• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / برنامج نور على الدرب


علامة باركود

الحلقة الثانية

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض


تاريخ الإضافة: 30/8/2010 ميلادي - 20/9/1431 هجري

الزيارات: 11002

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وفي هذه الحلقة نسوق مثلاً من جهاد إمام الأنبياء، وسيد ولد آدم- صلى الله عليه وسلم - وما لاقاه في سبيل تبليغ الدعوة، ونشر الرسالة من أذى بالسخرية، وإلصاق التهم، والتهديد والعدوان، فكم لقي من قريبٍ له، هو عمه أبو لهب، هذا العم النكد، الذي لم يدخر وسعًا في صدِّ الناس عن الدخول في دين الله، ولم يترك وسيلةً للإيذاء يلحقها بالرسول- صلى الله عليه وسلم - إلا فعل:

وَظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً
عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ

 

فعندما نزل قوله - تعالى -: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، أتى- صلى الله عليه وسلم - الصفا فصعده، ثم نادى قريشًا فاجتمعوا إليه، منهم من جاء بنفسه، ومنهم من بعث مندوبًا عنه.

 

ثم تكلم الرسول- صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا بني عبدالمطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي، يا بني كعب، يا بني هاشم، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفْح هذا الجبل تريد أن تُغِير عليكم، صدَّقتموني؟))، قالوا: نعم.

 

قال: ((فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)).

فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلا لهذا؟

وأنزل الله - تعالى -: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد: 1 - 5].

 

ويروي الإمام أحمد عن ربيعة بن عباد، قال: رأيت النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: ((يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا))، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه، أحول، ذو غديرتين، يقول: إنه صابئ[1] كاذب، يَتْبعه حيث ذهب، فسألتُ عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب.

 

هذا بعض ما كان يصنعه عبدالعزى بن عبدالمطلب، المكنى أبا لهب، وكانت زوجته أم جميل تشاكله الأذى والسلاطة، واسمها: "أروى بنت حرب بن أمية"، فكانت تضع الشوك في طريق رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تعيِّره بالفقر، على ما ذكره بعض المفسرين.

 

فلما نزلت سورة ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ إلى آخرها، وعلمتْ زوجُ أبي لهب بذلك، أقبلتْ ولها ولولة، وهي تقول:

مَذَمَّمًا أَبَيْنَا، وَدِينَهُ قَلَيْنَا[2]، وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا

 

وبيدها فِهر من حجارة، تريد أن تضرب به رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق.

 

فلما وقفت عليهما، أخذ الله ببصرها عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر، أين صاحبُك؟ واللهِ لو وجدتُه، لضربت بهذا الفهرِ فاه، فقد أُخبرتُ أن صاحبك هجاني، قال أبو بكر: لا ورب هذا البيت، ما هجاك، فولت وهي تقول: قد علمتْ قريش أني ابنة سيدها.

 

وقال الرسول- صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: ((لقد أخذ الله ببصرها عني)).

 

وكان من أذى أبي لهب لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - أنه مالأ قريشًا في مقاطعتهم لبني هاشم وبني عبدالمطلب؛ حتى يسلموا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إليهم مدة ثلاث سنين، وقد شذ أبو لهب عن بني هاشم وبني عبدالمطلب، فقد انحازوا جميعًا - مؤمنَهم وكافرَهم - مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في الشِّعب - شعب أبي طالب - ما عدا أبا لهب.

 

وننتقل من هذا المشهد إلى مشهد آخر، يتجلَّى فيه عظمة الرسول- صلى الله عليه وسلم - ورحابة صدره، وحبه الكبير، وحرصه على هداية الخلق ونجاتهم من الكفر والإشراك.

 

لما خرج الرسول- صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى الطائف يدعو ثقيفًا إلى الله وإلى توحيده، لقي الإيذاء والسخرية، وأغرَوْا به سفهاءهم يرمونه بالحجارة، حتى دميتْ قدماه، وطردوه شر طردة، وهو يدعوهم لما فيه رشدُهم وسعادتهم.

 

وأثناء رجوعه آسفًا على هذا الصدِّ والإيذاء، غير آيسٍ - مع ذلك - من هدايتهم، كان يناجي ربه طالبًا منه العون على القيام برسالة الله:

((اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت ربُّ المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيدٍ يتجهمني؟ أم إلى عدوٍّ ملَّكتَه أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلَح عليه أمرُ الدنيا والآخرة أن يحل عليَّ غضبُك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى[3] حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك)).

 

هكذا كان رسول الله يتوجَّه إلى خالقه ومرسِله، يسأله العونَ والثبات، ويناشده أن يكون راضيًا عنه.

 

ويرسل الله إليه ملكَ الجبال يستأمره أن يُطبق الأخشبين على أهل ثقيف (الجبلين المحيطين بمكة)، ويقول الرسول- صلى الله عليه وسلم - : ((لا، بل أستأني بهم؛ لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد اللهَ ولا يشرك به شيئًا)).

 

أيُّ عبارة يستطيع بها المرء أن يصف ما تحويه هذه الوقائعُ من سماحة الرسول- صلى الله عليه وسلم - وصبره، وإيمانه بالله، وشفقته على البشر؟!

وإذ نرى ما حصل في هذا الموقف، نجد أن المشركين الذين حملوا السلاح، وقاتلوا المسلمين، وألبوا على الرسول- صلى الله عليه وسلم - وصحابته، وصدَفوا عن الدين، لا يعاملهم الرسولُ- صلى الله عليه وسلم - معاملة المنتقم - مع قدرته على ذلك - فها هم أهل الطائف بعد حُنين وهزيمتهم الساحقة، يتحصنون في الطائف، ويحاربون المسلمين، ويرمونهم رميًا شديدًا بالنبل، ومع ذلك يأمر الرسول- صلى الله عليه وسلم - عمرَ أن يؤذن في الناس بالرحيل، وكانوا يرغبون البقاء هناك حتى يفتحوا الطائف، فلما ارتحلوا قال: ((قولوا: آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون))، وقيل له: يا رسول الله، ادعُ الله على ثقيف، فقال: ((اللهم اهدِ ثقيفًا، وأتِ بهم))، وهكذا وقع.

 

وقريش التي حاربت الرسولَ- صلى الله عليه وسلم - وناصبتْه العداء، ولم تترك وسيلة للقضاء على دين الله ورسوله إلا عملتْها، لا يكافئها على صنيعها، ولا ينفعهم منها، قد صارت طوع إرادته وفي قبضته.

 

فعندما دخل الرسول- صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح الأعظم في عشرة آلاف رجل، وكان في كتيبته الخضراء، وفيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم - مطأطئ رأسَه تواضعًا لله، وكان سعد بن عبادة معه راية الأنصار، فقال - وقد مر بأبي سفيان -: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذلَّ الله قريشًا، ولما علم الرسول- صلى الله عليه وسلم - بمقالة سعد هذه، نزع منه الراية، وقال: ((بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشًا))، ويخاطب الرسول الله- صلى الله عليه وسلم - قريشًا ومن معهم قائلاً: ((ما ترون أني فاعل بكم؟))، قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء!)).



[1] الصابئ: الخارج من دين إلى دين آخر.

[2] قلينا: كرهنا وأبغضنا.

[3] العتبى: الرضا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة