• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة


علامة باركود

من صور الاتجار بالبشر (1) هضم حقوق العمال واستغلالهم (خطبة)

من صور الاتجار بالبشر (1) هضم حقوق العمال واستغلالهم (خطبة)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 10/10/2019 ميلادي - 10/2/1441 هجري

الزيارات: 16042

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من صور الاتجار بالبشر (1)

هضم حقوق العمال واستغلالهم


الحمد لله المستحق للحمد والثناء، له الخلق والأمر، يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء، أحمَده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأعوذ به من حال أهل الشقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، أفضل الرسل وخاتم الأنبياء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأتقياء، والتابعين، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فأوصيكم إخوتي ونفسي بتقوى الله: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].

 

أيها الأخوة، في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، روى ابن عساكر بسنده عن أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا: رَبَّنَا، خَلَقْتَنَا وَخَلَقْتَ بَنِي آدَمَ، فَجَعَلْتَهُمْ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ، وَيَشْرَبُونَ الشَّرَابَ، وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ، وَيَتَزَوَّجُونَ النِّسَاءَ، وَيَرْكَبُونَ الدَّوَابَّ، يَنَامُونَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لَنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِي، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي، كَمَنْ قُلْتُ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ"[1].

 

فيا لله أي كرم؟ وأي جُود؟ وأي فضل منه سبحانه وبحمده لبني آدم؟!

ومع ذلك يأبى أقوام من البشر إلا أن يهينوا بني جنسهم، ويهضمون حقوقهم؛ في قصة فريدة من قصص السنة يُحدث الْمَعرُورِ بْنِ سُوَيْد رحمه الله، فيقول: "رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ غَلِيظٌ، وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ، قَالَ: فَقَالَ الَقَوْمُ: يَا أَبَا ذرٍّ، لَوْ كُنْتَ أَخَذْتَ الذِي عَلَى غُلامِكَ، فَجَعَلْتَهُ مَعَ هَذَا، فَكَانَتْ حُلَّةً، وَكَسَوْتَ غُلَامَكَ ثَوْبًا غَيْرَهُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ، إِنِّي كُنْتُ سَابَبْتُ رَجُلًا وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِي إِلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ.. إنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ فَضَّلَكُمُ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُلائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ، وَلا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللهِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ"[2].

 

فإذا كان هذا في حق العبد الرقيق المملوك والذي قد يكون كافرًا، فكيف بالْعُمَّالِ الأحرار الذين لهم مكانتهم في بلادهم، وجاؤوا منها لِطَلَبِ لُقْمَةِ الْعَيْشِ لَهُمْ وَلِأُسَرِهِمْ في بلادنا..

 

جيراني الكرام، اشتكى إليَّ أحد الجيران من بلاد أخرى مقيم بيننا منذ أكثر من ثلاثين سنَّة، ظلمَ صاحب العمل له إذا لم يصرف مرتبه الشهري منذ سبعة أشهر.

 

وآخر يشتكي حيث داهمه المرض فأنهت المؤسسة عقده ولم تصفِّ حقوقه، ولا زال هو وإياهم في الجهات المختصة لأكثر من سنة، فلا هو انتقل لعمل آخر، ولا هو رحل لبلده!

 

يا ألله، لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللَّهُ: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ)؛ رواه البخاري[3]، وهل يتحمل الظالم أن يكون خصمه رب العالمين يوم القيامة؟

 

قال ابن التين: "هو سبحانه خصم لجميع الظالمين إلا أنَّه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح"، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "هو في معنى من باع حرًّا وَأَكَلَ ثَمَنَهُ؛ لأنَّه استوفى منفعته بغير عوض وكأنه أكلها، ولأنه استخدمه بغير أجرة وكأنه استعبده"؛ ا. هـ[4].

 

يا أرباب العمل، إياكم والتهاون في هذه الأمور، فهذا الأجير ضعيفٌ تَغَرَّب عن بلاده، وفارق أهله وأولاده، واحتمل المكاره من أجل الرِّزْق الحلال، ولربما كان أهله وأولاده جَوْعَى يطعمهم من أجره كل شهر؟! ولربما كان يبعث المال لعلاج والِدَيْن مَرِيضَيْن، فيُؤخرُ حقه فيتأخر الدواء عنهما! ولربما كان يدفع بهذا الأجر عن أولاده خطر التنصير والكفر.

 

يا هذا، إنه لم يخرج من بلاده، ويفارق أولاده إلا من حاجة، فكيف تستغل حاجته، وتؤخرُ حقوقه؟! وإذا كان تأخير الحق أو منعُه مع عدم حاجة الأجير إلى حقه ظلمًا، فكيف مع وجود الحاجة، بل الحاجةِ الملِحَّة.

 

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلاَّ قَضَيْتَنِي، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: وَيْحَكَ تَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟ قَالَ: إِنِّي أَطْلُبُ حَقِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم: هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ؟ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا: إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرٌ فَنَقْضِيَكِ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَقْرَضَتْهُ، فَقَضَى الأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَ، أَوْفَى اللهُ لَكَ، فَقَالَ: أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ، إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ؛ أخرجه ابن مَاجَهْ بإسناد صحيح[5].

 

وعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقِّهِ»، وَذَلِكَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ مَالَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أخرجه أحمد وابن حبان[6]، [7].

 

أيها الإخوة، لا يعني هذا أن العامل أو الموظف لا يخطئ، بلى والله قد يخطئ، وقد يظلم، ولذا فإني أذكره أيضًا بعدم هضمه لصاحب العمل، والوَفَاءِ بِالعُقود التي ببَينه وبين صَاحِبِ العَمَلِ، مَا دَامَ مُوَافِقًَا لِلشَّرِيعَةِ وَلا يخَالِفُ الأَنظِمَةَ الرَّسْمِيَّةَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، وَقَالَ تَعَالى في وَصفِ المُؤمِنِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

 

أيها الإخوة، ومن المخالفات التي يَتَجَاوَزُ بعض النَّاسُ فِيهِ الأَنظِمَةَ، وَيُعَرِّضُونَ أَنفُسَهُم لأَكلِ الحَرَامِ، أَوِ الوُقُوعِ في المُشتَبَهِ، بَيعَ التَّأشِيرَاتِ عَلَى العُمَّالِ، وَاستِقدَامَهًم واستغلالهم أو تَسرِيحَهُم دُونَ تَكلِيفٍ بِعَمَلٍ، ثم مُطَالَبَتُهُم بِمَبلَغٍ شَهرِيٍّ أَو سَنَوِيٍّ يَأخُذُهُ الكَفِيلُ..[8]، فهذا على ما فيه من الجهالة فيه من المخادعة والظلم ما الله به عليم.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ عظيمِ الإحسانِ، واسعِ الفضلِ والجودِ والامتنانِ، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه؛ صلى اللهُ وسلَّم عليه وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعدُ:

فيا عباد الله، اتقوا اللهَ تعالى، وراقبوه في السِّرِّ والعلانيةِ والغيبِ والشهادةِ، مُراقبةَ مَنْ يعلمُ أنَّ ربَّه يسمعُهُ ويراهُ.

 

أيها الإخوة، إنَّ بابَ حفظِ الحقوقِ بابٌ مباركُ تترتَّبُ عليه خيراتٌ متنوعة وآثارٌ مُباركةٌ، يفوزُ بها مَنْ قام بهذه الحقوقِ في دُنياهُ وأُخراهُ، ومن ذلكم عباد الله أنَّ القيامَ بحقوقِ العُمَّالِ يترتب عليه مصالح ومنافع وخيرات؛ منها: تيسُّرُ الأرزاقِ، وانشراحُ الصُّدورِ، وتيسُّرُ الأمورِ، والعون والتوفيق والتسديد من ربِّ العالمين، وإجابةُ الدُّعاءِ وتحقيقُ الرَّجاءِ، إلى غير ذلِكم من المصالحِ.

 

وتأمَّلْ هذا فيما ذكرَه النبيُّ عليه الصلاة والسلام في قصةِ النَّفَرِ الثلاثةِ الذين أَطبقَتْ عليهم صخرةٌ في غارٍ، فتوسَّل كلُّ واحدٍ من هؤلاءِ بقيامِهِ بالحقوقِ؛ أمَّا أحدُهم، فتوسَّل إلى اللهِ عزَّ وجلَّ بقيامِهِ بحقِّ والديهِ، وأمَّا الثاني، فتوسَّل إلى اللهِ جل وعلا بقيامِهِ بِحقِّ حِفظِ الأعراضِ وعدمِ انتهاكِها، وأمَّا الثالثَ، فتوسَّل إلى الله عزَّ وجلَّ بتوفيَتِهِ للأجيرِ أجرَهُ بعد أنْ نمَّاهُ، فقال عليه الصلاة والسلام في تمامِ الحديثِ: «فَانْفَرَجَتْ عَنْهُمْ الصَّخْرَةُ»[9]؛ انفراجُ الصخرةِ في هذا الحديث دلالةٌ بيَّنةٌ على تيسُّرِ الأمورِ وانفراجِ الخيرِ وأبوابِه وانفتاحِهِ في أبوابِ المحسنين القائمين بالحقوقِ على وجهِها المتمِّمين لها كما أمر اللهُ جلَّ وعلا عبادَه بذلك[10].

 

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].



[1] تفسير ابن كثير ت سلامة (5/ 98)، وذكره الهندي في كنز العمال (12/191) وعزاه لابن عساكر.

[2] صحيح؛ أخرجه أبو داود (5157)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي"(2027)، وأصل الحديث في الصحيحين.

[3] صحيح البخاري (2270).

[4] فتح الباري (4/ 488).

[5] صحيح؛ أخرجه ابن ماجه (2426)، صححه الألباني في "صحيح وضعيف ابن ماجه" (2426).

[6] صحيح؛ أخرجه أحمد (23605)، وابن حبان في "صحيحه"(5978)، وصححه الألباني في الإرواء"(1459).

[7] ملخص من خطبة للدكتور إبراهيم الحقيل، حقوق الأُجَراء.

[8] ملخص من خطبة للشيخ عبدالله البصري.

[9] متفق عليه، البخاري (5974)، ومسلم (2743).

[10] من خطبة للشيخ عبدالرزاق البدر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة