• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

تصلُّب الأب مع ابنه

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 12/12/2011 ميلادي - 16/1/1433 هجري

الزيارات: 16222

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السَّلام عليكم ورحمة الله.

زَوجي شديدٌ مع أولادِه، ربَّما أقول: إنَّه ربَّاهم على الخوف، مع أنَّه تغيَّر قليلاً بعدَ أن كَبِروا، طلب منهما الحضورَ للقائِه، فتأخَّر الكبيرُ عن الحضور، فغضِب وغَيَّر (كالون) الباب؛ أي: ليمنعَه من الدُّخول، وقطَع عنه الراتبَ الذي كان يُعطيه إيَّاه، مع أنَّه موظَّف منذ ثلاثة أشهر، وهذا الابن لم يَعُد، وسمعنا أنَّه تزوج مِن أجنبية مقيمة دون عِلم أبيه، أمَّا أنا فعلمتُ بذلك الأمر، وهو يُضايقني، رغمَ أنَّني ألتمس العذر لابني، أعتقِد أنَّ خوفَه مِن أبيه هو الذي يَمْنَعه من العودة، علمًا أنَّ أباه طلب منه الحضورَ - أكثر مِن مَرَّة - عن طريقِ أخيه، ولكنَّه يرفُض؛ خوفًا من أن يعود أبوه للضغطِ عليه، فهل هو - الآن - آثمٌ.

 

وما هو الحلُّ؟

 

الجواب:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقسوةُ الأبِ مع الأبناء، والتزامُه الطُّرقَ المتشدِّدة المفتقدة للمرونةِ والليونة، والتي غالبًا ما تكون بعيدةً عن أسلوبِ الإقناع والمحاورة - تجعل الابنَ لا يَمتثِل لأبيه، ما دام قليلَ الحيلة؛ لصِغر سِنٍّ، أو حاجةٍ إلى الأب، أو غيرها، وحينما يَشعُر بالاستغناءِ عن أبيه، يَتمرَّدُ عليه، بل قد يدفعُه ذلك إلى القيامِ بثورةٍ عارمةٍ عليه، هذا ما يحدُث في واقع الحال، ولا يَعني أنَّه صحيحٌ، أو أنَّنا نُقرُّه، أو نرى جوازَ فِعْله مع أحدِ الوالدين؛ فالله - تعالى - جعَل تقديرَ الأبِ وبِرَّه واجبًا على كل حال، ولم يُجِز - سبحانه - مخالفتَه إلاَّ إذا أمَرَ بمعصية ظاهرة، أو كفر بواح؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]، فالوالدُ إنْ كان مشركًا، وحَرَص كلَّ الحرص على أن يُتابِعَه ولدُه على دِينه، فلا يَقْبَل منه، ولكن لا يَمنعنَّه ذلك من أن يصاحبَه في الدنيا بالمعروفِ محسنًا إليه؛ لأنَّ صِلةَ الرَّحِم واجبةٌ، وقَطيعتها من الكبائرِ الموجبة للَّعْن والطَّرْد مِن رحْمة الله؛ لقولِهِ - تعالى -: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22 - 23].

وإذا كان هَجْرُ المسلم الأجنبي لا يَحِلُّ فوقَ ثلاثِ ليال، فتحريم هجْر الوالدين أَولى؛ فلا شكَّ في حُرمة هجر الابنِ المذكور لوالدِه، فَيجب عليه أن يَسعَى في صِلته، وبدون تأخُّر، فإنْ ضغط عليه أو كلَّفه ما لا يُطيق، فلا يُطعِه فيه، ولكن لا يُقاطع أباه وإنْ أساء إليه، وليحتسبِ الأجْر عندَ الله تعالى.

وليتأملْ ما قَصَّه القرآنُ علينا مِن صنيع إبراهيم - عليه السلام - خليل الرحمن الذي أمَرَنا الله باتباع مِلَّته، مع أبيه، واجتهاده في دَعوته، مهما أمْكَنه، وما اكتنف ذلك مِن اللِّين والسُّهولة، والرَّحْمَة الشديدة، والشفقة والصبر على ذلك، وعدم السآمَة منه، ومقابلة بَطْشِ والده، وتوعُّده له بالرَّجْمِ بالصفح والعفو والإحسان، على الرغمِ مِن أنَّ جوابَ أبيه جاءَ بمنتهى الجفاء والعنجهيَّة، بعكسِ ما في كلامِ إبراهيم مِن اللِّين والرِّقَّة، فدلَّ ذلك على أنَّ أباه كان قاسيَ القلب، بعيدَ الفَهم، شديدَ التصلُّب في الكُفر، ومع كلِّ هذا، تَجِدُ إبراهيم حريصًا على هدايته، فأعاد نِداءَه بوصف الأُبوَّة؛ تأكيدًا لإحضارِ الذهن، ولتمحيضِ النصيحة المستفادة مِن النِّداء الأوَّل؛ قال - تعالى -: ﴿ واذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 41 - 48].

قال الزمخشريُّ في "الكشاف" (ص: 733):

"ثم ثنَّى بدعوتِه إلى الحقِّ مترفِّقًا به متلطفًا، فلم يَسِمْ أباه بالجهلِ المفرِط، ولا نفْسَه بالعِلم الفائق، ولكنَّه قال: إنَّ معي طائفةً من العلم وشيئًا منه ليس معك، وذلك علمُ الدَّلالة على الطريقِ السويِّ، فلا تستنكف، وَهَبْ أني وإيَّاك في مسيرٍ - وعندي معرفةٌ بالهداية دونك - فاتَّبعني، أُنجِك من أن تضلَّ وتَتيه...

لمَّا أطلَعه على سماجةِ صورة أمره، وَهَدَمَ مذهبَه بالحجج القاطعة، وناصَحَه المناصحةَ العجيبة، ومع تلك الملاطفات، أقبل عليه الشيخُ بفظاظةِ الكفر، وغِلظة العناد، فناداه باسْمِه، ولم يقابل "يأبت" بـ: "يا بني"!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة