• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

كيف نوفق بين آيتين من كتاب الله؟

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 23/11/2011 ميلادي - 26/12/1432 هجري

الزيارات: 11590

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم.

كيف نوفِّق بين قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام: 19]؟ فكيف يُنذر بالقرآن مَن بلغَه وهو أعجميٌّ والعلماء اتَّفقوا على أنَّ ترجمة القرآن حرفيًّا لا تجوز؛ لأنَّ اللغاتِ الأخرى لا تُؤدِّي دَورَ العربية في الإعجاز؟

 

الجواب:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالذي يظهر: أنَّه لا تعارُض بيْن الآيتين؛ فإنَّه ليس مِن شرْط النَّذارة أن يعلمَ المعنى الحرفيَّ للقرآن، إنَّما المقصودُ أنْ تبلغ المرءَ الحُجَّةُ بلُغةٍ يفهمها، فيكون المراد مِن قوله - تعالى -: ﴿ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام:19]، مَن بَلَغَه لفظُه ومعنَاه مِن أهلِ اللِّسان العربي، أو مَن بلَغَه المعنَى من غيرهم، فالحُجَّة إنما تقومُ بالقُرآن على مَن بلَغه، ومن بلَغه بعضُ القرآن دون بعضٍ قامتْ عليه الحُجَّة بما بلغه، دون ما لم يَبلغْه، فإذا اشتبه معنَى بعضِ الآيات، أو لم تُفهَم اللغةُ، يُتَرجَم القرآن والحديث لِمَن يحتاج إلى تَفهيمه إيَّاه بالترجمةِ.

هذا؛ وقد بَسَط تلك المسألةَ وبيَّنها بيانًا شافيًا شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة فقال - في "الجواب الصحيح" -:

"وأمَّا كونُ القرآنِ أُنزل باللِّسان العربي وحْدَه، فعنه أجوبة:

أحَدُها: أن يُقال: والتوراةُ إنما أُنزِلتْ باللِّسانِ العِبري وحدَه، وموسى - عليه السلام - لم يكُنْ يتكلمُ إلا بالعِبرية، وكذلك المسيحُ لم يكنْ يتكلمُ بالتوراةِ والإنجيل وغيرهما إلا بالعبريَّة، وكذلك سائرُ الكتب لا يُنزلها الله إلا بلسانٍ واحد، بلسانِ الذي أُنزلت عليه، ولسان قومِه الذين يُخاطبهم أولاً، ثم بعدَ ذلك تبلُغ الكتُب وكلام الأنبياء لسائرِ الأمم؛ إمَّا بأن يُترجَم لِمَن لا يعرف لسانَ ذلك الكتاب، وإمَّا بأن يتعلَّمَ الناس لسانَ ذلك الكتاب، فيعرفون معانيَه، وإمَّا بأن يبيَّن للمرسَل إليه معاني ما أُرسل به الرسولُ إليه بلسانِهِ، وإنْ لم يعرف سائرَ ما أُرسل به، وقد أخْبر الله في القرآن ما قالتْه الرُّسُلُ لقومهم، وما قالوا لهم، وأكثرُهم لم يكونوا عربًا، وأنزله الله باللسان العربيِّ، وحينئذ فإنَّ شرط التكليف تَمَكُّنُ العباد من فَهم ما أرسل به الرسولُ إليهم، وذلك يحصُل بأن يُرسَل بلسانٍ يُعرَف به مرادُه، ثم جميع الناس مُتمكِّنون مِن معرفة مرادِه بأن يَعرِفوا ذلك اللِّسان، أو يَعرِفوا معنَى الكتاب بترجمةِ من يُتَرجِم معناه، وهذا مقدورٌ للعباد، ومَن لم يمكنْه فهمُ كلامِ الرسول إلا بتعلُّم اللغة التي أُرسل بها، وجَبَ عليه ذلك، فإنَّ ما لا يتمُّ الواجب إلا به، فهو واجب... وجمهور الناس لا يَعرِفون معانيَ الكتُبِ الإلهيَّة: التوراة، والإنجيل، والقرآن، إلا بمَن يُبيِّنُها ويفسِّرُها لهم، وإنْ كانوا يَعرِفون اللغة، فهؤلاء يجبُ عليهم طلبُ عِلم ما يَعرِفون به ما أمرَهم الله به ونَهاهم عنه، وهذا هو طلبُ العِلم المفروض على الخَلق، وكذلك ما بَيَّنه الرسولُ مِن معاني الكتاب الذي أَنْزَله الله عليه، يجبُ على الخلقِ طلبُ عِلم ذلك ممَّن يَعرِفه، إذا كان معرفة ذلك لا تَحصُل بمجرَّد اللِّسان؛ كما يُروَى عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أنَّه قال: "تَفسير القرآن على أربعةِ أوجه: تفسيرٌ تعرفه العربُ مِن كلامها، وتفسيرٌ لا يُعْذَرُ أحدٌ بجهالتِه، وتفسير يَعلمُه العلماء، وتفسيرٌ لا يعلمه إلا الله - تبارك وتعالى - فمَن ادَّعى عِلمَه، فهو كاذبٌ، والله - تعالى - قال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4].

لم يقل: وما أرْسَلنا من رسولٍ إلا إلى قومِه، لكن لم يُرسله إلا بلسانِ قومِه الذين خاطبَهم أولاً؛ ليبيِّن لقومه، فإذا بيَّنَ لقومه ما أراده، حَصَلَ بذلك المقصودُ لهم ولغيرِهم؛ فإنَّ قومه الذين بلغ إليهم أولاً، يُمْكِنُهم أن يبلِّغوا عنه اللفظ، ويُمكنُهم أن يَنقُلوا عنه المعنى لمن لا يَعرِف اللغة، ويُمْكنُ غيرَهُم أن يَتَعَلَّمَ منهم لسانَهُ، فيعرفَ مراده؛ فالحُجَّة تقوم على الخَلْق، ويحصُلُ لهم الهُدى بمن ينقُل عن الرسولِ تارةً المعنى، وتارةً اللفظ، ولهذا يجوز نقلُ حديثه بالمعنَى، والقرآن يَجوز ترجمةُ معانيه لِمَن لا يَعرِف العربية - باتِّفاق العلماء ... ولا يَحتاج الإنسان في معرفةِ الفرائض إلى أن يَحفظَ القرآن، بل يُمكن الإنسانَ معرفةُ ما أمَر الله به على لسانِ رَسولِه، وإنْ لم يعرفِ اللُّغة العربيَّة، ويَكفيه أن يقرأَ فاتحةَ الكتاب وسُورًا معها يُصلِّي بهن، وكثير مِن الفُرس والروم والتُّرْك والهِند والحبشة والبربر وغيرهم، لا يَعرفون أن يَتكلَّموا بالعربيةِ الكلامَ المعتاد، وقدْ أسْلَموا، وصاروا مِن أولياء الله المتَّقين، ومنهم مَن يحفَظ القرآنَ كلَّه، وإذا كلَّم الناس لا يَستطيع أن يُكلِّمهم إلا بلِسانِه، لا بالعربية، وإذا خُوطِبَ بالعربيَّة، لم يَفْقَهْ ما قيل له.

 

الوجه الثاني: أنَّ المسيح - عليه السلام - كان لسانُه عبريًّا، وكذلك ألسنة الحواريِّين الذين اتَّبعوه أولاً، ثم إنه أرْسَلهم إلى الأُمم يُخاطبونهم ويُترْجِمون لهم ما قالَه المسيحُ - عليه السلام - فإنْ قالوا: إنَّ رُسل المسيحِ حُوِّلت ألسنتُهم إلى ألسنةِ مَن أُرسل إليهم، قيل: هذا منقولٌ في رُسل المسيح، وفي رُسل محمَّد الذين أرْسَلهم إلى الأُمَم، ولا ريبَ أنَّ رُسُلَ رُسُلِ الله كرُسل محمَّد والمسيح - عليه السلام - إلى الأُمم، لا بدَّ أن يَعرِفوا لسانَ مَن أرسلهم الرسولُ إليهم، أو أن يكونَ عندَ أولئك مَن يَفهَم لسانَهم، ولسانَ الرَّسول؛ ليُتَرجِمَ لهم، فإذا لم يَكُنْ عندَ مَن أُرسل المسيح إليهم مَن يعرف بالعبريَّة، فلا بد أن يكون رسولُهُ ينطق بلسانهم.

وكذلك رسل النبيِّ الذين أرسلهم إلى الأُمم؛ فإنَّ النبيَّ لما رجَع من الحديبية، أَرْسَلَ رُسلَه إلى أهل الأرض، فبَعَث إلى ملوكِ العَرب باليمن والحجاز والشام والعراق، وأرسلَ إلى ملوكِ النَّصارَى بالشام ومِصر، قبطِهم ورومِهم وعَربِهم وغيرِهم، وأرسل إلى الفُرس المجوسِ، ملوكِ العراق وخراسان.

 

الوجه الثالث: أن النصارى فيهم عربٌ كثيرٌ من زمن النبيِّ، وكل من يَفْهم اللسان العربي، فإنه يمكن فهمُه للقرآن، وإن كان أصلُ لسانِه فارسيًّا، أو رُوميًّا، أو تُركيًّا، أو هنديًّا، أو قبطيًّا، وهؤلاء الذين أَرسَلوا هذا الكتابَ مِن علماء النَّصارَى، قد قرؤوا المصحفَ، وفهِموا منه ما فهِموا، وهم يَفهمونه بالعربيَّة، واحتجُّوا بآياتٍ مِن القُرآن، فكيف يسوغ لهم مَع هذا أن يَقولوا: كيف تقوم الحُجَّة علينا بكتابِ لم نفهمْه؟

 

الوجه الرابع: أنَّه ليس فَهمُ كلِّ آية مِن القرآن فرضًا على كل مسلِم؛ وإنَّما يجِب على المسلمِ أن يَعلمَ ما أمَرَه الله به، وما نَهاه عنه، بأيِّ عبارةٍ كانت، وهذا مُمكِنٌ لجميعِ الأُمم؛ ولهذا دخَل في الإسلام جميعُ أصناف العجم من الفُرس والتُّرك والهند والصقالبة والبربر، ومِن هؤلاء مَن يَعلم اللِّسانَ العربي، ومنهم مَن يعلم ما فَرَضَ الله عليه بالترجمة.

وأمَّا جُمَلُ ما أمَر به الرسولُ مِن الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وصِدق الحديث، وأداء الأمانة، وصِلة الرَّحِم، وما حَرَّمه الله مِن الشرك، والفواحِش، والظلم، وغير ذلك - فهذا ممَّا يُمكِن أن يَعرِفَه كلُّ واحدٍ بتعريف مَن يُعَرِّفَه إمَّا باللسانِ العربي، وإما بلسانٍ آخَر، لا يَتوقَّف تعريفُ ذلك على لسانِ العرب.

والرَّجُل يكتُب كتابَ علمٍ في طبٍّ، أو نحوٍ، أو حسابٍ، بلسانِ قومه، ثم يُترجَم ذلك الكتابُ، ويُنقَل إلى لغات أُخَر، وينتفعُ به أقوامٌ آخرون، كما تُرجِمَتْ كُتُبُ الطبِّ والحساب التي صُنِّفت بغير العربيَّة، وانتفع بها العَرَب، وعرَفوا مرادَ أصحابها، وإنْ كان المصنِّفُ لها أولاً إنَّما صنَّفها بلسانِ قومه، وإذا كان هذا في بيانِ الأمور التي لا يَتعلَّق بها سعادةُ الآخرة، والنَّجاة مِن عذاب الله، فكيف يَمتنع في العلومِ التي يَتعلَّق بها سعادةُ الآخِرة والنجاة مِن العذاب أن يُنقَل مِن لسانٍ إلى لسان؛ حتى يَفهَم أهلُ اللسانِ الثاني بها ما أراده بها المتكلمُ بها أولاً باللِّسان الأوَّل؛

وأبناء فارس المسلمون لما كان لهم من عناية بهذا، تَرْجَموا مصاحفَ كثيرةً، فيَكتبونها بالعربيَّة، ويكتبون الترجمةَ بالفارسيَّة، وكانوا قبلَ الإسلام أبعدَ عنِ المسلمين مِن الروم والنصارَى". اهـ مِن "الجواب الصحيح" (2 / 71).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة