• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية


علامة باركود

التذكير بالنعم المألوفة (3) الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار

التذكير بالنعم المألوفة (3) الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


تاريخ الإضافة: 6/8/2020 ميلادي - 16/12/1441 هجري

الزيارات: 18490

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التذكير بالنعم المألوفة (3)

الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، الْبَرِّ الرَّحِيمِ؛ أَفَاضَ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ بِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى دِينِهِ وَكِتَابِهِ؛ ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ [الزُّمَرِ: 41]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَدَلَّلَ عَلَى أُلُوهِيَّتِهِ بِالْبَرَاهِينِ، وَأَقَامَ حُجَّتَهُ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَهِدَايَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ تَعَالَى حَقَّ جِهَادِهِ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَقَلِّبُوا أَبْصَارَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَفِي السَّمَاءِ؛ لِتَرَوْا عَجَائِبَ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُبْصِرُوا آيَاتِهِ الدَّالَّةَ عَلَى قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 164].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَلَا يُحِيطُ بِكَثْرَتِهَا وَنَفْعِهَا إِنْسَانٌ، وَمِنْهَا نِعَمٌ مُتَجَدِّدَةٌ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا الْإِنْسَانُ، وَمِنْهَا نِعَمٌ دَائِمَةٌ مَأْلُوفَةٌ لَا يَنْتَبِهُ إِلَيْهَا إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ أَنَارَ اللَّهُ تَعَالَى بَصَائِرَهُمْ، وَرَزَقَهُمْ عِبَادَةَ التَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ وَالِاعْتِبَارِ.

 

وَمِنَ النِّعَمِ الدَّائِمَةِ الْمَأْلُوفَةِ: تَسْخِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِحَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ آيَاتٌ تَسِيرُ بِانْتِظَامٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ، مَعَ أَنَّهَا لَوْ سُلِبَتْ مِنْهُمْ أَوِ اخْتَلَّ مَسِيرُهَا لَهَلَكَ أَهْلُ الْأَرْضِ؛ وَلِذَا كَثُرَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ هَذِهِ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ، وَعَلَى أَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

فَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ جَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَاتٍ دَالَّةً عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَعَلَى وُجُوبِ إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ، وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَعْرِفُوا اللَّهَ تَعَالَى بِآيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، وَهِيَ آيَاتٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّنَا عَلَيْهَا وَعَرَّفَنَا بِهَا ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 190]، ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يُونُسَ: 6]، ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 33] وَلَكِنَّهَا آيَاتٌ عَلَى مَاذَا؟

 

إِنَّهَا آيَاتٌ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي خَلَقَهَا، وَآيَاتٌ عَلَى قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي تَدْبِيرِهَا وَتَقْدِيرِهَا وَتَسْيِيرِهَا؛ وَلِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ وَالسُّجُودِ لَهُ حِينَ ذَكَرَهَا ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فُصِّلَتْ: 37].

 

وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: تَسْخِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَجَاءَ الِامْتِنَانُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [الرَّعْدِ: 2]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 33]، وَفِي ثَالِثَةٍ: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 12].

 

وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ اللَّيْلَ لِلسُّكُونِ وَالرَّاحَةِ وَالنَّوْمِ، وَجَعَلَ النَّهَارَ لِلْحَرَكَةِ وَالنَّشَاطِ وَالْعَمَلِ، وَجَاءَ الِامْتِنَانُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 86]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [الرُّومِ: 23]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [غَافِرٍ: 61]. وَلَوِ اسْتَمَرَّ النَّهَارُ أَوِ اللَّيْلُ إِلَى الْأَبَدِ لَاخْتَلَّ نِظَامُ النَّاسِ، وَتَكَدَّرَ عَيْشُهُمْ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَادِهِ بِنِعْمَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 71 - 73].

 

وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُتَعَاقِبَيْنِ، فَيَنْتَظِمُ بِتَعَاقُبِهِمَا عَيْشُ الْأَحْيَاءِ عَلَى الْأَرْضِ ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النُّورِ: 44]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ [فَاطِرٍ: 13]، وَفِي ثَالِثَةٍ: ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [الزُّمَرِ: 5]، وَهَذِهِ الْآيَةُ مَيْدَانٌ فَسِيحٌ لِلشُّكْرِ وَالِاعْتِبَارِ ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 62].

 

وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ هَذِهِ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةَ وَسِيلَةً لِضَبْطِ الْحِسَابِ، وَمَعْرِفَةِ الشُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ ﴿ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 96]. وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يُونُسَ: 5] وَفِي ثَالِثَةٍ: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 12].

 

وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الْقَمَرَ نُورًا لِلْأَرْضِ، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا لِلْخَلْقِ؛ فَبِحَرَارَتِهَا وَدِفْئِهَا تَكُونُ الطَّاقَةُ ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 61]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ [نُوحٍ: 15-16]، وَفِي ثَالِثَةٍ: ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴾ [النَّبَأِ: 13].

 

وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ: أَنَّهُ جَعَلَ النُّجُومَ دَلِيلًا لِلْمُسَافِرِينَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 97]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 16].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِدِينِهِ، وَالِاسْتِقَامَةَ عَلَى أَمْرِهِ، وَالِاعْتِبَارَ بِآيَاتِهِ، وَكَثْرَةَ ذِكْرِهِ، وَشُكْرَ نِعَمِهِ، وَحُسْنَ عِبَادَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النَّحْلِ: 18].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لِأَهَمِّيَّةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَكَوْنِهَا مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَغْفُلُ عَنْهَا النَّاسُ لِدَوَامِهَا مَعَهُمْ، وَاسْتِمْرَارِهَا فِي حَيَاتِهِمْ، وَإِلْفِهِمْ لَهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِهَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ، وَمِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْقَسَمِ الرَّبَّانِيِّ بِهَا لَفْتُ انْتِبَاهِ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ إِلَى هَذِهِ النِّعَمِ، وَاسْتِحْضَارُ مَا فِيهَا مِنَ الْآيَةِ وَالْبُرْهَانِ، وَالنِّعْمَةِ وَالِامْتِنَانِ، وَهَاكُمْ جُمْلَةً مِنَ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النَّجْمِ: 1- 2] ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 75- 76] ﴿ كَلَّا وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 32 - 34] ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾ [التَّكْوِيرِ: 17 - 18] ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ﴾ [الِانْشِقَاقِ: 16 - 18] ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴾ [الشَّمْسِ: 1 - 4] ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ [اللَّيْلِ: 1 - 2]. فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَهُمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ أَنْ يَنْتَبِهُوا لِهَذِهِ النِّعَمِ الدَّائِمَةِ الْمَأْلُوفَةِ، وَيَسْتَحْضِرُوا فَضْلَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِهَا، وَلَوْ سُلِبَتْ مِنْهُمْ لَذَهَبَ مَعَهَا عَيْشُهُمْ وَأَرْوَاحُهُمْ، فَلَا حَيَاةَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا بِهَا؛ وَلِذَا خَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَخَطَبَهُمْ؛ يُخَوِّفُهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُذَكِّرُهُمْ نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ. وَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِفَنَاءِ الدُّنْيَا ذَهَبَتْ هَذِهِ النِّعَمُ الْمَأْلُوفَةُ مَعَهَا ﴿ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴾ [الْقِيَامَةِ: 7 - 13].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا نَبِيَّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة