• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

هل يَحق لهم التعنيف علي؟

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 30/1/2010 ميلادي - 14/2/1431 هجري

الزيارات: 11030

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:
السلام عليكم،
أحد زملائي السوريين الَّذين تربطُني بهم علاقة جيِّدة من الدِّيانة النَّصرانيَّة، كثيرًا ما يَختلِط بالنِّساء؛ رغبةً في التَّعارُف عليْهِنَّ، ويصِل الأمْر إلى المعاشرة الجنسيَّة وما شابه، لا أستطيع أن أدخُل عليْهِ من منفذِ الإسْلام، وأقول له: إنَّ الرَّسولَ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((والعيْنان زِناهُما النظر))، فقلت له - ناصِحًا -: دعْ عنْكَ هذه الأمور، واشتغل بِما هو أَفضل لك، واسْتَشهدتُ بقوْلٍ في كتابِهم الإنجيل: "مَن نظر إِلى امرأةٍ لِيَشتَهِيَها فقد زنى بِها في قلبه"، وأخْبرتُه بأنَّ هذه النَّظرة تُعَدُّ زنًا، فما بالُك بالمعاشرة الحقيقيَّة، والتي هي أكبر جرْمًا، ليس في الدِّيانات؛ بَلْ حتَّى على المُجْتمعات على المَدَى البعيد؟!

وشكرني بعدها الرَّجُل، ووافقَني على ما قدَّمتُه له من نصيحة.

إلاَّ أنَّ بعض الإخوة عنَّفوا عليَّ - بعضَ الشَّيء - في أنْ أستشهِد بكتابِهم المقدَّس، وكأنِّي أعترِف بصحَّته، والحقيقة عكْس ذلك، ولو علِموا ما بقلْبِي لالْتَمسوا لي بعضَ العُذْر، وها أنا أعرِض عليكم الزَّاوية التي نظرت من خلالها لكي تَحكموا؛ لأنَّ الموضوع شغَل تفْكيري، خصوصًا بعد ما ذاعَ أمْري أمام بعضِ الإِخْوة المُسْلمين، بأنِّي أستشْهِد بالكتاب المقدَّس في النُّصح بعض الأحيان.

أوَّلاً: الرَّجُل ليْس بالمسلم لكي أستشْهِد بآيات القُرآن الكريم، وهذا الأمْر قد لا يَجد له نفوذًا في نفسِه؛ لأنَّه لا يؤمِن بالإسلام.

ثانيًا: هدفي كان هو مُحاولةَ إخْماد هذه الأساليب المعْلَنة من التحرُّش بالفتيات، التي لا أحدَ أصبح يَستنكِرُها؛ بل أصبحتْ شيئًا فشيئًا جزءًا من ثقافة الشَّباب والشَّابات.

ثالثًا: كوْن الرَّجُل ليس بِمسلم، لا يَعْنِي أنِّي لا أنصحُه بأي أُسْلوب كان؛ لأنَّ دائرةَ الفَساد قد تتَّسع، وهل ننتظِر لبعض الشَّباب أن يكونوا مسلمين لكي ننصَحهم؟!

رابعًا: عندي قناعة تامَّة بأنَّ الكِتاب المقدَّس أو أيَّ كتابٍ كونه مُحرفًا لا يعنِي أنْ ليْس به فائدة دنيويَّة قد نستفيد منْها، والحِكْمة ضالَّة المؤمِن.

شكرًا لكم.
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فشكر الله لك أمْرَك بالمعْروف ونَهْيَك عن المنكر، وغضبك لانتِهاك حدود الله تعالى.

أمَّا استِشْهادك لزميلِكَ النَّصراني بكلام من إنجيلِهم، فلا أرى بذلك بأسًا؛ لأنَّه لا يُعارض شريعتَنا؛ وقد روى أحْمد والبُخاري عن عبدالله بن عمْرو قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((بلِّغوا عنِّي ولوْ آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومَن كذَب عليَّ متعمِّدًا، فليتبوَّأ مقْعَده من النَّار))، وروى أحمدُ وأبو داود عن أبي هُريْرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْهِ وسلَّم -: ((حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرَج)).

قال ابن الجوْزي في "كشف المشْكِل من حديث الصحيحين": "فيه خَمسة أقوال:
أحدُها: أنه كان قد تقدَّم منه ما يشبه النَّهْي؛ إذ جاء عمر بكلِماتٍ من التَّوراة، فقال له: ((أمِطْها عنك))، فخاف أن يتوهَّم النَّهي عن ذِكْرِهم جُملة، فأجاز الحديث عنْهم.

والثَّاني: أن يكون المعْنى: ولا يضيق صدر السَّامع من عجائب ما يسْمع عنهم، فقد كان فيهم أعاجيب.

والثَّالث: أنَّه لمَّا كان قوله: ((حدِّثوا)) لفظ أمر، بيَّن أنَّه ليس على أمْر الوجوب بقوله: ((ولا حرج))؛ أي: ولا حرج إن لم تحدِّثوا.

والرَّابع: أنَّه لمَّا كانت أفعالُهم قد يقع فيها ما يتحرَّز من ذِكْرِه المؤمن، أباح التَّحديث بذلك؛ كقوله: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ} [المائدة: 24]، و {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} [الأعراف: 138]، و "موسى آدَرُ".

والخامس: أن يكون أراد ببنِي إسرائيل أوْلادَ يعْقوب وما فعلوه بيوسف". اهـ.

وقال الحافظُ ابن حَجَر في "فتح الباري": "لا ضيقَ عليْكم في الحديث عنْهم؛ لأنَّه كان تقدَّم منه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - الزَّجْر عن الأخْذِ عنْهم، والنَّظر في كُتُبِهم، ثمَّ حصَل التَّوسُّع في ذلك، وكأنَّ النَّهي وقع قبل استِقْرار الأحْكام الإسلاميَّة، والقواعد الدينيَّة؛ خشية الفِتْنة، ثمَّ لمَّا زال المحْذور، وقع الإِذْن في ذلك؛ لما في سماع الأخْبار الَّتي كانت في زمانِهم من الاعتِبار ... وقال مالك: المُراد جواز التحدُّث عنْهم بِما كان من أمرٍ حسن، أمَّا ما عُلِم كذِبُه، فلا، وقال الشَّافعي: من المعلوم أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يجيز التحدُّث بالكذب، فالمعنى: حدِّثُوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذِبَه، وأمَّا ما تجوزونه، فلا حرج عليكم في التحدُّث به عنهم، وهو نظير قوله: ((إذا حدَّثكم أهلُ الكِتاب، فلا تصدِّقوهم ولا تكذِّبوهم))، ولم يَرِد الإذْن ولا المنع من التحدُّث بما يقطع بصدقه". اهـ. مختصرًا.

قال الخطَّابي في "معالم السنن": "ليس معناه إباحة الكذِب في أخبار بني إسرائيل، ورفْع الحرَج عمَّن نقل عنهم الكذب؛ ولكن معناه الرُّخْصة في الحديث عنْهم على معنى البلاغ، وإن لم يتحقَّق صحَّة ذلك بنقل الإسناد؛ وذلك لأنَّه أمرٌ قد تعذَّر في أخبارهم؛ لبعْدِ المسافة وطول المدَّة، ووقوع الفترة بين زماني النبوَّة". اهـ.

وقال الطيبي: "ولا منافاة بين إذْنِه هنا ونَهْيه في خبرٍ آخَر عن التَّحْديث، وفي آخَر عن النَّظر في كتُبِهم؛ لأنَّه أراد هنا التَّحديث بقصصِهم؛ نحو قتْل أنفُسِهم لتوبتهم، وبالنَّهي العمل بالأحكام؛ لنسخها بشرعِه، أو النَّهي في صدْر الإسلام قبل استِقْرار الأحكام الدينيَّة والقواعد الإسلاميَّة، فلما استقرَّت، أذِنَ لأمْنِ المحذور".

والحاصل: أنَّ أهل العلم قسَّموا الإسرائيليَّات إلى ثلاثة أقسام:
الأوَّل: ما نصدِّق بِمضْمونه، ونعلم أنَّه لَم تنلْهُ يدُ التَّحريف، أو من بقايا الإنْجيل المنزَّل، وهو ما وافق القُرْآن والسنَّة، ونَحن في هذا القسم مُستغْنون بما لديْنا عمَّا لديْهِم، فإن دعتْ حاجةٌ إلى الائتِناس به، فعلْنا.

الثاني: ما نكذِّبُه ونقطع بتحْريفه، وهو ما خالف الكِتاب والسنَّة؛ فلا يجوز ذِكْرُه، ولا الاستِشْهاد به؛ إلاَّ على سبيل بيان فسادِه.

الثَّالث: ما قال فيه النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تصدِّقوا أهل الكتاب ولا تكذِّبوهم))؛ كما رواه البخاري، وهو ما لم نَجِد في الكتاب والسنَّة دليلاً على صدقه أو على كذِبِه، وهذا القسم هو الذي قال فيه النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرَج))، وغالب الإسرائيليَّات المنقولة عن السَّلف، أو المذْكورة في كتُب أئمَّة السنَّة؛ كتفسير الطبري، وابن كثير، وغيرِهِما، وكذلِك من العُلماء المعاصرين - هي من القِسْم الأوَّل والثَّالث، أمَّا القسم الثَّاني، فلا يكادون يذكرونَها إلاَّ مع بيان بطلانها، ومُخالفتها للحقِّ الوارد في الكتاب والسنَّة.

هذا؛ ولعل إنكار إخوانك المسلمين عليكَ بسبب ما ورد من تَحذير من النَّظر في كتب أهل الكتاب؛ مثل ما روي عن عمر - رضي اللَّه عنْه -: أنَّه أتى الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بكتابٍ أصابَه من بعض أهل الكتاب، فغضب الرَّسول وقال: ((أمتهوِّكون – أي: شاكُّون متحيِّرون - فيها يا ابن الخطَّاب؟! والَّذي نفسي بيده، لقد جئتُكم بها بيضاءَ نقيَّة، لا تسألوهم عن شيءٍ فيخبروكم بحق، فتكذِّبوا به، أو بباطلٍ فتصدقوه، والَّذي نفسي بيده، لو أنَّ موسى كان حيًّا، ما وسِعه إلاَّ أن يتبعني))، وعند أحمد من حديثِ جابرٍ مرفوعًا: ((لا تَسْألوا أهلَ الكِتاب عن شيْءٍ؛ فإنَّهم لن يهْدوكم وقد ضلُّوا)) الحديثَ، وروى البُخاري عن ابنِ عبَّاس - رضِي الله عنْهما - قال: "يا معشر المسلمين، كيف تسْألون أهلَ الكتاب وكتابُكم الذي أُنْزِل على نبيِّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أحْدث الأخبار بالله؟! تقْرؤونه لَم يشِب، وقد حدَّثكم الله أنَّ أهل الكِتاب بدَّلوا ما كتب الله، وغيَّروا بأيديهم الكِتاب، فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثَمنًا قليلاً، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العِلْم عن مساءلتهم؟! ولا والله، ما رأيْنا منهم رجُلاً قطُّ يسألُكُم عن الذي أُنْزِل عليكم".

والجواب عليها قد سبق في كلام العلماء السابقة، من أنَّ هذا قبل الإِذْن في التَّحديث عنْهم بما يُعْلَم صدقُه فضلاً، أو أن النَّهي عن سؤالِهم عن شرْعِهم فيما لا نعرِفه من شرعنا لنعمل به؛ لأنَّ شرْعَنا مكتفٍ، وما لا نصَّ فيه عندنا ففي النَّظر والاستِدْلال ما يقوم الشَّرع منه، أو هو يفيد النَّهي عن تصْدِيقهم فيما لا يعرف صدقه من قِبل غيرهم.

قال شيخ الإسلام في "الفتاوى" (13/ 366) وما بعدها: "ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبدالرحمن - السدِّي الكبير - في تفسيره عن هذَيْن الرَّجُلين: ابن مسعود وابن عباس؛ ولكن في بعْض الأحْيان ينقل عنهم ما يَحكونه من أقاويل أهْل الكتاب، التي أباحها رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - حيثُ قال: ((بلِّغوا عنِّي ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومَن كذَب عليَّ متعمِّدًا، فليتبوَّأ مقْعده من النَّار))؛ رواه البُخاري عن عبدالله بن عمرو؛ ولهذا كان عبدالله بن عمرو قد أصاب يوم اليرموك زاملتين منْ كُتُب أهل الكتاب، فكان يُحدِّث منهما بما فهِمه من هذا الحديث، من الإذْنِ في ذلك؛ ولكنَّ هذه الأحاديث الإسرائيليَّة تُذْكَر للاستِشْهاد لا للاعتقاد؛ فإنَّها على ثلاثة أقسام: أحدها: ما علِمْنا صحَّتَه ممَّا بأيدينا ممَّا يشهد له بالصِّدق؛ فذاك صحيح. والثَّاني: ما علِمْنا كذبه بما عندنا ممَّا يُخالفه. والثالث: ما هو مسكوتٌ عنْه، لا من هذا القَبيل، ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به، ولا نكذِّبه، وتجوز حكايتُه؛ لما تقدم، وغالب ذلك ممَّا لا فائدةَ فيه تعود إلى أمرٍ دينيٍّ؛ ولهذا يَختلف علماء أهلِ الكِتاب في مثل هذا كثيرًا، ويأْتِي عن المفسِّرين خلافٌ بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا: أسْماء أصْحاب الكهف، ولون كلبِهم، وعدَّتهم، وعصا موسى من أيِّ الشَّجر كانت، وأسْماء الطُّيور الَّتي أحْياها الله لإبْراهيم، وتعْيِين البعْض الذي ضُرِب به القتيل من البقرة، ونوْع الشَّجرة الَّتي كلَّم الله منها موسى، إلى غير ذلِك ممَّا أبْهمه الله في القُرآن، ممَّا لا فائدةَ في تعْيِينه تعود على المكلَّفين في دنياهم ولا دينهم؛ ولكنَّ نقل الخلاف عنْهم في ذلك جائز".

وقال أيضًا (15/ 193، 194): "ولهذا سوَّغ العُلماء أن يُرْوَى في باب الوعد والوعيد من الأحاديثِ ما لم يُعْلَم أنَّه كذب، وإن كان ضعيفَ الإسناد، بِخلاف باب الأمْر والنَّهي؛ فإنَّه لا يُؤْخَذ فيه إلاَّ بِما يثبُت أنَّه صدق؛ لأنَّ باب الوعد والوَعيد، إذا أمكن أن يكون الخبر صدقًا، وأمْكن أن يوجد الخبر كذبًا - لم يَجز نفيه، لاسيَّما بلا علم، كما لم يجز الجزْم بثبوته بلا علم؛ إذْ لا مَحْذور فيه؛ ولهذا قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)).

وانظر "اقتضاء الصراط" (436 ،172،173)،، والله أعلم.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة