• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / فقه التقاضي / آداب القاضي


علامة باركود

آداب القاضي (2)

آداب القاضي (2)
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


تاريخ الإضافة: 27/6/2012 ميلادي - 7/8/1433 هجري

الزيارات: 30515

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

برنامج فقه التقاضي

الحلقة الخامسة

(آداب القاضي 2)

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.


أما بعدُ:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله - مستمعي الأفاضل - في برنامجكم: "فقه التقاضي"، وقد أسلفت في الحلقات الماضية أن المراد بالقضاء: "تبيين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات"، وأن نصب القضاة فرض كفاية في الأمة، وأنه لأهمية وظيفة القضاء وخطورتها اشترط فقهاء الإسلام في القاضي شروطًا يلزم توفرها؛ كي يولى منصب القضاء، وأن للقاضي آدابًا ينبغي له أن يتحلى بها؛ كي يكون القاضي متمتِّعًا بالخلق الرفيع والتعامل الحسن، وليتمكن من النظر في الخصومات ومناقشة الخصوم برفق وروية، وقد مضى في الحلقة الماضية ذكرُ جملةٍ مِن الآداب التي نص فقهاء الإسلام على أهمية توفرها في القاضي.


وفي هذه الحلقة نواصل الحديث عن آداب أخرى ينبغي للقاضي أن يتخلق بها:

7) ومن تلك الآداب أن يكون القاضي بصيرًا بأحكام من قبله من القضاة، قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى -: "القاضي لا ينبغي أن يكون قاضيًا حتى يكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الألباب، لا يبالي بملامة الناس"؛ أخرجه البيهقي في السنن.


ومعرفة الأحكام السابقة ومراعاتها مبدأ قضائي شرعي مهم، كي تنضبط أحكام القضاة ولا يكون فيها تناقض، لما في استقرار الأحكام من فوائد للمجتمع، ومراعاة السوابق القضائية عُرفٌ قانونيٌ معتبر أخذتْ به جل الأنظمة القضائية في القديم والحديث.


8) ومن الآداب التي استحبها علماء الشرع: أن يكون مكان القضاء في مكان فسيح وسط البلد إذا أمكن، ليستوي أهل البلد في المضي إليه، وإن جُعل إليه القضاء في قرى، كان في متوسطها، ليسهل عليهم المضي إليه، وفي ذلك رفق بالناس وتيسير لأمورهم.


وقد درجت الدول المتقدِّمة على أن تكون المحاكم في أماكن مناسبة ومواقع عريقة تجمع بين يسر الوصول إليها ومهابة المحكمة وشموخها رفعًا للعدالة وإعلاءً لشأنها، ولذا ليس من المناسب أن تكون المحكمة في طرف البلد أو أن تكون بجوار السجون أو في مواقع غير لائقة، ومعلوم أن من المقاييس التي تُقاس بها الأمم والدول قوة القضاء والعناية به.


9) ومن الآداب التي تجب على القاضي: أن يعدل بين الخصمَيْن في لحظه ولفظه، وأن يعدل بينهما في مجلسه، وفي ملاحظته لهما، وكلامه لهما، قال ابن رشد: أجمعوا على أنه واجب عليه، أن يسوي بين الخصمين في المجلس.


وقال ابن القيم في إعلام الموقعين 3/144: "الحاكم منهي عن رفع أحد الخصمين على الآخر وعن الاقبال عليه دونه وعن مشاورته والقيام له دون خصمه؛ لئلا يكون ذريعة إلى انكسار قلب الآخر وضعفه عن القيام بحجته وثقل لسانه بها".


ولعلكم  - مستمعي الأفاضل - لا تعجبون من حرص علماء الإسلام على التأكيد على مبدأ العدل ومراعاته بين الخصوم حتى فيما قد يُظن عدم أهميته، فالقاضي ممنوع من تقديم أحد الخصمين، أو أن يخصه بمزيد عناية وحديث، أو أن يرفع مقامه ومكان جلوسه على خصمه، ونحو ذلك، ويحرم عليه أن يسارّ أحدهما، أو يلقنه حجته، أو يعلمه كيف يدعي؛ لأنه إعانة له على خصمه، وكسر لقلبه.


إلا أن يترك الخصم ما يلزم ذكره في الدعوى مما له أثر فيها، فإن للقاضي أن يستوضح منه ويسأله كشرط في عقد، وسبب إرث ونحوه، فله أن يسأل عنه كي تتحرر الدعوى وتتضح.


10) ومن الآداب للقاضي أن يبادر بالحكم في القضية المعروضة عليه متى استكملت أركانها وشروطها، واتضح الحكم فيها؛ لأن تأخير البتِّ فيها تعطيل لحق المظلوم وإعانة للظالم على ظلمه.


11) ومن الآداب للقاضي: أن يستشير العلماء في القضايا المعروضة عليه مما يخفى فيه وجه الحكم أو يلتبس عليه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يشاور أصحابه في الأمر، وأمره ربه تعالى بذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ﴾.


12) ومن أهم الآداب التي تلزم القاضي: أن يكون عند الحكم في حالٍ مستقرة، بعيدًا عن الصوارف التي تحول دون توفر أداة الفهم والإدراك، وقد ذكر العلماء لذلك صورًا كثيرة، منها: أن يكون غضبان غضبًا شديدًا يمنع فهم الحكم، لخبر أبي بكرة - رضي الله عنه - في الصحيحين، فقد كتب أبو بكرة إلى ابنه وكان قاضيًا بسجستان بألا تقضي بين اثنين وأنت غضبان؛ فإني سمعت النبي - صلى الله عليه و سلم - يقول: ((لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)).


أما الغضب اليسير فلا يضر؛ لأن الغضب اليسير لا يشغل الفكر.


وألحق العلماء بذلك صورًا أخرى يكون القاضي فيها في حالٍ تمنعه من استقرار الفهم، وتصور القضية، كما لو كان حاقنًا، أو في شدة جوع، أو في شدة عطش، أو في شدة هم، أو ملل، أو كسل، أو نعاس، أو برد مؤلم، أو حر مزعج؛ لأن ذلك كله يشغل فكر القاضي عن إصابة الحق، في غالب أحوال القضاة فيحرم القضاء معه.


ولا ريب أن الهم المزعج، والخوف المقلق، والجوع والظمأ الشديد، وشغل القلب، المانع من الفهم مساوٍ للغضب في الحيلولة دون التوصُّل إلى الحكم الملائم.


13) ويحرم على القاضي قبول رشوة، والرشوة: هي ما يُعطَى بعد الطلب لتحقيق غرض للمعطي، والهدية: الدفع إليه ابتداء، والرشوة نوعان: أن يأخذ من أحد الخصمين، ليحكم له بباطل، أو يمتنع من الحكم بالحق للمحق، حتى يعطيه، وهو من أعظم الظلم، بل هي من كبائر الذنوب؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: ((لعن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّاشِى وَالْمُرْتَشِى فِى الْحُكْمِ))؛ أخرجه الترمذي وحسنه، والراشي: الذي يعطي الرشوة، والمرتشي: الذي يأخذها.


وفي مسند أحمد ومستدرك الحاكم عَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ، يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا)).


ويحرم على القاضي قبول الهدية من المتخاصمين، سواء كان قبل الخصومة أو بعدها، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: لأن قبول الهدية، ممن لم تجر عادته بمهاداته ذريعة إلى قضاء حاجته، فيقوم عنده شهوة لقضاء حاجته.


أما إذا كانت الهدية ممن كان يهاديه قبل ولايته ولم تكن له خصومة، فله أخذها، وإن كان العلماء استحبوا له عدم الأخذ مطلقًا.


ولا ريب أن تعاطي الرشوة أخذًا وإعطاءً نذير شؤم على القضاء والقضاة والمتخاصمين، بل والمجتمع بأسره؛ لما يترتب عليه من ضياع الأمانة، وتضييع حق الضعيف، وانعدام مقومات العدالة.


نسأل الله تعالى السلامة والعافية.


مستمعي الأفاضل، هذه جملة من الآداب التي نصَّ فقهاء الإسلام على أهمية توفرها في القاضي كي يقيم العدالة بين الناس منصفًا للضعفاء، بعيدًا عن مواطن الريبة والجفاء.


وفي الحلقة القادمة - بإذن الله تعالى - نواصل الحديث عن آداب أخرى ينبغي للقاضي أن يتخلق بها، وحتى ذلك الحين أستودعكم الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أهم المراجع:

• حاشية ابن قاسم.

• متون الحديث.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة