• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبد القادر شيبة الحمد / مقالات


علامة باركود

الاجتهاد

الاجتهاد
الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد


تاريخ الإضافة: 19/9/2022 ميلادي - 22/2/1444 هجري

الزيارات: 11202

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاجتهاد


تعريفه:

الاجتهاد في الأصل افتعالٌ من الجهد - بالضم والفتح - وهو الطاقة، ويطلق في اللغة على بَذْلِ المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال الشاقَّة.

 

وفي الاصطلاح: أن يَبْذُلَ الفقيه تمام طاقته؛ لإدراك حكم الشرع في الحادثة.

 

شروط المجتهد:

1- أن يكون بالغًا.

2- أن يكون عاقلًا.

3- أن يكون صحيح الذهن قادرًا على الاستدلال.

4- أن يعرف جميع آيات الأحكام، وإن لم يحفظها عن ظهر قلب.

5- أن يعرف أحاديث الأحكام، وإن لم يحفظها عن ظهر قلب.

6- أن يعرف مواقع الإجماع حتى لا يخرقها.

7- أن يعرف من اللغة والنحو ما يتيسر له به فهم خطاب العرب.

8- أن يكون عالمًا بأصول الفقه.

9- أن يعرف بالناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة.

10- أن يعرف أسباب النزول.

11- أن يعرف أحوال رواة الأخبار ليميز صحيح الحديث من ضعيفه، ومقبوله من مردوده.

12- أن يكون عالمًا بأصول الدين.

13- أن يكون عدلًا لتقبل فتواه.

 

جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم:

اختلف أهل العلم في جواز الاجتهاد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال قوم: يجوز مطلقًا، واستدلوا بما يأتي:

1- قول معاذ رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم حينما بعثه إلى اليمن: "أجتهد رأيي"، وفرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

2- ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَوَّضَ الحُكْمَ في بني قُريظة إلى سعد بن معاذ رضي الله عنه لما نزلوا على حكمه، فقضى بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قضيتَ فيهم بحكم الله)).

 

وقال قوم: لا يجوز مطلقًا؛ بدعوى أنهم يقدرون على تلقي الحكم من النص بمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا اجتهاد مع النص.

 

وقال قوم: يجوز بإذن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بدعوى أن الذين ثبت اجتهادهم في عصره صلى الله عليه وسلم كان معهم إِذْنٌ بذلك، والمأذون لا تَسَعُهُ المخالفة.

 

وقال قوم: يجوز للغائب دون الحاضر؛ بدعوى أن القريب تسهل مراجعته دون البعيد.

 

وقال قوم: يجوز للولاة والأمراء؛ بدعوى أنه لو لم يَجُزِ اجتهادهم في الحوادث لاستقصتهم رعيتهم.

 

والمختار القول الأول؛ لصحة خبر معاذ بن جبل وسعد بن معاذ رضي الله عنهما، وقد اجتهد سعد بن معاذ بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وإمكان النص لا يجعل النص موجودًا، لا سيما وقد يؤدي انتظار النص إلى تعطيل مصالح العباد، وقد أكل أبو عبيدة من العنبر الميت الذي قذف به البحر عن اجتهاده هو ومن معه، وصوَّبَه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن معهم إذن سابق بذلك.

 

جواز الاجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه فيه وحي:

ذهب أحمد - في إحدى الروايتين - والشافعي وجمهور أهل العلم إلى جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم مطلقًا فيما لم ينزل عليه فيه وحي، واستدلوا بما يأتي:

1- قوله تعالى: ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2]، وهو عام، يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وغيره.

 

2- ولقبوله صلى الله عليه وسلم الفداء من أسرى بدر، وعتاب الله له على ذلك، ولا يكون العتاب فيما صدر عن وحي، فيكون عن اجتهاد.

 

3- ولرجوعه صلى الله عليه وسلم إلى رأي الحباب بن المنذر رضي الله عنه يوم بدر، وإخباره أن مَنْزِلَهُ لم يكن عن وحي، وإنما هو عن رأي.

 

4- ولقوله تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ ﴾ [الأنبياء: 78]، ثم قال: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ [الأنبياء: 79]؛ فإنه يدل على جواز الاجتهاد من الأنبياء؛ إذ لو لم يكن حكمهما هنا بطريق الاجتهاد فإنه لم تكن لسليمان فيه مزية، ولما خص بتفهيم القضية.

 

وذهب أكثر الأشاعرة والمعتزلة - ونُسِبَ إلى أحمد في رواية ابنِه عبدالله - إلى أنه لا يجوز مطلقًا، واستدلوا بما يأتي:

1- أنه قادر على استكشاف الحكم بالوحي الصريح، فلا حاجة له إلى الاجتهاد.

 

2- قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3].

 

3- ولأنه لو أذن له في الاجتهاد، لأجاب عن كل واقعة باجتهاده، ولم ينتظر الوحي.

 

4- ولأن ذلك قد يؤدي إلى تغير اجتهاده، فيتهم بسبب تغيير الرأي.

 

وقال قوم: يجوز في الحروب والآراء وشؤون الدنيا دون غيرها؛ بدعوى جمع الأدلة التي تثبت جواز اجتهاده صلى الله عليه وسلم والأدلة التي تمنع ذلك.

 

والمختار القول الأول؛ لأن إنزال الوحي ليس بيده صلى الله عليه وسلم، كما أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم لا يكون عن الهوى، فلا يتعارض مع قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]، وانتظاره صلى الله عليه وسلم الوحي في بعض الحوادث؛ لأنه ربما لم ينقدح له فيها اجتهاد، ودعوى أن اجتهاده قد يؤدي إلى تهمته بسبب ما قد يتغير من الرأي لا يعول عليها؛ فإنه قد اتهمه اليهود والمشركون بسبب النسخ، ومع ذلك لا نبطل النسخ بسبب هذا الاتهام، ومن فوائد اجتهاده صلى الله عليه وسلم إرشاد أمته، ولينال صواب المجتهدين.

 

هذا، وقد أجمع المسلمون على أنه صلى الله عليه وسلم لا يُقَرُّ على خطأ، والجمهور على أنه صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ.

 

هل كل مجتهد مصيب؟

إذا اختلفت جماعة من المجتهدين في مسألة واحدة اجتهادية، فذهب كل واحد منهم إلى مذهب يخالف مذهب الآخرين فيها، فهل كلهم مصيبون أو أن المصيب واحد؟

 

ذهبت جماهير أهل العلم إلى أن المصيب واحد، ومن عداه مخطئ؛ إذ إن الحق فيها واحد، والمصيب من وافقه، واستدلوا بما يأتي:

1- قوله تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ [الأنبياء: 79]؛ إذ لو لم يكن هو المصيب وحده لما خص بتفهيم القضية، ولما كانت له فيها مزية.

 

2- قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتهدَ الحاكمُ فأصابَ فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ))؛ رواه الشيخان، وهذا لفظ مسلم.

 

3- وقد اشتهر عن الصحابة في وقائعَ لا تحصى إطلاق الخطأ على المجتهدين، كقول أبي بكر رضي الله عنه في الكلالة: "أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان".

 

وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قصة بروع بنت واشق مثل ذلك.

 

وقال عمر رضي الله عنه لكاتبه: اكتب: هذا ما رآه عمر، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمن عمر، وقد ذُكِرَ عنه رضي الله عنه أنه قال في قضية قضاها: "والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ"، وقد أرسل عمرُ إلى امرأة حامل فأجهضت، فاستشار رضي الله عنه الصحابةَ في ذلك، فأشار عثمان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما إلى أنه لا شيء عليه، وقالوا له: "إنما أنت مؤدب"، فقال علي رضي الله عنه: "إن يكونا اجتهدا فقد أخطأا"، ثم قال له: "عليك الدِّيَة"، فرجع عمر إلى رأيه رضي الله عنهما، ونظائر ذلك كثيرة.

 

4- ولأن تصويب جميع المجتهدين المختلفين في المسألة الواحدة يؤدي إلى الجمع بين النقيضين؛ فيصير النبيذ - مثلًا - حرامًا حلالًا، ويصير النكاح بلا ولي صحيحًا فاسدًا، وكذلك سائر المسائل التي اختلف فيها على القولين المتناقضين، وهذا ظاهر الفساد.

 

وقد اختلف هؤلاء في تأثيم المخطئ؛ فجمهورهم على أنه لا يأثم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اجتهدَ الحاكمُ فأصابَ فله أجرانِ، وإنْ أخطَأَ فلهُ أجرٌ))، ولأنه بذل وسعه في الطلب.

 

وقال بعضهم - وهم أهل الظاهر وبعض المتكلمين -: يأثم المخطئ؛ لعدم إصابته المكلف به، وهذا مردود، أعني تأثيم المخطئ من المجتهدين؛ لما ذكرنا.

 

وذهب الأشعري - في إحدى الروايتين عنه - وأبو بكر الباقلاني، والجبائي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وابن سريج، وجمهور المتكلمين إلى أن كل مجتهد مصيب، وأن الحق في المسألة الاجتهادية هو ما أدى إليه اجتهاد المجتهد، وحكم الله فيها تابع لاجتهاد كل واحد من هؤلاء المجتهدين، واستدلوا بما يأتي:

1- قوله تعالى: ﴿ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ [الأنبياء: 79]، فإنه لو كان أحدهما مخطئًا ما أثنى عليهما معًا، بل كان يخص بالثناء المصيبَ.

 

2- ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال لأصحابه: ((لا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ منكم العصرَ إلا في بني قُرَيْظَةَ))، وخشي فريق منهم أن تغيب الشمس قبل الوصول، فَصَلَّوْا في الطريق، وقال الآخرون: لا نُصَلِّي إلا في بني قريظة، يعني: ولو غابت الشمس، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك لم يخطِّئْ أحدًا من الفريقين.

 

3- ولأنَّ الحادثةَ إن كان فيها نَصٌّ فلا إصابةَ إلا بإدراك النصِّ، وإن لم يكن فيها نص فلا حكم فيها؛ لأن حكم الله خِطَابُهُ، وخطابه لا يعرف إلا بالنص، فإذا فُقِدَ النص فُقِدَ الخطاب، وإذا فقد الخطاب فقد الحكم.

 

وما دام قد أذن في الاجتهاد، فيكون الحكم تابعًا لاجتهاد المجتهد، ويتعدد بتعدد المجتهدين.

 

والمختار الأول؛ لأن ثناءه على كلٍّ من داود وسليمان لا يدل على عدم الخطأ؛ فإن المجتهد المخطئ لا إثم عليه، بل له أجر على اجتهاده.

 

وقصة النهي عن الصلاة إلا في بني قريظة لا تدل على تصويب رأي كل واحد من الفريقين؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لهما: أصبتما، وإنما الثابت أنه لم يعنف أحدًا من الفريقين، وقد قلنا: إن المجتهد المخطئ معذور مأجور.

 

هذا، والإجماع منعقد - قبل وجود الجاحظ وعبيدالله بن الحسن العنبري - على أن من نظر في الإسلام من الكفار واجتهد وعجز عن إدراك حقيقته، ولم يدخل فيه، فهو آثم مخطئ كافر، كما اتفق المسلمون على أن المصيب من المختلفين في أصول الدين واحد، والمخطئ فيه غير معذور.

 

تعارض الدليلين أمام المجتهد:

اختلف العلماء فيما يفعله المجتهد إذا تعارض أمامه الدليلان، ولم يترجح لديه واحد منهما، فقال الحنابلة وأكثر الحنفية وأكثر الشافعية: يتوقف، واحتجوا بأن عدم التوقف يؤدي إلى المحال أو التحكم؛ لأنه إما أن يعمل بالدليلين فيكون جامعًا بين المتناقضين، وإما أن يلغي الدليلين فيكون وضعهما عبثًا، وهو محال شرعًا، وإما أن يعمل بأحدهما، لا على التعيين، فيكون ترجيحًا بلا مرجح، وإما أن يعمل بأحدهما لا على التعيين بل على التخيير، فيكون تخييرًا بين المحرم والمباح، مع أن المحرم يأثم فاعله، والمباح لا يأثم فاعله، وذلك جمع بين النقيضين.

 

على أن في التخيير بين الموجب والمبيح رفعًا للإيجاب، فيصير عملًا بأحد الدليلين، وهو تحكم ظاهر الفساد.

 

وقال بعض الشافعية وبعض الحنفية: يكون المجتهد مخيرًا في الأخذ بأيهما شاء؛ بدعوى أنه لا يمكنه العمل بها معًا؛ لما فيه من التناقض، ولا يمكنه إسقاطهما؛ لأنه إبطال لأدلة الشرع من غير موجب.

 

ولا يجوز التوقف إلى غير غاية؛ فإن فيه تعطيلًا للنصوص، وقد لا يقبل الحكم التأخير، فلم يبقَ إلا التخيير، والتخيير بين الحكمين مما قد يرد شرعًا، كخصال الكفارة، والتوجه إلى جدران الكعبة أيها شاء لمن دخلها.

 

والمختار الأول؛ لأن التخيير في خصال الكفارة وجدران الكعبة لا يؤدي إلى الجمع بين النقيضين، بخلاف الدليلين المتعارضين، وليس في التوقف إسقاط للدليلين، ولا ترجيح لأحدهما بلا مرجح، بل ينتظر حتى يظهر المرجح؛ لأن الواقع أن أدلة الشرع لا يمكن أن تتعارض في الأمر نفسه.

 

هل يجوز للمجتهد أن يقول في حالة واحدة: في هذه المسألة قولان؟

لا نزاع عند أهل العلم في جواز قول المجتهد في حالة واحدة: في هذه المسألة قولان مع ترجيح أحد القولين، أما إذا لم يرجح أحدهما، فهل يجوز له أن يقول ذلك؟

 

ذهب عامة الفقهاء إلى أنه لا يجوز له ذلك؛ لأنه لا يخلو من أن يراهما صحيحين، فهو جمع بين النقيضين، أو أن يراهما فاسدين، فلا يجوز له القول بهما، أو أن يرى أحدهما صحيحًا والآخر فاسدًا، فلا يجوز له القول بالفاسد.

 

وإذا اشتبه عليه الصحيح بالفاسد لم يكن عالمًا بحكم المسألة، ولا قول له فيه أصلًا.

 

وقال قوم: يجوز ذلك، وقد قاله الشافعي رحمه الله في ستة عشر أو سبعة عشر موضعًا، وادَّعَوْا أن فائدة ذكر القولين من غير ترجيح إنما هي التنبيه على أن ما سواهما لا يؤخذ به.

 

والمختار الأول، وما نسب إلى الشافعي محمول على أنه تعارَضَ عنده الدليلان، فقال بمقتضاهما على شريطة الترجيح، وأن أحد القولين لا بد من أن يكون أعجب إليه من القول الآخر.

 

وقد روى أبو بكر عبدالعزيز رحمه الله في كتابه: "زاد المسافر" أن أحمد رحمه الله قال في رواية أبي الحارث: "إذا أخرت المرأة الصلاة إلى آخر وقتها، فحاضت قبل خروج الوقت، ففيه قولان: أحد القولين لا قضاء عليها؛ لأن لها أن تؤخر إلى آخر الوقت، والقول الآخر أن الصلاة وجبت عليها بدخول الوقت فعليها القضاء، وهو أعجب القولين.

 

هل يجوز للمجتهد بعد اجتهاده في المسألة تقليد غيره فيها؟

لا نزاع عند أهل العلم في أن المجتهد إذا اجتهد في المسألة فغلب على ظنه حكمها، لم يجز له تقليد غيره فيها، أما من كانت عنده أهلية الاجتهاد، ولكنه لم يجتهد في المسألة، فهل يجوز تقليد غيره فيها؟

 

فذهب الأكثر إلى أنه لا يجوز له التقليد مطلقًا؛ بحجة أنه قادر على الاجتهاد الذي هو أصل للتقليد، ولا يجوز العدول عن الأصل، كما لا يجوز التيمم لمن يقدر على الوضوء.

 

وقال قوم: يجوز له التقليد مطلقًا؛ بدعوى أنه كالعامي ما دام لم يعلم حكم المسألة، والله يقول: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وهو لا يعلم هذه المسألة.

 

وقال قوم: يجوز له إن كان قاضيًا؛ بدعوى أنه يحتاج إلى إنجاز الفصل في الخصومة، وقد تحتاج المسألة إلى نظر طويل.

 

وقال محمد بن الحسن: يجوز له تقليد من يفوقه في العلم؛ لرجحانه عليه، بخلاف المُسَاوِي والأدنى.

 

وقيل: يجوز عند ضيق الوقت في المسائل المؤقتة؛ لأنه في حكم العاجز عن الاجتهاد، فهو كالعامي.

 

وقيل: يجوز تقليد الصحابة رضي الله عنهم دون غيرهم؛ للثقة بأقوالهم.

 

والمختار الأول؛ لأن الله تعالى أمر بالاعتبار، وإنما يباح التقليد للعامي ضرورة؛ لعجزه عن النظر، ومن عنده أهلية الاجتهاد لا يجوز أن يوضع في درجة العوام.

 

هل نص المجتهد على علة حكمه في المسألة يفيد حكمه على كل مسألة وجدت فيها تلك العلة، ولو لم ينقل نصه فيها؟

 

إذا نص المجتهد على حكم في المسألة، ونص على علة هذا الحكم، ثم وجدت تلك العلة في مسائل أخرى لم ينقل عنه نص فيها، فإن مذهبه يكون في تلك المسائل كمذهبه في المسألة التي حكم فيها ونص على علتها؛ لأن نصه على علة الحكم في المسألة المذكورة يدل على أن حكمه تابع لتلك العلة، فإذا وجدت العلة في غير المسألة المنصوص عليها كان الحكم فيها كالحكم في المسألة المنصوص عليها.

 

فإذا لم ينص المجتهد على العلة في حكمه على المسألة، لا يعد حكمه هذا حكمًا عامًّا منه على المسائل جميعها التي قد تشبهها؛ لأن بعض الشبه قد يخفى على بعض المجتهدين، ولأن ذلك يكون إثباتًا لمذهبه بالقياس.

 

هل ينقض الحكم في الاجتهاديات؟

اتفق أهل العلم على أن الحكم الاجتهادي إذا كان عن نظر صحيح، فإنه لا يجوز نقضه؛ إذ لو جاز نقضه لجاز نقض النقض، وهلم إلى ما لا نهاية له، فتفوت مصلحة نصب الحاكم من فصل الخصومات.

 

أما إذا خالف الحكم نصًّا أو ظاهرًا جليًّا، فإنه ينقض لمخالفته الدليل المذكور، كذلك لو اجتهد المجتهد في المسألة، ثم قلد غيره فيها، فحكم على خلاف اجتهاده، فإنه ينقض؛ لأنه لا يجوز له التقليد في مسألة اجتهد فيها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- الاجتهاد يكون في مسائل فرعية
عبدالرحمن بن عبدالمحسن - السعودية 09-04-2024 03:53 PM

الحمد لله،، وبعد
أحكام القضايا الأساسية موجودة
وأحكام القضايا التي دون الأساسية موجودة
وكثير من القضايا الفرعية موجودة أحكامها
يبقى قليل مما هي قضايا فرعية من الفرعيات وهذا ليس على المسلم إثم إذا تحرى الصواب واتبعه
فما سكت عنه الشارع ليس عن نسيان ولكن جعل حكمها إلى اجتهاد العلماء
أرجو ان تكون الفكرة واضحة

1- ممتاز
زائر - السعودية 19-09-2022 12:28 PM

ممتاز ما شاء الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة