• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

كيف نتواضع لله؟!

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 5/5/2012 ميلادي - 13/6/1433 هجري

الزيارات: 32324

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

((مَن تواضع لله رفعه الله))؛ كيف يتواضع المؤمن لله - سبحانه تعالى؟

وسؤالي - بالتحديد - عن العلاقة الخاصة بين العبد المؤمن وربه، لا عن علاقة الفرد بالآخر؛ أي: متى يُمكن أن يقعَ المؤمن المحب لله - تعالى - في تصرُّف، أو سلوك، أو حتى حديث نفس، يخرجه عن معنى التواضُع لله – سبحانه؟

 

وجزاكم الله خيرًا.

 

الجواب:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فتواضعُ المؤمن لله - تعالى - يتحقق بمُطلَق العبادة؛ لأن العبادة كمالُ الحبِّ لله، مع كمال الذُّلِّ والخضوع؛ كالسجود لله، حيثُ يضع المسلمُ أشرفَ ما فيه - وهو وجهه على مَوْطِئِ الأقدام - تعبُّدًا لله - تعالى - وتقرُّبًا إليه، ومِن أجل هذا كان جزاؤه أنه صار أقربَ ما يكونُ من رَبِّه وهو ساجدٌ، ومِن ثَمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فَمَا تَوَاضَعَ أحدٌ لله، إلا رَفَعَهُ اللهُ))؛ كما رواه مسلم.

هذا الحديث يبيِّنُ الحكمة في قُربِ الساجِدِ من الله، فشعورُ الإنسان بالذُّلِّ والتواضعِ لله - عزَّ وجلَّ - يَرفَعُ من شأنِهِ عند ربه وخالقه - سبحانه.

أما ضد التواضع لله، فهو الترفُّع والتكبر، فمن تَكَبَّر على الله، وَضَعَهُ، كما أن من تواضع لله، رَفَعَهُ.

وأولُ من تكبَّرَ على الله، هو إبليس - لعنه الله - فالانقيادُ لله - تعالى - يُوجِب الخُضوع، والاستسلام، والطاعة، بخلاف عدم الانقياد الذي يُوجِب الاستكبار عن الطاعة، فيصير صاحبه كافرًا؛ مثل: إبليس وفرعون، ممن لم يَصدُرْ عنه تكذيبٌ، وكُفرُهُ من أغلظ الكفر، ولما كان الإيمان عند السلف الصالح قولًا وعملًا، فيُصدِّق القلبُ إخباره تصديقًا يُوجِب حالًا في القلب، بحَسَبِ المصدَّق به، وينقاد لأمره، ويستسلم، وهذا الانقيادُ والاستسلامُ هو من نوع الإرادة والعمل، ولا يكونُ مؤمنًا إلا بمجموعِ الأمرينِ، ومن ترك الانقيادَ كان مستكبرًا، فصار من الكافرين، وإن كان مصدِّقًا، وهو كفر الاستكبار؛ ولهذا يوصَف إبليس بالكفر والاستكبار، دون التكذيب، ومن أمثلة من لم يتواضع لله - أيضًا -: اليهود؛ كفرهم مثل كفر إبليس، يظهر لك هذا في قصة اليهودي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن أشياءَ، فأخبره، فقال اليهودي: لقد صدقتَ، وإنك لَنَبِيٌّ، ثم انصرفَ، فَذهَبَ؛ رواه مسلم.

وأيضًا اليهوديانِ اللذانِ سَأَلَا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن أشياءَ، فلمَّا أجابهما، قَبَّلا يده ورجليه، وقالا: نشهد أنك نبيٌّ، قال: ((فما يمنعُكما أن تتبعاني؟))، قالا: إن داود - عليه السلام - دَعَا أن لا يَزَال من ذُريته نبيٌّ، وإنا نخشى - قال يزيد - إن أسلمْنا، أن تقتلَنا يهود!

وكذلك هرقل عظيم الروم، كان من علمائهم، لمَّا عَلِم صِدْقَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: قد كنتُ أعلمُ أنه خارجٌ، لم أكُنْ أظنُّ أنه منكم، فلو أني أعلمُ أني أخلُصُ إليه لتَجَشَّمْتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده، لغَسَلْتُ عن قدمه...، حتى قال لأتباعه: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد؟ وأن يثبُت مُلكُكُم فتبايعوا هذا النبيَّ؟ فحاصُوا حَيْصَة حُمُر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غُلِّقت، فلما رأى هِرَقْل نُفرتَهم، وأَيِسَ من الإيمان، قال: رُدُّوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي - آنفًا - أَختَبِرُ بها شدتَّكم على دينكم، فقد رأيتُ، فَسَجَدُوا له، ورَضُوا عنه، فكان ذلك آخرَ شَأْنِ هِرَقل؛ ظَهَرَ له الحقُّ، ولِغَيره، فَلَمْ ينفعُهم هذا العلمُ، وهذا التصديق.

والحاصل: أنَّ من شروطِ الإيمانِ الانقيادَ والقبولَ المُنافي للرد، ومن لوازمه التواضع الذي يَظْهَرُ في التزام العمل الصالح؛ أما الممتنعُ عن الانقيادِ لربِّه، فهو متَكبِّرٌ على الله، وهو كفرٌ صريحٌ؛ فالانقيادُ إجلالٌ وإكرامٌ، والرد استخفاف وتكبُّر، وهذانِ ضدَّانِ، فَمَتى حَصَلَ في القلب أحدُهما، انتَفَى الآخرُ، فَعُلِم أنَّ الاستخفافَ والاستهانة به يُنافي الإيمانَ منافاةَ الضِّدِّ للضِّدِّ.

وقد ذكر أهلُ العلم أنَّ من الكُفر الذي يُخرِج صاحبَهُ عن الملَّة كُفرَ الاستكبارِ والإباء مع التصديق، وهو عدمُ الاعترافِ بما جاء به الرسولُ من عند ربِّه كِبرًا، أو عدم الخضوع لطاعة الله كبرًا؛ قال - تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].

وبهذا البيان يتضح لك أنه يستحيل عقلاً وشرعًا أن يقع المؤمن المحب لله - تعالى - في تصرُّف أو سلوك يخرجه عن معنى التواضع لله - سبحانه؛ لأن الضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فلا يجتمع الانقياد والاستسلام والخضوع لله وحده بالعبادة، مع الاستنكاف أو الاستكبار أو العناد أو الإعراض، فمن كان مؤمنًا فهو مُتواضع لله، خاضعًا ذليلًا له، ومن كان مستكبرًا معرضًا فقد خلع ربقة الإسلام وصار من الكافرين.

وهذا ما قرَّره شيخُ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم: "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ج3/ص966 - 968)؛ حيثُ قال:

"إنَّ الإيمان - وإن كان أصلُه تصديقَ القلب - فذلك التصديقُ لا بد أن يُوجِبُ حالًا في القلْبِ، وعملًا له، وهو تعظيمُ الرسولِ، وإجلالُه ومحبتُه، وذلك أمرٌ لازمٌ؛ كالتألُّم والتنعُّم، عند الإحساس بالمؤلِم والمنَعِّم، وكالنُّفرة والشهوة، عند الشعور بالمُلائم والمنافي، فإذا لم تحصلْ هذه الحالُ والعملُ في القلب، لم ينفعْ ذلك التصديقُ، ولم يغنِ شيئًا، وإنما يمتنِع حصولُه إذا عارضه مُعارِضٌ من حسدِ الرسول، أو التكبُّر عليه، أو الإهمالِ له، وإعراضِ القلب عنه، ونحو ذلك؛ كما أن إدراك الملائم والمنافي يُوجِب اللَّذة والألم، إلا أن يُعارضه مُعارِضٌ، ومَتَى حَصَلَ المعارض، كان وجودُ ذلك التصديق كعدمه؛ كما يكونُ وجودُ ذلك كعدمه، بل يكون ذلك المعارض موجبًا لعدم المعلول الذي هو حال في القلب، وبتوسُّطِ عدمه يزولُ التصديقُ الذي هو العلة، فينقلِع الإيمان بالكلية من القلب، وهذا هو الموجبُ لكفرِ مَن حَسَدَ الأنبياء، أو تكبَّر عليهم، أو كَرِه فِراقَ الإلف والعادة، مع علمه بأنهم صادقون، وكفرُهم أغلظُ من كُفر الجُهَّال".

وقال: "إنَّ الإيمان - وإن كان يتضمن التصديق - فليس هو مجردَ التصديق، وإنما هو الإقرارُ والطمأنينةُ؛ وذلك لأن التصديق إنما يَعرِض للخَبَر فقط، فأما الأمرُ فليس فيه تصديقٌ من حيثُ هو أمرٌ، وكلامُ اللهِ خَبَرٌ وأمرٌ؛ فالخبرُ يستوجِب تصديق المخبِر، والأمرُ يستوجِب الانقيادَ له والاستسلام، وهو عملٌ في القلب، جِمَاعُهُ الخضوع والانقياد للأمر، وإن لم يفعلِ المأمورَ به، فإذا قُوبل الخبَر بالتصديق، والأمرُ بالانقياد، فقد حَصَلَ أصلُ الإيمان في القلب، وهو الطمأنينةُ والإقرارُ؛ فإن اشتقاقَه من الأمن الذي هو القَرَارُ والطمأنينة، وذلك إنما يحصُل إذا استقرَّ في القلب التصديقُ والانقيادُ، وإذا كان كذلك، فالسبُّ إهانةٌ واستخفافٌ، والانقيادُ للأمرِ إكرامٌ وإعزازٌ، ومُحالٌ أن يُهينَ القلبُ من قد انقاد له، وخَضَعَ واستسلم، أو يستخفّ به، فإذا حَصَلَ في القلب استخفافٌ واستهانةٌ، امتَنَعَ أن يكون فيه انقيادٌ أو استسلام، فلا يكون فيه إيمانٌ، وهذا هو بعينه كفرُ إبليس؛ فإنه سَمِعَ أمرَ الله له، فلم يُكذِّب رسولًا، ولكن لم ينقد للأمر، ولم يخضع له، واستكبَر عن الطاعة، فصار كافرًا، وهذا موضعٌ زاغ فيه خلقٌ من الخلف؛ تخيَّلَ لهم أن الإيمان ليس في الأصل إلَّا التصديق، ثم يرون مثل إبليس وفرعون ممن لم يَصدُرْ عنه تكذيبٌ، أو صدر عنه تكذيبٌ باللسان لا بالقلب، وكُفرُه من أغلظ الكفر، فيتحَيَّرون، ولو أنهم هُدُوا لِما هُدِي إليه السلف الصالح، لعلموا أن الإيمان قولٌ وعملٌ؛ أعني - في الأصل - قولًا في القلب، وعملًا في القلب؛ فإن الإيمان بحسَب كلام الله ورسالته، وكلامُ الله ورسالتُه يتضمن إخبارَه وأوامرَه، فيصدِّق القلب إخبارَه تصديقًا يوجِب حالًا في القلب بحسب المصدَّق به، والتصديقُ هو من نوعِ العلمِ والقولِ، وينقاد لأمره ويستسلم، وهذا الانقياد والاستسلامُ هو نوع من الإرادة والعمل، ولا يكون مؤمنًا إلَّا بمجموع الأمرين، فمتى تَرَكَ الانقياد، كان مستكبِرًا، فصار من الكافرين - وإذا كان مصدقًا - فالكفرُ أعمُّ من التكذيب؛ يكون تكذيبًا وجهلًا، ويكون استكبارًا وظلمًا؛ ولهذا لم يوصفْ إبليسُ إلَّا بالكفر والاستكبار دون التكذيب؛ ولهذا كان كفرُ من يعلمُ مثل اليهودِ ونحوِهم، من جنسِ كفرِ إبليس، وكان كفرُ من يجهلُ مثل النصارى ونحوِهِم ضلالًا، وهو الجهلُ". اهـ.

أما حديثُ النفس، وخواطرُ القلب بالاستكبار على الله، فلا تُخرِج صاحبها من الإيمان؛ لأنها من أُلقِيات الشيطان التي لا حيلةَ للمكلف معها، إلَّا عدمُ الاسترسال معها، وقطعُها، والاستعاذةُ بالله من الشيطان الرجيم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة