• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. محمد جبر الألفي / مقالات


علامة باركود

مقاصد الشريعة في المحافظة على البيئة

مقاصد الشريعة في المحافظة على البيئة
أ. د. محمد جبر الألفي


تاريخ الإضافة: 30/6/2014 ميلادي - 2/9/1435 هجري

الزيارات: 108553

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقاصد الشريعة في المحافظة على البيئة


من العبارات المتداولة على ألسنة العلماء في كتب الأصول والفروع ما نقل عن الغزالي في المستصفى: "ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم. فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة" [1].

 

هذه هي الثوابت الإسلامية التي ينبغي على المسلم أن يراعيها في نفسه وأن يتعهدها فيمن يرعاه ويسأل عنه. وهذه المقاصد تمتاز بأنها مقاصد إلهية ربانية تتصف بالإتقان والإحكام والكمال، وتراعي حاجات الإنسان وغرائزه التي جبل عليها: ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾[2]. ولذلك وصفها الشاطبي بقوله: "لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين" [3].

 

1- وأهم هذه المقاصد: حفظ الدين بإقامة أركانه المجمع عليها، وترك المحرمات المتفق على حرمتها [4]. وحفظ الدين على هذا الوجه يرتبط ارتباطاً وثيقاً برعاية عناصر البيئة التي خلقها الله وسخرها لنفع عباده وأراد لها الاستمرار، وحذر من الاعتداء عليها أو محاولة إفنائها: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾[5]. فإذا قام الإنسان بشكر الله على ما أنعم زاده الله من الخير في الدنيا والآخرة، وإذا طغى وبغى وأفسد محق الله بركات عمله: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾[6]. وشكر النعمة هو استخدامها فيما خلقت له، والحفاظ على توازنها، والحذر من إفسادها أو تغيير طبيعتها: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾[7].

 

2- وقد عنيت الشريعة بحفظ الأنفس المعصومة، وذلك بتحريم الاعتداء عليها مباشرة أو تسبباً، وتجنب كل ما من شأنه إيقاع الضرر بها، ذلك أن حق الحياة - في الإسلام - هبة من الله تعالى، ولا يجوز المساس به، ويجب على الأمة ككل، وعلى ولاة الأمور خاصة رعاية الأنفس وصيانتها وتوفير البيئة الصحية الملائمة لها: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾[8].

 

وقد كثرت - في عصرنا الراهن - الكوارث البيئية التي ترتب عليها إزهاق الأنفس بالآلاف أو بالملايين، مثل استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وأسلحة الدمار الشامل، ومثل انفجار المفاعل النووي في تشيرنوبل (1986م)، وانفجار صمام الأمان في مصنع بهوبال (1984م)، وانفجار منصة إنتاج النفط في بحر الشمال (1988م)، والتجارب النووية التي تجري في البر والبحر والجو. وهذا يؤكد ما ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾[9].

 

3- أما حفظ العقل، فلأنه مناط التكليف، ويحرم كل ما من شأنه إدخال الخلل عليه، وهذا يرتبط ارتباطاً وثيقاً برعاية البيئة والحفاظ على نقائها؛ فقد ثبت - علمياً - أن التلوث الإشعاعي والتلوث الصوتي لهما أثر خطير ومباشر على خلايا المخ، وقد يبكر في الإصابة بمرض الزهايمر. "فمن حفظ البيئة أن نحافظ على التفكير السوي في الإنسان الذي يوازن بين اليوم والغد، وبين المصالح والمفاسد، وبين المتعة والواجب، وبين القوة والحق، ولا يتعامل مع البيئة تعامل المخمور السكران، أو المخدر التائه، الذي ألغى عقله باختياره، فلم يعد يعرف ما ينفعه مما يضره" [10].

 

4- وحفظ النسل يتضمن المحافظة على الفروج والأعراض وصحة الأنساب، ويواجه هذا المقصد الضروري تحدياً سافراً من المفسدين في الأرض وملوثي البيئة التي فطر الله الناس عليها؛ فالعبث بالجينات الوراثية، وتجارب الاستنساخ البشري، وإباحة الزواج المثلي ونحو ذلك يعد تحدياً خطيراً للتوازن البيئي. وقد اعتبر القرآن الكريم قوم لوط من المفسدين في الأرض لتغييرهم فطرة الله في الخلق: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾[11].

 

5- وحفظ المال مقصد يحتاج إلى وقفة متأنية لعلاقته الوطيدة برعاية البيئة والحفاظ على مقدراتها؛ فالمسلم مكلف شرعاً بالسعي لكسب المال الحلال من طرقه المشروعة، وإنفاقه على نفسه وأهله دون سرف أو إقتار، وأداء حقه الشرعي في مصارفه المقررة، ولا يجوز له أن يأكل مال غيره إلا بوجه مشروع ورضا من صاحبه.

 

ولفظ "المال" يطلق على كل ماله قيمة: كالأرض والمتاع والحيوان والشجر والنقد ونحو ذلك، كما يطلق على ما يمكن أن يصير منتفعاً به [12]، كالسمك في الماء، والطير في الهواء، والحيوان غير المستأنس، وما يمكن حيازته وتعبئته وضغطه من الماء والهواء والضوء وغير ذلك.

 

وقد وجه الإسلام إلى استعمال ما خلقه الله في الكون استعمالاً متوازناً بدون تقتير ولا إسراف؛ حتى لا يكون هناك اعتداء على حقوق الأجيال المستقبلة، واستنزاف لبعض الموارد الطبيعية المكونة للبيئة: ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [13]، ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾[14]. "وحفظ البيئة يوجب علينا أن نحافظ على المال بكل أجناسه وأنواعه: نحافظ على موارده فلا نتلفها بالسفه، ونستنزفها بلا ضرورة ولا حاجة معتبرة، ولا نحسن تنميتها ولا صيانتها، فنتعرض للهلاك والضياع، ولا نسرف في استخدامها، فنضيعها قبل الأوان" [15].

 

نخلص مما تقدم إلى أن مقاصد الشريعة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحماية البيئة والحفاظ عليها من الاستنزاف أو التلف أو الفساد، وهذا ما تنبه إليه علماؤنا الأوائل؛ فقد جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [16] ما يأتي: "هذا نهي عن إيقاع الفساد في الأرض، وإدخال ماهيته في الوجود، فيتعلق بجميع أنواعه من إيقاع الفساد في الأرض: إفساد النفوس والأنساب والأموال والعقول والأديان" [17].



[1] الغزالي، المستصفى، طبعة الجندي، ص251.

[2] سورة الروم: من الآية 30.

[3] الشاطبي، الموافقات: 2/8.

[4] ابن تيمية، مجموع الفتاوى: 28/186.

[5] سورة الأنعام: من الآية 38.

[6] سورة إبراهيم: 7.

[7]سورة الروم: 41.

[8] سورة المائدة: من الآية 32.

[9] سورة الروم: من الآية 41.

[10] يوسف القرضاوي، رعاية البيئة في شريعة الإسلام، ص51.

[11] سورة العنكبوت: 28-30.

[12] محمد يوسف موسى، الأموال ونظرية العقد في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي، 1987، ص162 وما أشار إليه من مراجع.

[13] سورة الأعراف: 31.

[14] سورة الإسراء: 29.

[15] يوسف القرضاوي، المرجع السابق، ص51.

[16] سورة الأعراف: من الآية 56.

[17] أبو حيان، البحر المحيط: 4/311-312.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- رائع
منية - المغرب 07-05-2017 08:52 PM

رائع ومفيد

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة