• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور محمد بنُ سيدي عبدالقادرالدكتور محمد ولد سيدي عبدالقادر شعار موقع الدكتور محمد بنُ سيدي عبدالقادر
شبكة الألوكة / موقع د. محمد ولد سيدي عبدالقادر / مقالات


علامة باركود

من أدب الجدال والمناظرة

الدكتور محمد ولد سيدي عبدالقادر


تاريخ الإضافة: 23/2/2010 ميلادي - 9/3/1431 هجري

الزيارات: 86300

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أدب الجدال والمناظرة


قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [سبأ: 24 - 27].

 

إنَّ الهدف من الجدال والمناظرة هو مُخاطبة العقول لتدبُّر أمْرٍ ما؛ لتهتدي فيه إلى الصواب، وقضية الألوهية من القضايا الكبرى التي جادل فيها المشركون، ومع ذلك فإنَّ القرآن الكريم أرشدَ المسلمين إلى الأخذ فيها بأسبابِ الإقناع والمناظرة، والمجادلةِ بالتي هي أحسَن؛ لأنَّ الهدف هو إقناعُ المحاوَر؛ لعله يهتدي إلى الصواب وَفْق آدابٍ وضوابطَ ينبغي مُراعاتها.

 

ومِن تِلْكم الآداب أو الضَّوابط التي أَرشَد إليها هذا النص الكريم:

• الانطلاق مِن نقاط الاتِّفاق؛ فإنَّ ذلك أَدْعَى للاستماع؛ لما يُشعر به مِن الاشتراك، وهو تضييقٌ للاختلاف، وهوَّةُ الاختلاف كلما اتَّسعَت، صعُبَ الوصول للاتِّفاق، ألَا ترى المؤتمرات الحوارية تعقد، فيكون من النَّتائج أحيانًا الوصول إلى تقارُب في وجهات النظر، وإنْ لم يحصل اتِّفاق؟ فكيف بالانطلاق مِن وحدة اتِّفاق وجهات النظر؛ ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ﴾ [سبأ: 24]؟! إنْ كوْن الرازق هو الله أمرٌ لا يُجادل فيه المحاوَرون، وقد سجَّل عليهم القرآن الاعتراف به؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾ [يونس: 31]، ولما كان المخاطب مُقِرًّا بهذا الأمر، لم يكُن الهدف مِن الاستفهام أن يُجيب، بل الهدف أن يُعرَف أن المحاوِر يسلِّم بهذا الأمر كذلك، وهو مما يتَّفق فيه مع الخصم، فأُمِر بالتصريح به؛ ﴿ قُلِ اللَّهُ ﴾.

 

• الابتعاد عن الجزم بصواب رأيك وخطأ رأي خصمِك، وذلك واللهِ غايةُ الإنصاف، فلا تقُلْ لخصمك: استمع لأُبيِّن لك صوابي وخطأك، بل قل له: أحدُنا على صواب، والآخر على خطأ، فتعالَ بنا نتحاور؛ لنعرف أيُّنا المصيب فنسلُك سبيلَه؛ ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [سبأ: 24]، فنحن وأنتم أحدُنا على هدى والآخر في ضلال مبين، فأيُّنا المهتدي، وأيُّنا الضال؟

 

وقد تمثَّل الإمامُ الشافعي رحمه الله هذا الأدب الرفيع، فكان يقول: "رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأي خصمي خطأ يحتمل الصوابَ، وما ناظرتُ أحدًا إلا أحببتُ أن يكُون الصوابُ على لسانه".

 

إنَّ الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق، لا الانتصار للنفس وشهوة الظهور والغلَبة؛ فإنَّ الغلَبة في قراع العقول للأَقوى حجةً وبرهانًا.

 

• عدم تجريم الخصم ووصفِ مَذهبه بالبطلان، وإنِ اعتقدتَ جُرمَه وبُطلانَ مذهبه؛ لأنَّ الهدف إقناعُه، لا الحكْم على مذهبه، بل يجب التنزُّل معه؛ لاحتمال أن تكون أنتَ المبطلَ وهو المحِقَّ، فإنَّ ذلك يسلُّ سخيمة صدره، ويفتح ذهنه وقريحته للاستدلال لمذهبه والاستماع لأدلَّتك، وإذا جهد في نصر مذهبه، وإبطال مذهبك فلم يُفلح، لم يكُن أمامه إلَّا الإذعان والتسليم لك إنْ ظهرَت حُجَّتُك على حُجَّتِه، وذلك غاية ما ترجو؛ ﴿ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [سبأ: 25]، فوصْف مذهبنا بالجُرْم تَنزُّلًا، ومذهب الخصم بالعَمَل؛ مما يُشعر بأنه يَحتاج إلى مُناقشة للحُكم عليه بوصْفٍ مناسب جرمًا كان أم هُدى، ووصفه بالجرم أو الهدى مَتروك لنتيجة المجادلة والمحاورة، لا مسلَّمة يُبتدأ بها.

 

• إشعار الخصْم بأهمية موضوع المحاورة وخطَره، وأنَّه مِن المواضع المهمة، وليس أمرًا لا عمل تحته، بل هو عمل له ما بَعْدَه، ويتحمَّل صاحبُه مسؤولية قراره، فهو الهدى أو الضلال، والصلاح أو الإجرام، وكلٌّ سيُحاسَب على قناعته والعمل بمقتضاها؛ ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴾ [سبأ: 24 - 26].

 

• فسْح المجال للمحاوَر والمجادَل ليقولَ كلَّ ما عنده، والاستماع له بكلِّ هدوء وحُسْن إنصات، ففي ذلك الإنصاف له، ولعلَّه أن يأتي بما يُقنع إنْ كان مذهبه هو الصواب، أو لعلك تقعُ منه على مَكْمَن الشبهة، فتضع يدك على موضع الدَّاء، فتستخرجه مِن أقرب وجه، فإنَّ المُناظِر الذي يَحرص على الإقناع، كالطبيب يفسح المجالَ للمريض ليتكلم عن حالته بكل تفاصيلها؛ لعلَّه يصل إلى مكمن الداء وموضعه وتاريخه، ولذلك أثرُه في التشخيص والعلاج، ولو لم يكُن فيه إلَّا إقناع المريض بأنَّ الطبيبَ قد عرف حالته، لكان كافيًا، وإنْ عرف الطبيب حالته مِن غير طريق حديثِه عنها، فإن نفس المريض تكُون أكثر راحةً كلما تحدَّث عن مرضه بكل تفاصيله، والطبيب الحاذق يُدرِك ذلك، ويقدِّر مكانته وأثره في نفسية المريض، فرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يكُن يَشكُّ في أنه المهتدي، وأنَّ عبدةَ الأوثان هم الضَّالون، ولم يكُن يَشكُّ في أنَّ الجرم وصفٌ لمن عَبَد مع الله غيرَه، لكنه التنزُّل مع الخصم؛ ليسلس قياده، ومن ثم طلب منهم الحديث عن مذهبهم بكل ما أوتوا مِن حجة؛ ﴿ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ﴾ [سبأ: 27]، أروني بكل ما أوتيتم مِن جدَل وحُسْن تقرير، فإنِّي مُصغٍ لحججكم، فإنْ عجزتم فتعالوا إلى لازم ما اعترفتُ به وإيَّاكم مِن إفراد الله بالرزق والرُّبوبية والقُدرة المطلقة، فليكن هو المعبود وحده، فليس مِن الإنصاف أن يَرزُق ويَخلُق ويُنعِم ويكُون القادر قدرة مطلقة، ويُعبدَ غيرُه، بل هو المعبود لإحسانه وإنعامه وجلاله وكماله، وفي التعبير بالإلحاق - ﴿ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ﴾ - ما يدل على أن الألوهية وصفٌ للأصنام لا تستحقُّه لِذاتِها، بل هو ادِّعاء لم تُقيموا عليه برهانًا، والأسماء لا تُغيِّر الحقائق، فالخمر خمر ولو سميت لبنًا.

 

• الاهتمام بالمحفِّزات الذهنية، فأسلوب الاستثارة والتحفيز الذِّهني مِن شأنه أن يُخرج ما عند المحاوَر من حجج وبراهين، ومن أساليب التحفيز الذهني الاستفهام، وقد جاء في هذا المقطع على وجازته في مَوضعين؛ ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [سبأ: 24]، ﴿ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ﴾ [سبأ: 27].

 

• الوصول إلى نتيجة أنَّ الهدف مِن المحاورة والمجادلة والمناظرة إنَّما هو الوصول إلى نتيجة، وليس الحوار هدفًا لِذاتِه، فما لم تكُن للحوار نتيجة، فهو مضيعة للوقت، ومَجلبة للتنافر والتدابر والفرقة، والنَّتيجة هنا: بُطلان الشِّرْك، وتقرير الألوهية؛ ﴿ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ﴾ [سبأ: 27]، فلم يُجيبوا، فلم يبقَ إلا أن يقتنعوا، أو يسجل عليهم الاعتراف بالعجز، فكانت النتيجةُ: ﴿ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [سبأ: 27].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- شكر
abdellahi - موريتانيا 01-02-2018 01:16 AM

حفظك الله ورعاك من كل مكروه اللهم آمين

2- شكر
عادل - السعودية 23-02-2010 01:21 PM
جزاكم الله خيراً ، وبارك فيكم
1- إتماما للفائدة
أبو محمد عبد لفتاح آدم المقدشي - الصومال 23-02-2010 12:50 PM
`من آداب الحوار
1- أن يكون الحوار مبنيا بالعلم والبرهان كما قال تعالى [ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [ النمل : ] فإذا كان يجادل محض الجهل والسفة فلا خير من مناقشته
2- وأن يكون مبنيا بالعدالة بعيدا عن الظلم كما قال تعالى { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا } [ العنكبوت ] ذ1فإذا لا يكون المحاور عادلا فلا ثمرة من وراء محاورته يُجتني كما في الآية
3- أن يخلص في ذلك العمل لله أما إذا كان ذلك لأجل حب الظهور وطلب الرفعة في الدنيا أو إظهار النصر والتغلب على الخصم فلا قيمة في ذلك في الدنيا والآخرة ولا بركة فيه كما قال تعالى { وما ِأمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } [ البينة: ]
4- أن يكون هدفه طلب الحق بعيدا عن التعصب والتفاخر كما قال تعالى { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } [ الأنعام : ] وقد نزلت هذه الآية في حق أبي جهل حيث قال ما معناه : تنافسنا نحن وبني هاشم في الشرف حتى إذا كنا كفرسي الرهان قالوا : منا نبي فأين يكون لنا نبي!
5- أن لا يكون متكبرا عن الرجوع إلى الحق إذا ظهر له فالرجوع إلى الحق خير من التمادي بالباطل كما يقال، قال تعالى { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا } [ النمل: ] وقال تعالى { قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون متبورا } [ الإسراء: ]
6- أن يكون بعيدا عن السب والشتم وتجريح الآخرين لئلا ينفر ذلك طرف الآخر بل لابد أن يستعمل أسلوبا ليتا جذابا مقنعا كما في قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقد قال تعالى { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم } [ الأنعام: ] ولأن ذلك الصنيع ضد الحكمة التي أمرنا الله أن ندعوبها الناس كما قال تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم يالتي هي أحسن} [ النحل: ]
7- أن يكون حليما إذا جهل عليه المحاور ويصبر ويدفع بالتي هي أحسن كما قال تعالى { ادفع بالتي هي أحس فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} [ فصلت: ]
ولا يقول كما كانت الجاهلية تقول:
ألا لا يجهل علينا أحد * فنجهل فوق الجهل الجاهلين
8- أن يكون رفيقا لا عنيفا لأن في الصحيح " ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه"
9- أن يكون مبشرا لا منفرا أي لابد أن يستعمل المحاور مثلا أساليب التبشير لا أساليب التهويل والتخويف التقنيط لأن هذا وإن كان حقا قد يغضب منه المحاور بالباطل ولذلك في الصحيح " بشروا ولا تنفروا" وإذا حلط بين التبشير والتحذير فهو أجمل
10- أن يكون ميسرا لا معسرا ولا معقدا حتى لا يربك طرف الآخر لأن التشدد طيبعة أهل البدع كالخوارج والمعتزلة ونحوهم فمثلا إذا قبل المدعوا أن يأتي المسجد ليصلى مع الجماعة فلا تلزمه بأن يحضر الدروس في المسجد بل لابد من التدرج في ذلك وكذلك إذا كان مقيما في الشرك فلا تلزمه في ترك الكبائر حتى يقلع عن الشرك وهكذا... كما في الحديث السابق الذي كان وصية لمعاذ وأبي موسى حينما أرسلهما النبي صلى الله عليه وسلم لليمن { بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا}
وهكذا كان يربي النبي صلى الله عليهوسلم أصحابه خصوصا الأعراب كالذي بال في المسجد ونحوه. والله أعلم.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة