• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم


علامة باركود

تفسير سورة الفاتحة (21)

الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 7/4/2011 ميلادي - 3/5/1432 هجري

الزيارات: 16880

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة الفاتحة (21)

 

نحو الصراط المستقيم:

وإذا كانت عبودية الله عميمة الشمول، تتعمق إلى جميع نواحي الحياة، وتتطلب من العبد بذل المجهود، وتكريس جميع أوقاته في مرضاة ربه، وتسخير كل شيء لإعداد القوة التي يردع بها كل عائق يعوقه عن سلوك مرضاة ربه، وكان السبيل إلى ذلك طريقاً واحداً من سلك سواه من الطرق التي يحبذها ويدعو إليها شياطين الإنس والجن؛ فقد ضل وغوى، وذهبت أعماله خسراً وهباءً منثورا، استوجب ذلك أن يردف ابتهاله إلى الله بكامل الضراعة لما يحقق سائلاً هدايته إلى مايحقق عبوديته على الطريق الموصل إليه والوجه الذي يحبه قائلاً: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ الذي لا عوج فيه ولا لصاحبه غاية سوى الله، ﴿ الصِّرَاطَ ﴾ الذي سلكه ويسلكه من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، الطريق الذي طلب الله من أنبيائه ورسله وأتباعهم على الحق سلوكه وفق شريعته من أمر ونهي وحدود؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يرضى أن يعبد إلا بما شرع، فمن عبده على خلاف شرعه فهو من الأخسرين أعمالاً ﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [ الكهف: 104].

 

كما أن من عبده وفق شرعه في المأمور والمحظور لكنه أهمل حدوده أو أشرك بربه في حبه وتعظيمه لبعض البشر الذين عطلوا حدود الله، وشرعوا أنظمة وقوانين جزائية مخالفة لحكمه وحدوده، فإن عبادته لا تنفعه ما دام موالياً لطواغيت البشر بالحب والتعظيم وهم يحكمون بغير ما أنزل الله، لأن من شروط تحقيق التوحيد: الكفر بالطاغوت.

فالمقدس له بالحب والتعظيم، وقبول ما يصدر عنه استحساناً يكون من جملة من قال الله فيهم: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ ﴾ [ الغاشية: 1-5] وقد حصر الله الضلال فيما سوى الحق الذي شرعه كما قدمنا توضيحه، فمن لم يتبع ما شرعه الله ابتدع ضلالات لا يعلم مدى ضررها وأضرارها إلى الله.

 

قال الشيخ ابن تيمية: إن كل من سلك إلى الله عز وجل علماً أو عملاً بطرق ليست مشروعة موافقة للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة وأئمتها؛ فلا بد أن يقع في بدعة قولية أو عملية، فإن السائر إذا سار على غير الطريق المتهيع[1] فلا بد أن يسلك بنيَّات الطريق، وإن كان ما يفعله الرجل من ذلك قد يكون مجتهداً فيه مغفوراً له خطؤه، وقد يكون ذنباً، وقد يكون فسقاً، وقد يكون كفراً بخلاف الطريقة المشروعة في العلم والعمل، فإنها أقوم الطرق، ليس فيها عوج، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9] وقال عبد الله بن مسعود: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، وخط خطوطاً عن يمينه وشماله ثم قال: ((هذا سبيل الله وهذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾))[2] [الأنعام: 153].

وقال الزهري: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة. انتهى.

ومنه تعلم أن البدعة ليست منحصرة في العمل فقط، وإنما هي داخلة في العلم أيضاً، فمن تعلم علماً مخالفاً لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه وفرع عليه أصحابه والتابعون لهم بإحسان، فعلمه لا شك أنه يجلب الضرر عليه وعلى من تأثر به من الخلق، لأن كل علم لا يقرب صاحبه من الله ورسوله لا بد من أن يقربه من أعدائهما.

 

وكل علم لا يحبب لصاحبه الإيمان الشرعي ويغرسه في قلبه لا بد أن يحبب إليه الكفر والفسوق والعصيان والركون إلى أهل ذلك ومجانبة أهل الله وازدرائهم، كما هو المشاهد في هذا الزمان ممن تعلموا علماً مادياً على أساتذة الكفر الذين ودوا أن يردونا عن الإسلام فأدخلوا من تتلمذ عليهم من أبناء المسلمين في دركات الكفر والإلحاد والتشكيك، وجعلوهم يستسيغون المنكر باسم التقدم والمدنية، ويعتبرون العفة والحصانة وأكثر ضروب المعروف تخلفاً عن ركب الحضارة المزعوم، الذي هو في الحقيقة ركب دعارة وخلاعة وجناية على جميع مقومات الإنسانية؛ حتى أفقدوهم شخصيتهم الحقيقية، وأضاعوا مقوماتهم الدينية والخلقية؛ فازدوجت شخصيتهم بأولئك ازدواجاً لا تتخلص منه إلا بالرجوع إلى صراط الله.

 

وانصهرت آدابهم وأخلاقهم الطيبة في بوتقة من تتلمذوا عليه واحتسوا من قيحه ودمه وصديده، وأصبحوا صورة سيئة لأولئك في عقيدتهم وأخلاقهم ونظمهم في الأسرة والحكم، وفي تفكيرهم الذي غلبت عليه نظريات ومبادئ أولئك، فأصبحوا مغلوبين على عقولهم، متبلورة أفكارهم بما يقذف به أعداؤهم، فصدق عليهم قول الله سبحانه: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [ الحشر: 19].

وأي نسيانا للمرء نفسه أشنع من قبوله لمصادرة عقله؟ لأنهم استسلموا لغير الله من كل ملحد وطاغوت؛ فوقعوا في الشرك المنافي لعبودية الله الصحيحة، والمجانب لصراطه المستقيم؛ فمرجت عقولهم، وكان أمرهم فرطاً في كل ميدان.

 

ومن شاهد أحوال الأمم المعرضة عن صراط الله في هذا الزمان والمقلدين لها من أدعياء الإسلام، ورأى ما هم فيه من قيل وقال، وإضاعة للأموال، وخضوع للنساء، وعكوف على الشهوات؛ عرف كيف أنساهم الله أنفسهم بما اجترحوا، وتحقق سوء مآلهم بكونهم طعمة للفتن، وعبيداً للمجرمين، وعرف حكمة الله ولطفه بعباده حيث أرشدهم بعد تكرار العهد معه بـ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ إلى تكرار الضراعة إليه بقولهم: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ وهو الذي لا عوج فيه ولا اشتباه، من سلكه فهو معصوم من الضلال والالتباس، ومن حاد عنه وقع في كثير من المتاهات المهلكة له هلاكاً معنوياً، يعيش به في رق معنوي لا يرتجى تحريره منه، وسكر معنوي لا ترجى إفاقته منه، وسفه معنوي مطبق لا يرتجى معه رشداً أبداً.

 

وعلى هذا فالعبد مضطر غاية الاضطرار دائماً إلى أن يهديه الله إلى صراطه المستقيم، حتى لا يقع في هذه الأحوال التي وقع فيها معظم البشرية في هذا الزمان ممن أطاعوا سادتهم وكبراءهم فأضلوا السبيل، ومن وقع في شراكهم قسراً فحجبوا عنه الأنوار وجعلوه يتخبط في ركام من ظلمات دجلهم وأوهامهم، فقد وقعوا في تيه معنوي أفظع من تيه بني إسرائيل الحسي في (سينا).

فلما كان العبد مضطراً إلى هداية الله؛ أرشده إلى الابتهال والضراعة الصادقة بالسؤال أن يهديه صراطه المستقيم، وفرض عليه قراءة الفاتحة في كل ركعة من صلاته؛ لاشتمالها على السؤال العظيم الذي تتوقف السعادة في الدارين على حصوله، وقد يقول قائل: إن المسلم قد اهتدى وعرف الإسلام وعمل به فكيف يكون محتاجاً إلى أن يسأل الهداية إلى صراطه في كل ركعة وفي كل حالة؟

والجواب: أنه قد اهتدى هداية مجملة بأن الإسلام حق، والرسول حق، والدين حق، وتشريعاته حق، ولكن هذه الهداية المجملة تحتاج إلى هداية مفصلة في كل ما يأتيه وما يذره، وما يطرأ عليه من الشئون: السياسية، والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية. . هذا من جهة.

 

ومن جهة أخرى: فإن العبد همام يتحرك بالإرادة لتجدد حوائجه ورغباته ونزعاته في تلك الشئون جميعها، وكذلك تجري عليه أحداث في نفسه وفي بيئته وخارج بيئته، فلا بد له من التأثر بها إن لم يكن على بصيرة من أمره، فكان في جميع الأحوال محتاجاً إلى معرفة حكم الله ومرضاته في جميع هذه الأمور؛ ليفعل في كل وقت ما أمر الله به، وينتهي فيه عما نهى عنه، فهو محتاج في كل وقت وكل شأن إلى أن يعلم ويعمل بما علم من فعل المأمور وترك المحظور، ومحبة ما يحبه الله من كل ما أحدثته الحركات السياسية أو أبرزته أو قذفت به الثقافة المعاصرة فيحب من ذلك ما يحبه الله، ويعامله كما يطلبه الله، ويبغض من ذلك ما يبغضه الله، ويعامله بما يطلبه الله منه من البغض والعداوة أو المحبة والموالاة، هكذا الحكمة من مشروعية الضراعة إلى الله بالهداية إلى صراطه.

 

وحاجة الإنسان إلى سؤال ربه هذه الهداية حاجة ضرورية في جميع نواحي الحياة؛ ليحصل بها على السعادة والنجاة، فهو أحوج إليها من الرزق الذي ينقطع بالموت، وهو مضمون له قبله؛ لأنه إذا اهتدى كما يطلب الله منه؛ كانت حياته خيراً ورشداً ونصراً له، ولمن اتبعه، وكان الموت أو القتل له من تمام النعمة؛ لأنه إن مات كان موته موصلاً له إلى السعادة الأبدية، وإن قتل كان شهيداً حائزاً ما لا يحوزه غيره من صنوف النعيم المقيم، بل بحصول الهداية له يكون محوطاً بأنواع النصر من الله فيعيش قائداً لا مقوداً، وسيداً لا مسوداً، ومرفوع الرأس لا مرفوع الأرجل، كما حصل لكثير من الشعوب المنحرفة عن صراط الله، متبعة سبل البشر، ومطمئنة لوعود شياطين البشر؛ حتى أصبحت مرفوعة الأرجل منكوسة الرءوس نكساً معنوياً وأكثرهم لا يشعرون؛ لأنهم ﴿ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 30].

 

والصراط المستقيم هو السبيل الموصل إلى مرضاة الله ونيل وعده في الدارين، ولا يهتدى إليه إلا بمعرفة وحيه حق المعرفة وسلوكه حق السلوك، ولذا فسروه بالإسلام وبالقرآن؛ لأن طريق العبودية لا يمكن سلوكه إلا بتحقيق إسلام الوجه لله بصدق وإخلاص وفق مدلول وحيه من كتاب وسنة؛ لأن من أراد الوصول إلى الله من غير طريق الإسلام والوحي كان مفترياً على الله، مغضوباً عليه من الله، أو ضالاً غاوياً أسوأ من حال البهيمة التي لا تميز بين الراعي والجزار، ولهذا قال تعالى: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ والمغضوب عليهم: كل مجانب للحق بغياً وعناداً كاليهود ومن قلدهم، أو سار في أي خطة من خططهم ونحلة من نحلهم، فإنهم هم الذين أغروا، ويغرون دائماً، بالمادة، والطمع بالشهوة والرئاسة، فيؤسسون المذاهب المادية المختلفة المتناقضة؛ ليبثوا في الناس روح التنافر والشقاق، ويصرفوهم عن تعاليم الدين وتقديسه، إلى تقديس الطين وعبادة المادة والهوى، وهم الذين ضربوا الأمة الفارسية بالمذهب المزدكي الشيوعي في عهد الأكاسرة قبل الإسلام على يد (مزدك) اليهودي بتعليم وتحضيض منهم، كما لبسوه في هذا القرن على يد (كارل ماركس) وأتباعه من اليهود، وهم الذين أولعوا الناس في القديم بالقوميات المختلفة، ووجهوهم إلى عبادة الأصنام المختلفة حتى سعوا في عهد (خزاعة) إلى تبديل ملة إبراهيم عليه السلام وبجلب الأصنام والخمور من (الأردن) على يد عمرو بن لحي الخزاعي.

 

وقد كان العرب قبل ذلك مسلمين على ملة إبراهيم، لم يعرفوا شركاً ولا وثنية، نعم إنهم كانوا مسلمين قبل أن يكونوا عرباً عكس ما يزعمه المصريون من القوم المنخدعين بأفراخ اليهود – كما سنفصله عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الشعراء: 69] من سورة الشعراء – إن شاء الله – وهم الذين نبشوا القوميات من جديد في هذا الزمان، وساعدهم أفراخهم من ضالي النصارى والمنخدعين بهم، وهم الذين أنشأوا البدع المختلفة في الإسلام مبتدعين منها باستحقاق الخلافة النبوية، وتأليه بعض آل محمد صلى الله عليه وسلم، وتقديس بعضهم بصنوف المفتريات، ثم بتأسيس طرق ومذاهب في التعبد وفي الإلهيات، حصل من جرائها فتن ومحن عظيمة على المسلمين.

ولا يزالون يعيثون في العالم بشتى أنواع التخريب الفكري والعسكري كما تشهد عليهم قرارات محافل ماسونيتهم، ووصايا (حاخاماتهم) وتقارير حكمائهم الملعونة، مما ليس هذا موضع تفصيله.



[1] طريق متهيع: أي طريق واضح واسع بين. لسان العرب (8/ 379).

[2] تقدم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة