• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم


علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية ( 126 )

تفسير سورة البقرة.. الآية ( 126 )
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 12/9/2012 ميلادي - 25/10/1433 هجري

الزيارات: 56193

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية [ 126 ]


يقول -سبحانه-: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [126].

 

فهذه الآية معطوفة على ما قبلها، وقد ساقها الله لبيان منة أو منن أخرى على أهل الحرم، وهي ما تضمنه دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام من جعل الحرم آمناً في نفسه، يعني محفوظاً من الأعداء الذين يقصدونه بالسوء لذاته، وهو معنى غير معنى الأمن الأول الذي من يدخله يكون آمناً. فأبونا إبراهيم دعا لمكة دعاء يختص بأمن أخر، وهو أن يحميه الله من الكفار الغزاة الذين يريدون أن يهتكوا حماه.

 

وقد استجاب الله دعاءه فنجي البيت وأهله من شر أصحاب الفيل وأهلكهم إهلاكاً عجيباً قاضياً مشاهداً بالعيان لا يمكن إنكاره.

 

أما الدعوة الثانية الخاصة بأهل مكة فقد راعى فيها سنة الله، وتأدب فيها مع الله، لأنه وعى ما قال الله: ﴿ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124] فاتعظ بهذا الدرس واستيقظ، فحدد في دعائه أهل الأيمان بالله والدار الأخرة، محترساً مما يرد عليه قائلاً عليه السلام: ﴿ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾. [البقرة: 126].

 

وقد فسر الجلال المحلي: (الرزق من الثمرات) بنقل جبريل للطائف من أرض الشام إلى مكانه الان ي أرض الحجاز، مع أن هذا التفسير لم يرد به نص ولا دليل، فلا يجوز الاعتماد عليه. ثم إن الكلام في دعوة إبراهيم للبيت وبلده مكة لا في الطائف.

 

وقد فسر سبحانه قبول دعوة خليله إبراهيم بالرزق في قوله تعالى: ﴿ يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا﴾ [القصص: 57]. وبقوله سبحانه: ﴿ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ﴾ [النحل: 112] فالثمرات تجبي وتجمع وتحمل الى مكة من كل مكان وليست فقط من الطائف، فبطل ما قاله (الجلال المحلي) -رحمه الله-، وفي كون الثمرات تجبى ويؤتى بها من أقطار متفرقة أظهر في معنى الآية وأصدق وأليق بقبول دعوة إبراهيم وأدل على تسخير الله التسخير العميم.

 

أما حديث نقل الطائف فحديث لا يصح ولا يجوز الاعتماد عليه خصوصاً في تفسير كتاب الله وهو غير محتاج في صدقه اليه، فكتاب الله كما أسلفنا يتلوه شاهد منه لا من خارج، فلا يجوز بتاتاً إلصاق مثل هذا الحديث في كتاب الله.

 

وقد خص إبراهيم في دعائه للمؤمنين كما هو اللائق به من تعليم ربه وأدبه معه، ولكن الله واسع الرحمة، فقد جعل رزق الدنيا عاماً للمؤمن والكافر والبر والفاجر، كما قال سبحانه: ﴿ كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ﴾ [الإسراء: 20] ولكن تمتيع الكافر بالأرزاق تمتيعاً محدوداً بهذا العمر القصير، تكون له أسوأ العاقبة بعد الموت، فماذا تنفعه نعمته الحيوانية في عمره المحدود الذي لا يدري متى ينقضي؟


ومن تأمل دعوة إبراهيم التي خصصها للمؤمنين من أهل مكة، وهو من أهل مكة، حاسب نفسه على نعمة الله، وراقب الله في شكرها عملياً بإخلاص التوحيد وصلاح الأعمال.

 

وقوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126]، هذا جواب من الله لخليله إبراهيم الذي احترز من سنة الله وعهده، فقيد دعاءه لمن آمن بالله من أهل مكة وآمن باليوم الآخر، فالله أجابه بمعنى قوله: «وأرزق أيضاً من كفر كما أرزق من آمن، لكنني أمتع الكافر بهذا الرزق قليلاً من الزمان، وهو مدة عمره المحدود في الدنيا ثم أسوقه إلى عذاب النار سوقاً اضطرارياً لا يقصده هو ولا يريده ولا يعلم أن كفره سينتهي به إليه، وذلك أن لجميع أعمال البشر الاختيارية غايات اضطرارية تفضي إليها وآثاراً طبيعية تصل بصاحبها إليها حسب ما قدره الله من الأسباب والمسببات كما يفضي الإسراف في الشهوات أو التعب أو التميع إلى بعض الأمراض. فالكفار والفساق مختارون في كفرهم وفسقهم حسب ما وهبهم الله من القدرة على الفعل والإرادة التي يختارون بها ما يشاءون، فعقابهم عليها إنما هو عقاب على أعمالهم التي اختاروها بإرادتهم وفعلوها بقدرتهم، فكفرهم بآيات الله سبحانه سيسوقهم إلى أسوأ مصير، وهو نيران الجحيم والعذاب الأليم.

 

ملاحظة على ما سبق من تأمين مكة من الغزاة الظالمين:

قال الآلوسي رحمه الله: إن سأل سائل: لم كان حبس الفيل في أيام الجاهلية عن مكة ولم يمنع الحَجّاج في زمان الإسلام عنها، وقد نصب المنجنيق على الكعبة، وقتل ابن الزبير وأصحابه في الحرم، وكيف لم يحبس عنها القرامطة وقد سلبوا الكعبة ونزعوا حليتها واقتلعوا الحجر الأسود وقتلوا عالماً من الحجاج وخيار المسلمين حولها.

 

والجواب: أن حبس الفيل في الجاهلية كان علماً لنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- وتنويهاً بذكر آبائه؛ إذ كانوا عُمّار البيت وسكان الوادي، فكان ذلك الصنيع إرهاصاً للنبوة وحجة عليهم في إثباتها، فلو لم يقع الحبس عنها والذب عن حريمها لكان في ذلك أمران:

أحدهما: فناء أهل الحرم وهم الآباء والأسلاف لعامة المسلمين ولكافة من قام بالدين.

 

ثانيهما: أن الله سبحانه أراد أن يقيم به الحجة عليهم في إثبات نبوة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وأن يجعله مقدمة لكونها وظهورها فيهم، وكان مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامئذ وكانوا قوماً عرباً أهل جاهلية ليست فيهم بصيرة في العلم ولا تقدمة في الحكمة، وإنما كانوا يعرفون من الأمور ما كان دركه من جهة الحس والمشاهدة، فلو لم يجر الأمر في ذلك على الوجه الذي جرى لم يكن يبقى في أيديهم شيء من دلائل النبوة يقيم عليهم الحجة في ذلك الزمان. فأما وقد أظهر الله الدين ورفع أعلامه وشرح أدلته وأكثر أنصاره، فلم يكن ما حدث عليها من ذلك الصنيع أمراً يضر بالدين أو يقدح في بصائر المسلمين، وإنما كان ما حدث منه امتحاناً من الله سبحانه لعباده ليبلو في ذلك صبرهم واجتهادهم، وليقيلهم من كرامته ومغفرته ما هو أهل التفضل به، والله يفعل ما يشاء وله الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين. انتهى كلام المرحوم الآلوسي من الجزء الأول من كتابه (بلوغ الأرب في أحوال العرب).

 

وأذكر كلمة لا أدري من قالها لطول عهدي بها، وهي أن الله لاجلت قدرته أهلك أصحاب الفيل لأنهم لا يحملون للبيت الحرام أي تعظيم وليس له مكانة في قلوبهم أبداً، بل على العكس يزدرونه ويسخرون بمن يشرفه أو يعظمه، أما الجناة المسلمون كالحجاج وقومه فليس عملهم بغضاً للبيت ولا احتقاراً وإنما هو لمحاربة العائذ فيه وهم يعتقدونه أنه لا يعيذه وأنه ملحد به لعصيانه ولي الأمر فيما يزعمونه ويتأولون، وكل متأول يجني جناية فإن التأويل يخفف جنايته. وأما القرمطي فقد عاقبه الله أفظع عقوبة، فسلط عليه الآكلة في جسمه حتى جعلته يتهرى ويتساقط كالشعر أو كالدود، وقومه ينظرون ليعتبروا، فلا يهم أحد منهم بمثل فعله، وقد قطع الله دابرهم في الأخير ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]، وفي تسليطه سبحانه لأمثال هؤلاء إيقاظ للمقصرين الغفلين، وتربية عملية مزعجة مخيفة لمن اعتمد على قداسة أرض، فاقتصر فيها على فعل بعض الشعائر وترك مهماتها من حمل الرسالة وتوزيع الهداية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معتمداً على بركة مجاورة الحرمين، كأن المجاورة تسقط عنه مهمات الدين التي من أجلها بعث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فاطراح رسالته من أعظم الذنوب التي يسلط الله بها علينا أخبث أعدائه. فمن واجب هذه الأمة أن تجعل رسالتها نصب عينيها وأن تبذل النفس والنفيس في الدفع بها إلى الأمام غاية الإمكان.

 

وقوله سبحانه في الآية: ﴿ ثُمَّ أَضْطَرُّهُ ﴾ قد قدمنا أن أعمال بني الإنسانية اختيارية ليسوا مجبورين عليها، بل فعلوها باختيارهم بما منحهم الله وزودهم به من القدرة والإرادة. القدرة على العمل، والإرادة التي يختار بها نوع العمل، فأصبح عمل الكافر كسباً له حسب اختياره للشر على الخير وللباطل على الحق وللخبيث على الطيب فلذا يصح أن يقال إن لله اضطر الكافر إلى العذاب بسبب اختياره هو للأعمال الموجبة للعذاب، وقد هداه الله وبصره بطريق الخير والشر والإيمان والكفر فاختار ما يضطره الله بسببه إلى أسوا العذاب وأقبح المصير، فكما جعل الله الأجساد القذرة عرضة للأمراض والأوباء في الدنيا جعل الأرواح المدنسة بالعقائد الفاسدة والأعمال المذمومة عرضة للانتقام في نار جهنم يوم يقوم الأشهاد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة