• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / فقه التقاضي / آداب القاضي


علامة باركود

آداب القاضي (3)

آداب القاضي (3)
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


تاريخ الإضافة: 27/6/2012 ميلادي - 7/8/1433 هجري

الزيارات: 19748

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

برنامج فقه التقاضي

الحلقة السادسة

(آداب القاضي 3)

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.


أمَّا بعدُ:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله -مستمعي الأفاضل- في برنامجكم: "فقه التقاضي"، وقد أسلفتُ في الحلقات الماضية أنَّ المراد بالقضاء: "تبيين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات"، وأن نصب القضاة فرض كفاية في الأمة، وأنه لأهمية وظيفة القضاء وخطورتها اشتَرَط فقهاءُ الإسلام في القاضي شروطًا يلزم توفرها؛ كي يوَلَّى منصب القضاء، وأن للقاضي آدابًا ينبغي له أن يتحلَّى بها؛ كي يكون القاضي متمتعًا بالخلق الرفيع والتعامل الحسن، وليتمكن من النظَر في الخصومات، ومناقشة الخصوم برفقٍ وروية، وقد مضى في الحلقتين الماضيتين ذِكْر جُملة من الآداب التي نصَّ فقهاء الإسلام على أهمية توفرها في القاضي.

 

وفي هذه الحلقة نُواصِل الحديث عنْ آداب أخرى، ينبغي للقاضي أن يتخلَّق بها.


14) فمن الآداب والأحكام التي تلزم القاضي: ألا يحكم لنفسه، فلو كان للقاضي نفسه خصومة مع أحد فلا يسوغ للقاضي نظر هذه القضية؛ لأنه سيتهم فيها بلا شك، وإنما يتحاكم هو وخصمه، عند قاضٍ آخر، أو من يختارونه حكمًا بينهما.


والقاضي ممنوع أيضًا من نظر أي قضية تتعلق بمن له علاقة به أو قرابة تمنعه من إعطاء القضية حقها، ولا يؤمن على القاضي الحيف معه.


وقد ضبط العلماء ذلك بضابط مُهمٍّ، وهو أن كل مَن لا تُقبل شهادة القاضي له فإنه لا يجوز له نظر قضيته؛ كوالده وولده وزوجته، حتى ولو كانت الخصومة بين والديه، أو بين والده وولده، أو بين ولده وزوجته؛ لعدم قَبول شهادته لأحدهما على الآخر.


ويدخل في ذلك منع القاضي من نظر خصومة لعدوٍّ له، بينهما عداوة وشحناء، لأن القاضي سيُتهم في حكمه حتى لو أصاب، وضابط كونه عدوًّا له: أن يفرح بمساءته، ويغتم لفرحه.


قال ابن رشد: "اتفقوا على أنه يقضي لمن ليس يُتهم عليه" أ.هـ.


ومتى عرضت للقاضي، أو لأحد ممن ذكر خصومة، فإنهما يتحاكمان إلى قاضٍ آخر، ويظهر من هذا - وبجلاء - حِرص الشارع الحكيم على توفُّر أسباب التوفيق للقاضي في حكمه، ومنعه مِن تعريض نفسه للحكم في قضية يميل قلبه مع أحد طرفَيها.


وفي تاريخ أمتنا صور مشرقة لذلك، فها هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يتخاصَم مع أحد رعيته عند زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أخرج البيهقي في السنن عن الشَّعْبِى: أنه كَانَ بَيْنَ عمر بن الخطاب وبين أُبي بن كعبٍ - رضي الله عنهما - تداري فى شيءٍ، وادعى أُبَي على عمر - رضى الله عنهما - فأنكر ذلك، فجعلا بينهما زيد بن ثابتٍ، فأتياه فى منزله، فلما دخلا عليه قال له عمر - رضى الله عنه -: أتيناك لتحكم بيننا، وفي بيته يؤتَى الحكم، فوسع له زيدٌ عن صدر فراشه، فقال: ها هنا يا أمير المؤمنين، فقال له عمر - رضى الله عنه -: لقد جُرْت في الفتيا، ولكن أجلس مع خصمي، فجلسا بين يديه، فادَّعى أُبَي وأنكر عمر - رضى الله عنهما - فقال زيدٌ لِأُبَي: أَعْفِ أمير المؤمنين من اليمين، وما كنت لأسألها لأحدٍ غيره، فحلف عمر -رضى الله عنه- ثم أقسم لا يُدرك زيدُ بن ثابتٍ القضاءَ حتى يكونَ عُمر ورجلٌ من عرض المسلمين عنده سواءٌ.


فتأملوا -مستمعي الأفاضل- في مجيئ عمر متخاصمًا عند زيد، وكيف أنكر عمر -رضي الله عنه- على زيد حين عرض عليه الجلوس في صدر فراشه، وطلبه من أبيٍّ أن يعفي أمير المؤمنين من اليمين!


وأخرج البيهقي في سننه عن الشعبى قال: أخذ عمر بن الخطاب فرسًا من رجلٍ على سومٍ فحمل عليه رجلًا، فعطب عنده فخاصمه الرجل، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا، فقال الرجل: فإني أرضى بشريحٍ العراقي، فأتوا شريحًا، فقال شريحٌ لعمر: أخذته صحيحًا سليمًا وأنت له ضامنٌ حتى ترده صحيحًا سليمًا، فأعجب عمر بن الخطاب فبعَثَه قاضيًا.


واختصم أمير المؤمنين عليٌّ -رضي الله عنه- مع رجلٍ عراقيٍّ إلى القاضي شريح، وحاكم عثمان طلحة إلى جبير بن مطعم رضي الله عن الجميع.


15) ومن الآداب التي ينبغي للقاضي الحرص عليها قيامًا بواجبه ورفقًا بالناس: أن يعتني بقضايا المحبوسين والسجناء، فيسعى في إنهاء قضاياهم وخصوماتهم؛ لأن الحبس عذاب، ومن حق المتهم المسجون أن يُبَتَّ في أمره، ويُحكم له أو عليه، وقد حرصت التنظيمات القضائية على ضبط هذا الأمر، فلا يُسجن متهم إلا بسبب موجب، ولا يستمر إيقافه إلا بأمر قضائي مبرر؛ حفظًا للحقوق منعًا للحيف.


16) ومن الآداب التي ينبغي للقاضي التأدب بها: احترام الأحكام القضائية السابقة، فليس للقاضي ولاية على الأحكام السابقة، ولا يتعرَّض لها ما دامتْ صادرة من قاضٍ مُعتبر له ولاية قائمة؛ وفي ذلك احترام للأحكام واستقرار لأمور الناس.


وقد نظمت التعليماتُ القضائيةُ هذا الأمر، وأنه متى بان للقاضي في حكمٍ ما مخالفته لنص شرعي، أو حكم قطعي، أو نص نظامي سائغ، فإن القاضي يرفع وجهة نظره إلى جهة قضائية أعلى، وهي التي تتولى تدقيق الحكم ومراجعته.


17) ومن الآداب التي ينبغي للقاضي رعايتها: أن يراعي حال من توجهت الخصومة عليه أو طُلب لأداء يمين، وله عذر يمنعه من الوصول للقاضي، كما لو كان مريضًا أو مقعدًا، لا يستطيع الانتقال، فللقاضي أن ينيبَ أحد أعوانه ليستحلفه.


18) ومن الآداب التي ينبغي للقاضي رعايتها: ما يتعلق بالخصومة التي يكون فيها امرأة، فلها أن تخاصمَ بنفسها أو توكل مَن ترى، وهل يلزم توفر المحرم عند حضورها لدى القاضي؟


والجواب أن ذلك يختلف:

فإن كانت ستسافر مسافة قصر، فلا بد أن يكون معها محرم لها؛ امتثالًا لأمر النبي -صلى الله عليه و سلم- ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم))، فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج؟ فقال: ((اخرج معها)).


وأما إن لم يكن هناك سفر فلا يلزم حضور محرمٍ معها، ولكن لا يجوز للقاضي ولا غيره أن يخلو بالمرأة، بل يكون معها محرم لها، أو أن يكون في مجلس القضاء غيرهما.


وللقاضي عند الحاجة إلى التعرُّف على المرأة لكونها خصمًا أو شاهدةً أو مشهودًا عليها أن يطلب منها معرفين بها، أو أن تكشف وجهها، لأن هذا من مواطن الحاجة.


مستمعي الأفاضل، قد كانتْ هذه ثمانية عشر أدبًا من الآداب التي يلزم القاضيَ التأدب بها قيامًا بالأمانة التي حُمّل إياها، ومراعاة لما تقتضيه وظيفة القضاء مِن مزيد عناية وصيانة، وكل ذلك رغبةً في توفر قضاءٍ أمين قويٍّ منصف للناس، بعيدٍ عن مواطِن الريب والشبهات.


نسأل الله تعالى أن يفقهَنا في ديننا، وأن يعلمَنا ما ينفعنا.


وإلى لقاء قادم - بإذن الله تعالى - لنواصل الحديث عما يتعلَّق بالتقاضي مِن أُمور وأحكام.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أهم المراجع:

• حاشية ابن قاسم.

• متون الحديث.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة