• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. أحمد الخاني / الأقليات المسلمة في العالم


علامة باركود

الأقليات المسلمة في العالم

الأقليات المسلمة في العالم
د. أحمد الخاني


تاريخ الإضافة: 14/1/2013 ميلادي - 2/3/1434 هجري

الزيارات: 127811

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأقليات المسلمة في العالم


أولًا:

1- مفهوم الأقلية والجالية.

2- الأقليات المسلمة؛ بين الإيجاب والسلب.

3- البنية الاجتماعية للأقليات المسلمة.

4- حق التمثيل في الحكم، المسلمون قوة.

 

قصيدة: ما كل سيف فيصل.

الوحدة الاقتصادية للعالم الإسلامي؛ أهميتها ومعوقاتها.

 

1- مفهوم الأقلية والجالية[1]

إن مفهوم الكثرة والقلة، يؤخذ دائمًا من النسبية؛ فما زاد على النصف فهو الكثرة، وما نقص عن النصف، فهو القلة.

 

هذا هو المبدأ العام لمفهوم الكثرة والقلة، وقد عرَّف سيد عبد المجيد بكر الأقلية بقوله: (هي جماعة فرعية تعيش في جماعة أكبر).

 

أما مفهوم الجالية؛ فقد جاء في القاموس المحيط: (جلُّوا عن منازلهم يجلون جلولًا وجلًّا، جلَوا، وهم الجالَّة)[2]

وفي المنجد: (جلَّ: خرج من بلده إلى آخر، فهو جالًّ، الجالة: الجماعة جلَت عن منازلها وأوطانها واستوطنت البلاد التي حلت فيها)[3].

 

ولكن السيد عبد المجيد بكر، يبدو أنه وضع تعريفه السابق، ناظرًا إلى القلة المسلمة في بلاد الغربة، فقال في تعريفه الكامل للأقلية: (هي جماعة فرعية تعيش بين جماعة أكبر، وتكوِّن مجتمعًا تربطه ملامح تميزه عن المحيط الاجتماعي حوله، وتعتبر نفسها مجتمعًا يعاني من تسلط مجموعة تتمتع بمنزلة اجتماعية أعلى وامتيازات أعظم، تهدف إلى حرمان الأقلية من ممارسة كاملة لمختلف صنوف الأنشطة الاجتماعية أو الاقتصادية والسياسية، بل تجعل لهم دورًا محدودًا في مجتمع الأغلبية).

 

واضح أن هذا التعريف، قد وضع خصيصًا للأقليات المسلمة، لكن التعريف المطلق للأقلية هو الذي مر بنا: مجموعة صغيرة، تعيش في مجموعة أكبر.

 

وربما كانت هذه المجموعة الصغيرة متسلطة على المجتمع الأكبر، كالأقلية اليهودية في العالم، والهندوس في القارة الهندية، إن المعاناة في الغربة هي من قدر المسلمين في الأعم الأغلب.

 

وللمستشار الدكتور جمال الدين محمد محمود، الأمين العام للشؤون الإسلامية في مصر، رؤية حول هذا الموضوع إذ يقول تحت عنوان: (الأقليات الإسلامية، المشكلات الاجتماعية والثقافية) ما يلي:

(يستخدم مصطلح: الدول الإسلامية، والدول ذات الأقلية المسلمة، في المجالات السياسية، وفي مجال خدمة الإسلام والدعوة إليه، ويوجد عدة مقاييس لتحديد ما يطلق عليه: دولة إسلامية، وما يطلق عليه: أقلية إسلامية، في دولة من الدول، ومن أدق تلك المقاييس بلا شك، المقياس العددي، إذ تعتبر الدولة التي يزيد عدد المسلمين فيها على 50 / 100 من السكان، دولة إسلامية، فإذا نقصت النسبة عن ذلك، كان المسلمون أقلية في الدولة المعنية)[4].

 

إن عماد الدعوة إلى الله تعالى ونقل رسالة الإسلام، هو اللغة العربية، وهي وسيلة التفاهم والالتفاف على كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهل وحدت اللغة في الغربة حال الأقليات المسلمة في مصيرهم المشترك؟.

 

2- الأقليات المسلمة بين الإيجاب والسلب:

الأقليات المسلمة في منطقة ما، يسري بينها روح خاصة تجذب الغريب إلى الغريب، هذا الشعور، يحس به من عاناه، أكثر من الذي يقرأ عنه، وقد عبر عن هذه الحقيقة امرؤ القيس لما زار قيصر وأحس بغربته لما كان قرب أنقرة فقال:

أجارتنا إن المزار قريب
وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنا غريبان ههنا
وكل غريب للغريب نسيب

 

وقد أصبح الشطر الثاني من البيت الثاني، مثلًا يضرب في التقارب بين كل غريبين في ديار الغربة.

(وكل غريب للغريب نسيب)


هذا الشعور يقرب الغريب إلى الغريب؛ في المصنع وفي الحي السكني، وفي المتنزهات، ويُشعر كلًا منهما أنهما في خندق الحياة، في جبهة واحدة، تجاه عوامل الغربة وقسوة الفاقة والتسلط، والضياع والتشرذم والتبعثر والفوقية وإلغاء الهوية، والقوانين الجائرة والتمييز العنصري والعرقي والديني، ونظرة المواطن إلى هذا الغريب غير المرغوب فيه بشكل عام.

 

فإذا كانت الغربة وحدها تجمع الغريبين، فكيف إذا رفدها سبب آخر وهو اللغة مثلًا، أو اللون أو العرق؟ لا شك أن الرابطة ستكون أقوى، فكيف إذا كان الإسلام هو الرابط؟ فالإسلام وحد بين الاثنين، ورفعهما بالعقيدة إلى درجة الأخوة. قال الله تعال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] سورة الحجرات الآية 10، وهذه الرابطة أقوى من أي رابطة ذكرها علماء الاجتماع.

 

ومن إيجابيات الأقلية المسلمة في الغربة، وحدة المصير، وهذا ما يجعل أفراد هذه الأقلية يتوقعون الطوارئ لسبب من الأسباب، لذلك يلجؤون إلى تجمعات خاصة بهم، لحماية أنفسهم من عوادي الحاجة الملحة، للوقوف في وجه العوز المستمر، ولحماية أنفسهم من الذوبان والانصهار، في بوتقة مجتمع غير متقيد بالقيم التي نشأ عليها أفراد الأقلية المسلمة؛ من الأخلاق والحشمة والغيرة على الشرف، والعرض متحلل غالبًا من القيم في السلوك والطعام والشراب، كأكل لحم الخنزير وشرب المسكرات وحتى نظام البيت؛ فإنه يختلف؛ في نظام البيت المسلم تكون غرفة الضيوف الرجال، إلى جانب باب البيت الخارجي أو المدخل، بحيث يدخل الضيف ولا يرى ما في داخل البيت، حيث النساء محجوبات عن أنظار الرجال داخل البيت، ومحجبات خارج البيت، بينما لا يوجد شيء من هذا في نظام البيت لدى غير المسلمين.

 

والبيت المسلم نظيف، وهو طاهر للصلاة فيه، ويستعمل الماء للطهارة والوضوء استعدادًا للصلاة.

 

كان معنا في أوكسفورد في الدراسات العليا، أخ يحضر للدكتوراه، ورسالته (البيت المسلم).

 

السلبيات:

أما السلبيات؛ فأولها الزعامة والتزعم.

(كل ديك على مزبلته صياح) فلا بد للفرد إلا أن يسيطر على غيره. ومثل هذا السخف أو السذاجة التقوقع حول الوطنية والقومية بدل الإسلامية، كما ترى في المحافل.

 

فالعربي يلتف حول العربي.

 

والهندي مع الهندي.

 

والباكستاني مع الباكستاني.

 

وحتى العربي تجد:

السوري مع السوري.

 

واللبناني مع اللبناني.

 

والأردني مع الأردني.

 

والفلسطيني مع الفلسطيني.

 

والعراقي مع العراقي.

 

والمصري مع المصري.

 

والسوداني مع السوداني.

 

والسعودي مع السعودي..

 

ترى هذا في كل مكان تقريبًا؛ في مؤتمر أدبي أو شعبي أو ديني أو سياسي..

 

يجب أن نبحث عن وحدة العقيدة، لا وحدة العرق أو القطر أو اللون أو أي اعتبار آخر سوى اعتبار العقيدة.

 

مشكلة الأولاد:

أما الأولاد؛ فهم المشكلة الحقيقية الكامنة التي يجب أن يضعها الوالدان نصب عينيهما، من حسن التعامل معهم في تربيتهم ونقل الإسلام إليهم، وإلا أصبحوا بعد الأبوين أو في أثناء وجودهما، قوة صليبية تضاف إلى قوة ذلك المجتمع الصليبي الذي استوعبهم، وسن القوانين على حماية الرذيلة بينهم، وضرب مركز الأب في حماية أسرته ووقايتهم، ولذلك تفتت الأسرة في الغرب، وهذا أخطر ما وصلت إليه الصهيونية في العالم، إنه أخطر عالي العالم من الحربين العالميتين، ولا يمكن أن يرتاح الإنسان في الغرب إلا بعد أن يلغي هذا القانون الخطير، ألا وهو عدم تدخل الوالد في شؤون أولاده بعد سن معينة.

 

إن مشكلة الاختلاط والحرية الجنسية، من أكبر الأخطار على ناشئة الأقليات المسلمة في العالم، وهذا ما يدق أبواب المراهقة دقًا عنيفًا، وهو السبب الأول لذوبان الأقلية المسلمة في أي منطقة في العالم.

 

أما مسألة اللباس أو الزي؛ فإنها مشكلة يسهل حلها إذا لبست المرأة ما يتناسب مع الوسط المحيط ضمن الضوابط الشرعية.

 

3- البيئة الاجتماعية للأقليات المسلمة:

بعد الحرب العالمية الثانية، فتحت ألمانيا أبوابها على مصراعيها لاستيراد العمالة لبناء ألمانيا، وكانت بريطانيا في أوج مجدها؛ الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس قد جلبت من الهند العمال ليبنوا المملكة البريطانية؛ سككها الحديدية، مصانعها، مزارعها...

 

وكان بين هؤلاء المهاجرين أو الجاليات، الكثير من أصحاب الثقافة الضحلة، إنهم عمال، وتكثر فيهم الأمية، ودخلهم المادي محدود، وغالبًا لا يكفي لسد العوز ولقمة العيش الخشنة، وذلك العيش الضنك.

 

وبعضهم يموت في المناجم، إذ ينهار عليهم، فتأتي الجرافات وتجرفهم مع الأنقاض، أو ينحصر مع مجموعة في فراغ تحت الأرض.. .

 

لقد أصبح هذا الموضوع، مأساة إنسانية تستوحي منه الأفلام السينمائية مادتها، وكذلك انهيار الأنفاق على من يحفرها..

 

يعيش هؤلاء العمال في غربتهم، في بيوت متواضعة وكثير من زرائب الحيوانات أفضل منها، أكثرها غير صحي فهي مرتع الأوبئة والأمراض، وليس لهؤلاء الأميين وأشباه الأميين غالبًا مفكر منهم، يجمعهم ويوحد جهودهم بإقامة مسجد يجمعهم في أوقات الصلاة في وقت واحد ومكان واحد، وأن ينشئوا جمعية تساهم في مساعدة أنفسهم، يجمعون ثروة يبنون بها مصنعًا لحسابهم، يبنون مدرسة يعلمون فيها أبناءهم.

 

فالترابط بين هذه المجموعات بحاجة إلى تفعيل أكثر لتحقيق هذه المجالات الحيوية للعيش الكريم في بلد الغربة.

 

4- حق التمثيل في الحكم:

إن شعبًا تعداده الملايين في بلاد الغربة؛ سواء أكانوا مهجرين، أم جاليات.. . هؤلاء ليسوا أقلية بحال من الأحوال، وكثيرًا ما يكون في حكم الأقلية أصحاب الأرض، فالأرض أرضه، والوطن وطنه، وكان آباؤه وأجداده حكامًا وسلاطين، وقادة ومجاهدين، وأصحاب الكلمة في هذه البلاد، فكيف يعامل هؤلاء معاملة المقطوعين من جذع شجرة، إنهم هم الشجرة.

 

إن التمثيل في الحكم، حق إنساني مكتسب لكل شعوب العالم، يقول الأستاذ سيد عبد المجيد بكر مشيرًا إلى هذا الموضوع: (هذا عنصر جوهري في حياة الأقليات المسلمة، وعامل ضغط فجر الأوضاع الداخلية في بعض مناطق الأقليات المسلمة ترجمت بحركات المقاومة العنيفة، وتأتينا أمثلة من الفيلبين وأريتريا وأوغادين وفطاني وتايلند، أو من أراكان ببورما، كما أنها تأتي من قبرص ومن تركستان الشرقية ومن الهند. أمثلة عديدة تأتي جوهرية حق تمثيل الأقليات الإسلامية في الحكم لدى جماعات الأغلبية، تشف عن محاولة إثبات الذات والدفاع عن كيان الأقليات المسلمة في محيط الأغلبية، ومحاولة تقرير المصير.

 

وإن أبرز أسباب هذه الانتفاضات إثبات وجود الشخصية الإسلامية لتلك الجماعات... يضاف إلى هذا، أن مجموعة القوانين الوضعية التي تفرضها الأغلبية قد تتعارض مع تطبيق الشريعة الإسلامية.

 

سبب آخر جاء من الميراث التاريخي لبعض الأقليات المسلمة؛ فقد كان لهذه الأقليات، كيان سياسي مستقل فكانت دولًا قبل أن تدمج بالقوة، في محيط الأغلبية غير المسلمة، فمن هذا الماضي تستمد بعض الأقليات المسلمة تاريخ نضالها، وتحاول أن تعيد شخصيتها المستقلة في كيان سياسي معترف به، ومطالب الأقليات على الصعيد المحلي، تتبلور في تمثيلهم في الحكم تمثيلًا أمينًا في السلطة، حسب نسبتهم العددية، وعدم التفرقة بينهم وبين سائر مواطنيهم من الأغلبية الحاكمة في شتى المجالات)[5].

 

المسلمون قوة:

تتوزع مجالات القوة، قوة في العقيدة، والتزام بالشريعة، ومناعة من الانحراف...

 

وقوة مادية تكمن في رأس المال الفعال، القادر على أن يحمي المسلمين من العوز والحاجة إلى المال، وقد كان سلفنا الصالح يخرجون زكاة أموالهم ويوزعونها على المحتاجين، وترفد الزكاة الصدقات وموارد أخرى كالوقف وغيره.

 

إن الدول لا تكون قوية إلا باقتصاد قوي، ولذلك حرص أعداء الإسلام على استنزاف قوة المسلمين المالية بشتى الوسائل، غرسوا في قلبهم إسرائيل، وأنهكوهم بالحروب في كل الأقطار وفي كل الجبهات وتعد الدول الإفريقية من أكثر دول العالم فقرًا، وكم شهد العالم في إفريقيا من مجاعات وحروب طاحنة...

 

تجاه الفقر المدقع الذي يتهدد مناطق كثيرة من مناطق العالم الإسلامي نادى بعض المفكرين بإعادة توزيع الثروات في العالم الإسلامي، فواحد يملك مليونًا، ومليون لا يملكون واحدًا، وكان من بين هذه الأصوات الغيورة مشروع تفعيل زكاة الفطر وتوزيعها في العالم الإسلامي وقد (رحب الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بفكرة إنشاء المشروع مشيرًا إلى أن زكاة الفطر وحدها ستصل إلى ملياري دولار أمريكي إذا تم تجميعها على المستوى العالمي)[6].

 

فإذا كانت قوة زكاة الفطر وحدها بهذا المقدار، فما بالك بهذه الجداول والأنهار والسيول والبحار والمحيطات التي يحرمها المسلمون، وتصب في خزائن أعداء الله تعالى وما ذا سيحصل لو أن هذه القوة الاقتصادية انقطعت عن أعداء الإسلام وتوجهت إلى أصحابها من المسلمين، ماذا سيحصل للاقتصاد الغربي؟ لا شك أن سيقف متسولًا على أبواب الأمة الإسلامية كما قال الشاعر أحمد فرح عقيلان قي قصيدته:

وإذا سلاح النفط يُسمع صوتنا
وإذا الصناعة حولنا تتسول

 

وهذا البيت من قصيدة بعنوان:

ما كل سيف فيصل[7]

الموت حق والكتاب مؤجل
والصبر أولى باللبيب وأجمل
من شاء معرفة الحقيقة مُرة
فليسأل الأجداد أين ترحلوا
أنا ما جزعت لأن فيصلنا مضى
درب المنية ليس عنها معدل
خلفاء خير الخلق ماتوا غيلة
القتل من نبع البطولة ينهل
لكن بكيت لأن أمنيَّاته
ذبلت على شفتيه وهو يؤمل
قد كان يأمل أن يحرر قدسنا
فمضى ومسجدنا الحبيب مكبل
كانت فلسطين الجريح تثير في
عزماته لهب الجهاد وتشعل
فمضى ولم يقطف ثمار جهاده
وهواه بالقدس الشريف موكل
وبكيت فيصل للتضامن صامدًا
عن رأيه في الحق لا يتحول
يتساقط الإلحاد حول ثباته
وتُزلزَل الدنيا فلا يتزلزل
كم صيحة هدامة من حوله
زعقت وفيصل للحنيفة معقل
وبكيت فيصل في النوائب صارمًا
ما كل سيف في الشدائد فيصل
كانت بلاد الغرب تقفل سمعها
عن حقنا ويعيث فيها المبطل
وإذا بفيصلنا العظيم يشنها
حربًا لها الدول العظيمة تذهل
وإذا سلاح النفط يُسمع صوتنا
وإذا الصناعة حولنا تتسول
كل اقتصاد الغرب من ثرواتنا
مهما الصهاين ضللوا أو دجلوا
الحق منتصر بقوة ربه
ولو أن صاحبه وحيد أعزل

 

الوحدة الاقتصادية للعالم الإسلامي؛ أهميتها ومعوقاتها:

للدكتور: إسماعيل عبد الرحيم شلبي[8].

 

لقد انصرم القرن العشرون، والمسلمون أضعف أمم الأرض في الاقتصاد والسياسة والنظم الاجتماعية والثقافية ومناهج التعليم.

 

وبدأت المنطقة قرنًا جديدًا بسقوط بغداد مهد الحضارة والثقافة الإسلامية والعربية سقوطًا لم يشهد له التاريخ له مثيلًا من قبل.

 

وإذا ما نظرنا إلى أمتنا الإسلامية، وجدنا أنها تملك من الطاقة البشرية ما ينهض بها إذا أحسن استغلالها وتنميتها وتوظيفها، وكذلك الثروة الطبيعية.

 

ولكن واقع العالم الإسلامي الآن هو عدم استغلال المسلمين لثرواتهم، وتركهم أمتهم نهبًا لأطماع الاستعمار الغربي، ولم يفكروا في لم الشمل الممزق وجمع الكلمة المتفرقة، ليشكلوا وحدة اقتصادية، تتبعها وحدة سياسية واحدة، ولا علاج لهذه الأمة إلا بالوحدة الكاملة الاقتصادية والسياسية.

 

وسنلقي الضوء على ما لدى العالم الإسلامي من موارد اقتصادية ومالية وبشرية ومدى قدرتها على قيام وحدة اقتصادية وسياسية في هذا العالم.

 

♦ ♦ ♦

الموارد الطبيعية

الغابات:

لدى الدول الإسلامية حوالي 4 مليون و300 ألف كم مربع.

 

الأرض:

تبلغ مساحة الدول الإسلامية حوالي ربع مساحة العالم

 

السكان:

يبلغ عدد سكان الدول العربية والإسلامية مليار و200 مليون نسمة أي خمس سكان العالم.

 

البترول:

الدول الإسلامية لديها أكثر من 73 في المائة من الاحتياطي الخام في العالم من البترول، كما أنها تنتج أكثر من 38/ 100 من الإنتاج العالمي.

 

الغاز الطبيعي:

أما عن الغاز الطبيعي؛ فإن الدول الإسلامية لديها من الاحتياطي منه حوالي 40 في المائة من الاحتياطي العالمي.

 

فائض رؤوس الأموال لدى الدول الإسلامية:

في إحصائية عن استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي (وحدها) في الخارج، قدرت بحوالي 350 مليار دولار أمريكي عام 1989 منها 80/100 في الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية، وارتفعت هذه الإحصائية إلى أكثر من تريليون دولار عام 2002.

 

فالوحدة الإسلامية ضرورية لا بد منها.

 

♦ ♦ ♦

معوقات الوحدة الإسلامية

المعوقات كثيرة نذكر منها:

الصراعات المستمرة بين الدول الإسلامية

ومن أهم هذه الصراعات والحروب في الزمن القريب هي:

1- حرب العراق وإيران.

 

2- حرب العراق والكويت.

 

3- احتلال الولايات المتحدة وبريطانيا للعراق.

 

4- الصراع الداخلي بالجزائر، والقتل المستمر للمواطنين بعد إلغاء الانتخابات التشريعية عام 1992.

 

5- المأساة الأفغانية بين الأحزاب، والانتهاء بالاحتلال الأمريكي لأفغانستان.

 

6- الصراع الداخلي في تركيا.

 

7- الصراع الداخلي في السودان.

 

8- الصراع الداخلي في الصومال.

♦ ♦ ♦

مشروع الشرق أوسطية

ويهدف هذا المشروع إلى:

1- تمزيق الوطن العربي والإسلامي بإدخال إسرائيل في هذا المشروع.

 

2- العمل على ملء الفراغ الذي تركه الاتحاد السوفييتي في المنطقة، بعد سقوطه، بدخول إسرائيل وقيادتها للمنطقة.

 

3- سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على مصادر الطاقة العربية الإسلامية.

 

4- فرض الوجود الإسرائيلي على العرب والمسلمين؛ سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا.

 

5- إن قيام السوق الشرق أوسطية إنهاء للهوية العربية والإسلامية.

 

إن وحدة العالم الإسلامي ليست مطلبًا فرديًا أو شعبيًا فحسب، ولكنها فرض عين على الأمة المسلمة، وفي مقدمتها حكامها.

 

ومن لازم هذه الوحدة أن نمد يد العون للمحتاجين ممن يعيشون بيننا، أو نزحوا تاركين ديارهم وأوطانهم، وهؤلاء المهاجرون الذين تناءت بهم الديار وانقطعت بهم السبل أولى بالإغاثة، فهم في حكم وضعهم المأساوي مفتقرون محتاجون.

 

اللاجئون المسلمون المحتاجون في العالم[9]:

وإن من دواعي الأسى أن نرى المسلمين الذين شملوا الأقليات بحمايتهم طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان، أصبحوا هم أنفسهم أقلية، نتيجة نكبات تاريخية مختلفة، وأصبحت المعاناة مفروضة عليهم، حيث يعيش حوالي عشرة ملايين لاجئ مسلم، في بلدان أجنبية، ليشكلوا بذلك 87/100 من لاجئي العالم في 1987.

 

♦ ♦ ♦

مشكلة الأقليات

قد تلجأ الأنظمة أحيانًا إلى اتخاذ سياسة نقل السكان من مكان إلى آخر؛ بإجبار الأقلية على إخلاء منطقة من المناطق، أو بجعل الحياة لا تطاق، لدرجة لا يكون أمام الأقلية خيار آخر سوى الهجرة.

 

ويعطي الإسلام في هذا المجال درسًا للإنسانية؛ فمنذ هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة، أقر الإسلام، وثبت أن يكون للجاليات، من أصحاب الديانات الأخرى كامل الحرية في تحقيق ذاتها، وفقًا لتراثها، من السماح لهذه الجاليات، بممارسة دينهم، وأن كون لهم قوانينهم ومحاكمهم، وأن يحتفظوا بلغتهم وثقافتهم، وأن يكون لهم مدارسهم التي يربون فيها أبناءهم وفقًا لميولهم.

 

ومنذ تلك اللحظة، أخذت الدولة الإسلامية على عاتقها حمايتهم من أي عدوان من الخارج أو الداخل..

 

وهكذا، لم تكن الدولة الإسلامية إذًا دولة مسلمة مانعة، مقصورة على المسلمين وحدهم، وإنما كانت اتحادًا لأمم متباينة الأديان والثقافات والتقاليد، ملتزمة بالعيش معًا في انسجام وسلام.

 

أهمية الهجرة:

لقد غيرت الهجرة النبوية الشريفة مجرى التاريخ، فالدين يحتم على المسلم أن يهاجر إذا لم يستطع الحفاظ على شخصيته الإسلامية.

 

إن موقف الإسلام من اللاجئين واضح تمامًا.

 

♦ ♦ ♦

الدول المسلمة واللاجئون

أفريقيا:

عدد اللاجئين في أفريقيا اليوم، يتجاوز ستة ملايين، وهو أكبر عدد من اللاجئين في العالم؛ إذ تبلغ نسبة عدد اللاجئين إلى نسبة عدد السكان، لاجئ لكل 75 نسمة، مع أن دول أفريقيا تعد أفقر دول العالم.

 

إن حرب أوجادين، التي نجمت عن الاضطهاد الأثيوبي للأغلبية المسلمة الصومالية في المنطقة، بدأها هيلاسلاسي، واستأنفها خلفاؤه الشيوعيون، قد أسفرت هذه الحرب عن لجوء مليونين من اللاجئين إلى الصومال طلبًا للمأوى، وقرر الأثيوبيون ومؤيدوهم من الكوبيين تفريغ المنطقة بأسرها من الشعب القاطن فيها، ويبلغ عددهم ما بين 4 و 5 مليون.

 

وعلى الرغم من فقر الصومال، فقد استقبلت الحكومة اللاجئين بحفاوة، حتى إن 25/ 100 من ميزانية الدولة تذهب إلى إدارة شؤون اللاجئين.

 

وفيما يختص بأريتريا، فإن كلمات هيلاسلاسي لها مغزاها حيث قال: (إنها أرض أريتريا التي نريدها، وليس الشعب) وقد تكرر هذا الموقف على لسان خلفه الشبوعي الكولونيل منجستوهيلا مريام الذي قال: (علينا أن نبيد القسم الأعظم من الشعب لكي نقضي على الثورة الأريترية).

 

تشاد:

كان السبب الحقيقي للحرب في تشاد؛ أن هذه البلاد المسلمة أصبحت تحكمها طبقة موالية للثقافة الفرنسية بعد أن نالت استقلالها.

 

لقد أصيب الاقتصاد التشادي بالدمار، ويبحث الفرنسيون في تشاد عن زعيم مقبول يلتزم بالخط الفرنسي والفرنسيون يزيدون الحالة السيئة التي يعيشها الشعب التشادي الذي تمزقه الصراعات المستمرة، والقحط الشديد.

 

بنجلادش:

يعد هذا البلد من أفقر دول العالم، ومع ذلك فقد تدفق عليه سيول اللاجئين من إقليم أراكان في بورما، هربًا من الاضطهاد، وقد لجأ مئات الألوف من الروهنجيا إلى بنجلادش، وتفيد آخر التقارير بأنهم حرموا من حقوق المواطنة.

 

لقد عاش شعب الروهنجيا في إقليم أراكان مدة تزيد على 1300 سنة، فهم ينحدرون من سلالة العرب والفرس والملايو والمغول والباتان الذين اتخذوا وطنًا لهم في أراكان، وأقاموا فيها مملكة في أوائل القرن السابع، وقد وصل الإسلام إلى تلك البلاد في عام 610م، وحكم الروهنجيا إقليم أراكان مدة تزيد على ثلاثة قرون ونصف القرن، إلى أن غزاهم البورميون عام 1784م.

 

واليوم يعيش أفراد شعب الروهنجيا محرومين من حقوقهم السياسية، ولا يأمنون على حياتهم أو ممتلكاتهم ولا تتاح لهم الفرصة للدراسة في المدارس الحكومية.

 

وليس من المسموح للمسلمين بأن يؤدوا الصلاة في المدارس أو المكاتب أو المؤسسات الصناعية، وقد صودرت ممتلكات الأوقاف، وتحولت مقابر المسلمين إلى ملاعب، وأقيمت عليها دورات المياه، كما بنيت أديرة فوق أراضي المسلمين، وتفرض الإتاوات على القرويين، وتتعرض نساؤهم للإيذاء والاعتداء..

 

وفي بنجلادش جماعة من المسلمين يسمون: البهار، هاجروا من الهند إلى شرق باكستان، أي إلى بنجلادش ولما أصبحت هذه المنطقة دولة مستقلة بعد المؤامرة عليها وانفصالها عن الأم، طلب البهار البالغ عددهم 300 ألف نسمة السماح لهم بالذهاب إلى باكستان، وهكذا أصبح البهار معلقين، ولا يجدون ما يقتاتون به.

 

وكان الرئيس الباكستاني ضياء الحق يرحمه الله، قد أبدى استعداده لاستقبال هؤلاء المسلمين المقطوعين، ولكن المنية عاجلته قبل أن يتمكن من إنقاذهم، فعسى أن يأتي من يمد لهم يد العون..

 

جنوب شرق آسيا:

استقبلت الملايو جموعًا من اللاجئين المسلمين الذين تدفقوا عليها من بورما وتايلند والفلبين وكمبوديا، وقد لقي ثلاثة أرباع المليون من مسلمي كمبوديا حتفهم في عهد بول بون.

 

وظل مسلمو الفليبين يكافحون منذ أربعة قرون، حتى قدوم الإسبان الذين كانوا يذيقون المسلمين في إسبانيا أشد العذاب.

 

وقد حقق الأمريكيون خلال فترة حكمهم التي استمرت خمسة عشر عامًا، ما لم يحققه الإسبان في ثلاثة قرون، وبعد الاستقلال واصلت الحكومة الفلبينية الجهود الرامية إلى استئصال المسلمين، ففي سنة 1968 بدأ الجيش الفلبيني في شن حملة إبادة على المسلمين، وألقوا بجثثهم في البحر، أدى ذلك إلى اتحاد جميع كل الجماعات الإسلامية في جبهة التحرير الوطنية (مورو) عام 1969 واستأنف شعب مورو كفاحه من أجل البقاء.

 

فلسطين:

يقدر إسرائيل شاهاك، أن ما يقرب من أربعمئة قرية تم تدميرها تدميرًا كاملًا، ويقال للسياح الذين يمرون بها: إنها كانت صحراء، وقد اتبعت سياسة التدمير هذه بعد احتلال الضفة الغربية والقدس وغزة في 1967.

 

إن الدول الإسلامية التي لجأ إليها الفلسطينيون وفرت المأوى والحماية لكل من احتمى بها والتجأ إليها، وعلى الرغم من أن الدول المضيفة فقيرة ومتخلفة، فإنها سمحت للاجئين بالبقاء في أراضيها، وخصصت لهم نسبة من مواردها الشحيحة لرعايتهم، كما منحت الإقامة الدائمة في حالات كثيرة.

 

وإذا نحينا الفلسطينيين جانبًا، فسوف نجد أن الدول العربية لم تكن على درجة عالية من الكرم والسخاء، عندما يتعلق الأمر بإعطاء فرصة التمتع بحقوق المواطنة والإقامة الدائمة، ولم يتمكن سوى عدد ضئيل منهم من الحصول على الجنسية في الدول العربية، وإن العدد الكبير من القوى العاملة في بعض بلدان الشرق الأوسط يشكلون ما بين 80 - 85 من القوى البشرية فيها.

 

ومما يؤسف له؛ أن من السهل على المسلم أن يهاجر إلى دولة غربية، دون أن يكون في مقدوره الهجرة إلى دولة إسلامية، وأنه من السهل عليه أن يحصل على إقامة دائمة في بلد غير إسلامي، بينما يتعذر عليه أن يحصل على إقامة مؤقتة في بلد إسلامي[10].

 

سنتعرف في الآتي إلى الأقليات المسلمة في كل دولة من دول العالم وجد فيها أقلية مسلمة، وما فيها من جماعات بناءة أو هدامة من فرق غيورة على الإسلام أو فرق ضالة تعمل على تعويق الدعوة الإسلامية فما هذه الجماعات؟ وما أفكارها؟ ومعتقداتها؟

 


[1] الأقلية المسلمة في آسيا وأستراليا ص8. سيد عبد المجيد بكر.

[2] القاموس المحيط مادة: جلَّ للفيروز آبادي.

[3] المنجد ط17 مادة: جلَّ.

[4] الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا سيد عبد المجيد بكر ص46 - 47.

[5] المرجع السابق ص25.

[6] مجلة العالم الإسلامي السنة 1428 هـ العدد 1981.

[7] من كتاب مدرسة بدر وشعراؤها أحمد الخاني ط 1.

[8] مجلة الرابطة العدد 486 ذو القعدة 1427 هـ.

[9] من كتاب الاقليات المسلمة في العالم فضل الله ويلوت ج1 ص361 دار الندوة ط1420هـ.

[10] المصدر السابق ص 396.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- مقالة مفيدة حول الأقليات في العالم
الأستاذ محمد خان الباقوي - ولاية تاميل نادو. جنوب الهند 25-01-2013 06:43 PM

السلام عليكم أيها الشيخ الكاتب للمقالة! أقدم أولا تحياتي إلى سماحتكم لهذه المقالة الممتازة. ومن كبرى المشكلات للأقليات المسلمة في العالم هي مشكلة تربية الأولاد على نهج الإسلام.الأولاد المسلمون إذا صرفوا أنظارهم إلى أي جهة يرون الأصنام والأصلاب كما أنهم يزورون كل يوم زملاء مشركين أو كفار ومن المعلوم أن عاداتهم وأساليب حياتهم معاندة للإسلام.وأولادنا يتعودون تلك العادات. ثم مشكلة الاختلاط والحرية الجنسية مشكلة كبيرة جدا.هنا بالهند يختلط الشباب المسلمون بالنساء المشركات وبالعكس حتى يتزوج المسلم غير المسلمة وكذا المرأة المسلمة تتزوج المشرك من دون إذن الوالدين. والزوج المشرك والزوجة المشركة تتعبد في المعبد الهندوسي والزوج المسلم معها إما يتعبد هو أيضا أو يحرسها.وعلماء الدين يشتغلون في الدعوة الإسلامية وإصلاح الشباب ما أمكنهم ذلك.والله نسأل أن يصلح فلذات أكبادنا الذين هم الأمة الإسلامية غدا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة