• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


علامة باركود

مسألة عتق العبد المشترك

مسألة عتق العبد المشترك
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


تاريخ الإضافة: 22/3/2016 ميلادي - 12/6/1437 هجري

الزيارات: 29435

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسألة عتق العبد المشترك

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


قوله: (ومن أعتق جزءاً من رقيقه سَرَى إلى باقيه، ومن أعتق نصيبه من مُشترَك سرى إلى الباقي إن كان مُوسراً مضموناً بقيمته)[1].

 

قال في «المقنع»: «وإذا أعتق جُزءاً من عبده مُعيّناً أو مُشَاعاً عُتق كله، وإن أعتق شركاً له في عبدٍ وهو مُوسر بقيمة باقي عُتِق كله وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه، وإن أعتقه شريكه بعد ذلك لم يثبت له فيه عتق، وإن كان مُعسراً لم يعتق إلا نصيبه ويبقى حق شريكه فيه.

 

وعنه[2]: يُعتق كله ويستسعى العبد في قيمة باقيه غير مشقوق عليه»[3].

وقال في «الإفصاح»: «واتفقوا على أن العتق من القُرَب المندوب إليها[4].

 

واختلفوا فيما إذا أعتق شِقصاً له في مملوك وكان مُوسراً:

فقال مالك[5] والشافعي[6] وأحمد[7]: عتقه عليه ويضمن حصة صاحبه، وإن كان مُعسراً عتق نصيبه فقط.

 

وقال أبو حنيفة[8]: يعتق حصته فقط، ولشريكه الخيار بين أن يعتق نصيبه، وبين أن يستسعى العبد، أو يضمن شريكه هذا إذا كان المعتق موسراً، فإن كان المعتق مُعسراً فله الخيار بين العتق والسعاية، وليس له التضمين»[9]


وقال ابن رشد: «فأما العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حظَّه منه، فإن الفقهاء اختلفوا في حكم ذلك:

فقال مالك[10] والشافعي[11] وأحمد بن حنبل[12]: إن كان المعتق مُوسراً قُوِّم عليه نصيب شريكه قيمة العدل فدفع ذلك إلى شريكه وعتق الكل عليه وكان ولاؤه له، وإن كان المُعتق مُعسراً لم يلزمه شيء وبقي المعتق بعضه عبدا ًوأحكامه أحكام العبد.

 

وقال أبو يوسف ومحمد[13]: إن كان معسراً سعى العبد في قيمته للسيد الذي لم يعتق حظه منه، هو حر يوم أعتق حظَّه منه الأول ويكون ولاؤه للأول، وبه قال الأوزاعي وابن شبرمة وابن أبي ليلى وجماعة الكوفيين، إلا أن ابن شبرمة وابن أبي ليلى جعلا للعبد أن يرجع على المعتق بما سعى فيه متى أيسر.

 

وأما شريك المعتق:

فإن الجمهور على أنه له الخيار في أن يَعتق أو يُقَوِّم نصيبه على المُعِتق[14].

 

وقال أبو حنيفة[15]: لشريك الموسر ثلاث خيارات:

أحدها: أن يُعتق كما أعتق شريكه ويكون الولاء بينهما، وهذا لا خلاف فيه بينهم.

 

والخيار الثاني: أن تُقَوَّم عليه حصته.

 

والثالث: أن يُكلَّف العبد السعي في ذلك إن شاء، ويكون الولاء بينهما وللسيد المعتق عبده عنده إذا قُوِّمَ عليه شريكه نصيبه أن يرجع على العبد فيسعى ويكون الولاء كله للمعتق.

 

وعمدة مالك والشافعي: حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شركاً له في عبدٍ وكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّمَ عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم وعَتَقَ عليه العبد، وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ)[16].

 

وعمدة محمد وأبي يوسف - صاحبي أبي حنيفة - ومن يقول بقولهم: حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شِقصاً له في عبدٍ فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه)[17].

 

وكلا الحديثين خرَّجه أهل الصحيح: البخاري ومسلم وغيرهما، ولكل طائفة منهم قول في ترجيح حديثه الذي أخذ به.

 

فمما وَهَّنَت به الكوفية حديث ابن عمر: أن بعض رواته شكَّ في الزيادة المُعَارِضة فيه لحديث [أي هريرة، وهو قوله: (وإلا فقد عتق منه ما عتق)[18]: فهل هو من قوله عليه السلام أم من قول نافع، وأن في ألفاظه أيضاً بين رواته اضطراباً.

 

ومما وَهَّنَ به المالكيون حديثَ أبي هريرة: أنه اختلف أصحاب قتادة فيه على قتادة في ذكر السعاية، وأما من طريق المعنى: فاعتمدت المالكية في ذلك على أنه إنما لزم السيد التقويم إن كان له مال للضرر الذي أدخله على شريكه، والعبد لم يُدخل ضرراً فليس يلزمه شيء.

 

وعمدة الكوفيين من طريق المعنى: أن الحرية حق ما شرعي لا يجوز تبعيضه، فإذا كان الشريك المعتق مُوسراً عتق الكل عليه، وإن كان معسراً سعى العبد في قيمته، وفيه مع هذا رفع الضرر الداخل على الشريك، وليس فيه ضرر على العبد، وربما أتوا بقياس شبهي وقالوا: لما كان العتق يوجد منه في الشرع نوعان: نوع يقع بالاختيار، وهو إعتاق السيد عبده ابتغاء ثواب الله، ونوع يقع بغير اختيار، وهو أن يعتق على السيد من لا يجوز له بالشريعة ملكه، وجب أن يكون العتق بالسعي كلك، فالذي بالاختيار منه هو الكتابة، والذي هو داخل بغير اختيار هو السعي.

 

واختلف مالك والشافعي في أحد قوليه إذا كان المعتق موسراً: هل يعتق عليه نصيب شريكه بالحكم أو بالسراية: أعني: أنه يسري وجوب عتقه عليه بنفس العتق.

 

فقال الشافعية[19]: يعتق بالسراية.

 

وقالت المالكية[20]: بالحكم، واحتجت المالكية: بأنه لو كان واجباً بالسِّرَاية لسرى مع العدم واليسر.

 

واحتجت الشافعية باللازم عن مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: (قُوِّمَ عليه قيمة العدل)، فقالوا: ما يجب تقويمه فإنما يجب بعد إتلافه، فإذن بنفس العتق أتلف حظ صاحبه، فوجب عليه تقويمه في وقت الإتلاف وإن لم يحكم عليه بذلك حاكم، وعلى هذا: فليس للشريك أن يعتق نصيبه؛ لأنه قد نفذ العتق وهذا بيِّن.

 

وقول أبي حنيفة[21] في هذه المسألة مخالف لظاهر الحديثين، وقد رُوي فيها خلاف شاذ: فقيل عن ابن سيرين: إنه جعل حصة الشريك في بيت المال.

 

وقيل عن ربيعة في من أعتق نصيباً له في عبد: إن العتق باطل، وقال قوم: لا يُقَّوم على المُعسر الكل وينفذ العتق فيما أعتق.

 

وقال قوم بوجوب التقويم على المعتق مُوسراً أو مُعسراً ويتبعه شريكه، وسقط العسر في بعض الروايات في حديث ابن عمر، وهذا كله خلاف الأحاديث، ولعلهم لم تبلغهم الأحاديث.

 

واختلف قول مالك[22] من هذا في فرع وهو: إذا كان مُعسراً فتأخر الحكم عليه بإسقاط التقويم حتى أيسر: فقيل: يقوم، وقيل: لا يقوم.

 

واتفق القائلون بهذه الآثار على أن من ملك باختياره شِقصاً يعتق عليه من عبد أنه يعتق عليه الباقي إن كان مُوسراً إلا إذا ملكه بوجه لا اختيار له فيه، وهو أن يملكه بميراث، فقال قوم: يُعتق عليه في حال اليسر، وقال قوم: لا يعتق عليه، وقال قوم: في حال اليسر بالسعاية، وقال قوم: لا.

 

وإذا ملك السيد جميع العبد فأعتق بعضه فجمهور علماء الحجاز والعراق: مالك[23] والشافعي[24] والثوري والأوزاعي وأحمد[25] وابن أبي ليلى ومحمد بن الحسن وأبو يوسف[26] يقولون: يعتق عليه كله.

 

وقال أبو حنيفة[27] وأهل الظاهر[28]: يعتق منه ذلك القدر الذي عتق ويسعى العبد في الباقي، وهو قول طاوس وحماد.

 

وعُمدة استدلال الجمهور: أنه لما ثبتت السنة في إعتاق نصيب الغير على الغير؛ لحرمة العتق كان أحرى أن يجب ذلك عليه في ملكه.

 

وعُمدة أبي حنيفة: أن سبب وجوب العتق على المبعض للعتق: هو الضرر الداخل على شريكه، فإذا كان ذلك كله ملكاً له لم يكن هنالك ضرر.

 

فسبب الاختلاف من طريق المعنى: هل علة هذا الحكم حرمة العتق - أعني: ألّا يقع فيه تبعيض - أو مضرة الشريك؟

 

واحتجَّت الحنفيةُ بما رواه إسماعيل بن أمية، عن أبيه، عن جده أنه أعتق نصف عبده، فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عتقه[29].

 

ومن عُمدة الجمهور: ما رواه النسائي وأبو داود، عن أبي المليح، عن أبيه أن رجلاً من هذيل أعتق شِقصاً له من مملوك، فتمم النبي عليه الصلاة والسلام عتقه، وقال: (ليس لله شريك)[30].

 

وعلى هذا: فقد نص على العِلَّة التي تمسك بها الجمهور وصارت علتهم أَولى؛ لأن العِلَّة المنصوص عليها أَوْلَى من المستنبطة.

 

فسببُ اختلافهم: تعارض الآثار في هذا الباب وتعارض القياس»[31].

 

وقال البخاري: «(باب إذا أعتق عبداً بين اثنين أو أمة بين الشركاء).

 

حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن سالم عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق عبداً بين اثنين، فإن كان مُوسراً قُوِّمَ عليه، ثم يعتق)[32].

 

حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن نافعٍ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شركاً له في عبدٍ، وكان له مالٌ يبلغ ثمن العبد، قُوِّمَ العبد قيمة عدلٍ، فأعطى شركاءه حصصهم، وعتقه عليه [العبد]، وإلا فقد عتق منه ما عتق)[33].

 

حدثنا عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شركاً له في مملوكٍ فعليه عتقه كله، إن كان له مالٌ يبلغ ثمنه، فإن لم يكن له مالٌ يقوم عليه قيمة عدلٍ، على المعتق [فأعتق] منه ما أعتق).

 

حدثنا مسدد، حدثنا بشر، عن عبيد الله، اختصره[34].

 

حدثنا أبو النعمان، حدثنا حمادٌ، عن أيوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق نصيباً له في مملوكٍ - أو شركاً له في عبدٍ - وكان له من المال ما يبلغ قيمته بقيمة العدل، فهو عتيق)، قال نافع: (وإلا فقد عتق منه ما عتق)، قال أيوب: لا أدري أشيء قاله نافع، أو شيء في الحديث[35].

 

حدثنا أحمد بن مقدام، حدثنا الفضيل بن سيلمان، حدثنا موسى بن عقبة، أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يُفتي في العبد أو الأمة يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه منه، يقول: قد وجب عليه عتقه كله، إذا كان للذي أعتق من المال ما يبلغ، يُقَوَّم من ماله قيمة العدل، ويدفع إلى الشركاء أنصباؤهم، ويخلى سبيل المعتق، يُخبر ذلك ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الليث وابن أبي ذئب وابن إسحاق وجويرية ويحيى بن سعيد وإسماعيل ابن أمية، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، مختصراً[36]».

 

«(باب: إذا أعتق نصيباً [أو شقيصاً] في عبد، وليس له مال، استسعي العبد غير مشقوق عليه، على نحو الكتابة).

 

حدثنا أحمد بن أبي رجاء، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا جرير بن حازم، سمعت قتادة، قال: حدثني النضر بن أنس بن مالك، عن بشير عن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شقيصاً من عبد...)[37].

 

حدثنا مُسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق نصيباً في مملوك، فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال، وإلا قُوِّمَ عليه، فاستسعي به غير مشقوق عليه)، تابعه حجاج بن حجاج وأبان موسى بن خلف، عن قتادة، واختصره شعبة[38]».

 

قال الحافظ: «قوله: (باب إذا أعتق عبداً بين اثنين أو أمة بين الشركاء»).

قال ابن التين: أراد: أن العبد كالأمة؛ لاشتراكهما في الرق.

 

قال: وقد بين في حديث ابن عمر في آخر الباب: أنه كان يفتي فيهما بذلك، قال الحافظ: وكأنه أشار إلى رد قول إسحاق بن راهويه أن هذا الحكم مختص بالذكور، وهو خطأ... إلى أن قال: وإنما قيَّد المصنف العبد باثنين والأمة بالشركاء اتباعاً للفظ الحديث الوارد فيهما، وإلا فالحكم في الجميع سواء.

 

قوله: (من أعتق) ظاهره العموم، لكنه مخصوص بالاتفاق، فلا يصح من المجنون، ولا من المحجور عليه لسفه.

 

وفي المحجور عليه بفلسٍ، والعبد، والمريض مرض الموت، والكافر، تفاصيل للعلماء بحسب ما يظهر عندهم من أدلة التخصيص، [ولا يُقَوَّم في مرض الموت عند الشافعية[39] إلا إذا وسعه الثلث]، وقال أحمد[40]: لا يُقَوَّم في المرض مطلقاً.

 

وخرج بقوله: (أعتق) ما إذا عتق عليه بأن ورث بعض ما يعتق عليه بقرابة فلا سراية عند الجمهور[41]، وعن أحمد رواية[42]، وكذلك لو عجز المكاتب بعد أن اشترى شِقصاً يعتق على سيده فإن الملك والعتق يحصلان بغير فعل السيد، فهو كالإرث، ويدخل في الاختيار ما إذا أكره بحق.

 

ولو أوصى بعتق نصيبه من المشترك أو بعتق جزء ممن له كله لم يسر عند الجمهور[43] أيضاً؛ لأن المال ينتقل للوارث ويصير الميت معسراً.

وعن المالكية[44] رواية.

 

وحجة الجمهور مع مفهوم الخبر أن السراية على خلاف القياس فيختص بمورد النص، ولأن التقويم سبيله غرامة المتلفات فيقتضي التخصيص بصدور أمر يجعل إتلافاً، ثم ظاهر قوله: (من أعتق) وقوع العتق مُنجزاً، وأجرى الجمهور المعلق بصفة إذا وجدت مجرى المنجز.

 

قوله: (عبداً بين اثنين) هو كالمثال وإلا فلا فرق أن يكون بين اثنين أو أكثر، وظاهره العموم في كل رقيق، لكن يُستثنى الجاني والمرهون ففيه خلاف.

 

والأصح في الرهن والجناية: منع السراية؛ لأن فيها إبطال حق المرتهن والمجني عليه، فلو أعتق مُشتركاً بعد أن كاتباه، فإن كان لفظ العبد يتناول المكاتب وقعت السراية وإلا فلا، ولا يكفي ثبوت أحكام الرق عليه فقد ثبتت، ولا يستلزم استعمال لفظ العبد عليه ومثله ما لو دبراه، لكن تَنَاول لفظ العبد للمُدَبَّر أقوى من المكاتب فيسري على الأصح، فلو أعتق من أمة ثبت كونها أم ولد لشريكه فلا سراية؛ لأنها تستلزم النقل من مالك إلى مالك، وأم الولد لا تقبل ذلك عند من لا يرى بيعها، وهو أصح قولي العلماء.

 

قوله: (فإن كان مُوسراً قُوِّمَ) ظاهره اعتبار ذلك حال العتق حتى لو كان مُعسراً ثم أيسر بعد ذلك لم يتغير الحكم، ومفهومه: أنه إن كان مُعسراً لم يُقَوَّم، وقد أفصح بذلك في رواية مالك؛ حيث قال فيها: (وإلا فقد عَتَق منه ما عَتَق)، ويبقى ما لم يعتق على حكمه الأول، هذا الذي يُفهم من هذا السياق، وهو السكوت عن الحكم بعد هذا الإبقاء، وسيأتي البحث في ذلك.

 

قوله: (قُوِّمَ عليه)، زاد مسلم والنسائي: (في ماله قيمة معدل لا وَكْسَ ولا شَطَطَ)[45].

 

واتفق من قال من العلماء على أنه يباع عليه في حصة شريكه جميع ما يُباع عليه في الدين على اختلاف عندهم في ذلك، ولو كان عليه دين بقدر ما يملكه كان في حُكم المُوسر على أصح قولي العلماء، وهو كالخلاف في أن الدين هل يمنع الزكاة أم لا؟»[46].

 

قوله: «(باب إذا أعتق نصيباً في عبدٍ وليس له مال استُسْعِيَ العبد غير مشقوق عليه على نحو الكتابة)، أشار البخاري بهذه الترجمة إلى أن المراد بقوله في حديث ابن عمر: (وإلا فقد عتق منه ما عتق)، أي: وإلا فإن كان المعتق لا مال له يبلغ قيمة بقية العبد فقد تنجز عتق الجزء الذي كان يملكه وقي الجزء الذي لشريكه على ما كان عليه أولاً، إلى أن يُستَسْعَى العبدُ في تحصيل القدر الذي يخلص به باقيه من الرق إن قوي على ذلك، فإن عجز نفسه استمرت حصة الشريك موقوفة، وهو مصير منه إلى القول بصحة الحديثين جميعاً والحكم برفع الزيادتين معاً، وهما قوله في حديث ابن عمر: (وإلا فقد عَتَق منها ما عَتَق)، وقوله في حديث أبي هريرة: (فاستَسْعى به غير مشقوق عليه)»[47] انتهى مُلخصاً.

 

وقال في «الاختيارات»: «وإذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو مُوسر عتق نصيبه، ويعتق نصيب شريكه بدفع القيمة، وهو قول طائفة من العلماء، وإن كان مُعسراً عتق كله واستسعي في باقي قيمته، وهو رواية عن الإمام أحمد[48]، اختارها بعض أصحابه»[49].



[1] الروض المربع ص376.

[2] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 19/ 35.

[3] المقنع 2/ 480 - 482.

[4] فتح القدير 3/ 356، وحاشية ابن عابدين 3/ 672. والشرح الصغير 2/ 441 - 442، وحاشية الدسوقي 4/ 359. وتحفة المحتاج 10/ 351، ونهاية المحتاج 8/ 377. وشرح منتهى الإرادات 5/ 5، وكشاف القناع 11/ 7.

[5] الشرح الصغير 2/ 446، وحاشية الدسوقي 4/ 370.

[6] تحفة المحتاج 10/ 360، ونهاية المحتاج 8/ 383.

[7] شرح منتهى الإرادات 5/ 15 - 16، وكشاف القناع 11/ 23 - 24.

[8] فتح القدير 3/ 380، وحاشية ابن عابدين 3/ 691.

[9] الإفصاح 3/ 45.

[10] الشرح الصغير 2/ 446، وحاشية الدسوقي 4/ 370.

[11] تحفة المحتاج 10/ 360، ونهاية المحتاج 8/ 383.

[12] شرح منتهى الإرادات 5/ 15 - 16، وكشاف القناع 11/ 23 - 24.

[13] فتح القدير 3/ 380، وحاشية ابن عابدين 3/ 691.

[14] الشرح الصغير 2/ 446، وحاشية الدسوقي 4/ 370. وتحفة المحتاج 10/ 360، ونهاية المحتاج 8/ 383. وشرح منتهى الإرادات 5/ 16، وكشاف القناع 11/ 24 - 25.

[15] فتح القدير 3/ 380، وحاشية ابن عابدين 3/ 692 - 693.

[16] البخاري (2522)، ومسلم (1501).

[17] البخاري (2527)، ومسلم (1503).

[18] البخاري (2522)، ومسلم (1501).

[19] تحفة المحتاج 10/ 361، ونهاية المحتاج 8/ 384.

[20] الشرح الصغير 2/ 446، وحاشية الدسوقي 4/ 369.

[21] فتح القدير 3/ 384، وحاشية ابن عابدين 3/ 639.

[22] المدونة 3/ 187 - 188، وشرح منح الجليل 4/ 585.

[23] الشرح الصغير 2/ 444، وحاشية الدسوقي 4/ 364.

[24] تحفة المحتاج 10/ 354، ونهاية المحتاج 8/ 379.

[25] شرح منتهى الإرادات 5/ 14، وكشاف القناع 11/ 23.

[26] فتح القدير 3/ 377، وحاشية ابن عابدين 3/ 691.

[27] فتح القدير 3/ 377، وحاشية ابن عابدين 3/ 691.

[28] المشهور من مذهب الظاهرية: أن من أعتق بعض عبده فقد عتق كله، المحلى 9/ 189 - 199.

[29] أخرجه عبد الرزاق 9/ 148 (16405)، وعنه أحمد 3/ 412، ومن طريق البيهقي 10/ 274، عن عمر بن حوشب، أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أبيه، عن جده قال: كان لهم غلام يقال له طهمان، أو ذكوان، فأعتق جده نصفه، فجاء العبد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تعتق في عتقك، وترق في رقك، فكان يخدم سيده حتى قال البيهقي: تفرَّد به عمر بن حوشب، وإسماعيل هو ابن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص. وعمرو بن سعيد ليس له صحبة.

قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 5/ 104: أمية بن عمرو بن سعيد بن العاصي، لا يُعرف حاله، فأما ابنه إسماعيل فثقة، وعمر بن حوشب مجهول الحال أيضاً، ولا يُعرف روى عنه غير عبد الرزاق، وهو صنعاني.

[30] أبو داود (3933)، والنسائي في الكبرى 3/ 186 (4970)، وأخرجه أيضاً أحمد 5/ 75، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 107، وفي شرح مشكل الآثار 13/ 423 - 424 (5381و 5382)، والطبراني 1/ 191 (507)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1/ 228 (778)، والبيهقي 10/ 273، والضياء في المختارة 4/ 192 - 193 (1408و 1410و 1411) من طرق عن (أبي سعيد مولى بني هاشم، وأبي الوليد الطيالسي، وأبي عمر الحوضي، وحَبان بن هلال، وهانئ بن يحيى، وأبي سلمة التبوذكي) كلهم عن همام، به.

قلت: مدار هذا الحديث على قتادة، ويرويه عنه: همام، وسعيد بن أبي عَروبة، وهشام الدستوائي، وقد اختلف عليهما فيه بين الوصل والإرسال.

ومن ثم اختلف أهل العلم في الحكم على هذا الحديث:

فرجَّح المتصلَ الطحاوي في «شرح المشكل»، وصحح إسناده ابن حزم في «المحلى» (9/ 190)، وقال ابن الملقن في «الخلاصة» (2/ 220 - 221): إسناده على شرط الصحيح. وقوَّاه الحافظ ابن حجر في «الفتح» (5/ 159).

وقال الإمام أحمد كما في المغني 14/ 352: الصحيح أنه عن أبي المليح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، وليس فيه «عن أبيه».

وقال النسائي: هشام وسعيد أثبت في قتادة من همَّام، وحديثهما أولى بالصواب. «تحفة الأشراف» 1/ 65.

وتعقب الطحاويُّ - ضمنياً - كلامَ النسائي فقال في «شرح المشكل»: وهمام لو روى حديثاً فتفرَّد بروايته إياه، كان مأموناً عليه، مقبولة روايته فيه، ومن كان كذلك في تفرده برواية حديث كان كذلك في تفرده برواية زيادة في حديث.

وتعقبه أيضاً ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 88) بأن هماماً لم يتفرد بالوصل بل تابعه سعيد بن أبي عروبة كما في رواية أحمد.

قلت: أما تعقُّب الطحاوي فمحل نظر؛ لأن هماماً قد خالفه ثقتان، وروايتهما أرجح، فالمسألة مسألة مخالفة، لا تفرد. وأما تعقب ابن الملقن فالرواية التي أشار إليها مرجوحة. فالقول قول الإمام أحمد والنسائي، والله أعلم. وللتوسع انظر «جزء في بيع أمهات الأولاد» لابن كثير ص88، حاشية (1).

[31] بداية المجتهد 2/ 338 - 341.

[32] البخاري (2521).

[33] البخاري (2522). وأخرجه أيضاً مسلم (1501).

[34] البخاري (2523).

[35] البخاري (2524).

[36] البخاري (2525).

[37] البخاري (2526).

[38] البخاري (2527).

[39] تحفة المحتاج 10/ 365 - 366، ونهاية المحتاج 8/ 387.

[40] شرح منتهى الإرادات 5/ 33 - 34، وكشاف القناع 11/ 45 - 46.

[41] فتح القدير 3/ 370، وحاشية ابن عابدين 3/ 682. والشرح الصغير 2/ 445، وحاشية الدسوقي 4/ 366. وتحفة المحتاج 10/ 365، ونهاية المحتاج 8/ 387.

[42] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 19/ 36.

[43] فتح القدير 3/ 377 - 378، وحاشية ابن عابدين 3/ 691 - 692. وتحفة المحتاج 10/ 366، ونهاية المحتاج 8/ 387. وشرح منتهى الإرادات 5/ 14، وكشاف القناع 11/ 23 - 24.

[44] الشرح الصغير 2/ 446، وحاشية الدسوقي 4/ 369 - 370.

[45] مسلم (1501)، والنسائي في الكبرى 3/ 181 (4941).

[46] فتح الباري 5/ 151 - 153.

[47] فتح الباري 5/ 156.

[48] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 19/ 35.

[49] الاختيارات الفقهية ص198.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة