• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم


علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 170 : 171)

تفسير سورة البقرة .. الآيات ( 170 : 171)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 30/1/2013 ميلادي - 18/3/1434 هجري

الزيارات: 25958

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآيات [170 : 171]

 

يقول الله - سبحانه -: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [170].

يعني: وإذا قيل لمتبعي خطوات الشيطان من المشركين - الذين اتخذوا من دون الله أولياء وأنداداً ﴿ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ أي: اتبعوا وحي الله وقفوا عليه.

 

﴿ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا ﴾.

يعني: لا نعرف ما أنزل الله ولا نألفه بل نتبع ما وجدنا عليه الآباء.

 

فاكتفوا بتقديس الآباء وتقليدهم، وزهدوا في الإيمان بالأنبياء.

 

وهذه شبهة واهية لرد الحق تدل على إعراضهم وعدم إنصافهم وقلة فهمهم، ولهذا نجد الله سبحانه لم يتوجه إليهم بالخطاب لإبطال ما هم عليه، بل حكى عنهم ذلك حكاية ليبين لنا فساد مذهبهم، وكأنه أنزلهم منزلة من لا يفهم الخطاب، ولا يستحق توجيه الخطاب إليه.

 

وقد أوضح الله حقيقتهم بالتمثيل الآتي في الآية (171) وسيأتي إيضاحه إن شاء الله.

 

فلو كان للمقلدين قلوب يعقلون بها، لكانت هذه الآية كافية بأسلوبها الحكيم لتنفيرهم من تقليد الشيوخ والرؤساء والزعماء، ليتوجهوا إلى الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، ولكن أنى يكون لهم عقول استقلالية، وقد قيدوها بتقديس أولئك، وحسبك بهذا شناعة في إضاعة العقل وحبسه.

 

﴿ أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ وهذه حجة عقلية مطردة لا تنتقض.

والهمزة للإنكار المشوب بالتعجب، وهي داخلة على فعل محذوف حذف للعلم به من القرينة.

 

و(لو) هنا للغاية ولا تحتاج إلى جواب وجزاء، والتقدير: أيتبعون ما وجدوا عليه آباءهم في كل حال، وفي كل شيء حتى ولو كانوا لا يعقلون شيئاً من عقائد الدين، ولا يهتدون في أحكامه.

 

وللمفسرين - رحمهم الله - قولان في عود الضمير من قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ﴾.

 

فقال بعضهم: (الهاء والميم في لهم) عائدة على قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا ﴾ فيكون ذلك انصرافاً من الخطاب إلى الخبر عن الغائب.

 

وهذا بعيد، والأولى ما قاله الأكثر: من أن الضمير عائد إلى قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ﴾ لارتباط الآيات هذه بعضها ببعض، ولكون حال متخذي الأنداد يأخذون بما يشرعونه من التحليل والتحريم دون الرجوع إلى حكم الله فيه.

 

وإذا قيل لهم: ﴿ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ في كتابه على رسوله، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، واجعلوه لكم إماماً تأتمون به، قالوا: بل نأتم بآبائنا فنتبع ما وجدناهم عليه من التحليل والتحريم.

 

والآباء هنا تشمل أجدادهم، وما هم عليه من اتخاذ الأنداد، وقد تكون عامة في الرؤساء، وغيرهم من آباء الزعامة والتربية السياسية، والله أعلم.

 

وفي هذه دليل قوي، بل أقوى دليل على مهمة التشريع، وأن من نصب نفسه له، فحرم حلاله، وأحل حرامه، فهو شيطان من شياطين الإنس، متمرد على وحي الله، وطاغوت مشرع من دونه.

 

كما أن فيها دليلاً على ذم التقليد، خصوصاً تقليد أمثال هؤلاء، ممن لا يعقلون من أمر الله شيئاً، ولا هم يصيبون حقاً، ولا يدركون رشداً، فهذا تقليد في الجهل على الجهل.

 

وأما التقليد في الحق فأصل من أصول الدين، وعصمه من عصم المسلمين، يلجأ إليها الجاهل المقصر عن درك النظر، كما قاله القرطبي.

 

والتقليد في الحقيقة ليس طريقاً للعلم، لا في الأصول ولا في الفروع، ولكنه فرض العامي العاجز عن استنباط الأحكام من أصولها، فعليه أن يبحث عن أعلم أهل بلده فيسأله، لقوله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7]. وعليه الاجتهاد في البحث عن الأعلم فالأعلم، احتياطاً لدينه.

 

وأما الأصول فقال ابن عطية: أجمعت الأمة على إبطال التقليد في العقائد، وذكر غيره خلافاً لا يعتد به لهذه الآية.

 

والحقيقة أن اتباع شخص لذاته منكر يحرم فعله ممن يقول: أنا أتبع فلاناً في كل ما يفعل، فهذا حاله كحال متخذي الأنداد.

 

وقوله سبحانه: ﴿ ومثل الذين كفروا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [171].

 

هذا مثل ضربه الله لتقبيح شأن المشركين الذين كفروا باتخاذهم رؤساءهم وآباءهم أنداداً من دون الله يتبعونهم من غير نظر ولا استدلال، فشبه الله صفتهم في هذا التقليد الأعمى ﴿ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ﴾ يعني: كصفة راعي البهائم السائمة، ينعق لها ويصيح بها وليس لها علم بما يقول، بل تتبعه بمجرد الصوت والإشارة، وهي لا تدري هل يدعوها إلى روض معشب وماء عذب، أو إلى المجزرة، وإنما تستجيب له بما ألفت من تكرار صوته أونعقه.

 

فهذا مثل ضربه الله لهم لعدم انقيادهم لما جاءت به الرسل وردهم له بالتقليد.

 

وحقيقة هذا المثل أنهم ليس فيهم قابلية للحق ولا استعداد للاستجابة اليه، وأن حالهم كحال البهائم.

 

وقد روى ابن جرير من طريق محمد بن سعد عن ابن عباس أنه قال في هذا المثل بهذه الآية: كمثل البعير والحمار والشاة إن قلت لبعضها: كل، لا يعلم ما تقول غير أنه يسمع صوتاً، وكذلك الكافر إذا أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته، لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك[1].

 

وروي عن مجاهد أنه قال: كمثل البهيمة تسمع النعيق ولا تعقل[2].

 

وعن عكرمة أنه قال: كمثل البعير أو الشاة تدعوه فيسمع الصوت ولا يفقه ما تقول[3].

 

وهذه الآية الكريمة مع آخر الآية التي قبلها لا يقصد الله بهما أن الكفار ليس لهم عقول أصلاً كما هو ظاهر الآية من سياق النفي بصيغة النكرة، فقد جاءت آيات أخرى تدل على أنهم يعقلون في الدنيا، كقوله تعالى: ﴿ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾ [العنكبوت: 38]. فإنهم يعقلون أمور الدنيا عقلاً دقيقاً بتفكير عجيب، فهم يعقلون أمور الدنيا دون الآخرة، ولذا قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7]. فحصر الله غفلتهم هنا في أمور الدين، وذلك أن الكافر يرى الحق ويعرض عنه، ويصرف نفسه عن دلائله وآياته فلا ينظر فيها، فهو كالحيوان يرضى ألا يكون له فهم ولا علم، بل يقوده غيره ويصرفه كيف يشاء، فهو مع من قلدهم من الرؤساء كالغنم مع الراعي، تقبل بدعائه وتنزجر بندائه أو نعيقه، فهي مسخرة لإرادته، بل قد تكون البهائم أحسن حالاً منه في الإحساس من جهة، ومن جهة أخرى أنها ليس لها عقل ولكنه له عقل معطلة ومسلمة لغيره، ومن أحط ممن رضي بمصادرة عقله؟.

 

وقوله تعالى: ﴿ صُمّ بُكْمٌ عُمْي ﴾ يعني: هم صم عن سماع الحق، فهم يسمعون الصوت الذي تقوم به عليهم الحجة، ولكنهم لا يفقهونه فقهاً ينفعهم لعدم فهمهم وتدبرهم، فلهذا كانوا صماً لا يسمعون الحق سماع فهم وقبول، وهم عمي لا ينظرون في آيات الله في أنفسهم وفي الآفاق، نظر اعتبار وبصيرة، حتى يتبين لهم أنه الحق، ثم إنهم (بكم) لا ينطقون بما فيه خير لهم، فهم (لا يعقلون) مبدأ ماهم فيه ولا غايته، كما يطلب التفهم من الإنسان، وإنما ينقادون لغيرهم كشأن الحيوان، بل هم أضل سبيلاً، لتعطيلهم عقولهم ومواهبهم الروحية. والسبب الموجب لذلك كله أنه ليس لهم عقل فطري صحيح، بل هم أسفه الناس وأسفه السفهاء وأجهل الجهلاء.

 

فهل يستريب العاقل أن من عصى داعي الرشاد الذي يأمره بما فيه الصلاح والفلاح والحياة الطيبة في الدارين وينهاه عن الفساد ويذوده عن اقتحام أسباب العذاب وسلوك ما يجلب الشر عليه، راغباً في عكس ذلك، مشترياً لخزي الدنيا وعذاب الآخرة بنفسه العزيزة وماله الغالي، ضارباً بالنصح عرض الحائط أن ليس عنده مسكة من عقل؟ حقاً لا يستريب العاقل بأن هذه كالبهيمة أو أسوأ حالاً منها والعياذ بالله.

 


[1] الطبري (2/ 80).

[2] الطبري (2/ 80).

[3] الطبري (2/ 79).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة