• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة


علامة باركود

محنة إخوتنا اللاجئين السوريين في ضوء حديث: المسلم أخو المسلم

الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع


تاريخ الإضافة: 16/9/2015 ميلادي - 2/12/1436 هجري

الزيارات: 17377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محنة إخوتنا اللاجئين السوريين في ضوء حديث

(المسلم أخو المسلم)

 

الحمد لله خالق الأرض والسماء، وجاعل النور والظلماء، وجامع الخلق لفصل القضاء؛ لفوز المحسنين، وشقوة أهل الشقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، شهادة يسعد بها قائلها يوم الجزاء، وصلى الله على سيد المرسلين والأنبياء محمدٍ وآله وصحْبه النُّجباء، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم فصل القضاء.

 

أمَّا بعدُ، فاتَّقوا الله أيها الإخوة المؤمنون، واعلموا أن كل أحد مسؤول عما يأتي ويذَر، فهو إن أقدم وأتى على ما أوجب الله وحث عليه، فهو مأجور، وإن توانى عن ذلك وقصَّر، فهو مأزور مسؤول، ولذلك فإن المؤمن يتلمَّس أوامر الله ونواهيه، فيأتي ما أمر الله به، ويكف عما نهى عنه.

 

واعلَموا رحمكم الله أن من الأمور التي أكَّدتها نصوص القرآن والسنة ما يتعلق بحقوق الخلق، فالله سبحانه إذ أكمل لنا هذه الشريعة العظيمة، لم يجعلها فقط قائمة على أداء حقه سبحانه، ولكن أيضًا على أداء حقوق الخلق، ولا يستقيم أمر العباد في معاشهم، ولا يصلح لهم المنقلب في معادهم إلا إذا قاموا بالحقوق فيما بينهم، ولذلك جاءت هذه الشريعة الإسلامية العظيمة على أكمل ما يكون، وأتم حال في الوفاء بالحقوق.

 

والحقوق على أنواع ودرجات ومن جملتها حقوق المسلمين فيما بينهم، فإن للمسلمين فيما بينهم حرمات يجب الوفاء بها وتعظيمها، والقيام بما يجب نحوها وَفْق ما أمر الله به جل وعلا، وأمر به نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك يقول ربُّ العزة سبحانه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71].

 

هذا هو مقتضى الإيمان أن يكون بين أهل الإسلام والإيمان من الولاية فيما بينهم ما يقومون به من الحقوق فيما بينهم، بنصرة بعضهم بعضًا، بمواساة بعضهم بعضًا، بالفرح بما يفرحهم، والحزن على مآسيهم وما يكدرهم، ويقول ربُّ العزة سبحانه: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

وهذا أمر رباني للبشرية جمعاء أن يكونوا متعاونين على البر والتقوى، وهذان اللفظان الكريمان العظيمان العميقان - البر والتقوى - متى قام بهما الناس صلحت أحوالهم، ووُفِّيت حقوقهم، وكُفَّ عن الإضرار بهم.

 

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

ومن النصوص العظيمة التي جاءت في هذا الباب نص قدسي عظيم جليل، يرويه النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم عن ربِّه تبارك وتعالى، ذلكم ما جاء في صحيح الإمام مسلم مسندًا عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أُطعمك وأنت ربُّ العالمين؟! قال: أما علمتَ أنه استطعمك عبدي فلان فلم تُطعمه، أما علمت أنك لو أطعمت لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما أنك لو سقيته وجدت ذلك عندي)).

 

هذا حديث قدسي عظيم، ينتظم ويواسي أحوال الناس عند هذه الطوارئ الملحة - المرض والطعام والشراب - والعلماء يقولون ويعرفون الحديث القدسي، ويفرِّقون بينه وبين الحديث النبوي الشريف بقولهم: إنه ما كان لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله تعالى، أو قالوا: هو ما أخبر الله جل وعلا نبيه به بالإلهام أو بالمنام، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك المعنى بعبارة من نفسه، بينما الحديث النبوي هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قول أو فعل أو تقرير، ونحوها من أوصافه عليه الصلاة والسلام الخَلقية والخُلقية.

 

وبكل حال، فهذا الحديث القدسي الثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - يُخبر به عن ربه تبارك وتعالى أنه يُحاج ذلك العبد يوم القيامة، يحاجه ويُوقِفه على أنه قصَّر في هذه الحقوق، يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، وهذا الحديث - كما يُنبه العلماء - غاية ما يكون من تعظيم الله جل وعلا لحُرمات عباده، فالله العظيم، فالله الحي القيوم، فالله الغني الملك الوهاب، خاطب هذا العبد المقصر بهذا اللفظ المشعر بأن الله سبحانه متكفل بحقوق خلقه، حتى إنه جل وعلا أضاف هذه الألفاظ - مرضت استطعمتك استسقيتك - إلى نفسه الشريفة الغنية الكريمة جل وعلا، وهذا كما يقول أهل العلم ليس كما توهَّمه أهل الحلول والاتحاد، وأهل الزيغ والأهواء، فإن هذا الحديث واضح بيِّن عند أهل الإيمان وعند أهل اللغة، وأنه غاية ما يكون في تعظيم حرمات العباد؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ففسر ما تكلم به في هذا الحديث أنه جوع عبده ومحبوبه لقوله: (لوجدت ذلك عندي)، ولم يقل: لوجدتني قد أكلته، ولقوله: (لوجدتني عنده)، ولم يقل: لوجدتني إياه؛ وذلك لأن المحب يتفق هو ومحبوبه بحيث يرضى أحدهما بما يرضاه الآخر، ويأمر بما يأمر به، ويبغض ما يبغضه، ويكره ما يكرهه، وينهى عما ينهى عنه، وهؤلاء هم الذين يرضى الحق لرضاهم، ويغضب لغضبهم، والكامل المطلق في هؤلاء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم".

 

ولذلك لما عظَّم الله جل وعلا حقوق الضعفاء من عباده، عظَّم مثوبتَهم، وجعل العاقبة لمن نصرهم وقام بحقِّهم، ولذلك يقول النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: ((ابغوني الضعفاء منكم، فإنما تُنصرون وتُرزقون بهم)؛ رواه البخاري.

 

والمعنى: اهتموا واعتنوا والتفتوا للضعفاء، فإن المجتمع الذي يُلتفت فيه للضعفاء، ويُقام بحقوقهم، مجتمع منصور، مجتمع مُغدق عليه بالأرزاق، ولكن حين ينصرف الناس عن هؤلاء الضعفاء، فإن الله جل وعلا يُجازيهم بمثل عملهم، فيصرف الله عنهم إنعامه، ويرفع عنهم بركاته، والمقصود أيها الإخوة الكرام أن هذا الحديث القدسي يُبيِّن أن العبد سيُسأل يوم القيامة، فهذا حق وصدق أخبر به الصادق المصدوق عن ربه جل وعلا أنه يوقف من عباده من مرَّت عليهم هذه الأحوال، (أما علمت أن عبدي فلانًا مرض)، وهذا يعني أن الإنسان مسؤول عن هذه الحال التي تمر به بأن يكون له قريب أو جار، هو منه بسبيل واضح وبيِّن؛ إما بقرابة الجيرة، أو صلة الرحم، أو صلة الزمالة، أو غير ذلك من العقود الاجتماعية التي تربط الناس بعضهم ببعض، فإذا وقع أن مَرِض أحدهم أو نزلت به جائحة - من جوع أو غير ذلك - فلم يقم بهذا، فإنه سيُسأل يوم القيامة ويُحاسب على هذا، كما أنه إن قام بهذا الأمر عظَّم الله ثوابه، وضاعف له الجزاء الأوفى، وضاعف له الجزاء، وبلَّغه فيه المنتهى.

 

والله سبحانه يجعل الجزاء على هذه الأعمال التي يُحسن بها الناس بعضهم إلى بعض جزاءً عظيمًا، ألا ترون أيها الإخوة الكرام كيف أن الله جل وعلا كما جاء في الحديث في صحيح البخاري غفر الله لامرأة من بني إسرائيل بغيًّا، مهنتها - أكرمكم الله - التي تصبح وتمسي عليها البغاء، غفر الله لها هذا الذنب العظيم المتكرر منها بأن أحسنت يومًا إلى كلب سقته لَمَّا رأته يلهث من العطش، فكيف بمن أحسن إلى بني آدم، كيف بمن أحسن إلى من تقطَّعت بهم السُّبل، وضاقت بهم الأحوال، فحريٌّ بالمؤمن أن يتلمس هذه الأعمال العظيمة التي إن قام بها أُجِر، وإن فرَّط فيها ارتكب الوزر.

 

وتأمَّلوا كيف أن كرام الأمة كانوا أسرع الناس إلى هذه الأعمال، وسيدهم ومقدمهم في كل خير هو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه شبَّ على هذا منذ ريعان شبابه إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، وما أجَلَّ تلك الصفات التي عبرت عنها سيدتنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها لَمَّا قالت في بَدء النبوة وبَدء تنزُّل الوحي: "إنك يا محمد لتصل الرحم، وتحمل الكَل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"؛ رواه البخاري.

 

ما أعظمها من صفات! وما أكرمها من شمائل! وما أسعد المجتمعات التي يكون فيها أناس يحملون هذه المكارم العظيمة!

 

فالمجتمع الذي يوجد فيه أمثال هؤلاء مجتمع مطمئن، مجتمع مرحوم برحمة الله؛ لأن الجزاء من جنس العمل، أما حين تحل الأَثرة والشُّح بين الناس - كلٌّ لا يرى إلا إلى نفسه - فهذا مجتمع قد تُودِّعَ منه، لقد كانت المجتمعات الإسلامية وفي مقدمها المجتمع النبوي على هذه الحال الكريمة؛ اقتداءً به عليه الصلاة والسلام، وهكذا كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتبارون ويتسابقون في هذه المبادرات الكريمة، وتأملوا واقعة في صبيحة أحد الأيام، حينما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصبح بالصحابة، فالتفت إليهم قائلاً: (من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: من عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: مَن تبِع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: من أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام: ما اجتمعت في امرئ في يوم إلا دخل الجنة)؛ رواه مسلم في صحيحه.

 

تأمَّل أربع خصال، واحدة عبادة محضة: الصيام، وثلاث إحسان إلى الخلق: اتِّباع جنازة، عيادة مريض، إطعام مسكين، ما اجتمعت في امرئ في يوم إلا دخل الجنة، قال العلماء: لو أن أحدًا قام بها في يوم من الدهر، لكان حقيقًا بأن ينال هذا الوعد العظيم، وتأمل أن هذه الأعمال الأربعة كلها قد قام بها أبو بكر رضي الله عنه ما بين أذان وصلاة الصبح، فأكْرِم به من عملٍ! وأعْظِمْ به من شرف!

 

وهذا هو سر ما كان عليه الرعيل الأول والمجتمعات الإسلامية من الظفر وحسن الحال التي عاشوها رضي الله عنهم ورحمهم.

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ، فلا يَخفى عليكم أيها الإخوة الكرام ما تعيشه كثير من المجتمعات الإسلامية اليوم من أنواع المشكلات وأنواع البأساء والضراء التي حلَّت بها، ومن أبرز ذلك ما يُعانيه إخوتنا أهل الشام، فقد حل بهم من تسلُّط طاغية الشام بشار الأسد عجَّل الله زواله، وأقر أعين المؤمنين بهلاكه وأعوانه، وما أدَّى بهم ذلك بعد أن هُدِّمت ديارهم، وأُزهقت أرواح مئات الآلاف منهم، لا يفرق بين طفل ورجل، وشيخ كبير أو امرأة، بأنواع ما كان من تسلُّطه، وأنواع ما كان من تواطؤ قوى الشر والعدوان، وتعاونهم معه على بَغْيه وظلمه وعدوانه، وكأنما يراد لإخواننا في الشام كما يراد لإخواننا في سوريا أن تُفرغ بلادهم منهم، فذهبوا في طرق شتى؛ ليفروا من طغيان الأسد وبغيه - قاتله الله - فركبوا البر والبحر، وسلكوا كل صعب وذلول؛ حتى يفروا من طغيانه وعدوانه، ولا يخفى أيضًا ما تناقلته وسائل الإعلام من غرق عدد من إخوتنا الذين فروا.

 

أقول: إن وسائل الإعلام قد نقلت من غرق الأطفال والنساء والرجال ما أحزنَ النفوس، وهنا لا شك أن المسؤولية على الجميع، المسؤولية على الحكومات الإسلامية التي ينبغي أن تكون مبادرة لإيوائهم، فإن هذا من مقتضى الإخوة الإسلامية، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يَظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة، فرَّج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة).

 

فهذا الحديث وما جاء في معناه مما تقدم ذكره وغيره - مما حفلت به نصوص القرآن والسنة - يُبيِّن ما يجب على المسلمين من عون بعضهم بعضًا، ومساعدة بعضهم بعضًا، وإيواء بعضهم بعضًا عند أحوال المشكلات والمحن والنكبات.

 

فأقول: إن الدول الإسلامية لا شك أنها معنيَّة بهذا قبل غيرها - حكومات الدول الإسلامية - ومما نحمد الله عليه أن حكومتنا في المملكة العربية السعودية كانت لها المبادرة والقدح المعلَّى في هذا الباب، بخلاف ما يُزعم وما يُرمى به، وما تُتَّهم به من التقصير، فإن عون هذه البلاد للمسلمين أجمعين ظاهر بيِّنٌ، لا يحتاج إلى دلائل، ولا إلى شواهد، وبخاصة في حق إخواننا في الشام، فإن التوجيهات العليا صدرت منذ البداية بالوقوف معهم، فأُسِّست اللجنة الوطنية السعودية لإغاثة الأشقاء السوريين، وصدرت التوجيهات العليا بتمكين أشقائنا السوريين من الدراسة في مدارس المملكة، ومعاملتهم معاملة المواطنين، إلى غير ذلك من أنواع المبادرات التي هي على سبيل الواجب والمبادرة، وليست على سبيل المن، فإن بلادنا بحمد الله من أسباب ما هي فيه من الخير، هذه المبادرات التي تمد بها لإخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك لم تجد المنظمة الدولية للهجرة إلا أن تفصح عن هذا كما حدث قبل أيام؛ حيث وجَّهت الشكر لنائب خادم الحرمين على مبادرة المملكة في هذا الباب، ومع ذلك فإن المأمول هو المزيد والأكثر؛ لأنه كلما تفاقمت المشكلة وكثرت الأعداد، فإن المأمول في حل هذه المشكلات أكثر وأكثر..، وهكذا على مستوى الأفراد، فأنت يا عبد الله، يا من تسمع هذا الكلام، هل كانت لك مبادرة نحو أسرة أو أخ لك تربطك به علاقة من هؤلاء المهاجرين اللاجئين الفارين من جحيم الأسد وطغيانه؟

 

إن كل واحد منا ولا شك في الغالب له صلة بأسرة أو بأفراد، فالواجب عليه أن يقوم هو بما يحب أن يُقام به نحوه لو قُدِّر أن يكون هو في مثل هذه الحال، ولو أننا فكرنا بهذا الأسلوب لحُلَّت هذه المشكلة، لو أننا كلنا فكَّرنا وبادرنا بهذا الأسلوب، لا ينظر الشخص إلى الآخرين: بِمَ قاموا؟ ولكن ينظر ماذا قام به هو؟ وهذا هو مدلول حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، مَن بات شبعانَ وجاره جائع).

 

هذا جارك وأخوك، فرَّ من جحيم وطغيان الأسد، فما هو موقفك؟ فلو أن كل واحد من المسلمين في البلاد الإسلامية المحيطة بسوريا بادَر على وَفْق هذا المنوال، لَما احتيج لأن يركب إخواننا البحر وأمواجه بأطفالهم ونسائهم في ظلماته وأكداره وخوفه، يَصِلون أو لا يَصِلون، ثم ما نشاهد أيضًا من المعاملة الفجة التي بادرت بها بعض السلطات في أوروبا؛ لا يرحمون طفلًا صغيرًا، ولا امرأة منهكة، ولا غير ذلك.

 

والمقصود أيها الإخوة الكرام أن هذه الأحوال كلها ابتلاء واختبار وامتحان، اختبار لمن نزلت بهم هذه النازلة، واختبار لمن كان قادرًا على أن يقف مع إخوانه، وكلٌّ مسؤول هل قام بما يجب عليه أو لم يقم؟

 

يا عبدي، يا ابن آدم، مرضت ولم تَعُدْني، استطعمتك فلم تُطعمني، استسقيتك فلم تسقني، أما إنك لو عدته، أما إنك لو أطعمته، أما إنك لو سقيته - لوجدت ذلك عندي.

 

ألا وصلُّوا وسلِّمُوا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا الله بهذا، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِل الكفر والكافرين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم اجعل بلدنا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أدم على بلادنا الأمن والإيمان والطمأنينة، ووفِّق وُلاة أمورنا لما فيه خير العباد والبلاد.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادم الحرمين ونائبه لما فيه الخير، ولما فيه البر والتقوى يا رب العالمين.

اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأبعد عنهم بطانةَ السوء يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظ وسدِّد رمي إخواننا المرابطين المجاهدين على الحدود.

اللهم مكِّنا من أعدائنا، اللهم إنا ندرأ بك في نحور الحوثيين وأعوانهم.

اللهم اشْدُد وطأتك عليهم، اللهم اهزمهم يا قوي يا عزيز.

اللهم بك نستنصر وبك نصول، وبك نجول يا قوي يا عزيز.

اللهم عجِّل بالفرج لإخواننا المبتلين في كل مكان.

اللهم عجِّل بالفرج لإخواننا في الشام.

اللهم ارفع ما بهم من ضر وبأساء.

اللهم وعجِّل بهلاك طاغية الشام.

اللهم اشف غيظ قلوب المؤمنين منه يا قوي يا عزيز.

اللهم وارحَمْ إخواننا المبتلين المشرَّدين في كل البلاد في العراق وفي ليبيا، وفي غيرها من البلاد يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارْحَمهم كما ربَّوْنا صغارًا.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.

 

سبحان ربنا ربِّ العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة