• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. فؤاد محمد موسى / مقالات


علامة باركود

البر جماع الخير

البر جماع الخير
أ. د. فؤاد محمد موسى


تاريخ الإضافة: 2/9/2023 ميلادي - 16/2/1445 هجري

الزيارات: 4090

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البر جماع الخير


إن الفرق التي فرقت الإسلام وجعلت لنفسها شكلًا يميزها عن غيرها من الفرق وأطلقت لنفسها مسمى غيرَ اسم الإسلام الذي ارتضاه الله لدينه، بحجة أن الكل يقول أنه مسلم، فأصبح لكل فرقةٍ اسم تتعصب له، وعلماء يجب طاعتهم، وأشكالًا في العبادة والملبس والهيئة، ومظاهر في السلوك، مع التركيز على بعض العبادات والشعائر دون غيرها، مقلدين اليهود عندما اتخذوا العجل، وعندما قالوا لموسى عليه السلام: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138].

 

لقد اتخذت هذه الفرق الشكل والشعارات والأسماء التي ترفعها بزعمها على أنها الإسلام، وأن هذا فيه الخير كله بزعمهم، وقد حذر الله من قبل هذه الشكليات والمظاهر وضرب لنا أمثلة على مثل هذه الشكليات المرفوضة، قال تعالى: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ [البقرة: 177].

 

﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ﴾ [البقرة: 190].

حتى الذين فرغوا الإسلام من جوهره ومضمونه وجعلوه شعائر تؤدى شكليًّا، ولا يتولد عنها تغيير في القلب والنفس والوجدان والسلوك، وليس لها ترجمة في واقع الحياة الاجتماعية في حياة الأمة، وقصروا العبادة على الصلاة والصوم والزكاة والحج في شكلها الظاهري، وجعلوا هذا منفصلًا عن حياة الناس، فتلك الشعائر الظاهرة في ذاتها مجردة عما يصاحبها في القلب من المشاعر وفي الحياة من السلوك، لا تحقق البر، ولا تنشئ الخير.

 

ولكن مراد الله أن تكون حياة الإنسان كلها عبادة وتسليم لله وعلى منهجه.

 

وفي آية واحدة يضع لنا ربنا قواعد التصور الإيماني الصحيح، وقواعد السلوك الإيماني الصحيح، ويحدد صفة الصادقين المتقين في ذلك، بقوله جل جلاله: ﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّـٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

ذلك هو البر الذي هو جماع الخير. إنها منظومة صفات تتكامل عناصرها وتتداخل إذا اختل عنصر واحد منها اختلت المنظومة كلها، وإذا قوي عنصر ساعد في قوة باقي العناصر.

 

إن الإيمان بالله هو نقطة التحول في حياة البشرية من العبودية لشتى القوى، وشتى الأشياء، وشتى الاعتبارات إلى عبودية الله الواحد، تتحرر بها النفس من كل عبودية، وهي نقطة التحول كذلك من الفوضى إلى النظام، ومن التيه إلى القصد، ومن التفكك إلى وحدة الاتجاه.

 

فهذه البشرية دون إيمان بالله الواحد، لا تعرف لها قصدًا مستقيمًا ولا غاية مطردة، ولا تعرف لها نقطة ارتكاز تتجمع حولها في جد وفي مساواة، كما يتجمع الوجود كله، واضح النسب والارتباطات والأهداف والعلاقات.

 

والإيمان باليوم الآخر هو الإيمان بالعدالة الإلهية المطلقة في الجزاء؛ وبأن حياة الإنسان على هذه الأرض ليست سدى ولا فوضى بغير ميزان.

 

إن قيمة إيتاء المال - على حبه والاعتزاز به - لذوي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، هي الانعتاق من ربقة الحرص والشح والضعف والأثرة. انعتاق الروح من حب المال الذي يقبض الأيدي عن الإنفاق، ويقبض الأرواح عن الانطلاق، فيتحرر من عبودية المال، هذه العبودية التي تستذل النفوس. وهي قيمة إنسانية كبرى في حساب الإسلام، الذي يحاول دائمًا تحرير الإنسان من وساوس نفسه.

 

وأن أحرارَ النفوس من الشهوات هم أحرار الرؤوس في المجتمعات!

 

ثم إنها بعد ذلك كله قيمة إنسانية في محيط الأمة.

 

وإقامة الصلاة قيمتها في مجال البر الذي هو جماع الخير إنها توجه الإنسان بكليته إلى ربه، ظاهرًا وباطنًا، جسمًا وعقلًا وروحًا. إنها ليست مجرد حركات رياضية بالجسم، وليست مجرد توجه صوفي بالروح.

 

وإقامة الصلاة على هذا النحو تذكر بفكرة الإسلام كلها عن الحياة، وتحقق فكرة الإسلام كلها عن الحياة.. في كل ركعة وفي كل صلاة.

 

وإيتاء الزكاة؛ إنه الوفاء بضريبة الإسلام الاجتماعية التي جعلها الله حقًّا في أموال الأغنياء للفقراء، بحكم أنه هو صاحب المال، وهو الذي ملَّكه للفرد بعقد منه، والإنفاق في تلك الوجوه ليس بديلا من الزكاة، وليست الزكاة بديلة منه.

 

والوفاء بالعهد؛ إنه سمة الإسلام التي يحرص عليها، ويكررها القرآن كثيرًا؛ ويعدها آية الإيمان، وآية الآدمية وآية الإحسان، وهي ضرورية لإيجاد جو من الثقة والطمأنينة في علاقات الأفراد وعلاقات الجماعات وعلاقات الأمم والدول.

 

والصبر في البأساء والضراء وحين البأس؛ إنها تربية للنفوس وإعداد، كي لا تطير شعاعًا مع كل نازلة، ولا تذهب حسرة مع كل فاجعة، ولا تنهار جزعًا أمام الشدائد، ولابد لأمة تناط بها القوامة على البشرية، والعدل في الأرض والصلاح، أن تهيأ لمشاق الطريق ووعثائه بالصبر في البأساء والضراء وحين الشدة.

 

وهكذا تجمع آية واحدة بين أصول الاعتقاد، وتكاليف النفس والمال، وتجعلها كلًا لا يتجزأ، ووحدة لا تنفصم، وتضع على هذا كله عنوانًا واحدًا هو(البر ( أو هو جماع الخير أو هو الإيمان، كما ورد في بعض الأثر.

 

والحق أنها خلاصة كاملة للتصور الإسلامي ولمبادئ المنهج الإسلامي المتكامل لا يستقيم بدونها إسلام.

 

أولئك الذين صدقوا ربهم في إسلامهم.. صدقوا في إيمانهم واعتقادهم، وصدقوا في ترجمة هذا الإيمان والاعتقاد إلى مدلولاته الواقعة في الحياة، وأولئك هم المتقون الذين يخشون ربهم ويتصلون به، ويؤدون واجبهم له.

 

وإذا نظرنا خلال هذه الآية إلى تلك الآفاق العالية التي يريد الله أن يرفع الناس إليها، بمنهجه الرفيع القويم، ثم ننظر إلى الناس وهم ينأون عن هذا المنهج ويتجنبونه، ويحاربونه، ويرصدون له العداوة، ولكل من يدعوهم إليه، وإلى تلك الفرق التي تشوه صورة الإسلام لتحقيق مآرب حياتية ضيقة لدى بعض الأشخاص على حساب الأمة الإسلامية.

 

ولكننا نأمل أن يفيء هؤلاء إلى الحق، وأملنا في الله وثيق، وعلى يقين في قوة منهج الله الذي ينشر الخير لكل البشرية، ويخرجها مما هي فيه من الظلمة والتيه، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة