• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / ردود وتعقيبات


علامة باركود

أدعية المذاكرة والامتحانات على ميزان التحقيق

أدعية المذاكرة والامتحانات على ميزان التحقيق
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري


تاريخ الإضافة: 22/2/2016 ميلادي - 13/5/1437 هجري

الزيارات: 111906

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأجوبة النافعة عن الأسئلة الشائعة (2)

أدعية المذاكرة والامتحانات على ميزان التحقيق


المقدمة:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن الله تعالى خلق الإنسان وأبدعه، وجعل في فطرته حاجة ملحة للجوء والتضرع إليه والاستنصار به عز وجل، قال سبحانه: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ الإخلاص: 1، 2]؛ أي الذي تصمد له جميع الخلائق عند الحوائج.

 

ومع شدة حاجة طلاب المدارس للنجاح في اختباراتهم لا سيما النصفية والنهائية منها، يظهر بجلاء صدق توجههم لله تعالى وإلحاحهم بالدعاء إليه أن يوفقهم فيها ويكتب لهم النجاح، ومنها تبرز معاني من العبودية والاستكانة لرب العالمين، وهي وإن شابَتها بعض التوجهات الخاطئة؛ كاللجوء إلى حالة الغش، لكن هذا لا يمنعنا من التنبه للحد من ظاهرة الغش، مع التيقظ أيضًا لضبط عبودية الدعاء والتضرع لله في هذه الأوقات بالضابط الشرعي.

 

والدعاء كغيره من العبادات لا يقبل إلا بشرطين عظيمين؛ الأول: إخلاص وإسلام الوجه لله تعالى، والثاني: التجرد من التعبد لله بغير هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ وبهذا يتحقق صلاح العمل، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

 

وقد ظهر مع وجود هذه الحاجة الملحة والرغبة الصادقة في طلب التوفيق والنجاح من الله ما يعكر الجانب الثاني من ضابط قبول العمل، فخرجت وانتشرت بين الطلاب أوقات الاختبارات أوراق لأدعية مخصوصة الزمان واللفظ والعدد، محددة للفضل والأجر لم ترد بها النصوص الشرعية ولم يلتزمها سلف الأمة رحمهم الله؛ فطارت مع جهل الجاهل وغفلة العالم بينهم طيران الريح، بل تفنن بعض المروجين لها، في ذكر فوائدها، وعاقبة من جربها، ونشرت في مواقع الانترنت حتى على مستوى مواقع بعض الجامعات للأسف، وصورت في محلات التصوير، وتجدد الأمر مع كل اختبار!! وهاك صورة مما تفنن فيه المتفننون لإظهار أهميته مع بطلان أكثره، وإحجام شاهد الصدق أن يشهد له!.

 

ومن مناسبة كتابة هذه الرسالة أني كنت في قاعة امتحان لمراقبة بعض الطلاب المختبرين، وتفاجأت بأحد الطلاب يتلفت يمينًا وشمالاً أثناء الامتحان، ثم يتصيد فرصة ليخرج ورقة صفراء،

ويبدأ بالتأمل فيها بحرارة، فلما وقعت

يدي على كتفه، واستلبت الورقة

منه، رأيته ينظر لي بألم، وهو يقول:

هذه أدعية التركيز يا أستاذ!!

دعوته بعدها ليكثر من ذكر الله

 

عمومًا ويدعوه سبحانه بالذي يختلج في نفسه وبما يحفظ من الأدعية المأثورة، لكن الأمر لم ولن ينتهي عند ذلك، بل لا بد من البيان على المستوى العام والشامل؛ ليصل هذا الجواب لكل طالب وطالبة قد أذهلتهما قاعة الاختبار وورقة الإجابة وشهادة الرصد ووعيد الوالدين؛ فنسوا أهمية تجريد المتابعة في كل عبادة لله لرسوله إمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي خطر هذا يقول الإمام الذهبي رحمه الله: فاتباع السنن حياة القلوب وغذاؤها، فمتى اغتدت القلوب بالبدع وألفتها لم يبق فيها فضلٌ للسنن. [1]

 

فأرجو من الله أن يكون في هذه الكلمات،[2] وما يتبعها من نصح كل ناصح ما يحقق هذا الأمر، ويؤصل هذا المقصد العظيم، والله قدير، وبالإجابة جدير، والله ربي أعلى وأعلم.

• • •

 

أدعية عند المذاكرة والامتحان:

قبل المذاكرة:

اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك، وقلوبنا بخشيتك، وأسرارنا بطاعتك؛ إنك على كل شيء قدير، حسبنا ونعم الوكيل.

 

اللهم افتح لي أبواب حكمتك، وانشر علي رحمتك، وامنن علي بالحفظ و الفهم، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

 

﴿ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28].

 

♦ وفي هذه الأدعية من المحاذير أمور:

1 - أن تخصيصها بقبل المذاكرة وجعل لها مزية على غيرها في هذا الموضع أمر غيبي يحتاج إلى دليل شرعي؛ فتخصيص العبادة بزمن لم تدل الأدلة الشرعية على أفضليته من الإحداث في الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم للعمل بوصف العموم والإطلاق لا يقتضي أن يكون مشروعًا بوصف الخصوص والتقييد. [3].

 

2 - أن في قوله: اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اعتداء في الدعاء وطلب ما لا يبلغه الداعي، فقد خص الله وميز الأنبياء والرسل في علومهم وفهومهم على غيرهم من البشر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء "، رواه أحمد وأبو دواد عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه بسند صحيح، ولم يرد مثل هذا عن السلف الصالح أو عن العلماء الراسخين، بل هذا العلامة السيوطي رحمه الله شرب من ماء زمزم لأمور منها أن يصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر.[4].

 

3 - أما الدعاء بالآيات الكريمات: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28]، فهو دعاء قرآني مشروع على وجه العموم، قد يقال قبل المذاكرة وأثنائها وبعدها، وفي كل موطن يناسب معناه، دون تقييده بموطن دون آخر، قال الإمام الشافعي رحمه الله: فكل كلام كان عامًا ظاهرًا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ظهوره وعمومه، حتى يعلم حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - يدل على أنه إنما أريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجملة دون بعض.. [5]

 

بعد المذاكرة:

اللهم إني استودعتك ما قرأت وما حفظت وما تعلمت، فرده عند حاجتي إليه؛ إنك على كل شيء قدير، وحسبنا ونعم الوكيل.

 

اللهم أني استودعك ما علمتنه وفهمتنه وحفظتنه؛ فرده إلي ساعة حاجتي إليه ولا تنسنيه، وافتح علي، اللهم فتحا مبينا، يا نور السماوات و الأرض.

 

• وهذه الأدعية أيضًا لم يرد للدعاء بها فضل حتى يحمل الناس على التعبد لله بخصوص ألفاظها، والتقيد بعباراتها، وزمان الدعاء بها، وهذا الالتزام والتخصيص لا يقوم بالقلب إلا لاعتقاد مرجح له عن غيره، والترجيح بغير دليل شرعي من الإحداث في الدين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لابد أن يتبع هذا التخصيص اعتقاد القلب؛ إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه، لما انبعث القلب لتخصيصه؛ فإن الترجيح دون مرجح ممتنع. [6]

 

فإذا كانت قاعدة العبادات عمومًا العمل بنصوصها على جهة الإطلاق دون تقييد ليس له مستند من الشرع؛ فإن مقام الدعاء مقام فيه من التعلق والتكرار والتوسل ما يجعل الانتباه لألفاظه الشرعية آكد، والمنع من التزام غيرها أوجب، وقد صح عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبةً ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به، قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتبك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت، رواه البخاري. [7]

 

لجودة الحفظ قراءة الآية الكريمة عشرة مرات:

قال تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 79].

 

وفي هذا الدعاء أيضًا من التجاوزات:

1 - تخصيص الآية ووقتها، وقد سبق عدم جواز إلا بدليل شرعي، ويزاد على ذلك تخصيص عدد معين لقراءتها؛ فأي دليل معتبر دل على أفضلية هذا العدد على غيره، وفضل هذا التكرار المخصوص دون ما عداه! روى الدارمي في سننه[8] قال أخبرنا الحكم بن المبارك أن عمر بن يحيى قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته ولم أر والحمد لله إلا خيرًا، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى؛ فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة، فيقول: هللوا مائة فيهللون مائة، فيقول: سبحوا مائة فيسبحون مائة، قال: فماذا قلت لهم؟ قلا: ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك أو انتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم، ثم مضى ومضينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم؛ فأنا ضامنٌ أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبلَ وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم ثم تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الخلق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج.

 

2 - ثم إن الآية دالة على مزية الفهم، فما بال من وضعها هنا جعلها لجودة الحفظ دون دقة الفهم! فهل هذا إلا محض الهوى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌ"، متفق عليه، وفي رواية مسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌ".

 

3 - وليس في لفظ الآية الكريمة ما يشير إلا أنها جاءت لمقام الدعاء.

 

ثم يتبعه هذا الدعاء:

يا حي يا قيوم، يا رب موسى وهارون ونوح وإبراهيم وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، أكرمني بجودة الحفظ وسرعة الفهم، وارزقني الحكمة والمعرفة والعلم، وثبات الذهن و العقل والحلم؛ بحق محمد صلى الله عليه وسلم، يا رب العالمين.

 

وفي هذا أيضًا:

1 - زيادة تدقيق في تخصيص زمان الدعاء وسببه وألفاظه، فزمانه بعد الدعاء السابق على وجه التبعية، وسببه طلب جودة الحفظ، وهذا الطلب من طلب البركة في العلم، والبركة من الأمور الغيبية التي لا تطلب إلا بطريق دل عليها النقل الصحيح.

 

2 - وأما قوله: بحق محمد صلى الله عليه وسلم فهو من التوسل المبتدع المذموم الذي لم يرد به القرآن والسنة، وهو ذريعة أيضًا للوقوع في الشرك، راجع منهاج التأسيس/ 267، والدرر السنية9/ 234، وفتاوى اللجنة الدائمة 1/ 347.

 

إذا أردت أن لا تنسى أبدًا فقل:

اللهم افتح علي فتوح العارفين بحكمتك، و انشر علي رحمتك، وذكرني ما نسيت، يا ذا الجلال و الإكرام.

 

• التجرؤ بالحكم أن من دعا بهذا الدعاء لا ينسى أبدًا من القول على الله تعالى بغير علم ولا سلطان مبين، فمن أدراه بهذا الغيب المستقبل، وقد وقع في النسيان نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت فذكروني"، متفق عليه، ووقع فيه كبار الصحابة والتابعين والأئمة الأعلام، فأي تجرؤ بعد هذا.

 

إذا أردت أن تكون سريع الفهم فقل دبر كل صلاة:

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عدد كل حرف كتب ويكتب إلى أبد الأبديين ودهر الداهرين، يا رب العالمين.

 

و يقول الرسول عليه الصلاة و السلام: من خشي أن ينسى القران بعد حفظه والعلم بعد درسه فليقل: الله نور بالكتاب بصري، واشرح به صدري، واستعمل به بدني، وأطلق به لساني، و قوي به عزمي، بحولك و قوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك، يا أرحم الراحمين.

 

وفي هذا الذكر مخالفات:

1 - أن يجعل له أجر لم ترد به النصوص، فقد دلت النصوص الصحيحة أن من قالها أدرك بها من سبقه، وسبق بها من بعده، ولا يكون أحد أفضل منه إلا من صنع مثل ما صنع، كما في الصحيحين، وأنه تغفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وهي معقبات لا يخيب قائلهن، كما في صحيح مسلم، ويدخل الجنة، رواه الترمذي وأبو داود والنسائي، ولم يرد فيها شيء مما يطلبه هذا الطالب.

 

2 - أن ذكره بهذه الكيفية دبر كل صلاة يحتاج إلا دليل من المشرع.

 

3 - أما هذا الحديث، فالله أعلم بمخرجه، لكن أورد ابن الجوزي في الموضوعات 1/ 344 نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه النسائي والحاكم والطبراني في المعجم الكبير11/ 367 وفي الدعاء/ 397، وقال الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع 2172: موضوع، ولفظه: قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله القرآن ينفلت من صدري فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي قال: صل ليلة الجمعة بأربع ركعات... يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني وأسألك أن تنور بالكتاب بصري وتطلق به لساني وتفرج به كربي وتشرح به صدري وتستعمل به بدني وتقويني على ذلك وتعينني عليه فإنه لا يعينني على الخير غيرك ولا يوفق له إلا أنت فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع، فأخبره بحفظه القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مؤمن ورب الكعبة، علم أبا حسن علم أبا حسن.

 

يوم الامتحان:

اللهم إني توكلت عليك، وسلمت أمري إليك، لا ملجأ ومنجأ منك إلا إليك.

 

• ألفاظ هذا الدعاء تشبه ألفاظ الدعاء قبل النوم؛ الذي أخرجه الشيخان من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: " اللهم أسلمت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت"، وفي هذه المشابهة معنى المضاهاة التي توجب الحكم على العمل بالبدعية، قال الإمام الشاطبي رحمه الله في تعريف البدعة: فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ".[9]

 

• ولعل هذا الكاتب قصد بذلك ما ورد عن مكحول رحمه الله قال: فمن قال لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ من الله إلا إليه كشف الله عنه سبعين بابا من الضر أدناهن الفقر، رواه الترمذي، لا يصح مرفوعًا، راجع ضعيف الترغيب والترهيب - الجزء الأول.

 

أثناء التوجه لقاعة الامتحان:

﴿ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا * وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 80، 81].

 

﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109].

 

يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني.

 

لا يجوز التقيد بهذه الأدعية لأمور:

• لم يرد لهذه الآيات ما يدل على أنها تقرأ في مثل هذا الموطن؛ فتخصيصه به محدث، وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه الطويل: ".. وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".[10]

 

• وأما الدعاء، فقد أثر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه كان يقول: ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم، وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى، وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني، ويذكر قصة معاذ بن جبل، وقوله لمالك بن يخامر لما بكى عند موته، وقال: إني لا أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان الذين كنت أتعلمهما منك، فقال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما؛ فاطلب العلم عند أربعة (عند عويمر بن أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام)؛ فإن أعياك العلم عند هؤلاء فليس هو في الأرض؛ فاطلبه من معلم ابراهيم،[11] قال: فما نزلت بي مسألة عجزت عنها إلا قلت يا معلم إبراهيم. [12] وقد جاء في كتاب الإقناع في آداب المفتي: ويقول إذا أشكل عليه شيء: يا معلم إبراهيم علمني. [13]

 

• وضع هذه الأدعية على هذه الطريقة الدقيقة؛ للدخول والمشي وعند البدء والانتهاء مضاهاة فاسدة لهيئة الأدعية والأذكار الشرعية.

 

دخول القاعة:

رب أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطنًا نصيرًا.

 

• لا يصح لأحد أن يتعبد بهذه الآية كذكر للدخول إلى المكان، لأن في ذلك تقدم على الشرع؛ فضلاً أن يخص ذلك بدخول قاعة الامتحان، وقد ذكره العلامة الألباني من البدع التي يقولها الحاج عند دخوله للمدينة، حجة النبي صلى الله عليه وسلم / 136، ولو أنه قرأ الأدعية الواردة عند دخول المنزل في كل منزل ينزله فلا حرج، ومن ذلك:

1 - " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق لم يضره في ذلك المنزل شيء حتى يرتحل منه"، رواه مسلم.

 

2 - " اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا، ثم يسلم على أهله"، رواه أبو داود.

 

أثناء توزيع الأسئلة:

قراءة آية الكرسي والمعوذات والدعاء: اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل من الحزن إن شئت سهلا.

 

• لم يرد هذا التخصيص، والدعاء وقراءة القرآن مشروعان في أي وقت، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: " قاعدة نافعة: وهي أن ما أطلقه الشارع يعمل بمطلق مسماه ووجوده، ولم يجز تقديره وتحديده "،[14] قال الشاطبي رحمه الله: لأن الأصل إذا ثبت في الجملة لا يلزم إثباته في التفصيل.[15]

 

إذا مسك الطالب ورقة الامتحان:

﴿ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28].

 

قبل بدء الحل:

بسم الله الفتاح، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، يا أرحم الراحمين.

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، رب أن مسني الضر، إنك أرحم الراحمين.

 

• يشرع له أن يدعو بالآيات الكريمات التي جاءت بدعاء الأنبياء عليهم السلام؛ موسى عليه السلام لما قال: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28]، ودعاء أيوب عليه السلام: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83]، ودعاء يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، بل صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له" رواه أحمد والترمذي والنسائي، وعند الحاكم: " ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، لكنه يعمها لكل كرب وشدة، ومنها ما قد يجده من صعوبة الامتحان، ولا يخصص ذلك بزمن بدء الحل.

 

• وأما الحديث المذكور، فقد أخرجه ابن حبان/ 2427 عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 6/ 902.

 

إذا استعصى سؤال عليك:

يا حي يا قيوم برحمتك استغيث، اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].

 

• جاء عند الحاكم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي كان إذا نزل به هم أو غم قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، وعند الترمذي عن أنس رضي الله عنه كان إذا كربه أمر قال:..، وهو حديث حسن.

 

• وأما " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، فهو ذكر من أذكار الصباح والمساء، رواه النسائي والبزار بإسناد حسن.

 

• وأما الآية التي فيها دعا ذي النون عليه السلام، فقد سبق بيان أنها تقال في كل دعوة رجاء الإجابة، وتقال أيضًا عند الكرب، فلا حرج من تخصيصها بهذا الموطن لدلالة الدليل الصحيح عليه.

 

إذا نسي أمراً:

﴿ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 24].

 

• أول الآية قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 24]، فيكثر من ذكر الله عز وجل.

 

• وأما تفسير الآية، فقد ذكر المفسرون عدة أقوال في تفسيرها:

1 - قل يا محمد عسى أن يوفقني ربي لشيء أقرب من هذا النبأ من الآيات والدلائل الدالة على نبوتي.

 

2 - عسى أن يهديني ربي عند هذا النسيان لشيء آخر بدل هذا المنسي وأقرب منه رشدا وأدنى منه خيرا ومنفعة.

 

3 - إذا نسي الإنسان أن يقول: إن شاء الله، قال: فتوبته من ذلك أو كفارة ذلك أن يقول: ﴿ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 24].

 

4 - إذا سئلت عن شيء لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد في ذلك.

 

• راجع تفسير الطبري 8/ 208، وتفسير ابن كثير 3/ 108، وفتح القدير 3/ 397.

 

إذا أصيب الطالب بهم أو كرب:

اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلتهُ في كتابك، أو علمتهُ أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب غمي.

 

• هذا حديث أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 383، وفي أوله: " ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك..، وفي لفظ: "من كثر همه فليقل اللهم إني عبدك.."، وفي آخره: "إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا، قال: فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها"، فمن المشروع أن يأتيه به إذا أصابه هم أو حزن.

 

عند النسيان:

اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه أجمع عليّ ضالتي.

 

• ورد هذا الدعاء عن بعض أهل العلم رحمهم الله، قال النووي: في بستانه جربته فوجدته نافعًا لوجود الضالة عن قرب، وقد علمنيه شيخنا أبو البقاء،[16] وذكره ابن القيم في الوابل الصيب،[17] ونقله صاحب المستطرف عن الحافظ الخطيب في تاريخه.[18]

 

بعد الامتحان:

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

 

• لم يرد دعاء بعينه لخصوص الدعاء بعد الامتحان، وحمد الله مشروع في كل وقت، وخصوصًا عند تجدد النعم واندفاع النقم، فليحمد الله حمدًا مطلقًا بأي لفظ دون تخصيص.

 

خلاصة ما سبق:

لم تصح أدعية خاصة بالمذاكرة أو الامتحان، ويشرع للطالب أن يدعو بهذه الأدعية عند كل كرب أو هم:

1 - اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً.

2 - لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

3 - حي يا قيوم برحمتك أستغيث.

 

4 - اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلتهُ في كتابك، أو علمتهُ أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب غمي.

 

5 - الله ربي لا أشرك به شيئاً، أخرجه الطبراني عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها بلفظ: " من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال: الله ربي لا شريك له؛ كشف ذلك عنه"، صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 6/ 590.

 

6 - اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وأوله: " أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى عنك دينك..

 

7 - لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض، ورب العرش الكريم، أخرجه الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله عند الكرب.

 

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا..

 

ملحق: بعض فتاوى أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة:

الفتوى الأولى: (من جواب الشيخ صالح الفوزان حفظه الله نقلاً من موقع مجلة أسرتنا).

 

هذا سؤال يقول: انتشرت بين الطلبة والطالبات ورقة أدعية تحت عنوان: دعاء المذاكرة، والنجاح، وقد خصصت هذه الأدعية للمذاكرة وبعد المذاكرة وعند التوجه للامتحان وأثناء الامتحان وعند تعسر الإجابة على الشخص وعند النسيان، وقد جعل كاتب هذه الورقة لكل حالة دعاء خاصا بعضها من الآيات الكريمة والبعض الآخر من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والبعض الآخر من تأليفه ويدعي كاتب هذه الأدعية أن من قرأ هذه الأدعية سيكون حليفه النجاح بإذن الله تعالى. فما حكم هذه الأدعية؟

 

• الدعاء من أنواع العبادة، بل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدعاء هو العبادة "، وورد " الدعاء مخ العبادة " والله تعالى جعل الدعاء هو العبادة في هذه الآية ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60] والأصل في الدعاء أن يدعو الإنسان بحاجته، يدعو ربه بما يحتاج إليه وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية في أزمنة خاصة وأمكنة خاصة فما كان منها في الواجبات مثل الصلاة فلا يجوز لأحد أن يستبدله بغيره وما كان في غير الواجبات فإنه لا يجبر أحد على حفظه، بل يدع الإنسان ربه بما يحتاجه بلغته التي يعبد الله تعالى بها، ولكن أن يعتقد الناس أن دعاء معينا في وقت معين أو مكان معين سنة يستحب الإتيان به فهذا مما لا يجوز، لأن أمر السنة موكول إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا يعبد الله إلا بما شرع، فلا يجوز لأحد أن يقول إن هذا الدعاء سنة في هذا الزمان، أو في ذاك المكان ثم يقول للناس ادعوا بهذا الدعاء، فإن من دعا به تستجاب دعوته، لكن أن يحث الناس على الدعاء وأن يبين لهم قيمة الدعاء ومكانته وأن الله تعالى جعله سبب الإجابة، حيث قال: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] ويذكر الناس بعبارات يمكن أن يستعينوا بها في الدعاء ويبين لهم بأن هذا الكلام وهذه الأدعية لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها قد تناسب هذا المكان يحسن الاستفادة منها إذا كان الأمر بهذا الوضع، فإن هذه الأدعية جائزة وهذا العمل تذكير للناس وحث لهم، لهذا ألف بعض العلماء أدعية يقولها بعض العامة الذين لا يعرفون الدعاء يقرأونها في أشواط الطواف وغيرها يستعينون بها لأنهم لا يحفظون الدعاء، وليس عندهم قدرة على تذكره ومن هذا الأمر لا بد من التفريق بين أمرين، الأمر الأول اعتقاد أنها سنة وأن لها خاصية في هذا الزمان وفي هذا المكان، وهذا لا يجوز، بل هذا هو الابتداع في الدين عندما يشرع فيه شيء لم يكن لمشروعيته دليل من كتاب الله ولا من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

 

الأمر الثاني أن يعتقد بأنه ليس لهذه الأدعية دليل يؤكد مشروعيتها في هذا الزمان ولا في هذا المكان ولكن الناس في حاجة إلى من يذكرهم بما يناسب أحوالهم ويعينهم على ما يتقربون به إلى ربهم، وحينئذ في هذه الحال لا يعتبر ذلك بدعة، بل يكون من التعاون على البر والتقوى.

 

الفتوى الثانية: (نقلاً من موقع الإسلام سؤال وجواب للشيخ محمد المنجد حفظه الله)

ما حكم قراءة بعض الأدعية قبل الامتحان وبعده مثل دعاء بداية المذاكرة "اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين أن تجعل لساني عامراً بذكرك وقلبي خاشعاً بخشيتك وسري بطاعتك فأنت حسبي ونعم الوكيل"، وعند الخروج من المنزل والتوجه إلى الاختبار " اللهم إني توكلت عليك وأسلمت أمري إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك "، وعند نهاية الإجابة " الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله "، عند تعثر الإجابة " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "، وغيرها كثير؟.

 

الجواب:

الحمد لله، لم يَرِدْ في السُّنة أحاديث فيها بيان ما يقال في الامتحانات، وما يشاع بين الطلاب مما يقال في " المذاكرة " وعند " استلام ورقة الامتحانات وعند " تعثر الإجابة " وعند " تسليم الورقة " وغيره: كله مما لا أصل له في السنة النبوية المطهرة، لا في الصحيح ولا في الضعيف، بل كله موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ونسبة شيء من ذلك للسنة مع علم صاحبه بعدم ثبوته يدُخله في زمرة الكاذبين على النبي صلى الله عليه وسلم.

 

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كذِباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، مَن كذب عليَّ متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري (1229) ومسلم (4).

 

ومن أشاع هذه الأحاديث المكذوبة ومثيلاتها وهو يعلم أنها لا تصح نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم: فهو كاذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وإثمه إثم مفتريها وكاذبها.

 

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن حدَّث عنِّي بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم في " مقدمة صحيحه".

 

قال النووي رحمه الله: "ضبطناه " يُرى " بضم الياء، و " الكاذِبِينَ " بكسر الياء وفتح النون على الجمع، وهذا هو المشهور في اللفظين، قال القاضي عياض: الرواية فيه عندنا الكاذبين على الجمع، ورواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه المستخرج على صحيح مسلم في حديث سمرة " الكاذِبَيْنِ " بفتح الياء وكسر النون على التثنية، واحتج به على أن الراوي له يشارك البادي بهذا الكذب " انتهى، شرح مسلم " (1 / 64، 65).

 

وقد ثبت الدعاء عند الخروج من المنزل لكن لا كما ذكره السائل، وثبت حديث " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "، وثبتت أحاديث تقال عند الشدة والكرب، وكل ما سبق يشمل الامتحانات وغيرها من الشدائد والمصاعب، وهذه هي الأحاديث مخرجة:

أ. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قال - يعني: إذا خرج من بيته - بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله: يقال له: كُفيت ووُقيت وتنحى عنه الشيطان) رواه أبو داود (5095) والترمذي (3426) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

 

ب. عن أنس بن مالك أيضاً رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمرٌ قال: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، رواه الترمذي (3524)، وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (3182).

 

ج. عن أنس أيضاً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً )، رواه ابن حبان (3 / 255)، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2886).

 

د. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له) رواه الترمذي (3505)، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (1644).

 

والخلاصة: أنه لا يجوز اختراع أدعية ونسبتها للشرع، وما صح من الأحاديث التي تقال في الشدة والكرب كافٍ، والله أعلم.



[1] تشبه الخسيس بأهل الخميس/ 46.

[2] سأذكر مجموعة من الأدعية والأذكار التي تفرقت في عدة أوراق وانتشرت عند الطلاب، اتفقت على بعض الأدعية وزاد بعضها على بعض، مع بيان بعض المحاذير فيها.

[3] مجموع الفتاوى 20/ 196.

[4] النور السافر 1/ 29.

[5] الرسالة/ 341.

[6] انظر اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية / 283.

[7] برقم 239.

[8] 1/ 86 - 69.

[9] الاعتصام 1/ 37.

[10] سبق تخريجه.

[11] العقود الدرية/ 42.

[12] إعلام الموقعين 1/ 15.

[13] 4/ 370.

[14] الاختيارات العلمية لابن تيمية للبعلي 1/ 73.

[15] الاعتصام 1/ 155.

[16] فيض القدير 1/ 307.

[17] الوابل الصيب/ 221.

[18] 1/ 311.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- الملل
Yahya Abdolmula - Sudan 05-11-2016 08:56 PM

أريد حل فعال لمشكلة الملل من خلال المذاكرة والنسيان

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة