• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان / خطب منبرية


علامة باركود

من أحكام الشتاء

الشيخ أحمد الزومان

المصدر: أُلقيت بتاريخ: 27/ 10/ 1425هـ، 10/1/ 1429هـ

تاريخ الإضافة: 30/12/2008 ميلادي - 2/1/1430 هجري

الزيارات: 37322

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أحكام الشتاء

 

الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أما بعدُ:

فالحَرَجُ مرفوعٌ عنْ هذه الأمة قبل وقوعه، ومدفوع إذا وقع؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، فما أمر الله به وأَوْجَبَه ليس فيه عُسر، فالشريعة مبنيَّة على اليُسر والسهولة ورفْع الحَرَج؛ فعن أبي هريرة، عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الدِّين يُسر، ولن يشاد الدِّين أحدٌ إلاَّ غَلَبَه؛ فسَدِّدوا، وقارِبوا، وأبْشِروا))؛ رواه البخاري.

 


ثمَّ إذا عرض عارض خاص أو عام يَقْتَضِي التخفيف، شُرع تخفيف آخر زائِدٌ على الشريعة المبنيَّة على التخفيف والتَّيسير؛ فلذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمران بن حصين - رضي الله عنه - حينما عرض له المرض: ((صَلِّ قائمًا، فإن لم تستَطِع فقاعدًا، فإن لم تستَطِعْ فعلى جَنْب))؛ رواه البخاري، لكن هذا التَّيْسير مضبوط بالنُّصوص الشرعيَّة العامَّة والخاصَّة، فهي مَرْجِعُه، وليس مرجعه لرأيِ الرِّجال المَحْض، أوِ الهوى، أو ضغط الواقع.


والكلام في رفْع الحرج العام بابٌ مُتَشَعِّب، تدخل فيه فروعٌ كثيرةٌ، وفي هذا المقام بمناسبة فصل الشتاء وشدة البَرْد في هذه الأيام، أذْكُرُ نوعينِ مِن أنواع رفْع الحرج، فيما يَتَعَلَّق بصلاة الجماعة؛ فالأول: الجَمْع بين الصلاتَيْنِ بِعُذْر المطر وشدة البرد ونحوهما، والثاني: التَّخَلُّف عنِ الجماعة بسبب ذلك، وإن كان الموضوع نُوقِشَ كثيرًا مِن قِبَل المشايخ، وطلاَّب العلم؛ إلاَّ أنَّ الكلامَ فيه يكثر، فهو منَ المواضيع المُتَجَدِّدة التي يكثر فيها القيل والقال.

 

عباد الله:

إذا كان في ترْكِ الجمع بين الصلاتينِ الظُّهر والعصر، أوِ المغرب والعشاء مَشَقَّة؛ سواء كان في الحضر أم السَّفَر، شرع الجمع لِوُجُود الحَرَج في الجميع، ولِثُبُوت الأثر؛ فعنِ ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "جَمَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظُّهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة، في غير خوف ولا مطر"، قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك، قال: "أراد ألاَّ يحرجَ أمته"؛ رواه البخاري ومسلم، واللَّفظ له، فقول ابن عباس: "جمع من غير خوف ولا مطر"، ليس نَفْيًا منه للجمع بالمطر والخوف؛ بل إثبات منه؛ لذلك فقد كان النبي يجمع بسببهما؛ لكنَّه في هذه المرة جمع بِعُذْر آخر لم يُبينْهُ ابن عباس، والله أعلم.


وجَمْعُ النبي بما هو دون ذلك - كجَمْعِه بِعَرَفَة - دليلٌ على الجمع بسببهما بطريق الأولى، وقد أشار ابن عباس إلى علَّة الجمع، وهي رفْع الحَرَج عن هذه الأمة، وعلى الإمام أن يراعيَ الضُّعَفاء منَ المأمومين؛ بسبب المرض، أو الكِبَر في تقدير العذر، وهل هناك حرجٌ يقع عليهم لو ترك الجمع أو لا؟ فعن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، فقال: ((أنت إمامهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتَّخذ مؤذِّنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا))؛ رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.


فجعل النبي الإمام مقتديًا بالضعيف، فكما أنَّ الضعيف يقتدي بصلاة الإمام، فيقتدي الإمام بضعف الضعيف، ويسلك به سبيل التخفيف في الرخص والقيام والقراءة؛ بحيث إنَّه يقوم ويركع على ما يريد الضعيف، والإمام كالتابع الذي يركع بركوعه.

 

ولا يُقال للضعيف: صلِّ في بيتك، وبقيَّة الجماعة يصلون الصلاة في وقتها في المسجد، فمَن حَضَر المسجدَ يُراعيه الإمام؛ حتى ولو لم يكنْ ممن تلزمه الجماعة؛ كالمريض، والمرأة؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّي لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتَجَوَّز في صلاتي؛ مما أعلم من شدة وَجْدِ أمه من بكائه))؛ رواه البخاري ومسلم.


وتقدير الحرج منَ الأمور النِّسبيَّة التي يختلف فيها التقدير، مِن شخص إلى آخر، ومن مسجد إلى مسجد، فتقدير أن في ترْك الجَمْع بسبب المطر أوِ البرد حَرَجًا - راجعٌ إلى اجتهاد الإمام، فهو المسؤول أمام الله، بعد تشاوُره مع الضعفاء مِن جماعة المسجد، فربما يرخص لأهل مسجد بالجمع؛ لوُجُود مَن يشق عليه تَكْرار الخُرُوج للمسجد في شدة البرد والمطر، أو لِكَوْن طريق المسجد مجمعًا للسيول، أو غيرَ مسفلت، أو غير ذلك منَ الأعذار، ومسجد قريب منه لا توجَد فيه هذه الأعذار، فلا يُرَخَّص لهم بالجمع، فيقال: صلوا الصلاة في وقتها، وبهذه المناسبة أُوَجِّه كلامي إلى ثلاث طوائف:

أبدأ بالإمام، فأقول: أنتَ مسؤول أمام الله عنْ صلاة المأمومين؛ حيث استرعاك اللهُ على صلاتهم؛ فكُلُّكُم راعٍ، وكلُّكُم مسؤول عن رعيته، فتجَرَّد من حُظُوظ النفس حينما تريد تقدير الحرج، وإنْ أشكل عليك الأمر استفْتِ قبل أن تُقَدَّم للصلاة، فالأصلُ وجوب الصلاة في وقتها، والجمع من غير عذر لا يجوز، فالأصلُ هو وجوب الصلاة في وقتها.

 

وأُثَنِّي ببعض المأمومين ممن هم حريصون على الخير، يريدون أن يُؤَدوا الصلاة في وقتها، فربَّما حصل نزاع وشِقاق قبل إقامة الصلاة المجموعة، وارتَفَعَتِ الأصوات في المسجد، وأصبحتْ هذه المسألة الاجتهاديَّة هي الشرارة التي لا يزال الشيطان ينفخ فيها، حتى تصبح نارًا تحرق المحبَّة والموَدَّة بين جماعة المسجد، وتُفَرِّق شَملهم؛ فعن جابر، قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّ الشيطان قد أَيِسَ أن يَعْبده المُصَلُّون في جزيرة العرب؛ ولكن في التحريش بينهم))؛ رواه مسلم.
فإن وافقتَ الإمام في اجتهاده، وصَلَّيتَ خلفه فرضًا - فحسن، وإن كانت نفسُك لا تطمئن لهذا الجمع، فادخل معه بنيَّة النفل، وإذا حضر وقت الصلاة الثانية، فلن تعدم مسجدًا تصلي فيه.

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: ((كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يُؤَخِّرُون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟))، قال: "قلت: فما تأمرني"، قال: ((صلِّ الصلاةَ لوقتها، فإن أدركتها معهم فصَلِّ، فإنها لكَ نافلة))؛ رواه مسلم.

ففي هذا التوجيه النبوي الحكيم ما يوصد باب النِّزاع بين المُصَلِّين في هذه المسألة، وغيرها منَ الأمور التي تتبايَن فيها الاجتهادات.

وأُثَلِّث ببعض المأمومين، وإن كانوا قلّة ممن يرون أن صلاة الجماعة هَمًّا وثقلاً، فتجدهم يلحون على الإمام بالجمع، ويعتبون عليه بعدم الجمع، وُجِد العذر أم لم يوجد؛ بل إذا غلب على ظَنِّهم أنَّ هذا الإمام لن يجمع، ركب أحدهم سيارته بحثًا عن إمام يجمع.

فالذي همُّه تلمُّس التَّخفيفات، وتتبُّع مواطن الرُّخَص - بعيدٌ عنِ الغاية الحقيقية من تمام العبودية، وخالص الخضوع والطاعة لله وحده، وإنَّما غايته أن يأخذَ بالأسهل منَ الأمور، مما قد يُؤَدِّي إلى الانْسِلاخ منَ الأحكام، والابتعاد عنِ الشرع، والتهاوُن في مسائل الحلال والحرام، مُدَّعيًا ألاَّ حرج في الدِّين، فقد أخطأ وضَلَّ السبيل، فلا بدَّ لهؤلاءِ مِن وقفةٍ مع النفس، وتصحيح المسار والتَّعَبُّد لله - عز وجل - بالفعل وبالتَّرْك.


الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، القائل: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، فأراد اللهُ بتشريعِه الأحكامَ لنا اليُسرَ ورفع الحرج عنَّا، ومِن مظاهر رَفْع الحرج: رخصة التَّخَلُّف عنْ صلاة الجماعة للعُذر العام؛ بسبب المطر أو البرد، ونحو ذلك، فإذا طرأ العذر والناس في بيوتهم، جاز لِمن وجبتْ عليهم صلاة الجماعة أن يصلُّوا في بيوتِهم؛ جماعة أو فرادى، في السفر أو الحضر؛ ليلاً أو نهارًا؛ فعن نافع، قال: أذن ابن عمر - رضي الله عنهما - في ليلة باردة بضَجْنان، ثم قال: صلوا في رحالكم، فأخبرنا: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمُرُ مؤذِّنًا يؤذن، ثم يقول على إثره: ((ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر))؛ رواه البخاري ومسلم، وضجنان: مكان بين مكة والمدينة.

وعنِ ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّه قال لِمُؤَذِّنه في يوم مطير: "إذا قلتَ: أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأنَّ الناس استنكروا، قال: فَعَلَهُ مَن هو خير منِّي - يعني النبي، صلى الله عليه وسلم - إنَّ الجمعة عزمة، وإنَّي كرهتُ أن أحرجكم فتمشون في الطين والدَحْض"؛ رواه البخاري ومسلم.

فيُصَلِّي مَن شاء في منزله، ويصلي الإمام بمن حضر، وتجشم المشقة؛ طَلَبًا للثواب؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: خَرَجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فمطرنا، فقال: ((ليصل من شاء منكم في رحله))؛ رواه مسلم، ورخصة التَّخَلُّف عن الجماعة ليست مشروطة بقول المؤذن: صلوا في بيوتكم، فإذا وُجِدَتِ المشقة جاز التَّخَلُّف، فمشقَّة المطر والبرد المؤذي؛ كسائر الأعذار الخاصة كالمرض، يجوز ترك الجماعة بسببها.

ويُسَنُّ أن يقولَ المُؤَذِّن في العذر العام - مثل: المطر والبرد المؤذي -: صلوا في رحالكم، أو صلوا في بيوتكم، أو نحو ذلك، يقولها بعد الفراغ منَ الأذان؛ لحديث ابن عمر، أو بعد الحيعلتين؛ فعن رجل من ثقيف - رضي الله عنه -: أنَّه سمع مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم مطير، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلُّوا في رحالكم"؛ رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح.

في الختام:
الجَمْع شُرِع لرفع الحرج، وإذا أمكن رفع الحرج بغير الجمع، حرم الجمع؛ فالأصل: وجوب أن تُصَلَّى الصلاة في وقتها.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة