب يحترزون عن الغيلة ويزعمون أنها تضر الولد، وكان ذلك من المشهورات الذائعة عندهم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عنها لذلك، فرأى أن فارس والروم يفعلون ذلك ولا يبالون به، ثم إنه لا يعود على أولادهم بضرر فلم ينه عنه.اهـ.

وقال المناوي[12] رحمه الله تعالى: قوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك)) أي يجامعون المرضع والحامل ((فلا يضر أولادهم)) يعني لو كان الجماع أو الإرضاع حال الحمل مضرًّا لضر أولاد الروم وفارس لأنهم يفعلونه؛ مع كثرة الأطباء فيهم، فلو كان مضرًّا لمنعوا منه فحينئذ لا أنهى عنه. اهـ.
فانظر كيف استشهد النبي صلى الله عليه وسلم ببعض أفعال الكفار الدنيوية، وما مارسوه في حياتهم الاجتماعية، مستدلاً بتجربتهم في ذلك وعدم حصول الضرر به؛ على عدم المنع منه.

2. العلاج لدى الطبيب الكافر:
من ذلك خبر سعد بن أبي وقاص[13]-رضي الله عنه-، فعن مجاهد أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال مرضت مرضاً شديداً، قال: فجاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني فوضع يده بين ثدييَّ حتى وجدت بردها على فؤادي فقال: ((إنك رجل مفؤد[14] إئت الحارث بن كلدة[15] أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب فمره فليأخذ سبع تمرات عجوة من عجوة المدينة فليجأهن[16] بنواهن ثم ليلدك[17] بهن)).

فخبر مرض سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، -وإن كان فيه مقال- وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) له أن يستطب عند الحارث بن كلدة، وما كان الحارث مسلماً حينها، بل إن ابن أبي حاتم أنكر إسلامه. فهذا الخبر ذكره عدد من الأئمة[18] مستدلين به على جواز الاستطباب عند الطبيب الكافر، وأن ذلك جاء بأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) وليس على أصل الإباحة فقط، لأن الناس أعلم بأمور دنياها، ولاشتهار الحارث بالطب؛ فهو طبيب العرب، فالاستفادة من خبرته وعلمه وتجاربه جائزة في دين الله تعالى.

3. التداوي بوصفاتهم العلاجية:
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: ما اجتمع في بطن‌النبي صلى الله عليه وسلم طعامان في يوم قط؛ إن أكل لحماً لم يزد عليه، وإن أكل تمراً لم يزد عليه، وإن أكل خبزاً لم يزد عليه، وكان رجلاً مسقاماً، وكانت العرب تنعت له فيتداوى بما تنعت له العرب، وكانت العجم تنعت له فيتداوى[19].
ففي هذا الخبر نجد كيف أن نبي الهدى -صلى الله عليه وسلم- كان يستفيد من تجارب وفود العرب، ويأخذ وصف الأدوية عنهم ولا يختلف الحال عنده -صلى الله عليه وسلم- بين ما هو من وفود العرب أو من وفود العجم.

هذه المسألة من المسلمات في حياة الناس، مع أن كثيراً من الأدوية والمنتجات الطبية قديماً وحديثاً من عمل الأمم الكافرة، وهي نتائج خبرة حياة وتجارب عديدة توصلوا إليها، وينبني عليها حياة وموت وصحة وعافية، ولسلامة المنهج في التعامل معها واستفادة الأمة منها فيما فيه النفع والمصلحة فهي على أصل الإباحة، فيتم التعامل معها بهذه الصورة، وهذا هو المنهج الحق والصحيح.

قال ابن أبي حاتم[20] -رحمه الله- في ترجمة الحارث بن كلدة، عند حديث سعد بن أبي وقاص الآتي "وهذا الحديث يدل على جواز الاستعانة بأهل الذمة في الطب".

قال ابن مفلح[21]: "إن اليهودي أو النصراني إذا كان خبيراً بالطب ثقة عند الإِنسان جاز أن يُستطب، كما يجوز له أن يودعه المال وأن يعامله".اهـ.

وقد نقل الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الطب النبوي كثيراً من عبارات وتجارب وخبرات ونتائج دراسات الأطباء والحكماء كبقراط وبطليموس وسقراط وأرسطاطالينوس وجالينوس والحارث بن كلدة وغيرهم، وقد نقل رحمه الله تعالي في زاد المعاد[22]؛ كثيراً من أقوال الحكماء والأطباء من المسلمين وغيرهم حول ضرورة الطب والعلم به والاستفادة فيه من تجارب السابقين.

المبحث الثاني
الاستفادة منهم في الأمور الحياتية العامة

وأعني بذلك:
الأمور التي يتعامل الناس معها ولابد لهم منها في حياتهم الخاصة والعامة؛ في مأكلهم وملبسهم وبيعهم وشرائهم ومعاشهم وأعمالهم، فالمطلع على واقع حياة نبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسيرة أصحابه -رضي الله عنهم- من بعده، يجد أن هناك استفادة ظاهرة من خبرة ومنتجات الأمم الكافرة، وما جاء التنبيه والنهي عن شيء من آلاتهم إلا فيما يخالف أمراً شرعياً أو ما يخل بحكم شرعي.

ولعل العرض لبعض أحداث سيرة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يكشف عن ذلك، فمن ذلك:
1. تأبير النخل:
حين قدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة النبوية، والتقى فيها بالصحابة رضي الله عنهم، وأقام فيهم دولة الإسلام، أبقى عليهم بعض ما كانوا عليه من حال الجاهلية مما كانوا يعملونه ويعمل به الكافرون، ومما توصل له كفار المدينة وغيرها من حقائق دنيوية من خلال التجربة والممارسة، فكان من ذلك حادثة تأبير النخل[23]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعد ذلك: ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ))، فقد روى الإمام مسلم[24] رحمه الله من حديث مُوسَىَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْمٍ عَلَىَ رُؤُوسِ النّخْلِ. فَقَالَ: ((مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ؟)) فَقَالُوا: يُلَقّحُونَهُ. يَجْعَلُونَ الذّكَرَ فِي الأُنْثَىَ فَتَلْقَحُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا أَظُنّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئاً)) قَالَ: فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ. فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ: ((إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ. فَإِنّي إِنّمَا ظَنَنْتُ ظَنّا. فَلاَ تُؤَاخِذُونِي بِالظّنّ. وَلَكِنْ إِذَا حَدّثْتُكُمْ عَنِ اللّهِ شَيْئاً، فَخُذُوا بِهِ. فَإِنّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَىَ اللّهِ عَزّ وَجَلّ)).

وعنده أيضاً[25] من حديث رَافِعِ بْن خَدِيجٍ قَالَ: قَدِمَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ. وَهُمْ يَأْبُرُونَ النّخْلَ. يَقُولُونَ يُلَقّحُونَ النّخْلَ. فَقَالَ: ((مَا تَصْنَعُونَ؟)) قَالُوا: كُنّا نَصْنَعُهُ. قَالَ: ((لَعَلّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْراً)) فَتَرَكُوهُ. فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ. قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: ((إِنّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ. وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيٍ، فَإِنّمَا أَنَا بَشَرٌ)).

ومن حديث عَائِشَةَ وأَنَسٍ[26] رضي الله عنهما، أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَرّ بِقَوْمٍ يُلَقّحُونَ. فَقَالَ: ((لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ)) قَالَ: فَخَرَجَ شِيصاً[27]. فَمَرّ بِهِمْ فَقَالَ: ((مَا لِنَخْلِكُمْ؟)) قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: ((أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ)).

• نلحظ من هذا الخبر كيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم – بنى الحكم في القبول والرد لما يقف عليه الإنسان من أقوال الناس وتجاربهم وما يكتشفونه من خلال ذلك، بناه على السلامة من الضرر والمفسدة؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ)). فدل ذلك على أن كل أمر من أمر الدنيا يحكم بقبوله وجواز الانتفاع به، عند توافر شرط ذلك، وشرطه: النفع للأمة وللفرد وعدم الضرر، مع عدم المخالفة لمقاصد الشريعة، ونصوص الكتاب والسنة الثابتة. ومن ذلك المكتشفات التقنية لدى الكفار، فيؤخذ بها ما دامت تحقق المنفعة للأمة ولا يحصل بها الضرر ولا المفسدة.

2. إسراج المسجد النبوي بالقناديل:
ذكر عدد من الأئمة[28] أن الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري رضي الله عنه هو أول من أسرج المسجد النبوي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليه لذلك، وقد جاءت الروايات على أنه رضي الله عنه نقل ذلك عن خبرة النصارى ببلاد الشام، ولم ينكر أحد من الأئمة ذات الفعل، بل ساقوه مساق المناقب لتميم رضي الله عنه، وأنه نقل للإسلام تقنية مهمة ومفيدة، ولم ينظر الأئمة فيما ورد من أن ذلك كان من عمل غير المسلمين، فدل ذلك على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استفاد من مخترعاتنصارى الشام وأقر أصحابه على ما نقلوه عنهم، وأخذ بذلك علماء الإسلام.

وخبر تميم الداري-رضي الله عنه- ذكره الإمام القرطبي مفصلاً في تفسيره[29]، وفيه: عن أبي هند رضي الله عنه قال: حمل تميم (يعني الداري) –رضي الله عنه- من الشام إلى المدينة قناديل وزيتاً ومقطاً[30]، فلما انتهى إلى المدينة، وافق ذلك ليلة الجمعة، فأمر غلاما يقال له أبو البراد، فقام فنشط المقط[31]، وعلق القناديل، وصب فيها الماء والزيت وجعل فيها الفتيل؛ فلما غربت الشمس أمر أبا البراد فأسرجها، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا هو بها تزهر؛ فقال: (من فعل هذا)؟ قالوا: تميم الداري يا رسول الله؛ فقال: ((نورت الإسلام نور الله عليك في الدنيا والآخرة، أما إنه لو كانت لي ابنة لزوجتكها)). قال نوفل بن الحارث: لي ابنة يا رسول الله تسمى المغيرة بنت نوفل فافعل بها ما أردت؛ فأنكحه إياها.

وهذا الخبر لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن قول عدد من الأئمة -كما أسلفت- بأن أبا رقية الداري هو من أسرج المسجد حين قدم من الشام، فيه دليل على أنه استفاد ذلك من عمل النصارى، وما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع ذلك؛ لأن هذه التقنية من نتاج أمة كافرة، وإنما أنتم أعلم بأمور دنياكم.

3. اللباس:
فقد كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يلبس ما خاطته يد النصارى من اللباس.

فمن ذلك: لبسه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لجبة شامية مصنوعة من صوف من جباب الروم، فعن الْمُغِيرَة بْن شُعْبَةَ[32]-رضي الله عنه- قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَقِيتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ، فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتُ فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ.

وعند الترمذي والنسائي[33]: جبة رُومِيّة.

وفي سنن أبي داود[34]: وعليه جبة من صوف من جباب الروم.

فيستنبط من ذلك الانتفاع بثياب الكفار حتى تتحقق نجاستها لأنه صلى الله عليه وسلم لبس الجبة الرومية ولم يستفصل، واستدل به القرطبي على أن الصوف لا ينجس بالموت لأن الجبة كانت شامية وكانت الشام إذ ذاك دار كفر ومأكول أهلها الميتات، كذا قال.

وقال المباركفوري[35]: "جبة رُومِيّةً، ولأبي داود: جبة من صوف من جباب الروم، لكن وقع في أكثر روايات الصحيحين وغيرهما: جبة شامية، ولا منافاة بينهما لأن الشام حينئذ داخل تحت حكم قيصر ملك الروم فكأنهما واحد من حيث الملك".

يقول الشيخ محمد رشيد رضا في مجلة المنار[36]: "ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبِس الجبة الرومية؛ وهي من لبوس النصارى، ولبس الطيالسة الكسروية[37]؛ وهي من لبوس مجوس الفرس. وكذلك كان حال الصحابة رضي الله عنهم أنهم لبسوا في كل بلاد فتحوها من لبوس أهلها حتى قلنسوة النصارى[38]. ولبسوا أيضًا البرود والحبر المخططة والمعلمة[39]، وهي من لبوس اليمن. وتلك الثياب كانت كغيرها تُجلب إليهم من العراق والشام ومصر واليمن".اهـ.

4. ومن ذلك الآنية:
استعمال آنيتهم؛ سواء ما استعملوه منها، أو ما صنعوه وحازه المسلمون بشراء أو غنيمة ونحو ذلك:
فعند استعراض النصوص الواردة في حكم الاستفادة من آنية صنعها الكفار، نجد النصوص والأقوال الفقهية تتناول حكم استعمالها، وبيان حيثيات الحكم، وهي إما نجاسة الكفار عيناً وفيه خلاف طويل، والظاهر من تضافر النصوص بطلانه، أو نجاسة الآنية لما تستعمل فيه من النجاسات وأنها تطهر بالغسل، وليس المقام لتفصيل الأقوال في ذلك ويكفي ما أشرت له من أصل النزاع، فيتحرر من ذلك أن سبب الخلاف ليس في كون الكفار صنعوها واخترعوها، فذاك ما لم يذكره أحد من الأئمة، وإنما السبب نجاسة أعيانهم، أو نجاسة ما يستعملونه في هذه الآنية. والله أعلم.

فعَنْ[40] أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: ((أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا...)) الحديث.

قال النووي: "المراد بالآنية في حديث أبي ثعلبة آنية من يَطْبخ فيها لحم الخنزير ويشرب فيها الخمر كما وقع التصريح به في رواية أبي داود "إنا نجاور أهل الكتاب، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر فقال:..." فذكر الجواب.

وأما الفقهاء فمرادهم مطلق آنية الكفار التي ليست مستعملة في النجاسة فإنه يجوز استعمالها ولو لم تغسل عندهم، وإن كان الأولى الغسل للخروج من الخلاف لا لثبوت الكراهة في ذلك".

قال الحافظ في الفتح[41]: "والحكم في آنية المجوس لا يختلف مع الحكم في آنية أهل الكتاب لأن العلة إن كانت لكونهم تحل ذبائحهم كأهل الكتاب فلا إشكال، أو لا تحل... فأهل الكتاب كذلك باعتبار أنهم لا يتدينون باجتناب النجاسة وبأنهم يطبخون فيها الخنزير ويضعون فيها الخمر وغيرها، ويؤيد الثاني ما أخرجه أبو داود[42] والبزار عن جابر -رضي الله عنه- قال:" كُنّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ المُشْرِكِينَ وَأسْقِيَتِهِمْ، فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلاَ يَعيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ)".

5. النقود:
النقد له تاريخ بعيد تعامل به البشر فيما بينهم في قديم الزمان، والله تعالى ذكر ذلك في كتابه العزيز في أكثر من موضع منه؛ ففي قصة أصحاب الكهف ذكر الله تعالى قولهم: ﴿ فابعثوا أحَدكُم بوَرِقِكُم هذه إلى المدينةِ فلْيَنْظُر أيُّها أزكى طعاماً فليأتِكُم برزق مِنهُ ولْيَتَلَطَّف ولا يُشْعِرَنَّ بكُم أحَداً ﴾ [الكهف: 19]، والوَرِق الدراهم المضروبة،وقيل من الفضة خاصة، وكذا الرِّقَة بالتخفيف. وقال أبو عبيدة: الورق الفضة كانت مضروبة كدراهم أو لا[43].

وفي خبر يوسف عليه الصلاة والسلام ﴿ وَشَرَوْهُ بثمن بَخْس دراهمَ مَعْدودة ﴾ [يوسف: 20].

فالتعامل بالدراهم قديم جداً، وكانت نقود العرب التي تدور بينهم في الجاهلية؛ دنانير الذهب ودراهم الفضة لا غير، ولما جاء الإسلام استمرّ المسلمون يستعملون الدينار والدرهم الرومانيّين؛ وذلك في زمن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن بعده، واختلف في العصر الذي ضربت فيه النقود؛ فقيل في خلافة الفاروق عمر وقيل بعد ذلك، وأظهر الأقوال ما ذكره ابن كثير وغيره أن ذلك كان في عهد عبدالملك بن مروان -رحمه الله- يقول ابن كثير[44] في تاريخ سنة ست وسبعين: "وفي هذه السنة نقش عبد الملك بن مروان على الدراهم والدنانير وهو أول من نقشها. وقال الماوردي في كتاب الأحكام السلطانية: اختلف في أول من ضربها بالعربية في الإسلام فقال سعيد بن المسيب: أول من ضرب الدراهم المنقوشة عبد الملك بن مروان، وكانت الدنانير والدراهم رومية وكسروية". اهـ.

وفي أسباب عزم عبد الملك على ضرب النقود؛ ما ذكره بعض المؤرخين عندما حدث خلاف بين ملك الروم وبين الخليفة الأموي; حيث هدد قيصر الروم بأنه سينقش على الدنانير التي يتداولها أهل الإسلام ما يُكره عن النبي -صلى الله عليه وسلم[45].

فدل هذا الأمر على استفادة المسلمين في صدر الإسلام من خبرات وتجارب الأمم الكافرة في مجال التعامل الاقتصادي وربط الوضع الاقتصادي للدولة المسلمة بالعملة التي تصدر عن أعداء الأمة، وهذا مما لا بأس به ما دام أن ذلك لا يناقض أو يعارض أمراً من دين الإسلام، ولهذا لما حدث ما حدث بين ملك الروم وخليفة المسلمين عبدالملك ترك المسلمون الاستفادة من نقودهم تحسباً لضرر يحصل منها على المسلمين.

6. ومنه؛ صناعة الورق"الكاغد"، واستخدامه في تدوين العلم وكتابة الرسائل وعقد المواثيق، الاستفادة من خبرة الأمم الكافرة في ذلك:
الكتابة وأدواتها من ضروريات الحياة التي لقيت عناية من البشر في شتى الأمم، واهتموا لها لما تؤديه من رسالة وتنجزه من مهمات وتحفظه من حضارة ومعرفة.

وقد كان إيجاد ما يكتب عليه من الأمور التي حظيت باهتمام أممي كبير، فقد مرت الكتابة بمراحل عديدة لدى الأمم الأخرى وحظيت بعناية خاصة في أمة الإسلام، وقد مرت صناعة الورق بمراحل عديدة، وانتهت إلى صورة الورق الحالية بعد وجود ما يسمى بصناعة الورق "الكاغد"، فقد نشأت صناعته في الصين كما أشار لذلك ابن النديم[46]، ثم بعد فتح المسلمين لسمرقند سنة "93هـ" وأسر عدد كبير من الصينيين قرابة عشرين ألفاً، وكان من بين هؤلاء الأسرى من يعرف صناعة الورق، فقامت على عاتقهم صناعة الورق في سمرقند، ثم انتقلت هذه الصناعة إلى بغداد فأسس أول مصنع للورق في بغداد عام 178هـ على يد الفضل بن يحيى في عصر هارون الرشيد، وتم تطوير هذه الصناعة وإدخال كثير من التحسينات عليها.

المبحث الثالث
الاستفادة منهم في النظم الإدارية والسياسية

وهذه مسألة من المسائل التي يجدر بنا تحريرها وبيانها، فنحن في عصر تعصف بالأمم طرائق تنظيمية عالمية تكاملية، وأصبح التقارب المعرفي من خلال الوسائل التقنية المبهرة طريقاً إلى تحرير ما يصح مما لا يصح من نظم الحياة والعلاقات والخبرات الإدارية والتطويرية والتنموية.

ومع أهمية هذه المسألة وضرورتها إلا أنني سأقصر القول على هذه المسألة من زاويتها المرادة حسب موضوع بحثنا، فقد استفاد نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الكافرين في تنظيم حياة الناس وعلاقات دولة الإسلام، واستفاد أصحابه وخلفاؤه الراشدون -رضي الله عنهم- من خبرات الأمم الأخرى ما يخدم وينظم حياة الناس وييسر أمورهم.

ولهذه الصورة من الاستفادة نماذج عديدة في سيرة نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحياة أصحابه -رضي الله عنهم- وسير سلف هذه الأمة، ولعلنا أن نقف مع نماذج من ذلك:
1. الاستفادة من خبرتهم وتجاربهم:
فقد كان من سيرة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما يدل على الثقة بقولهم والاتكال على معرفتهم وخبرتهم والطمأنينة على سرية الخبر عند بعضهم. ففي أعظم موقف من مواقف السيرة النبوية، وهو الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة النبوية، وأعداؤه يترصدون له ويفتشون عنه، ومع ذلك وثق -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في رجل من المشركين واطمأن له وأنس بخبره وخبرته وسار معه في طريق الهجرة متخفياً عن أعين المشركين الذين رصدوا الجوائز الباهظة لمن يأتي بخبره -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

تقول أم المؤمنين عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - الْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ- قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ[47].

2. استئمانهم واستنصاحهم:
فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استأمن قبيلة من المشركين وجعلهم موضع النصح له والأمانة على سره، فقد كانت خزاعة عيبة نصح رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

جاء في خبر[48] الحديبية الطويل وقدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- للعمرة: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام[49]: "وذلك لحلف كان بينهم في الجاهلية قال أبو عبيد - ولا أرى عيبة الثياب إلا مأخوذة من هذا لأنه إنما يضع الرجل فيها خير ثيابه وخير متاعه وأنفسه عنده".اهـ قال الحافظ[50]: "أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره".

وفي رواية ابن اسحاق[51]قال الزهري: "وكانت خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها لا يخفون عليه شيئاً كان بمكة ".

3. ومن ذلك أمن جانبهم والاستنصار بهم:
فهذا أبو طالب –المشرك- ينصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وخبر ذلك متواتر في سيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد سانده وناصره واستأمنه وأخذ برأيه ومشورته، واطمأن إليه وشكى له، مع أنه على الشرك بالله وعلى ملة أعداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت وفاة أبي طالب موقف حزنٍ لابن أخيه -صلى الله عليه وسلم- وشعورٍ منه بفقد حامٍ ومساند له بالجاه والرأي والمناصرة.

4. تنظيم أمور الدولة:
ففي بداية الأمر كانت دولة الإسلام صغيرة المساحة قليلة الأفراد يسيرة أمورها، ولما اتسعت الدائرة وانتشر دين الله تعالى في العالمين وتباعدت المسافات وتعقدت مطالب الحياة وتنظيمات الحقوق والواجبات احتاج المسلمون إلى الاستفادة من خبرات الأمم الأخرى، وتبدى ذلك واضحاً في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجدت التنظيمات الجديدة مثل الدواوين والإدارات، وذلك كي ينظم من خلالها الأعطيات، ويضع الخطط، ويدون الدواوين.. ودفعت غيره من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، إلى البحث في خبرات الحضارات المعاصرة - يومها - لاقتباس كل ما يساعد الحياة الإسلامية الناشئة، على التقنين والتنظيم، والتخطيط، من أجل أن تكون أكثر انضباطًا، وأكثر استفادة وتفاعلاً في الحياة.

وكلمة "ديوان" فارسية الأصل جاءت لدولة الإسلام من بلاد فارس، يقول ابن الأثير[52] -رحمه الله-: "الديوان هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء، وأول من دون الدواوين عمر، وهو فارسي معرب".اهـ.

وقد أطنب ابن خلدون[53] الكلام حول الدواوين في الإسلام وتاريخها، وذكر أنها جاءت لدولة الإسلام من الفرس، ومما ذكره في فصل ديوان الأعمال والجبايات: "اعلم أن هذه الوظيفة من الوظائف الضرورية للملك، وهي القيام على أعمال الجبايات وحفظ حقوق الدولة في الدخل والخرج، وإحصاء العساكر بأسمائهم وتقدير أرزاقهم وصرف أعطياتهم في إباناتها.

قال: ويقال إن أصل هذه التسمية أن كسرى نظر يوما إلى كُتّاب ديوانه وهم يحسبون على أنفسهم كأنهم يحادثون فقال ديوانه أي مجانين بلغة الفرس، فسمي موضعهم بذلك وحذفت الهاء لكثرة الاستعمال تخفيفا فقيل ديوان، ثم نقل هذا الاسم إلى كُتَّاب هذه الأعمال المتضمن للقوانين والحسبانات... وأول من وضع الديوان في الدولة الإسلامية عمر رضي الله عنه، يقال لسبب مال أتى به أبو هريرة رضي الله عنه من البحرين فاستكثروه وتعبوا في قسمه... فأشار خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بالديوان.

وقال: رأيت ملوك الشام يدونون. فقبل منه عمر. وقيل بل أشار عليه به الهرمزان لما رآه يبعث البعوث بغير ديوان، فقيل له؛ ومن يعلم بغَيبة من يغيب منهم، فإن من تخلف أخل بمكانه وإنما يضبط ذلك الكتاب، فأثبت لهم ديواناً، وسأل عمر عن اسم الديوان فعبر له، ولما اجتمع ذلك أمر عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من كتاب قريش، فكتبوا ديوان العساكر الإسلامية على ترتيب الأنساب؛ مبتدأ من قرابة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما بعدها الأقرب فالأقرب.

قال: هكذا كان ابتداء ديوان الجيش... وأما ديوان الخراج والجبايات فبقي بعد الإسلام على ما كان عليه من قبل؛ ديوان العراق بالفارسية، وديوان الشام بالرومية، وكُتَّاب الدواوين من أهل العهد من الفريقين.

ولما جاء عبد الملك بن مروان واستحال الأمر ملكاً وانتقل القوم من غضاضة البداوة إلى رونق الحضارة ومن سذاجة الأمية إلى حذق الكتابة، وظهر في العرب ومواليهم مهرة في الكتاب والحسبان، فأمر عبد الملك سليمانَ بن سعد والي الأردن لعهده أن ينقل ديوان الشام إلى العربية، فأكمله لسنة من يوم ابتدائه، ووقف عليه سرحون كاتب عبدالملك، فقال لكتاب الروم: اطلبوا العيش في غير هذه الصناعة؛ فقد قطعها الله عنكم.

وأما ديوان العراق فأمر الحجاج كاتبه صالح بن عبدالرحمن وكان يكتب بالعربية والفارسية... وأمره أن ينقل الديوان من الفارسية إلى العربية ففعل، ورغم لذلك كُتَّاب الفرس".اهـ بتصرف.

فتبين بهذا استفادة الأمة في صدر الإسلام من الخبرات الإدارية للأمم الأخرى، والاتفاق على ذلك حيث تم العمل بهذه التنظيمات مع توافر الأصحاب -رضي الله عنهم- وأعلام الأمة -رحمهم الله.

المبحث الرابع
الاستفادة منهم في الشؤون العسكرية

فقد وردت مواقف تدل على مشروعية الاستفادة من تجاربهم وخبرتهم العسكرية في الحروب، والأخذ بالأسباب المادية الجالبة للنصر، ومن ذلك:

1. حفر الخندق:
ففي غزوة الأحزاب استفاد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تجربة الفرس في ذلك لما ذكرها له الصحابي الجليل سلمان لفارسي -رضي الله عنه-. وقد سميت غزوة الخندق لأجل الخندق الذي حفر حول المدينة بأمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه، حيث قال: إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا فأمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بحفر الخندق حول المدينة وعمل فيه بنفسه ترغيباً للمسلمين فسارعوا إلى عمله حتى فرغوا منه وجاء المشركون فحاصروهم".

وفي عون المعبود[54]: "سميت الغزوة بالخندق لأجل الخندق الذي حفر حول المدينة بأمره عليه الصلاة والسلام لما أشار به سلمان الفارسي فإنه من مكائد الفرس دون العرب".

قال ابن عبدالبر في ترجمة سلمان[55] -رضي الله عنه-: "أول مشاهده الخندق وهو الذي أشار بحفره فقال أبو سفيان وأصحابه إذ رأوه هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها".اهـ.

يقول علي القاري[56]: فاستشار أصحابه فأشار سلمان رضي الله عنه بحفره كما هو عرف بلادهم إذا قصدهم العدو الذي لا طاقة لهم بهم حول المدينة ليمنعهم دخولها بغتة ويستأمن به المسلمون على نسائهم وأولادهم فحفره هو وأصحابه بضعة عشر يوماً ورأوا فيها من الشدة والجوع والمعجزات ما هو مسطور في محله.اهـ.

وقال ابن القيم[57]: فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه استشار الصحابة فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق يحول بين العدو وبين المدينة فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبادر إليه المسلمون وعمل بنفسه فيه وبادروا هجوم الكفار عليهم وكان في حفره من آيات نبوته وأعلام رسالته ما قد تواتر الخبر به.

وذكر عدد من المحدثين أن سلمان هو الذي أشار بحفر الخندق وأن ذلك من عمل الفرس[58].

والخندق[59] لفظ فارسي مُعَرَّبَ، تَكلَّمَتْ به العَرَبُ.

فهذه خبرة عسكرية فارسية، جاء بها سلمان -رضي الله عنه- ورضي بها المسلمون لما يتحقق بها من مصلحة ولما ينبني على الاستفادة منها من الأخذ بالأسباب.

2. ترتيب الجند في مسير الجيش ووقوفه ومواجهته للعدو:
فقد استفاد المسلمون من خبرة الأمم الكافرة في ذلك، فقد كانت صفة الحرب قبل الإسلام هي طريقة العرب في ذلك، ولما رأى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن طريقة الأعاجم في ذلك أثبت وأقوى صار إليها.

يقول ابن خلدون[60]: "وصفة الحروب الواقعة بين أهل الخليقة منذ أول وجودهم على نوعين؛ نوع بالزحف صفوفا، ونوع بالكر والفر، أما الذي بالزحف فهو قتال العجم كلهم على تعاقب أجيالهم وأما الذي بالكر والفر فهو قتال العرب والبربر من أهل المغرب، وقتال الزحف أوثق وأشد من قتال الكر والفر؛ وذلك لأن قتال الزحف ترتب فيه الصفوف وتسوى كما تسوى القداح أو صفوف الصلاة ويمشون بصفوفهم إلى العدو قدمًا، فلذلك تكون أثبت عند المصارع وأصدق في القتال وأرهب للعدو".

وقال[61]: "وكان الحرب أول الإسلام كله زحفا وكان العرب إنما يعرفون الكر والفر لكن حملهم على ذلك أول الإسلام أمران أحدهما أن أعداءهم كانوا يقاتلون زحفا فيضطرون إلى مقاتلتهم بمثل قتالهم الثاني أنهم كانوا مستميتين في جهادهم لما رغبوا فيه من الصبر".اهـ.

فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى طريقة قتال الكافرين وخططهم الحربية أقوى وأبلغ أثراً فاستنه لجيش الإسلام، وذلك لأن تحقيق المصلحة الدنيوية بالقتال يكون أبلغ بذلك، ولا مفسدة شرعية من الاستفادة من هذه التجربة، فصار إليه جيش الإسلام.

3. الأسلحة وآلات الحرب التي صنعوها، وتميزوا بها، واشتهرت نسبتها لهم:
فإنه لا يخفى عن كل مطالع لكتب السير والغزوات والتراجم ما يتردد من ذكر المنجنيق والسيف والحسام والسهام والرمح والترس وأنواع الأسلحة، وما كان يصحب تلك الأسماء من نعوت وأوصاف مرتبطة بالبلدان والأقاليم، فيقال: هندي، وأصفهاني، وفارسي، ويماني، وخراساني، وغيرها مما امتلأت به سير الشجعان وتراجم الفرسان وأخبار ميادين الوغى.

قال ابن منظور[62]: "قال الأَزهري: والأَصل في التهنيد عمل الهند. يقال: سَيْفٌ مُهَنَّدٌ وهِنْدِيٌّ وهُنْدُوانيٌّ إِذا عُمِلَ ببلاد الهند وأُحْكِمَ عملُه، والمُهَنَّدُ: السيفُ المطبوعُ من حديدِ الهِنْد".

وفي الصحيح[63] عنْ قَيْس بنِ أبي حازِم قال سَمِعْتُ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ يَقولُ: (لَقَدِ انْقَطَعَتْ في يَدِي يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أسْيافٍ فَما بَقِيَ في يَدِي إلاَّ صَفيحَةٌ يَمانِيَّةٌ).

وفي مشارق الأنوار[64]: "قوله صفيحة يمانية الصفيحة من السيوف العريض". وقال[65] في تعليقه على الحديث: "في يدي صحيفة يمانية، كذا للأصيلي وهو وهم، وصوابه ما لغيره صفيحة أي سيف عريض".

فصل
واقع الأمة ومواقف العلماء

وهذا الوجه وإن كان منطلقاً في أصله من النصوص الشرعية، فهو إيضاح للمسألة وبيان لها؛ وفيه استنباطات الأئمة من نصوص شرعية قد لا تكون صريحة في هذا الباب.

كما أن ما وقع في تأريخ الأمة وما صدر من فتاوى وأقوال حول ذلك ما هو إلا شرح للنص الشرعي وتوجيه للحكم من خلال التطبيق العملي، فمن ذلك:
أن عدداً من الأئمة استدلوا على جواز ذلك بأدلة أخرى سأعرض لذكرها في أثناء نقل أقوالهم، فمن ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية[66] رحمه الله تعالى: "فإن ذِكْر ما لا يتعلق بالدين مثل مسائل الطب والحساب المحض التي يذكرون فيها ذلك، وكتب من أخذ عنهم مثل محمد بن زكريا الرازي وابن سينا ونحوهم من الزنادقة الأطباء؛ ما غايته انتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا فهذا جائز، كما يجوز السكنى في ديارهم ولبس ثيابهم وسلاحهم، وكما تجوز معاملتهم على الأرض كما عامل النبي يهود خيبر[67] وكما استأجر النبي هو وأبو بكر لما خرجا من مكة مهاجرين ابن أريقط -رجلا من بني الديل- هادياً خريتاً[68]، - والخريت الماهر بالهداية[69] - وائتمناه على أنفسهما ودوابهما، ووعداه غار ثور صبح ثالثة. وكانت خزاعة عيبة نصح[70] رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسلمهم وكافرهم، وكان يقبل نصحهم[71] وكل هذا في الصحيحين. وكان أبو طالب ينصر النبي صلى الله عليه وسلم ويذب عنه مع شركه وهذا كثير، فإن المشركين وأهل الكتاب فيهم المؤتمن كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ﴾ [آل عمران: 75].

ولهذا جاز ائتمان أحدهم على المال، وجاز أن يستطب المسلم الكافر إذا كان ثقة؛ نص على ذلك الأئمة كأحمد وغيره؛ إذ ذلك من قبول خبرهم فيما يعلمونه من أمر الدنيا وائتمان لهم على ذلك، وهو جائز إذا لم يكن فيه مفسدة راجحة؛ مثل ولايته على المسلمين وعلوه عليهم ونحو ذلك، فأخذ علم الطب من كتبهم؛ مثل الاستدلال بالكافر على الطريق، واستطبابه؛ بل هذا أحسن؛ لأن كتبهم لم يكتبوها لمعين من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة، وليس هناك حاجة إلى أحد منهم بالخيانة بل هي مجرد انتفاع بآثارهم كالملابس والمساكن والمزارع والسلاح ونحو ذلك".اهـ.

وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في البدائع[72] فائدة بعنوان "فائدة جواز الرجوع للكافر في الطب والكتابة" قال: "في استئجار النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن أريقط الدؤلي هادياً في وقت الهجرة - رواه البخاري- وهو كافر؛ دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها، مالم يكن ولاية تتضمن عدالة، ولا يلزم من مجرد كونه كافرا أن لا يوثق به في شيء أصلا؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة". اهـ.

وورد في كلام الأئمة رحمهم الله تعالى - أيضاً - استحسان ما حازه القوم الكافرون من العلوم الطبيعية، وما توصلوا له من خلال خبراتهم الحياتية وتجاربهم المتكررة، وجواز الاستفادة من ذلك، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[73] رحمه الله: "وعلم القوم الذي كانوا يعرفونه هو الطب والحساب فلهم في الطبيعيات كلام كثير جيد والغالب عليه الجودة وكذلك في الحساب".اهـ.

وقال[74]: "وأما الأمور التي يستقل بها العقل؛ فمثل الأمور الطبيعية مثل كون هذا المرض ينفع فيه الدواء الفلاني، فإن مثل هذا يعلم بالتجربة والقياس وتقليد الأطباء الذين علموا ذلك بقياس أو تجربة، وكذلك مسائل الحساب والهندسة ونحو ذلك هذا مما يعلم بالعقل". اهـ.

وفي كتاب الجواب الصحيح[75]، عند ذكر الترجمة للكلام من لسان إلى آخر قال: "والرجل يكتب كتاب علم في طب أو حساب بلسان قومه ثم يترجم ذلك الكتاب وينقل إلى لغات أخر، وينتفع به أقوام آخرون، كما ترجمت كتب الطب والحساب التي صنفت بغير العربي وانتفع بها العرب وعرفوا مراد أصحابها وإن كان المصنف لها أولاً إنما صنفها بلسان قومه". اهـ.

وفي كتاب الرد على المنطقيين[76] أشار إلى أن هذه العلوم الناتجة عن التجربة والممارسة مما يستفاد منه ويؤخذ به فقال: "ثم عُرف أرسطو بهذه الكتب المنسوبة إليه كما عُرف بطليموس المجسطى، وكما عُرف أبقراط وجالينوس بما ينسب إليهما من كتب الطب، و... ما يذكرونه في كتبهم من القضايا التجريبية والحدسية، وغاية ما يوجد أن يقول بطلميوس: هذا مما رصده فلان، وأن يقول جالينوس: هذا مما جربته أنا، أو ذكر لي فلان أنه جربه، أو نحو ذلك من الحكايات التي ملأ بها جالينوس كتابه، وإن قدّر أن غيره جرب أيضا، وما يدعى في تجارب الأطباء من الأدوية أقرب إلى التسليم مما يدعونه في تجاربهم الرصدية، وذلك لاشتراك كثير من الأطباء في تجربة الدواء الواحد، وأيضا فلكثرة وجود ما يدعى فيه التجربة من النبات، وتواطؤ المجربين له...قال: فإنا رأينا تجارب الأطباء... وعلمنا صدقها كثيراً".اهـ.

وذكر ابن فرحون[77] في ترجمة الإمام محمد بن علي المازري - رحمه الله تعالى – صاحب كتاب المعلم في شرح صحيح مسلم، إطلاعه على علوم كثيرة من والحساب والأدب وغير ذلك، وذكر ما يستأنس به في مقامنا هنا فقال - رحمه الله تعالى -: "يحكى أن سبب قراءته الطب ونظره فيه؛ أنه مرض، فكان يطببه يهودي، فقال له اليهودي يوماً: يا سيدي، مثلي يطبب مثلكم، وأي قُربة أجدها أتقرب بها في ديني، مثل أن أُفقدكم للمسلمين. فمن حينئذ نظر في الطب".اهـ.

قال الذهبي[78]: فأثر هذا عند المازري وأقبل على تعلم الطب حتى برع فيه في زمن يسير وصار يفتي فيه كما يفتي في العلم رحمه الله.

وقد تكلم فقهاؤنا عن مسألة الانتفاع بالكتب التي دونها الكفار وهل يجوز للمسلم اقتناؤها؟ والانتفاع بها؟ فكان قولهم في ذلك على الأصل وهو الجواز إلا فيما لا ينتفع به منها؛ يقول الإمام ابن قدامة[79]-رحمه الله-: "أما كتبهم –يعني الكفار- فإن كانت مما ينتفع به ككتب الطب واللغة والشعر فهي غنيمة، وإن كانت مما لا ينتفع به ككتاب التوراة والإنجيل، فأمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد غسله، غسل وهو غنيمة وإلا فلا يجوز بيعها".اهـ.
وقال الإمام النووي[80]-رحمه الله-: "قال أصحابنا يجوز بيع... وكتب الطب والحساب وغيرهما مما فيه منفعة مباحة، قال أصحابنا ولا يجوز بيع كتب الكفر لأنه ليس فيها منفعة مباحة، بل يجب إتلافها... وهكذا كتب التنجيم والشعبذة والفلسفة وغيرها من العلوم الباطلة المحرمة فبيعها باطل لأنه ليس فيها منفعة مباحة".اهـ.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا[81]-رحمه الله تعالى-: "استدل بعض أهل العلم على مشروعية طلب العلم من أي طريق كان، بحديث (اطلبوا العلم ولو بالصين)[82]، في زمن لم يكن يسكن الصين فيه غير أصناف المجوس.... ولا غرو فإن شرعاً أساسه الحكمة، ودعامته الفضيلة، وغايته سعادة الدارين والظفر بالحسنيين، يأمر بسلوك الجادة، وعدم الاستنكاف عن الاستفادة، وهذه كتب أعلام الملة في تفسير الكتاب الكريم وشرح الحديث الشريف والتصوف والأدب والتاريخ محشوة بكلام حكماء اليونان الذين نقلت علومهم إلى الأمة، وحكماء الفرس الذين خالط أمتهم العرب، وبحكايات أحوال عباد بني إسرائيل ورهبان النصارى ما استحسن منها.

ولقد كان الشارع - صلى الله عليه وسلم - يعجبه كلام بعض المشركين ويعجب به وكثيرًا ما كان يستنشد شعر أمية بن أبي الصلت ويستزيد حتى أنشد مرة مائة قافية. أخرج مسلم[83] عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: ردفت النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ((هل معك من شعر أمية شيء؟)) قلت: نعم، قال: هيه، فأنشدته بيتاً، فقال: هيه، حتى أنشدته مائة بيت، فقال: ((إن كاد ليسلم))".اهـ.

وقبل الختام أحب أن أشير إلى مسألتين مهمتين، ينبغي أن لا تغيب عن المطلع على مثل هذا الموضوع:
المسألة الأولى: أن لا يغيب عن قارئ هذه السطور ما ورد من نصوص شرعية كثيرة في التحذير من التشبه بالكافرين ولزوم مغايرتهم فيما هو من خصائصهم وعاداتهم وأديانهم، والحذر من التبعية المقيتة لهم، وما نحن بصدد ذكره آنفاً ليس من هذا الباب، بل هو إن لم يكن مطلوباً على وجه الوجوب فقد يكون مطلوباً على وجه الاستحباب.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا[84]-رحمه الله تعالى- في معرض تناوله لهذه المسألة والرد على من يرى فيما ذكرناه تقليداً وتشبهاً: "إن جملة ما يتأتى به التقليد والاحتذاء ينحصر في ثلاثة أمور:
(الأول) الفنون والصنائع المفيدة، وهذا ربما يصل طلب التقليد فيه إلى الوجوب الشرعي، وذلك كالفنون التي تتعلق بالقوى الحربية والصحة الجسدية وسائر ما لا يستغني عنه العمران، ولا وصول إليها أولاً إلا بالتقليد والاقتباس.

(الثاني) ما لا نفع فيه ولا ضرر منه، والأَولى تركه وإن كان مباحاً، وإن لم يكن بد من فعله فينبغي ألا يلاحظ التشبه بهم ولا يتوخى احتذاؤهم فيه.

(الثالث) ما فيه ضرر لنا، والحكم الشرعي في إتيان المضرات المحققة: الحرمة. والمظنونة: الكراهة. وهناك شبهات يخشى ضررها ولا يرجى نفعها، وربما لا يظهر ضررها إلا باستعمال السواد الأعظم لها، لا الآحاد والعشرات مثلاً".أهـ.

وقد وردت نصوص عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين في النهي عن التنعم والترف كما عند مسلم من حديث[85] عتبة بن فرقد رحمه الله، وقد أمَّره الفاروق عمر رضي الله عنه على جيش العجم وفيه: (وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك ولبوس الحرير فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن لبوس الحرير...) الحديث.

قال الإمام النووي[86]: "وقد جاء في هذا الحديث زيادة في مسند أبي عوانة الإسفراييني[87] بإسناد صحيح قال: (أما بعد: فَائْتَزِرُوا وارتدوا وألقوا الخفاف والسراويلات وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل وإياكم والتنعُّم وزي الأعاجم، وعليكم بالشمس؛ فإنها حمام العرب، وتمعددوا واخشوشنوا واقطعوا الركب وابرزوا وارموا الأغراض).

قال النووي: "ومقصود عمر رضي الله تعالى عنه حثهم على خشونة العيش وصلابتهم في ذلك ومحافظتهم على طريقة العرب في ذلك".اهـ.

ومعلوم أن الموقف الذي قال فيه الفاروق هذه المقالة موقف يحتاج إلى الخشونة والشدة والصبر والتحمل، ولا يتناسب معه التجمل والترفه والبذخ والميوعة، فهو خطاب أمير المؤمنين للجيش المسلم في الجهاد، ولا يفهم من النص تحريم ما ذكر أو كراهته، لكونها من زي الأعاجم، فقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يلبسون ذلك.

والمسألة الثانية: إن على الأمة كلها أفرادٍ ومجتمعة واجبات جليلة من أعظمها القيام بفعل أسباب استقلاليتها واستغنائها عن غيرها، ولا شك أن لدينا إرثاً حضارياً وثقافياً عظيماً، توافرت النصوص على وضوحه واستقراره وعلو شأنه، وشهد الزمان وحقب التاريخ أن للأمة موروثاً وأصولاً قوية في بناء أمة مستقلة منتصرة قوية سائدة رائدة، ولن أعرض لهذه المسألة هنا فهي معلومة معروفة.

ولا شك أن الاستفادة من تقنيات الأمم الأخرى وخبراتهم لا تخل باستقلالية الأمة وتميزها، فالميدان في هذه المعارف والتقنيات مفتوح للمنافسة وكل أمة تبدأ من حيث انتهى من سبقها، وتبني دراساتها على تجارب غيرها، يقول الشيخ محمد رشيد رضا[88]-رحمه الله تعالى-: "وأما أخذ العلوم والفنون وأصول الصنائع عنهم فلا محذور وراءه، ولا محظور أمامه، ومن هي في أيديهم الآن من أهل المغرب أخذوها منا فهذبوا ونقحوا واستنبطوا، وكنا أخذناها من غيرنا فهذبناها ونقحنا، نعم لم نصل إلى مداهم وغايتهم التي انتهوا إليها الآن في استثمارها، واستدرار ضروع إنعامها، ولا نيأس من روح الله في السبق عند الكرة الأخرى ﴿ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [سورة آل عمران].اهـ. لا نيأس ولا نضعف ولا نحتقر أمتنا، متى ما صدقت الأمة مع الله ووجد من رجالاتها من يعمل بهمة وإخلاص وصدق وثقة.

الخاتمة
إن طرح الأبدان بين يدي من يعالجها من البشر وإن لم يكن مسلماً، والإذن بذلك وفعله، وإن استخدام العملة التي يتعامل بها الكفار في عهد النبوة وما بعده، مع ما تحمله تلك العملات من شعار الكفار، كل ذلك وغيره مما ورد ذكره في ثنايا هذا البحث، يدل على ما عنونت به للبحث، من مشروعية ذلك، ويفند ما تتبناه بعض التوجهات المنغلقة على نفسها، ويؤكد على ما يؤصل له دين الله عز وجل من التعايش مع الأمم الأخرى، والتعامل معها وفق ضوابط شرعية واضحة ومفصلة.

لقد بين ربنا - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم أن العلم مطلب عظيم وأن المنافع والمصالح التي يستفيد منها المسلم مطلب مشروع استغلاله والإفادة منه، ولعل لفتة بديعة في كتاب الله تعالى إلى استفادة الإنسان حتى من الغراب كما في خبر ابني آدم: ﴿ فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ ﴾ [سورة المائدة: 31]، تدل على أن الله تعالى أباح للإنسان الاستفادة من النافع المفيد من أي جهة كان وروده، ولذلك فالعلم بحقائقه وثمراته مقصد لكل مسلم، وهو مطلب من كل الأمة أن تنال منه نصيباً وفيراً، وأن تحقق فيه تقدماً كبيراً، وأن تكون لها عناية واهتمام بالاستفادة مما لدى أمم الأرض من تقنيات وصناعات ومبتكرات، وذلك باستغلالها وتطويرها وتطويعها لخدمة الأمة وتحقيق أهدافها.

وإن التقنيات المعاصرة بإمكاناتها المذهلة، وسرعتها الفائقة، وخدماتها الجليلة في بعض جوانبها، جعلت من أبناء الأمة من سارع لتطويعها والاستفادة منها في خدمة الإسلام ونشره بين العالمين، فمن خلال البرامج الحاسوبية خاصة، وعن طريق الشبكة العالمية للمعلومات (Internet)، كانت هنالك جهود قليلة في تسخير هذه التقنيات، ومع قلتها وضعف إمكانياتها؛ فهي تبشر بخير كثير، فقد أثمرت ثماراً يانعة مشجعة، تدفع لمضاعفة العمل واستشعار المسؤولية وتوحيد الجهود وتطوير العمل وإعداد البحوث والدراسات حول ذلك كله.

إن عصر السرعة الذي نعيش فيه اليوم يستدعي من الأمة العمل على ما يجعل المعلومة بين يدي الباحث عنها، بل وبين يدي العالم أجمع – أعني المعلومات عن الإسلام خاصة، لأن مسؤولية الأمة في البلاغ عظيمة –، وإن التقنية المعاصرة تخدم ذلك بأيسر السبل وأقل التكاليف، ويبقى الجهد البشري من الأمة والهمة العالية من العلماء وطلبة العلم والبذل السخي من الحكومات والمؤسسات العلمية والبحثية والخيرية، وهي مسؤوليتنا جميعاً نحو هذا الدين وهذه الثقافة وهذه الأمة.

بهذه التقنية يستطيع المسلم الواعي إيصال نور الله تعالى للعالمين بسرعة مذهلة، ولأقطار من الأرض بعيدة وقاصية لا يمكن الوصول لها بالطرق التقليدية، كل ذلك دون تعقيدات ولا تكاليف أو جهد، وأيضاً وفّرت التقنية الحصول على المعلومة بسرعة وشمولية، وتبقى حاجة الأمة للوعي بأهمية هذه التقنية وكيفية تسخيرها والاستفادة منها والعلم بأهميتها وأثرها.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

المراجع والمصادر
1. الأحاديث المختارة لأبي عبدالله محمد بن عبدالواحد، الضياء المقدسي، تحقيق عبدالملك الدهيش، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1410هـ.
2. الآداب الشرعية والمنح المرعية، لشمس الدين أبي عبدالله محمد بن مفلح المقدسي حنبلي، تحقيق شعيب الأرنؤوط، وعمر القيَّام، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة 1421هـ - 2000م.
3. الاستيعاب في معرفة الأصحاب، للإمام يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر، تحقيق علي محمد البجاوي، دار الجيل بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ.
4. أسد الغابة في معرفة الصحابة، لعز الدين أبي الحسن ابن الأثير، تصوير دار إحياء التراث العربي، بيروت، عن طبعة المطبعة الإسلامية، طهران 1377هـ.
5. الإصابة في تمييز الصحابة، لأبي الفضل أحمد بن علي، ابن حجر العسقلاني، تحقيق علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى 1412هـ.
6. بدائع الفوائد لابن القيم، تحقيق بشير محمد عيون، مكتبة البيان، دمشق، الطبعو الأولى، 1415هـ -1994م.
7. البداية والنهاية، لأبي الفداء إسماعيل بن كثير، تحقيق الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1418هـ - 1993م.
8. تاريخ ابن خلدون، لعبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، دار الأرقم، بيروت، الطبعة الخامسة، 1984م.
9. تاريخ بغداد، لأحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت.
10. تاريخ مدينة دمشق، لأبي القاسم علي بن الحسن، ابن عساكر، تحقيق عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، 1995م.
11. تحفة الأحوذي بشرح جامع الإمام الترمذي، لأبي العلا محمد عبدالرحمن المباركفوري، تحقيق عبدالرحمن محمد عثمان، دار الفكر، بيروت.
12. التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، لشمس الدين السخاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م.
13. التدوين في أخبار قزوين، لعبدالكريم بن محمد القزويني، تحقيق عزيز الله العطاري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987م.
14. تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، لابن حجر العسقلاني، تحقيق د.عاصم بن عبدالله القريوتي، مكتبة المنار، عمان، الطبعة الأولى، 1403هـ -1983م.
15. تفسير ابن كثير، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ، اعتنى به عبدالقادر الأرنؤوط، دار الفيحاء دمشق، ودار السلام الرياض، الطبعة الثانية، 1418هـ - 1998م.
16. تفسير الطبري، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، دار ابن حزم، بيروت، ودار الأعلام، الأردن، الطبعة الأولى 1423هـ - 2002م.
17. تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامة، دار الرشيد، دمشق، الطبعة الأولى 1406هـ - 1986م.
18. تلقيح فهوم أهل الأثر، لأبي الفرج عبدالرحمن ابن الجوزي، دار الأرقم، بيروت، الطبعة الأولى، 1997م.
19. تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م.
20. الجامع الصحيح، للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، عناية أبي صهيب الكرمي، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض، 1419هـ - 1998م.
21. الجامع الصحيح، للإمام مسلم بن الحجاج القشيري، عناية أبي صهيب الكرمي، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض، 1419هـ - 1998م.
22. الجامع المختصر من السنن عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض.
23. الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1372هـ-1952م.
24. الجرح والتعديل، لأبي محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي، مصورة عن الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، الهند، 1371هـ، تصوير دار الكتب العلمية.
25. الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية، تصوير مطابع المجد، الرياض.
26. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1405هـ.
27. الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لإبراهيم بن علي بن محمد اليعمري، تحقيق الأستاذ الدكتور الأحمدي أبو النور.
28. زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم، تحقيق شعيب الأرنؤوط، وعبدالقادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ومكتبة المنار الإسلامية، الكويت الطبعة السابعة والعشرين، 1415هـ - 1994م.
29. السنن الصغرى، لأحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق د.محمد ضياء الرحمن الأعظمي، مكتبةالدار، المدينة النبوية، الطبعة الأولى، 1410هـ - 1989م.
30. السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، تحقيق محمد عبدالقادر عطا، 1414هـ - 1994م.
31. السنن، للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض.
32. السنن، للإمام أبي عبدالله محمد بن يزيد ابن ماجه القزويني، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض.
33. سير أعلام النبلاء لأبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق شعيب الأرنؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة التاسعة 1413هـ.
34. السيرة الحلبية، لعلي بن برهان الدين الحلبي، دار المعرفة، بيروت، 1400هـ.
35. السيرة النبوية، لابن هشام، تحقيق مصطفى السقا وآخرون، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1422هـ - 2001م.
36. شرح صحيح مسلم للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، دار إحياء التراث، بيروت، الطبعة الثانية، 1392هـ.
37. شعب الإيمان، للبيهقي، تحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية،بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ.
38. صحيح ابن حبان، ترتيب ابن بلبان، أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ - 1993م.
39. الطبقات الكبرى، لأبي عبدالله محمد بن سعد كاتب الواقدي، دار صادر، بيروت1400هـ - 1980م.
40. عون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1995م.
41. غريب الحديث، لأبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي، تحقيق عبدالكريم بن إبراهيم العزباوي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، 1402هـ - 1982م.
42. غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي، تصوير دار الكتاب العربي، بيروت، عن الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، الهند، 1384هـ - 1964م.
43. فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري، لابن حجر العسقلاني، تحقيق محب الدين الخطيب، مع تعليقات الشيخ ابن باز، تصوير رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوةوالإرشاد، الرياض، عن الطبعة السلفية، القاهرة.
44. الفهرست، لأبي الفرج محمد بن إسحاق ابن النديم، دار المعرفة، بيروت، 1398هـ - 1978م.
45. فيض القدير شرح الجامع الصغير، للإمام عبدالرؤف المناوي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1391هـ.
46. القاموس المحيط، لمجد الدين الفيروزآبادي، دار الفكر، بيروت، 1398هـ - 1978م.
47. الكامل في التاريخ لأبي الحسن علي بن أبي بكر الشيباني ابن الأثير، تحقيق عبدالله القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1425هـ.
48. الكامل في ضعفاء الرجال، لأبي أحمد عبدالله بن عدي الجرجاني، تحقيق يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1409هـ -  1988م.
49. كتاب الرد على المنطقيين، لشيخ الإسلام ابن تيمية، إدارة ترجمان السنة، لاهور، باكستان، الطبعة الثانية، 1396هـ - 1976م.
50. كشف الأستار بزوائد مسند البزار، للهيثمي، تحقيق حفيظ الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1404هـ.
51. كشف الخفا ومزيل الإلباس، لإسماعيل بن محمد العجلوني، تحقيق أحمد القلاش، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1405هـ.
52. كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، لعلي بن حسام الدين المتقي الهندي، مؤسسة الرسالة، - بيروت، 1989 م.
53. لسان العرب، لأبي الفضل محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي، تحقيق نخبة من العاملين بدار المعارف، القاهرة.
54. لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني، تحقيق عبدالفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، الطبعةالأولى، 1423هـ - 2002م.
55. المجتبى من السنن، للإمام أبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي، ، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض.
56. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة 1403هـ - 1982م.
57. المجموع شرح المهذب، للإمام يحي بن شرف النووي، دار الفكر، بيروت، 1997م.
58. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي، مصورة وزارة الشؤون الإسلامية، الرياض، عن الطبعة الأولى، 1398هـ.
59. مرقاة المفاتيح، لعلي بن سلطان القاري، تحقيق جمال عيتاني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1422هـ-2001م.
60. المستدرك على الصحيحين، لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، تحقيق مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ - 1990م.
61. مسند ابن الجعد، لعلي بن الجعد بن عبيد أبو الحسن الجوهري البغدادي، تحقيق: عامر أحمد حيدر، مؤسسة نادر – بيروت، الطبعة الأولى ، 1410 هـ - 1990م.
62. مسند أبي عوانة، لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني، دار المعرفة، بيروت.
63. المسند، للإمام أحمد بن محمد بن حنبل، عناية أبوصهيب الكرمي، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض، 1422هـ - 2002م.
64. مشارق الأنوار على صحاحا لآثار، لأبي الفضل القاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي المالكي، المكتبة العتيقة، تونس، ودار التراث، القاهرة، مصورة عن طبعة 1333هـ.
65. مصباح الزجاجة لأحمد بن أبي بكر البوصيري، تحقيق محمد المنتقي الكشناوي، دار العربية، بيروت، الطبعة الثانية، 1403هـ.
66. المعجم الأوسط، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد ,و‏عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني ، دار الحرمين - القاهرة ، 1415هـ.
67. المعجم الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة النبوية، الطبعة الثانية، 1404هـ - 1983م.
68. المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، لأبي الفضل عبدالرحيم العراقي، تحقيق أشرف عبدالمقصود، مكتبة طبرية، الرياض، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1995م.
69. المغني، للإمام أبي محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1405هـ.
70. مقدمة ابن خلدون، لعبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، دار القلم، بيروت، الطبعة الخامسة، 1984م.
71. منهاج السنة النبوية، لابن تيمية الحراني، تحقيق د.محمد رشاد سالم، إصدار جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الثانية، 1411هـ - 1991م.
72. النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لأبي المحاسن يوسف بن تغري بردى، تحقيق جمال الشيَّال، وفهيم محمد شلتوت، الهيئة المصرية العامة، القاهرة، 1383هـ.
73. النهاية في غريب الحديث والأثر، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري، أشرف عليه/ علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الحلبي، دار ابن الجوزي، الدمام، الطبعة الأولى، 1421هـ.
74. الوافي بالوفيات، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، تحقيق أحمد الأرنؤوط و تركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 1420هـ - 2000م.
75. مجلة الدعوة، السعودية، الرياض، العدد (1789).
76. مجلة المنار، قرص حاسوبي حوى كل أعداد المجلة.

[1] تاريخ مدينة دمشق (51/410)، سير أعلام النبلاء (10/41).
[2] سير أعلام النبلاء (10/57).
[3] سير أعلام النبلاء (10/57).
[4] حلية الأولياء (9/142).
[5] تاريخ مدينة دمشق (51/410).
[6] صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب جواز الغيلة وهي وطء المرضع، وكراهة العزل،(573) رقم(140-1442). ورواه الترمذي، كتاب الطبّ عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جَاءَ في الْغِيلَة، (ص344) رقم(2077). وأشار لهذا الحديث الأخ الدكتور خالد بن منصور الدريس، في مقال نشرته مجلة الدعوة، العدد (1789).
[7] هي: جدامة بنت وهب ويقال بنت جندب ويقال: بنت جندل الأسدية أخت عكاشة بن محصن لأمه، وكان إسلامها قديماً، وهاجرت مع قومها إلى المدينة. قال الواقدي: كانت تحت أنيس بن قتادة ممن شهد بدراً وقتل يوم أحد. الإصابة (7/ 551).
[8] في النهاية في غريب الحديث والأثر(686):الغِيلة –بالكسر- الاسم من الغَيل –بالفتح-؛ وهو أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع، وكذلك إذا حملت وهي مرضع. اهـ.
[9] الباب السابق، (573) رقم(141-1442).
[10] الباب السابق، (573) رقم (123-1443).
[11] انظر: تحفة الأحوذي (6/207).
[12] فيض القدير شرح الجامع الصغير، (5/280) رقم: (7298).
[13] تتبعت خبر سعد فوجدت له طريقين، أحدهما من رواية مجاهد عنه، والآخر من رواية إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه قال مرض سعد فعاده، عند ابن منده، كما ذكر ذلك الحافظ في الإصابة (1/595).
[14] مفؤد: اسم مفعول مأخوذ من الفؤاد وهو الذي أصابه داء في فؤاده وأهل اللغة يقولون الفؤاد هو القلب وقيل هو غشاء القلب أو كان مصدوراً فكنى بالفؤاد عن الصدر لأنه محله. عون المعبود (10/255). النهاية في غريب الحديث(3/405).
[15] الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفي، طبيب العرب، ذكره ابن حجر في الإصابة في القسم الأول، وقال ابن أبي حاتم لم يصح له إسلام. انظر: الجرح والتعديل (3/87) و الإصابة في تمييز الصحابة(1/594).
[16] فليجأهن: أي فليدقهن، وبه سميت الوجيئة وهو تمر يبل بلبن أو سمن ثم يدق حتى يلتئم. النهاية(5/151).
[17] ثم ليلدك بهن: من اللدود، وهو صب الدواء في الفم؛ أي ليجعله في الماء ويسقيك،قال الخطابي: فإنه من اللدود وهو ما يسقاه الإنسان في أحد جانبي الفم. عون المعبود(10/255). النهاية (4/254).
[18] انظر: الجرح والتعديل (3/87)، الاستيعاب (1/283)، السيرة الحلبية (1/447)، الوافي في الوفيات (ص1569)، الآداب الشرعية (3/6).
[19] جاء الحديث من طريق عروة بن الزبير وعبدالله بن أبي مليكة كلاهما عن عائشة رضي الله عنها.
[20] الجرح والتعديل (3/87).
[21] الآداب الشرعية لابن مفلح (2/428).
[22] زاد المعاد (4/405- آخر الكتاب).
[23] التأبير: التشقيق والتلقيح ومعناه شق طلع النخلة الأنثى ليذر فيه شيء من طلع النخلة الذكر. قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (15/117): معناه إدخال شيءٍ من طلع الذكر في طلع الأنثى، فتعلق بإذن الله عز وجل اهـ
[24] صحيح مسلم؛ كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً، دون ما ذكره - صلى الله عليه وسلم - من معايش الدنيا على سبيل الرأي (961)، رقم: (139-2361). وفي سنن ابن ماجه كتاب الرهون، باب تلقيح النخل، (267)، رقم: (2470). وعند أحمد في المسند، (131) رقم (1395،1399).
[25] صحيح مسلم، الباب السابق،(962) رقم (140-2362). ورواه ابن حبان في صحيحه؛ (1/202)، رقم (23).
[26] صحيح مسلم، الباب السابق،، (962)، رقم: (141-2363). ورواه ابن ماجه، الباب السابق، (267) رقم (2471)، وابن حبان في صحيحه؛ (1/201)، رقم(22) عنهما، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أنس - رضي الله عنه – (864) رقم(12572).
[27] الشيص: في النهاية(499): التمر الذي لا يشتد نواه ويقوى، وقد لا يكون له نوىً أصلاً.
[28] انظر: الفتح12/46، التحفة اللطيفة للسخاوي (1/225)، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (11/82)، تلقيح الفهوم لابن الجوزي(113)، والوافي بالوفيات للصفدي (10/252، 15/80).
[29] ‏الجامع لأحكام القرآن، في تفسير سورة النور (12/274). قال: روى سعيد بن زبان-وعند غيره ابن زياد- قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أبي هند رضي الله عنه به.
[30] في النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير(4/347): المِقاطُ بالكسر: الحبلُ الصغير الشديد الفتل، يكاد يَقومُ من شدّةِ فَتْلهِ، وجمعُهُ: مُقُطٌ، ككِتابٍ وكُتُب.
[31] أي ربط الحبل.
[32] صحيح البخاري، كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَر، باب الْجُبَّةِ فِي السَّفَرِ وَالْحَرْب، (561) رقم(2918). وكتاب اللباس، باب مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَر، (1134) رقم(5798) باللفظ السابق. وصحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، (132) رقم (77-274).
[33] جامع الترمذي، كتاب اللباس، باب مَا جَاء في لُبْسِ الْجُبّةِ والخفّيْن، (302) رقم (1771). وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وسنن النسائي، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين في السفر، (31) رقم (125).
[34] سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين(40) رقم (151)، السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الطهارة، باب ما يصلى عليه وفيه من صوف أو شعر (2/419) رقم (3984). والطبراني في المعجم الكبير (20/371)، رقم (866).
[35] تحفة الأحوذي (5/377).
[36] مجلة المنار الجزء 18 المجلد 6 الصفحة 710، رمضان 1321هـ.
[37] انظر: صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل وإباحته للنساء، (859) رقم(10/2069). من حديث عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر، وفيه: فقالت: هذه جبة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فأخرجت إلي جبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج، وفرجيها مكفوفين بالديباج فقالت: هذه كانت عند عائشة حتى قبضت فلما قبضت قبضتها. وكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يلبسها فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها.
[38] انظر: جامع الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الشهداء عند الله، (286) رقم(1644). من حديث عمر بن الخطاب أنه قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: الشهداء أربعة رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك الذي يرفع الناس إليه أعينهم يوم القيامة هكذا، ورفع رأسَه حتى وقعت قلنسوته. قال: فما أدري أقلنسوة عمر أراد، أم قلنسوة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-....الحديث.
[39] انظر: صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه، (243) رقم(1241).عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى...ومن حديث أنس -رضي الله عنه- في المسند(822) رقم(11967)، وفي الأحاديث المختارة للضياء المقدسي(6/59)، رقم(2034) أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى في بردة حبرة. قال: أحسبه عقد بين طرفيها.
[40] صحيح البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب صيد القوس، (1082) رقم(5478). وباب ما جاء في التصيد، (1083) رقم(5488)، وباب آنية المجوس والميتة، (1085) رقم(5496)، وفي صحيح مسلم، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، (800) رقم (8-1930).
[41] فتح الباري (9/623).
[42] سنن أبي داود، كتاب الأطعمة، باب في الأكل في آنية أهل الكتاب، (422)، رقم (3838).
[43] لسان العرب (10/375).
[44] البداية والنهاية (9/20)، وانظر مقدمة ابن خلدون (261).
[45] انظر تفصيل ذلك في: الكامل في التاريخ لابن الأثير (4/167). و النجوم الزاهرة (1/176).
[46] الفهرست لابن النديم (31).
[47] صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام، (421) رقم (2263).
[48] صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (522) رقم(2731) في أثناء حديث طويل.
[49] غريب الحديث (1/138).
[50] فتح الباري (2/974).
[51] انظر: تفسير الطبري(4/179)، السيرة النبوية لابن هشام (4/ 279)، تفسير ابن كثير(4/196).
[52] النهاية في غريب الحديث والأثر (2/150).
[53] مقدمة ابن خلدون (243-244)، بتصرف.
[54] عون المعبود (2/57).
[55] الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/635).
[56] مرقاة المفاتيح (5/364).
[57] زاد المعاد (3/271).
[58] منهم: البيهقي في السنن الكبرى(9/84)،وفي السنن الصغرى (7/470) وانظر: التدوين في أخبار قزوين(1/78)، البداية والنهاية (4/95) فتح الباري (7/392-393)، وتاريخ ابن خلدون 2/440، السيرة النبوية لابن هشام (4/183).
[59] انظر: القاموس المحيط(1/1138) فصل الدال.
[60] مقدمة ابن خلدون (271).
[61] مقدمة ابن خلدون (273).
[62] لسان العرب(15/145) مادة "هند".
[63] صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب: غزوة مؤتة من أرض الشام. (807) رقم(4265، 4266). المستدرك على الصحيحين (3/44) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
[64] مشارق الأنوار، للقاضي عياض(2/49).
[65] مشارق الأنوار (2/40).
[66] مجموع الفتاوى(4/114-115).
[67] روى ذلك البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما؛ وفيه: أَنَّ عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ مِنْهَا، وَكَانَتْ الْأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لِلْيَهُودِ وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((نقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا)) فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا. واللفظ للبخاري.
صحيح البخاري، كِتَاب فرض الْخُمُس، باب مَا كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، (604) رقم (3152). وصحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، (634)، رقم(6-1551).
[68] عند البخاري، كتاب الإجارة، باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام، (421) رقم (2263).
[69] في النهاية (258): الخريت الماهر الذي يَهْتَدي لأخْراتِ المفازة، وهي طرقها الخفية ومضايقها، وقيل: إنه يَهْتَدِي لمثل خَرْتِ الإبرة من الطريق.
[70] في فتح الباري (5/397): العَيْبة بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة؛ ما توضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره. ونُصح بضم النون وحكى ابن التين فتحها؛ كأنه شبه الصدر الذي هو مستودع السر بالعيبة التي هي مستودع الثياب. وفي النهاية(653): عيبتي؛ أي خاصتي وموضع سري، والعرب تكْنِي عن القلوب والصدور بالعياب؛ لأنها مستودع السرائر، كما أن العياب مستودع الثياب.
[71] صحيح البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (522) رقم(2731) في أثناء حديث طويل.
[72] بدائع الفوائد لابن القيم (3/725).
[73] الصفدية (2-293).
[74] منهاج السنة (5/93).
[75] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (2-72).
[76] الرد على المنطقيين (393).
[77] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (ص:279).
[78] تاريخ الإسلام (1/2708).
[79] المغني (9/225).
[80] المجموع (9/240).
[81] مجلة المنار (العدد1، المجلد29، الصفحة551).
[82] رواه البيهقي في شعب الإيمان (2/253) رقم (1663)، وقال عقبه: هذا الحديث شبه مشهور و إسناده ضعيف و قد روي من أوجه كلها ضعيفة .اهـ وفي مسند البزار (1/175) قال: لا يعرف أبو العاتكة ولا يدرى من أين هو؟ فليس لهذا الحديث أصل.اهـ. وقال في كنز العمال (10/242): لم يصح فيه إسناد. اهـ. وفي تخريج الإحياء (1/11) قال: أخرجه ابن عدي والبيهقي في المدخل والشعب من حديث أنس وقال البيهقي: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة. اهـ.
وفي كشف الخفا (1/153)قال العجلوني: هو ضعيف بل قال ابن حبان باطل وذكره ابن الجوزي في الموضوعات ونوزع بقول الحافظ المزي له طرق ربما يصل بمجموعها إلى الحسن وبقول الذهبي في تلخيص الواهيات روى من عدة طرق واهية وبعضها صالح.اهـ. ورواه الخطيب في تاريخ بغداد(9/363). وابن عدي في الكامل(1/177) وقال: وأبو البختري المذكور في هذا الإسناد اسمه وهب بن وهب ممن يضع الحديث.اهـ.
[83] صحيح مسلم، كتاب الشعر، باب، (927)، رقم (2255).
[84] مجلة المنار (العدد1، المجلد29، الصفحة551).
[85] صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، (860) رقم(12-2069).
[86] شرح صحيح مسلم للنووي (14/47).
[87] مسند أبي عوانة، كتاب اللباس، بيان إباحة لبس الثوب الذي فيه العلم من الحرير والثوب المكفوف بالديباج (5/231) رقم (8514). وانظر مسند ابن الجعد (156)، رقم (995)، وسنن البيهقي الكبرى، كتاب السبق والرمي، باب التحريض على الرمي، (10/14) رقم (19522).
[88] مجلة المنار (العدد1، المجلد29، الصفحة551).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- خلو البحث من الإشارة الى بعض الأمثلة للتوضيح
محمد بشير درامي - غينيا 30-07-2023 11:40 PM

اشكرك من كل قلبي يا أخي الكريم ببحثك الجميل حيث قرأته بعناية فائقة من أوله إلى آخره وكنت أنتظر منك ضرب أمثلة على بعض المؤسسات المالية التي أصبحت محل جدال بين المسلمين في كثير من البلدان في التعامل معهم والحكم الشرعي في تشغيل الروبوت في عمليات البيع والشراء كما هي الحال مع CCT1 وغيرها.
وجزاكم الله عنا وعن الإسلام كل خير.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة