• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد الدبل / بحوث ودراسات


علامة باركود

حياة النبي في القصة الإسلامية

نصوص من الأدب الإسلامي في الخطابة الإسلامية والرسائل (8)
د. محمد بن سعد الدبل


تاريخ الإضافة: 13/11/2013 ميلادي - 9/1/1435 هجري

الزيارات: 12209

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حياة النبي في القصة الإسلامية

نصوص من الأدب الإسلامي في الخطابة الإسلامية والرسائل والوصايا والعهود (8)

 

كانت حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياة إنسانية حافلة شاملة، وقد صوَّرها لنا أدبُه، وأحسن تصويرها، ولها نماذج كثيرة متنوعة[1] في دنيا الأجناس الأدبية التي منها القصة الإسلامية، فليكن أول نص من نصوصها ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - في قصة "المسؤولية والجزاء" عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة الغداة أقبل علينا بوجهه فقال: ((هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا))، فقلنا: لا، قال: ((لكن أنا رأيت رجلَين أتياني فأخذا بيَدي، فأخرَجاني إلى أرض فضاء أو أرض مستوية، فمَرَّا بي على رجل، ورجل قائم على رأسه بيده كلوب مِن حديد فيُدخله في شدقَيه حتى يبلغ قفاه، ثم يخرجه فيدخله في الشق الآخر، ويلتئم هذا الشق فهو يفعل ذلك به، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقتُ معهما فإذا رجل مُستلْقٍ على قفاه، ورجل قائم، بيده فِهْر أو صخرة فيَشدخ بها رأسه فيَتدهدَه الحجَر، فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان، فيَصنع ذلك، فقلتُ: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقت معهما فإذا بيت مبنيٌّ على بناء التنور، أعلاه ضيق وأسفله يوقد تحته نار، فإذا فيه رجال ونساء عراة، فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا، فإذا أخمدت رجعوا فيها، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق فانطلقت معهما، فإذا نهر من دم فيه رجل، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فيقبل الرجل الذي في النهر فإذا دنا ليخرج رمى فيه حجرًا، فرجع إلى مكانه فهو يفعل ذلك به، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقت فإذا روضة خضراء فإذا فيها شجرة عظيمة، وإذا شيخ في أصلها وحوله صبيان، وإذا رجل قريب منه بين يديه نار فهو يُحشِّشها ويوقدها، فصعدوا بي في الشجرة فأدخلاني دارًا لم أرَ دارًا قطُّ أحسن منها، فإذا فيها رجال وشيوخ وشباب، وفيها نساء وصبيان فأخرجاني منها، فصَعِدا بي في الشجرة، فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل منها، فيها شيوخ وشباب، قلتُ لهما: إنكما طوَّفتُما بي منذ الليلة، فأخبراني عما رأيت فقالا: أما إنا سنخبرك؛ أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يُثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجل الذي أتيتَ عليه يُشرشَر شِدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبَح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكريه المرآة عند النار يحشُّها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم، وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم، وأما الوِلْدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة)) قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وأولاد المشركين))، وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلَطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم))[2].

 

وبعد، فما يقول القائل حول هذا النص القصصي الكريم مِن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟

أيعمد الناظر إلى استجلاء الخصائص الفنية للألفاظ والجمل والتراكيب، أم يعمد إلى استجلاء المعاني النبوية الشريفة، أم إلى الكلام على أهداف هذه القصة وبيان مَغزاها؟ أم إلى الحديث عن الخصائص الفنية التي تتميَّز بها القصة في الأدب العربي على نحو مما درسه النقاد المُعاصِرون؛ كحديثهم عن عناصر القصة التي تنبني من الخبر والعقدة والحل، وكحديثهم عن أبطال القصة، ودور كل واحد منهم، وكحديثهم عن الحبكة ومدى تلاحم بنائها في تصوير الأحداث وتجسيد الأخبار، وبيان أوصاف هذه الحبكة، من حبكة مُتماسِكة أو حبكَة مُفكَّكة، كل تلك الخصائص تتطلَّب مِن الناظر تأملاً طويلاً.

 

ولنبدأ بخصائص الألفاظ واستجلاء أوصافها، ومدى تلاحمها مع الجُمل والتراكيب وصياغة الصورة وأداء المعنى.

 

أما الألفاظ فقد تميَّزت بالسلاسة والوضوح، وبرئت مِن الغرابة والخشونة، وجاءت كل لفظة مثل أختها؛ حيث لا يحسُّ القارئ بين كل لفظة وأخرى بوصف نشاز يبعد هذه عن تلك، بل جاءت كل لفظة بما يَتناسق مع الأسلوب القصصي؛ من حيث العناية بتخير اللفظ المتلائم مع عبارات النص، وهذا هو معنى التناسب الذي هو ضدُّ المغايرة، حتى لتكاد كلُّ لفظة أن تحمل معناها، وتُعين ما بعدها وما قبلها في حسن العرض وسرد الحوادث والأخبار بطريقة لا تملُّ.

 

ومِن أبرز خصائص الألفاظ في هذا النص القصصي الكريم التناسب مع جو الحدث والخبر؛ حيث ورود كل منهما على هيئة متميِّزة على حسب الغاية من إيراده.

 

ولذلك يجد الناظر في سياق كل حدث أو كل خبر ما يناسب معناه ومبناه من حيث الجزالة والفخامة، أو الرقة والسهولة، فانظر إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا رجل مُسْتَلْقٍ على قفاه، ورجل قائم، بيده فِهْرٌ أو صخرة فيشدخ بها رأسه)).

 

فلأجل تصوير المشهد من خلال هذا الخبر الذي يشدُّ الذهن إلى معنى القوة والصلابة والغِلظة نجد التعبير بما يُناسِب المقام؛ حيث لفظة مُستلق، وقَفاه، وفهْر، وصخر، ويشدَخ.

 

وانظر إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: حين أورَد هذا الخبر الذي يعجُّ مشهده بمعاني الاسترواح النفسي والاطمئنان والهدوء؛ حيث يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((فانطلقتُ فإذا روضة خضراء، فإذا فيها شجرة عظيمة، وإذا شيخ في أصلِها حوله صبيان، وإذا رجل قريب منه)) إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا لم آتِ دارًا قطُّ أحسن منها))، وهكذا حتى نهاية العرض لهذا الخبر الحافل بالتشويق.

 

وتلك خصوصية يَكاد أن يتَّسم بها الكلام النبوي جملة وتفصيلاً، سواء كان كلامه - صلى الله عليه وسلم - مِن قَبيل القصة أو غيرها مِن فنون النثر، والفيصل في ذلك حديثه - صلى الله عليه وسلم - في موضوعات الترغيب والترهيب، وذكْر الجنَّة أو ذكْر النار، أو تصوير مَشاهِد القيامة، تلك الدرر النبوية التي يَغلب على أسلوبها طابع القصة.

 

أما المعاني التي زخَر بها هذا النص القصصي الفريد، فإنها معانٍ فريدة مِن هَدي النبوَّة، فلا غموض ولا ألغاز ولا تعقيد، وإنما هي معانٍ تُجلي الحقيقة تارة بأسلوب حقيقي، وأخرى بأسلوب تخيُّلي حسَن؛ مِن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لكن أنا رأيتُ رجلَين أتياني، فأخذا بيدي، فأخرجاني إلى أرض فضاء أو أرض مستوية، فمرا بي على رجل، ورجل قائم على رأسه، بيده كلوب من حديد، فيدخله في شدقيه، فيَشقُّه حتى يبلغ قفاه، ثم يخرجه فيدخله في شقه الآخَر، ويَلتئم هذا الشق فهو يفعل ذلك به)).

 

هذا العرض الإخباري، قد تجلى معناه بأسلوب الحقيقة؛ حيث لم يعتمد فيه - صلى الله عليه وسلم - على الأسلوب المجازي مِن استعارة أو كناية، وإنما تلاحقَت معانيه وفق مبانيه؛ حيث أسلوب الحقيقة التي استطاع الأسلوب النبويُّ الفريد أن يُصوِّر هذه المعاني ويجليها للناظر، وكأنما هو إزاءها حقيقة ماثلة للعيان، مِن غير استعانة بأسلوب المجاز الذي يتخذه صُناع الكلام لإبراز معانيهم الأدبية.

 

ومِن الأسلوب التخيُّلي الحسن الذي تمَّ بواسطته عدد من المعاني السامية الشريفة فيما ترمي إليه هذه القصة قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه)).

 

فالمتأمل يرى في كلمتي "يأخذ"، و"يرفض" استعارة لطيفة؛ حيث شبه حال مَن يقرع أذنَه القرآنُ الكريم بزواجره ومواعظه وأحكامه بحال آخذ الشيء لما يرى فيه مِن المنفَعة، ولكن هذا الآخِذ لا يلبَث أن يترك ما أخَذ فيردَّ ما ينفعه.

 

وكذلك الشأن في لفظة "يرفض"؛ فقد شبه حال مَن يتجاوز أحكام القرآن الكريم ولا يَنتفِع بما فيه من الهدي بحال مَن يرفض الشيء النافع لقِلة معرفته به، أو لعدم تأثيره في شأن معاشه ومعاده.

 

ومعلوم أن النبي الكريم في كلامه كله لا يعمد إلى مثل هذه الأساليب المجازية تصيدًا وتكلُّفًا، وإنما تجري على لسانه عفو الخاطر؛ ولذلك جاء كلامه - صلى الله عليه وسلم - آية في الإبداع، وغاية في الفصاحة والبلاغة، حتى لقد نطَق بكلام قصير وطويل على حسب الظروف والأحوال، وجاء ما نطق به نسيج وحده لم يسبقه إليه أحد، ولم يستطع أن يُجاريه فيه أحد، وحسبنا في ذلك ما جمعه الشريف الرضي في "المجازات النبوية"، وما أومأ إليه الجاحظ في "البيان والتبيين".



[1] الأدب الإسلامي وصلته بالحياة ص5، 6 لمحمد الرابع الحسني الندي/ مؤسسة الرسالة.

[2] صحيح البخاري جـ9 ص80 وما بعدها طبع ونشر دار المعارف 7 الرياض.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة