• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي / مقالات


علامة باركود

ليس البر والتقوى... (تأمل في المدلول)

ليس البر والتقوى.. تأمل في المدلول
أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي


تاريخ الإضافة: 17/3/2024 ميلادي - 7/9/1445 هجري

الزيارات: 3070

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليس البرّ والتقوى...

(تأمّلٌ في المدلول)

 

• قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾، [البقرة: 177].

 

• سبحان الله وبحمده! هذه الآية دليل عجيب في بيان حقيقة التقوى والصدق في اتّباع الإسلام وادّعاء الإنسانِ الإيمانَ والإسلام!

 

• وهي دليلٌ لربْط الله بين التقوى والصدق، وأنهما أمران متلازمان؛ فانظر كيف حوّل الله تعالى التقوى والصدق معًا إلى أعمالٍ ظاهرة -إضافةً إلى الأعمال القلبية التي يقتضيها كلٌّ مِن الصدق والتقوى- وحوّلَها إلى أعمالٍ متعددة مشهودة تُرى، وتُرى نتائجُها في سيرة المسلم والمسلمة، تتمثّل في السيرة، لا مجرد القول باللسان!

 

ولتُدرِك قيمة التقوى عند الله؛ فلْتعْلمْ مَرّات النصّ عليها في كتاب الله سبحانه وفي حديث رسوله صلى الله عليه وسلم، فلربما يُدهشك، وخُذْ هذه الإشارة السريعة: لو بحثتَ في المصحف الشريف عن كلمة: (اتقوا) فستأتيك النتيجة (84) آية، وتحتاج إلى فرزٍ لاستثناء بعض المواضع التي ليست داخلة في صميم موضوعنا. وهذه الآيات تؤكد أهمية التقوى ومكانتها عند الله، وربْط العبادات بها! وفي ضمن هذه المواضع خمسة مواضع، جاءت بكلمة (اتّقونِ)؛ فما أعظم عناية كتاب الله بالتقوى! وقلْ نحو ذلك في الأحاديث النبوية!

 

فضلًا، أعدْ قراءة الآية بعد هذه الملحوظة، ولاحِظْ الآتي:

1- ما أراده الله عزّ اسمه، مِن تصحيح عباده لذلك الفهم الظاهري لدينه وللإيمان به، وإعلانه سبحانه لهذا المعنى الكبير: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ... ﴾، أي: ليس البِرّ بأنْ تتوجهوا نحو هذه الجهة أو تلك؛ لتتوهّموا أنكم بهذا قد حصَل لكم الإيمان والإسلام والصلاة والبِرّ، كلا! فليس بمجرد هذا الظاهر يحصل لكم حقيقةُ الإيمان والإسلام!

 

2- ما ذكَرَه الله لنا وللعالَمين مِن بيانٍ لحقيقةِ الدِّين الذي أراده الله لنا وحقيقةِ مضمونه ومفرداته! وهذا هو الفهم البديل عن ذلك الخطأ الذي نهانا مولانا عن توهُّمه! وهو ما ذكَرَه بقوله سبحانه: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ... ﴾، وما ذكرَ بعده.

 

3- لاحِظْ المعنى الصحيح التصحيحيّ الذي أوْضحه لنا الله جل جلاله، المشتمل على الأعمال القلبية العظيمة، وأعمالِ العبادات الظاهرة، وأهمّها الإيمان بالله. ثم انظر: دعانا إلى الإيمان بماذا: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ... ﴾، وأكملْ ما بعدها، قراءةً وعملًا، أكملَ الله لنا ولك الإيمان والتقوى والصدق والبرّ!

 

4- ولا يفوتنّك ملاحظةُ أنّ مفردات الإيمان بالله هذه التي نصّت عليها الآية، اشتملت على الإيمان والإسلام كله على وجه الإجمال، وأنها عشرة أعمال عامّة محدّدة، وفي داخلها ذكَرَ مَنْ عليك أنْ تعطيَهم المال -على حبك له؛ إيثارًا لِما ترجوه عند ربك- وهم ستة أصناف: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾!

 

5- ومِن المهمّ للغاية، الالتفات إلى ختام الآية الكريمة: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾! إنه إعلانُ حُكم الله في عباده، الذين عملوا بما دعاههم الله إليه في الآية، وإعلانُ تزكيته لهم، وهنيئًا لهم! إنهم هم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾!

 

وهل لاحظتَ أنّ الله سبحانه قد عرّف هنا التقوى والصدق والبِرّ ببيان حقيقة التقوى والصدق، وذلك بذكر مضمونهما وما يقتضيانه مِن أعمال وسلوك وبِرٍّ وأخلاق، لا بحدود حروفهما فقط!

 

• فتأمّلْ هذه كلها، واغتبط بها، واعمل بها، والتزم بتنفيذها كلها؛ تعبّدًا لله وتقرّبًا إليه؛ شاكرًا لمولاك على ما أولاك!

 

6- وفي معنى هذه الآية، جاءت آياتٌ وأحاديثُ شريفة؛ تؤكد الدعوة إلى حقيقة الإسلام والإيمان والتخلّق بأخلاقه أو أخلاقهما، ومِن الأحاديث:

1- قال صلى الله عليه وسلم: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ)، (أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6057) عن أبي هريرة. وهذا حديثٌ عجيب في تأكيد هذا المعنى لحقيقة العبادات والصيام!

 

2- وثبتَ في أحاديث أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، قال في يوم عرَفة: (يا أَيُّها الناسُ! عليكم بالسكينةِ، فإنَّ البِرَّ ليس بإِيجافِ الخيلِ والإبلِ)، (منها ما أخرجه أبو داود في سننه برقم 1920، وسِواه، وأصله في صحيح البخاري برقم 1671، عن عبد الله بن عباس، وهو في صحيح مسلم باختلاف في بعض اللفظِ، عن الفضل بن عباس، برقم 1282).

 

3- ورَأَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، زِحَامًا ورَجُلًا قدْ ظُلِّلَ عليه، فَقالَ: (ما هذا؟) فَقالوا: صَائِمٌ، فَقالَ: (ليسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ)، (أخرجه البخاري في صحيحه برقم 1946، ومسلم برقم 1115 عن جابر بن عبد الله).

 

4- وقال البَرَاءُ رَضيَ اللهُ عنه: نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ فِينَا؛ كَانَتِ الأنْصَارُ إذَا حَجُّوا فَجَاؤُوا، لَمْ يَدْخُلُوا مِن قِبَلِ أبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، ولَكِنْ مِن ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ، فَدَخَلَ مِن قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأنَّهُ عُيِّرَ بذلكَ، فَنَزَلَتْ: ﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾ [البقرة: 189]. [وتمام الآية: ﴿ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفْلِحُون ﴾]، (أخرجه البخاري في صحيحه برقم 1803 عن البراء بن عازب).

 

5- وقال النواس بن سمعان: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ فَقالَ: (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ)؛ (أخرجه مسلم في صحيحه برقم 2553، وبرقم 3026)، فيا له مِن حديثٍ عظيم مُحدِّدٍ لمنهج الإسلام في العبادة والتعبد لله، ولمفهومها، ولمنهجِ التعامل مع العباد بهذا اللفظ العامّ المحدّد الشامل!

 

وهنا علينا أنْ نضمّ إلى هذا المجال موضوعًا في غاية الأهمية، وبه يكتمل مفهوم العبادة وحقيقتها، المأمور بها في الإسلام، وهو ما نهى الله عنه من ارتكابِ المعاصي والفواحش أو الإساءة إلى العباد بأيِّ صورة مِن الصوَر؛ فلا يكفي أنْ يؤدي المسلم والمسلمة شعائر العبادات فحسبُ، بل قد حرّم الله قتل النفس بغير حق، وحرّم الاعتداء على أعراض الناس وأموالهم، وفي هذا المجال جاءت نصوصٌ كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية في التحذير من العدوان على الأنفس والأعراض والأموال، يَطول جدًّا الحديث عنه وعنها؛ فنكتفي بهذه الإشارة.

 

6- وفي الحديث الصحيح، أنّ رسول صلى الله عليه وسلم، قال: (علَيْكُم بالصِّدْقِ، فإنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وإيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا)، (أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6094، ومسلم برقم 2607 عن عبد الله بن مسعود).

 

ولعلك تقفُ طويلًا بتأمّلٍ وإجلالٍ واغتباطٍ بهذا الحديث، وما اشتمل عليه مِن منهجٍ وسموٍّ في العبادة والأخلاق والتعامل مع الله ومع عباده في منهج الإسلام وسيرة رسوله خاتم الأنبياء عليه وعليهم صلوات الله وسلامه!

 

فانظر كيف يتكرر في القرآن والحديث هذا المعنى التصحيحي لمفهوم العبادة، وانظر كيف يتكرر فيهما تأكيد هذا التصحيح والتوضيح لمفهومِ حقيقةِ التقوى والصدق والبرّ، والارتباط بين العبادة والأخلاق، وأنّ التقوى والصدق والبرّ هي الأساس، وهي الثمرات، أيضًا، للعبادة في الإسلام!

 

فهل تكفينا هذه الإشارة إلى الآيات والأحاديث الناهية عن أَخْذ العبادات بحسب ظاهرها فقط؟

 

• ألا إنّ مثل هذه الآية مفتاح لفقه الإسلام، وفقه عباداته، وفقه أخلاقه، وفقه مبادئه، وفقه خصائصه، وفقه حُسْن التعبّد لله به تعبّدًا يَقْبله الله الكريم الرحمن الرحيم.

 

• إنّ هذه الآية مناسِبة لتكون مفتاحًا للمسلم والمسلمة لفقه أيّ عبادةٍ يُتوَجّهُ لها، مِن: صلاة، وصيام، وصدْقٍ، وصدَقة، وقراءة للقرآن وللأحاديث النبوية الشريفة، ودرسٍ للعلم، وذلك في أيِّ تَعامُلٍ مع الله أو مع عباده أو مع النفس؛ وذلك مِن خلال الوصول بنفسه في فقه الإسلام إلى نحو ما دعتْ إليه الآية الكريمة، والوصول إلى الحقيقة، لا مجرد الصورة، والوصول إلى الفقه، لا إلى مجرّد المعلومات!

 

اللهم ارزقنا والمسلمين إخلاصًا وفقهًا يُرضيك عنّا، إلهنا ومولانا!

 

اللهم اجعلنا والمسلمين من الصادقين المتقين المخلصين.

 

والحمد لله والشكر له على نعمة الإسلام ونعمة القرآن العظيم ووحي السنة النبوية!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة