• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. محمد جبر الألفي / مقالات


علامة باركود

أثر البصمة الوراثية في نفي النسب

أثر البصمة الوراثية في نفي النسب
أ. د. محمد جبر الألفي


تاريخ الإضافة: 30/4/2015 ميلادي - 11/7/1436 هجري

الزيارات: 27991

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أثر البصمة الوراثية في نفي النسب


1 - المراد من نفي النسب هنا: أن يُبعِدَ الرجلُ عنه حملاً أو مولودًا، وينكر أنه من مائِه، أو أنه ينتسب إليه[1].

ويحدث هذا كثيرًا عندما يشك الزوج في سلوك زوجته، أو يراها في حالة تلبُّس مع رجل آخر، أو يجد أن صفات المولود تخالِفُ صفاتِه، كأن يكون أسود البشرة ويجيء الولد أشقر أو العكس، وقد حدث أن أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، وإني أنكرتُه! فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل لك من إبل؟))، فقال: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: ((فما ألوانها؟))، قال: حُمْرٌ، فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل فيها من أورق؟))، قال: إن فيها لَوُرْقًا، فقال صلى الله عليه وسلم: ((فأنى ترى ذلك جاءها؟))، قال: يا رسول الله، عِرق نزعها، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لعل هذا عرق نزعه))[2].

 

ففي هذه الواقعة لم يرخِّص رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي في نفي نسب الولد لمجرد مخالفته في الشبه، وعلى العكس من ذلك: أقرَّ النبي صلى الله عليه وسلم مجرد الشبه لإثبات النسب في قصة أسامة وزيد، حيث كان المشركون يطعنون في نسب أسامة من زيد؛ لاختلاف اللون، فلما عرضا على القائف "مجزز المدلجي" قال: إن هذه الأقدام بعضُها من بعض[3].

 

2 - وقد أجمع الفقهاء على أن فراش الزوجية - الصحيح - هو الأصل الشرعي المقرر في إثبات النسب[4]؛ فإذا ادعى الزوج أن حَمْلَ زوجته أو ولدها ليس منه، فلا طريق لنفي نسبه إلا اللِّعان.

 

3 - واللِّعان شهادات[5] تجري بين الزوجين مؤكَّدة بالأَيْمان، مقرونة باللَّعْن من جانب الزوج، وبالغضب من جانب الزوجة[6]، جعلت حجةً للمضطر إلى قذف مَن لُطِّخ فراشه، وأُلْحق العارُ به، أو إلى نفي ولد[7].

 

وقد شرع اللعان - رغم ما فيه من التشهير والتغليظ - لسدِّ باب الخوض في الأعراض، فلا يقدم عليه إلا من تيقَّن أن الحمل أو الولد ليس منه، أما مجرد الشك من الزوج، فلا يستدعي أن يستجلب لنفسه لعنةَ الله، ويُعرِّض النسب الثابت بالفراش للجرح والخدش أمام القاضي وشهود اللِّعان.

 

4 - من أجل ذلك: لا يجوز إجراء اللعان إلا إذا كانت الزوجية قائمةً بين الرجل وامرأته وقت القذف، وكان الزواج صحيحًا لا تشوبُه شبهة ولا فساد؛ لأن الله تعالى خصَّ اللِّعان بالأزواج، فقال: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ [النور: 6]، ويشترط لنفي نسب المولود: الفَوريَّة، فلو علم الزوج بالحمل أو الولادة وسكت عن نفيه بعد علمه لا يمكَّن من إجراء اللعان[8]، كما يشترط ألا يكون الزوج قد أقرَّ بالولد صراحةً - كقوله: هذا ولدي - أو دلالةً - كقبوله التهنئةَ بالمولود -[9] وكذلك إذا جامع زوجته بعد علمه بالحمل أو الوضع[10]، ففي هذه الحالات وأمثالها لا يجوز اللِّعان.

 

5 - ولا يجوز اللِّعان في حق مَن لا يمكن نسبة الولد إليه؛ لعدم إمكان الوطء، أو لوضع الزوجة مولودًا قبل مُضيِّ ستة أشهر من الزواج، حيث قرَّر الفقهاء أن مَن يدَّعي نَفْيَ نسب مولود لا يمكن نسبته إليه، فإن نسب الولد ينتفي عنه بدون لعان[11]، وعلى هذا جرى عمل الفقهاء[12].

 

6 - هل يمكن أن تحلَّ البصمة الوراثية محلَّ اللعان، فيُكتفَى بنتائجها في نفي نسب الولد؟ انقسم الباحثون المعاصرون في حكم هذه المسألة إلى فريقين:

الفريق الأول[13]: يرى أن البصمة الوراثية يمكن أن تحلَّ محلَّ اللِّعان؛ لأن الزوج يلجأ إلى اللعان لنفي نسب المولود عندما يفقد الشهود الأربعة بواقعة زنا امرأته، ومع التقدم التقني في مجال البصمة الوراثية، ودقة نتائجها، وقطعية دلالتها، فإن هذا يكفي للشهادة على ما يدعيه الزوج.

 

والفريق الآخر[14]: يرى أن البصمة الوراثية لا تعتبر مساوية للعان، ولا يجوز تقديمها عليه في نفي النسب؛ لأن حديث: ((الولد للفراش)) دليلٌ مُجْمَعٌ عليه[15]، فلا تقوى نتائج البصمة الوراثية على معارضته، ولا يقوى عليه إلا اللعان، فإنه تترتب عليه آثار أخرى غير نفي النسب، كالفُرقةِ المؤبدة بين الزوجين، وسقوط حدِّ القذف عن الزوج، ولا يُقامُ حدُّ الزنا على المرأة.

 

7 - ونحن لا نتفق مع من يرون أن البصمة الوراثية يمكن أن تحل محلَّ اللعان في نفي نسب الحمل أو المولود على فراش الزوجية، ونتمسَّك بما جاء في قرار المَجْمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي[16] من أنه: "لا يجوز شرعًا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان"؛ فقد أهدر النبي صلى الله عليه وسلم الشَّبهَ مقابل اللعان[17].

 

أما في الحالات التي ليس فيها لعان، فنرى أن البصمة الوراثية تقدم - في إثبات النسب أو نفيه - على غيرها من الوسائل، كالإقرار وشهادة الشهود والقيافة والقرعة وغير ذلك؛ فهذه كلها أدلة ظنيَّة احتماليَّة، أما نتائج تحليل الحمض النووي - بعد اتخاذ جميع الاحتياطات العلمية - فإنها دليل شبه قطعي، بُنِي على أسس علمية ورقابة طبية، وتلقتْه المجامع البحثية والأوساط الطبية العالمية والقضاء في أكثر الدول بالقَبول؛ لما تواتر من الارتفاع الهائل في نسبة نجاحه.

 

خاتمة:

في نهاية هذا البحث الموجز، يمكن الخروج بالنتائج الآتية:

1 - المرجع في كل شيء إلى الصالحين من أهل الخبرة به[18]، وما أشكل أمره من الأمراض رجع فيه إلى قول أهل المعرفة، وهم الأطباء أهل الخبرة بذلك والتجربة والمعرفة[19]، وقد ثبت علميًّا ومخبريًّا أن البصمة الوراثية قرينة قاطعة على تحديد صاحب المنيِّ وصاحبة البُويضة التي تخلَّق منها الولد.

 

2 - اتفق الفقهاء على أن الأحكام الاجتهادية التي بُنيَتْ على الأعراف والعادات يجوز أن تتغير لتحلَّ محلَّها أحكامٌ جديدة، يراعى فيها مستجدات الأعراف والعادات، والمكتشفات التقنية التي بنيت على البحث العلمي والفحص المختبري، بما يدفع الحرج، ويرفع الضرر، ويحقق مصالح العباد.

 

3 - شريعة الإسلام متشوِّفة إلى اتصال الأنساب وعدم انقطاعها، والستر على المسلمين، والحفاظ على الترابط العائلي؛ ولذلك قررت إثبات نسب المولود بقرينة الفراش - إذا توافرت شروطه - للحديث الصحيح: ((الولد للفراش))، ولا يجوز نفي هذا النسب إلا بإجراء اللعان.

 

4 - البصمة الوراثية قرينة قاطعة على الوالدية البيولوجية، ومع ذلك فإنها لا تصلح لإثبات النسب في حالة الزنا؛ لأن النسب نعمة والزنا نقمة، فلا يستحق فاعله النعمة.

 

5 - في غير الحالة التي يجب فيها اللعان، نرى أن البصمة الوراثية تُقدَّم على غيرها من القرائن- كالاستلحاق والشهادة والقيافة - في إثبات النسب أو تصحيحه أو نفيه؛ لأن نتائجها أقرب إلى القطع، مقابل الظن والاحتمال الذي يشوب البيِّنات الأخرى.

 

والله من وراء القصد.



[1] لسان العرب - المصباح المنير.

[2]صحيح البخاري، رقم (7314).

[3]صحيح البخاري، حديث رقم (6771).

[4]المبسوط، للسرخسي: 6/ 52، مواهب الجليل، للحطاب: 5/ 247، نهاية المحتاج، للرملي: 7/ 125، المغني، لابن قدامة: 6/ 276.

[5]سورة النور: 6 - 8.

[6]بدائع الصنائع، للكاساني: 3/ 241، فتح القدير: 3/ 248.

[7]مغني المحتاج، للشربيني الخطيب: 3/ 367.

[8]بدائع الصنائع: 3/ 241، الشرح الصغير، للدردير: 3/ 18، مغني المحتاج: 3/ 380 - 381، المغني، لابن قدامة: 7/ 424.

[9] حاشية ابن عابدين: 2/ 973، الشرح الكبير، للدردير: 7/ 463، مغني المحتاج: 3/ 381، المغني، لابن قدامة: 7/ 426.

[10]الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي: 2/ 462.

[11]فتح القدير، لابن الهمام: 3/ 311، المدونة، لسحنون: 2/ 24، المهذب، للشيرازي: 2/ 129، المغني، لابن قدامة: 7/ 428.

[12]في قضية رفعها رجل ضد امرأته التي حملت، رغم أن التقارير الطبية تؤكد أنه عقيم لا يُولَدُ له، وفي المحكمة قررت الزوجة أنها ذهبت تشتكي عدم الإنجاب إلى متطبِّبة تدعي علاج العقم، فأمدتها بصدفة فيها سائل لتضعها في فرجها، وتطلب من زوجها أن يجامعها بعد ذلك "فستحملين بإذن الله تعالى"، وبعد التحقيق وإجراء الفحوصات اتَّضح أن الصدفة معبَّأة بمنيِّ رجل أجنبي، فحكم القاضي بنفي النسب دون لعان، رغم وجود فراش الزوجية - (فقه النوازل، لبكر أبو زيد: 1/ 272).

[13]منهم: محمد المختار السلامي (المفتي الأسبق لتونس)، وسعد الدين هلالي.

[14]قال به أكثر علماء العصر، وبه أخذت المجامع الفقهية.

[15]المبسوط، للسرخسي: 17/ 99، المدونة، لسحنون: 2/ 551، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري: 2/ 320، المغني، لابن قدامة: 8/ 56، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 3/ 325.

[16]الدورة السادسة عشرة لسنة 1422هـ.

[17]ينظر الحديث الذي أخرجه البخاري: رقم 4747.

[18] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 29/ 36.

[19]المغني، لابن قدامة (طبعة دار الكتاب): 8/ 490.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة