• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر


علامة باركود

محظورات الإحرام

محظورات الإحرام
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر


تاريخ الإضافة: 31/10/2011 ميلادي - 3/12/1432 هجري

الزيارات: 60247

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أصلُ الحظْر: المنع، فالمحظور الممنوعُ، ومحظورات الإحرام هي: الأُمور التي تمنَعُ المحرم من فِعلها بسبب الإحرام مُدَّةَ الإحرام، ففِعلُها حالَ الإحرام من غير عُذْرٍ حرامٌ، وتلزَمُ بها الكفَّارة، وهي أنواع:

 

أولاً: المحظورات المشتركة بين الرجال والنساء:

1- إزالة شَعْرِ الرأس بحلقٍ أو نتفٍ أو قلعٍ ونحو ذلك - وإنما عبَّر بالحلْق لأنَّه الغالب - قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ [البقرة: 196]، فنهى سبحانه عن حلْق الرأس حالَ الإحرام؛ إذ حلْق الشعر يُؤذِنُ بالرفاهية، وهي تُنافِي الإحرام؛ لكوْن المحرمِ أشعثَ أغبرَ.

 

قِيسَ على شَعْرِ الرأس شعرُ البدَن اتِّفاقًا من أهل العِلم؛ فإنَّه في مَعناه في حُصول الترفُّه به، بل أَوْلَى، فإنَّ الحاجةَ لا تدعو إليه.

 

ونصَّ أهلُ العلم على أنَّ تقليمَ الأظفار ممنوعٌ منه المحرمُ حالَ الإحْرام؛ لأنَّه أشبَه إزالة الشعر، حكى الإجماعَ عليه غيرُ واحدٍ من أهل العِلم.

 

قال ابن قُدامة: ((أجمع أهل العلم على أنَّ المحرم ممنوعٌ من أخْذ أظفاره؛ لكونه مُؤذِنًا بالرفاهية، وهي منافيةٌ لحال المحرم)).

 

لكن لو انكَسَر ظُفرُه وتأذَّى به فقال جماعةٌ من أهل العلم: لا بأسَ أنْ يُزِيل المؤذي منه ولا شيءَ عليه.

 

2- لبس القفَّازين، وهما شرابُ اليدين وشِبهُهما ممَّا هو مخيط، أو مصنوعٌ لليدين؛ ففي صحيح البخاري - رحمه الله تعالى - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا تنتَقِبُ المُحرِمَةُ ولا تلبس القفَّازين))[1].

 

3- ويُمنَع المحرمُ من قتْل الصيد حالَ الإحرام وفي الحرَم؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾ [المائدة: 95]؛ أي: لا تقتُلوا الصيد وأنتم محرمون بالحج أو بالعُمرة، ولا تقتلوا الصيد عند الحرم، فكلاهما مُرادٌ بالآية، فيحرم الاصطياد حالَ الإحرام وفي الحرَم بإجماع المسلمين، وعليه الجزاءُ.

 

والمراد كلُّ حيوانٍ متوحِّش مأكول اللحم؛ مثل الظباء والأرانب والحمام والجراد والحمار الوحشي.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: ((ولا يَصطاد - يعني: المحرم - صيدًا بريًّا، ولا يُعينُ عليه، ولا يذبحه، ولا يَصطاد بالحرَم صيدًا وإنْ كان من الماء كالسمك على الصحيح، بل ولا يُنفِّر صيده، مثل أنْ يقيمه ليقعُد مكانه)).

 

4- تعمُّد استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما.

 

أمَّا الطيب الذي يُتطيَّب به قبلَ الإحرام، فإنَّه لا يضرُّه بقاؤه بعد الإحرام؛ لأنَّ الممنوع بعد الإحرام ابتداءُ الطيب دُون استِدامته.

 

وفي الحديث قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ولا يلبَس - أي: المحرم - ثوبًا مسَّه ورسٌ ولا زَعفران))[2]؛ لأنَّهما من الطِّيب.

 

وقد حكَى ابن رشدٍ والنوويُّ - رحمهما الله - إجماعَ الأمَّة على تحريم لبس ما مسَّه الورس والزَّعفران، والرَّجل مَنهيٌّ عن التَّزعفُر خارج الإحرام؛ ففيه أشد، وألحقوا بهما جميعَ ما يُقصَد به الطِّيب، فإنَّ الشارع نبَّه بهما على اجتِناب الطِّيب وما يُشبِهُهما في مُلاءَمة الشمِّ، فيُؤخَذ منه تحريمُ الطيب مطلقًا على المحرم من رجل أو امرأة، وهو مُجمَعٌ عليه فيما يُقصَد به التطيُّب كما سبق.

 

وقال بعضُ أهل العلم: ((نبّه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالورس والزعفران على ما هو أطيَبُ منهما؛ كالمسك والعنبر ونحوهما، وإذا حَرُمَ في الثوب ففي البدن أَوْلَى)).

 

وفي الحديث قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليَعلَى ابن أميَّة: ((انزعْ قميصَك واغسلْ هذه الصفرة عنك))[3].

 

وفي البخاري قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اخلَعْ عنك الجبَّة واغسِلْ أثَر الخلوق عنك واتَّقِ الصفرة))[4].

 

وقال في الذي وَقَصَتْهُ راحلتُه يومَ عرفة: ((ولا تُحنِّطوه، ولا تمسُّوه طِيبًا؛ فإنَّه يُبعَثُ يومَ القيامة مُلبِّيًا))[5].

 

وذكَر بعضُ أهلِ العلم أنَّ من حِكمة تحريم الطِّيب كونه داعيًا إلى الجِماع، ومُنافيًا لحال الحاجِّ، فإنَّ الحاجَّ أشعث أغبر قد أعرض عن زينة الدنيا ومَلاذها، وجمع همَّه على الآخِرة، وظهَر بمظهر الخاشع الذَّليل المتذكِّر للقُدوم على ربِّه.

 

5- ومن أعظم محظورات الإحرام على الرجل والمرأة الجماعُ في الفرْج، ويفسُد به الحجُّ - إذا كان قبل التحلُّل الأوَّل - ويلزم إكمال مناسك حَجِّهِ، وإنْ كان فاسدًا، وعليه فديةٌ بدنةً، وقضاؤه في العام الذي بعده، وذهب جمعٌ من الصحابة والتابعين وغيرهم من فُقَهاء الأمَّة، أنَّه يجبُ التفريق بين الزوجين في حجَّة القَضاء من المكان الذي حصل فيه الجماع، حتى يَفرُغا من أداء مناسكهما، إذا لم يترتَّب على تفرُّقهما مَفسدةٌ أكبر؛ والقصْد من ذلك ألا يقَع منهما الجماعُ في النُّسك مرَّة أخرى، فإنَّ للأماكن تأثيرًا على النُّفوس.

 

ومن دَواعِي الجِماع ومقدماته وتحريمها في الإحرام من باب سدِّ الذرائع:

1- عقد النكاح والموافقة عليه:

في صحيح مسلم عن عثمان - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب))[6].

 

يعني: لا يعقد المحرم بحجٍّ أو عُمرة النكاحَ لنفسه، ولا يتولَّى العقد لغيره بولايةٍ ولا وكالةٍ، بالجزم فيهما على النهي، وهو الرواية الصحيحة، وهو مذهب جمهورِ أهل العلم: مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، مع أنَّ النفي بمعنى النهي، بل أبلغ، وفرَّق عمر - رضي الله عنه - بين رجلٍ تزوَّج بامرأةٍ وهو محرمٌ؛ رواه مالك وغيره[7].

 

وحكى غيرُ واحدٍ من أهل العِلم الإجماعَ على أنَّ المحرم لا يعقدُ لنفسه ولا لغيره، ويفسُدُ العقدُ بالإحرام، فإنَّ الإحرام يمنَعُ الوطء ودَواعيه، فمنع صحَّة العقد حَسْمًا لموادِّ النكاح عن المحرم؛ لأنَّه من دَواعِيه - كالطِّيب - لكن لا فِديةَ عليه؛ لأنَّه عقدٌ فسَد لأجْل الإحرام، فلم يجب به فديةٌ.

 

2- النظَر والمباشرة والتقبيل والغمز:

فإنَّها من الرَّفث المنهيِّ عنه بقوله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ ﴾ [البقرة: 197].

 

وفي الحديث الصحيح: ((مَن حجَّ فلم يرفُث...)) ؛ والمعنى: مَن حجَّ أوجَبَ على نفسه الحجَّ بالشُّروع فيه؛ فعليه أنْ يجتنبَ الرَّفث.

 

قال الأزهري: ((الرَّفث كلمةٌ جامعةٌ لكلِّ ما يُريدُه الرجُل من المرأة)).

 

وقال شيخ الإسلام: ((الرَّفث اسمٌ للجماع قولاً وعملاً)).

 

وحكَى ابن المنذر الإجماعَ من أهل العلم عليه.

 

ثانيًا: المحظورات الخاصَّة بالرجال:

1- لبس المخيط، وهو أنْ يلبس الثياب ونحوها ممَّا هو مُفصَّل على هيئة البدَن أو العضو، على صِفة لباسها في العامَّة؛ كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسُها على الوجه المعتاد؛ فقد سُئِل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس القُمُصَ، ولا العَمائم، ولا السَّراويلات، ولا البرانس، ولا الخِفاف))[8].

 

وثبت في الصحيحين أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن لم يجدْ نعلَيْن فليَلبِسِ الخفَّيْنِ، ومَن لم يجدْ إزارًا فليَلبَسِ السَّراويل)).

 

والمعنى: أنَّه يلبس الخفَّيْنِ حتى يجد النَّعلَيْن، ويلبس السراويل حتى يجدَ الإزار.

 

2- تغطية الرأس بمُلاصِق، كالطاقية ونحوها، فإنَّه من محظورات الإحرام؛ لما ثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنَّه نهَى عن لبس العمائم والبرانس))؛ متفق عليه[9].

 

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في المحرم الذي وقصَتْه راحلتُه: ((ولا تُخمِّروا - يعني: تغطُّوا - رأسَه، فإنَّه يُبعَثُ يوم القيامة مُلبِّيًا))؛ متفق عليه.

 

أمَّا غير الملاصق؛ كالشمسيَّة والخيمة وسقْف السيارة فلا بأسَ به؛ لما ثبت: ((أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - رُفِعَ عليه ثوب - حين ذهَب يرمي جمرة العقَبَة - يستُرُه من الحرِّ حتى جمرة العقبة))؛ رواه مسلم[10].

 

قال ابن القيم: كلُّ متصل مُلامِسٍ يُراد لستْر الرَّأس كالعمامة والطاقية والقبعة والخوذة ونحوها، ممنوعٌ بالاتِّفاق، وكان ابن عُمر - رضي الله عنهما - يقولُ: إحرام الرَّجل في رأسه، والأذنان منه للأخبار، فما كان منه حرُم على الذَّكر تغطيته.

 

قلت: وهكذا تغطية الرجل وجهَه فإنها من محظورات الإحرام على الصحيح؛ فقد ثبت عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله للذي وقصَتْه راحلتُه: ((ولا تُخمِّروا رأسَه ولا وجهَه؛ فإنَّه يُبعَثُ يومَ القيامة مُلبِّيًا))؛ متفق عليه واللفظ لمسلم.

 

ثالثًا: المحظورات الخاصَّة بالنساء:

وأمَّا الذي تنفردُ به النساء دُون الرجال من محظورات الإحرام فهو: لبس البرقع والنِّقاب ونحوهما ممَّا هو مُفصِّل للوجه؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تنتَقِبُ المرأةُ ولا تلبَسُ القُفَّازين))؛ رواه البخاري.

 

ويُباح لها من المخيط ما سوى ذلك؛ كالقميص والسَّراويل والخفَّيْنِ والجوارب للرِّجلين ونحو ذلك، ويُباحُ لها سدْلُ غِطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرُّها مماسَّته لوَجْهِها؛ قالت عائشة - رضي الله عنها -: ((كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحنُ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإذا حاذونا سدَلتْ إحدانا جِلبابَها من رأسِها على وَجْهِها، فإذا جاوَزُونا كشَفْناه))؛ رواه أبو داود وغيره[11].

 

وعن فاطمةَ بنتِ المنذر - رحمها الله - قالت: ((كنَّا نُخمِّر - تعني: نُغطِّي - وجوهَنا ونحنُ محرمات مع أسماء بنت أبي بكرٍ - رضِي الله عنها))؛ صحَّحه الحاكم وأقرَّه الذهبيُّ.

 

وكذلك يُباحُ لها تغطية يدَيْها بثوبها أو عَباءتها أو غيرهما سوى القفَّازين، إذا كانت بحضرةِ رجالٍ أجانب (وضابط الأجنبي هنا: هو كلُّ مَن يحلُّ له التزوُّج بالمرأة، إذا كانت غير ذات زوج)، فإنَّ الوجه واليدين من أعظم زينة المرأة، والناس يستدلُّون بهما - عند النِّكاح - على غيرهما، وقد قال تعالى: ﴿ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ﴾ [النور: 31].

 

وأمَر الرجال بقوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53].

 

حُكم مَن ارتَكَب محظورًا من محظورات الإحرام:

مَن ارتكَب محظورًا من المحظورات السابقة، فله أحوالٌ، لكلِّ حالٍ حكمٌ يليقُ بها:

أولاً: فإنْ فعَل المحظور جاهلاً أو ناسيًا فلا إثمَ عليه، ولا فدية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]، وقوله سبحانه: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286].

 

وفي صحيح مسلم عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله تعالى قال: قد فعلتُ))؛ أي: لا أُؤاخِذُكم على الخطأ والنِّسيان.

 

وعن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله تجاوَز لي عن أمَّتي الخطأَ والنِّسيان وما استُكرِهوا عليه))[12].

 

فإنَّ هذه نصوصٌ عامَّة تفيدُ رفْع المؤاخذة عن المعذور بالجهْل والنسيان والإكراه، فيدخُل فيها مَن ارتَكبَ محظورًا من محظورات الإحرام وغيره.

 

ثانيًا: أنْ يفعل المحظور لحاجةٍ إلى ذلك؛ مثل أنْ يحتاجَ إلى لبس القميص لدفْع بردٍ يخافُ منه الضَّرر، أو يحلق رأسَه لمرضٍ ونحوه، وهكذا قص الشعر وتقليم الأظافر ونحوه ممَّا أطلَقَ عليه الفقهاء - رحمهم الله تعالى - اصطلاح (فدية الأذى)، فيجوزُ أن يفعل ذلك المحظور - من هذا القَبِيل - ولا إثمَ عليه، ولكنْ فديته وهي على التخيير: إمَّا ذبْح رأسٍ من الضَّأن أو الماعز يُجزِئُ في الأُضحية، أو صِيام ثلاثة أيَّام، أو إطعام ستَّة مساكين لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ من قُوت البلد؛ لحديث كعب بن عُجرة - رضي الله عنه -: ((حين حُمِلَ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والقمل يتناثَرُ من رأسه على وجهه، فرخَّص له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ يحلق رأسَه ويَفدِي))[13].

 

ولا يلحَقُه الإثمُ لعُذرِه، والحديث نصٌّ في حلْق الرأس وقاسَ عليه الفقهاء المحظورات التي سبَق ذكرُها.

 

ثالثًا: أنْ يفعَل المحظور لا لعُذر ولا حاجة، فهذا آثمٌ مُتعرِّض للوعيد، فيحتاجُ إلى توبةٍ نَصُوح عن فِعله مع الفدية التي سبَقتِ الإشارةُ إليها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]؛ يعني: تُؤاخَذون عليه.

 

وقوله في الصيد: ﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ [المائدة: 95].

 

حيث جعَل سبحانه الجزاءَ على مُتعمِّد القتل فقط.

 

أمورٌ يُباح للمُحرم فعلها حالَ الإحرام إذا احتاج إليها:

1- لبس النَّعلَيْن، وإنْ كان حين عقدِ الإحرام حافيًا.

 

2- عقد إزار الإحرام وربطُه بخيطٍ أو كمر أو سبتة ونحو ذلك؛ لستر عورته، وحِفظ نُقوده وغيرها.

 

3- لبس ساعة اليد، والنظَّارات، والخاتم، وسمَّاعة الأذن ونحوها؛ فإنَّ هذه الأمور وشِبهها ممَّا لبس ساترًا للعضو أو البدن؛ لكونه مفصلاً على هيئةٍ لم يرد فيها منعٌ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ، وليست في معنى المنصوص عليه منعه، بل إنَّ تحديدَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لما لا يلبسه المحرم فيه تنبيهٌ على أنَّ كلَّ ما سوى المذكورات فإنَّ للمحرم لبسه، ولا سيَّما عند الحاجة.

 

4- غسل ملابس الإحرام إذا اتَّسَخَتْ، وتبديلها بمِثلِها إذا احتاجَ إلى ذلك.

 

5- الاغتسال بالماء وغسْل رأسه وبدَنِه - عند الحاجة - بما ليس فيه روائح عِطريَّة، وحك رأسه وجلده[14] برفقٍ وسُهولة، ولو سقَط منه شعر بسببه فلا حرجَ عليه، ويجبُ عليه الغسيل من الجنابة.

 

6- حملُ المتاع على رأسِه، إذا لم يكنْ قصدُه ستْرَ رأسِه.

 

7- الاستِظلال بغير مُلاصِقٍ للرأس؛ كالشمسيَّة والخيمة ونحوهما.

 

8- الحجامة في الرَّأس وغيره للحاجةِ - ولو احتاجَ إلى قطعِ شيءٍ من الشَّعر - والافتِصاد، وكذلك إجراء عمليَّةٍ جراحيَّة له عندَ الحاجة، فإنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((احتجَمَ في وسط رأسه وهو محرمٌ))[15].

 

ولا يمكن ذلك إلا مع قطْع بعض الشَّعر.

 

9- قتلُ ما يضرُّ ويُؤذِّي إذا لم يكن دفعُة بأقل من ذلك؛ لما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((خمسٌ من الدوابِّ كلُّهن فواسقُ يُقتَلن في الحرَم: الغُراب، والحِدَأة، والعَقرَب، والفَأرة، والكلب العَقُور))؛ متفق عليه[16].

 

وللبخاري: ((والحيَّة)).

 

فنبَّه بذِكر هذه الخمس المؤذِية على جَواز قتْل المضرِّ - ما سِوى بني آدم فيُدافعه مهما أمكن - واتَّفقوا على قتْل ما في معنى هذه الفواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن معظم الدواب، بل اشتمل الخبرُ على السِّباع الضارية والهوام القاتلة، والطير الذي هو من الهوام المُستخبَثة اللحم ومحرم الأكل بجامع الكُلِّ، فاعتَبَرُوه ورتَّبوا عليه الحُكمَ.



[1] البخاري مع الفتح (4/52).

[2] صحيح البخاري (1542).

[3] صحيح مسلم (1180).

[4] البخاري (1789).

[5] صحيح البخاري (1266)، وصحيح مسلم (1206).

[6] صحيح مسلم (1409).

[7] موطأ مالك (1/349).

[8] صحيح البخاري (1542).

[9] صحيح البخاري (1842)، وصحيح مسلم (1177).

[10] صحيح مسلم (2/944).

[11] سنن أبي داود (1833).

[12] سنن ابن ماجه (2043)، عن أبي ذرٍّ الغفاري - رضِي الله عنه - وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس - عند ابن ماجه - وغيرهم.

[13] صحيح البخاري (1816).

[14] فإنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((غسَل رأسه وهو محرم، ثم فرَك رأسه بيدَيْه؛ فأقبل بها وأدبر))؛ متفق عليه، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في المحرم الذي مات بعرفة: ((اغسِلُوه بماءٍ وسدرٍ)).

[15] صحيح البخاري (1836).

[16] صحيح البخاري (1828)، وصحيح مسلم (1198) (71).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة