• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. محمد جبر الألفي / مقالات


علامة باركود

المقصود بأحكام الفقه الإسلامي

المقصود بأحكام الفقه الإسلامي
أ. د. محمد جبر الألفي


تاريخ الإضافة: 19/10/2017 ميلادي - 28/1/1439 هجري

الزيارات: 18136

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المقصود بأحكام الفقه الإسلامي


إذا أُطلقت كلمة التشريع، فقد يُراد بها إيجاد حكم شرعي مبتدَأ، وقد يراد بها بيان حكمٌ تقتضيه شريعة قائمة[1].

 

• فأما التشريع بالمعنى الأول: ويسمى في الإسلام الحكمَ الشرعيَّ، فإنه: خطابُ الشارعِ المتعلقُ بأفعال المكلَّفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع[2]، ويَعني هذا أن الأحكام الشرعية مَصدرها: الله تعالى، وطريقها إلى الناس: الوحيُ وتبليغ الرسول.

 

من أجل ذلك: لم يختلف أحد من السلف أو الخلف في أن الحكم الشرعيَّ مُلزِمٌ وواجبُ الاتباع؛ تصديقًا لقول الله عز وجل: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18]، وقوله عز من قائل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 105].

 

وهذا المعنى هو الذي يَنبغي أن يُفهم حين يُقال: إن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، فلا يجوز تغيير الأحكام التي وردَت في القرآن الكريم أو في السُّنة النبوية، مِن مثل: أحكام الزواج والطلاق، والميراث والحدود، والقصاص والديات، ونصاب الشهادة، والتعامل بالرِّبا والغرَر والميسر، ونحو ذلك مما ورد الشرع الشريف ببيان أحكامه بيانًا شافيًا؛ امتثالاً لقول ربنا: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 48 - 50]؛ وذلك بعد قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47].

 

• وأما التشريع بمعنى: بيان حكم تقتضيه شريعة قائمة - ويسمى في الإسلام: الحكم الفقهي - فإنه: العلم بالأحكام الشرعية العمَلية من أدلَّتها التفصيلية[3].

 

ويفصِّل ذلك ابنُ خَلدونَ بقوله: "الفقه: معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلَّفين، بالوجوب والحظر والندب والكراهة والإباحة، وهي مُتلقَّاة من الكتاب والسنة وما نَصبه الشارع لمعرفتها من الأدلة، فإذا استُخرِجَت الأحكام من تلك الأدلة قيل لها: فقه".

وقد تولى هذا العمل التشريعيَّ - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - علماءُ الأمة من بين الصحابة والتابعين وتابعيهم من الأئمة المجتهدين، وكانوا في فجر الإسلام يُسمَّون بالقرَّاء؛ لأن هذا النوع من التشريع كان مختصًّا "بالحاملين للقرآن، والعارفين بناسخه ومنسوخه، ومُتشابهِه ومُحكَمِه، وسائر دلالته مما تلقَّوه عن النبي، أو ممن سمعه منهم مِن عِلْيَتِهم... وبقي الأمر كذلك صدْرَ الملَّة، ثم عَظُمَت أمصار الإسلام، وذهبَت الأميَّة من العرب بممارسة الكتاب وتمكُّن الاستنباط، وكمل الفقه وأصبح صناعة وعلمًا، فبدَّلوا باسم الفقهاء والعلماء من القرَّاء".

 

وهؤلاء لم يشرعوا أحكامًا مبتدَأة، وإنما استمدُّوا الأحكام الفقهية من نصوص القرآن والسنة وما نصبه الشارع من الأدلة، وما قرَّره من القواعد العامة، فاجتهدوا في الكشف عن الحكم الشرعيِّ من دلالات النصوص وتتبُّع العلل والحِكَم، والتعرف على مقاصد الشارع.

 

• وكثيرٌ من هذه الأحكام الفقهية قد بُني على غلَبة الظن، فإذا وافق اجتهادُ الفقيه حُكمَ الله كان صوابًا، وإذا لم يوافقه كان خطأً، ولكنه يُثاب على اجتهاده؛ لأنه لم يُقصِّر في البحث ابتغاءَ الكشف عن الحكم الشرعي، ومن هنا جاءَت صفةُ الإلزام للحكم الفقهي بالنسبة للمجتهدين؛ فإنه ملتزمٌ بالعمل به، ولا يجوز له أن يقلِّد غيره؛ لأن اجتهاده أدَّاه إلى ترجيح ما وصل إليه، وغلَب على ظنِّه أنه صادف حكم الله.

 

ومع ذلك؛ فقد نصَّ العلماء على أن مراعاة اختلاف الفقهاء مِن جُملة أنواع الاستحسان، ونَقَلوا عن الأئمة ما يدل على صفاء قلوبهم واتِّساع أفقهم إزاء مُخالفيهم، من ذلك ما روي من أن الإمام الشافعيَّ صلى الصبح قريبًا من مَقبُرة أبي حنيفة، فلم يَقنُت تأدبًا معه؛ ربما انحدرنا إلى مذهب أهل العراق. وما روي من أن أبا يوسف اغتسَل يوم جمعة في حمام قريبٍ من المسجد، ثم صلى الجمعة إمامًا، وبعد ذلك أُخبر بوجود فأرة ميتة في بئر الحمام، فقال: إذن نأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة: إذا بلَغ الماءُ قلَّتَين لم يَحمل خَبثًا[4].

 

• وأما غير المجتهد فإنه ليس مُلزَمًا باتباع أو تقليد الحكم الفقهي الصادر عن مجتهد بعَينه، في مقام الفتوى أو في مجال التعليم؛ لأن المجتهد لا يُنشئ حكمًا شرعيًّا، بل يحاول الكشف عن هذا الحكم باتباع الأمارات التي نَصبها الشارع للوصول إليه؛ وهكذا يتَساوى كلُّ مجتهد أمام طالب الفتوى، فله أن يختار من الأحكام الفقهية ما يطمئن إليه قلبه.

 

ومِن هنا أنكر البعضُ على أتباع المذاهب الفقهية جمودَهم على تقليد مذهب معين، ودعَوُا الناس إلى التعرف على حكم الله - ولو بالسؤال - ممن يبيِّن الحكم مستنِدًا إلى الدليل، وليس إلى إمام أو فقيه[5].

 

• يبقى بعد ذلك التعرفُ على مدى القوة الملزِمة للحكم الصادر عن القاضي؛ سواء صدر هذا القضاء اتباعًا لحكم شرعي، أو نتيجةً لاجتهاد فقهي.

 

والواقع أن هذه المسألة فقد فُصِّل فيها على ضوء تعريف القضاء لدى مختلِف الاتجاهات الفقهية، فعند البعض: القضاء قولٌ ملزِم يَصدر عن ولاية عامة[6]، وعند البعض الآخر: هو الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام[7].

 

وهكذا يَكاد ينعقد الإجماع على أن الحكم القضائيَّ - حتى لو جاء بما يخالف مذهب المحكوم له أو المحكوم عليه - يجبُ اتباعه؛ سواء كان المحكوم له أو عليه مجتهدًا، أو عاميًّا، وسواء كان الحكم بالحرمة وهو يعتقد الحِلَّ، أو العكس[8].

 

كذلك لا يجوز للقاضي أن يَنقُض حُكمًا سبَقه لاختلاف اجتهاده عما توصل إليه هذا الحكم؛ حيث إن ذلك يتضمن معنى القدح في القُضاة السابقين، والظاهر أن أحكامَهم تعتبر صحيحة ونافذة، فيجب صيانة القضاء عن الابتذال[9].

 

وعلى ذلك: لو حكم قاضٍ حنفي ببُطلان خيار المجلس أو بصحَّة النكاح دون ولي، ثم عُرض قضاؤه على قاضٍ آخر لا يرى صحة هذا الاجتهاد - فليس لهذا الأخير أن يَنقض تلك الأحكام، وإن فعَل كان حكمُه واجبَ النقض[10].

 

• نَخلُص من ذلك إلى أن المقصود بأحكام الفقه الإسلامي في مجال التقنين: "الأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلَّفين خاصة... كالوجوب والحظر والإباحة والندب والكراهة، وكون العقد صحيحًا وفاسدًا وباطلاً، وكون العبادة قضاءً وأداء، وأمثاله"[11]، سواء كانت هذه الأحكام قد شُرعت ابتداءً عن طريق القرآن والسنة، أو شُرعت بيانًا واستنباطًا عن طريق الأدلة التي نصَبها الشارع وتتبُّع مقاصد الشرع، وسواء وردَت هذه الأحكام على لسان الشارع نصًّا مباشرة، أو وردت على ألسِنَة المجتهدين من العلماء والقُضاة والمفتين، وسواءٌ وصلَت إلينا عن طريق الحفظ والرواية، أو عن طريق الكتابة في مُتونٍ أو مدوَّنات أو تآليفَ؛ لا فرق في ذلك بين اتجاهٍ وآخَر في كل زمان ومكان، ما دام كل اتجاه يتبع المنهج الصحيح في البيان والاستنباط، وَفْق ما ضبَطه العلماء في "أصول الفقه".



[1] عبدالوهاب خلاف، السلطات الثلاث في الإسلام، القاهرة: 1400هـ 1980م، ص 79.

[2] ابن الحاجب، منتهى الوصول في علمي الجدل والأصول، ط السعادة، القاهرة 1326هـ، 2.

[3] التهانوي، كشاف اصطلاحات الفنون، الأستانة: 1317هـ، ج 1 ص 36/ 37، الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، بيروت: 1985، جـ 1 ص 8.

[4] ولي الله الدهلوي، الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف، بيروت: 1398هـ/ 1978م، ص 110.

[5] ولي الله الدهلوي، المرجع السابق، ص 99/ 100 نقلاً عن الشيخ عز الدين بن عبدالسلام.

[6] القرافي، الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، القاهرة: 1989، ص 31.

[7] الشافعي، الرسالة بتحقيق أحمد محمد شاكر، القاهرة: 1358هـ،/ 1940م ص 420/ 421.

[8] محمود عرنوس، تاريخ القضاء، في الإسلام، القاهرة: 1352 ه/ ـ 1934، ص 140/ 141.

[9] القرافي، المرجع المتقدم، ص 41 - 43.

[10] الماوردي، الأحكام السلطانية، القاهرة: 1966، ص 67/ 68.

[11] الغزالي، المستصفى، بولاق: 1322هـ، جـ 1، ص 4/ 5.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة