• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ فيصل آل مباركالشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك شعار موقع الشيخ فيصل آل مبارك
شبكة الألوكة / موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


علامة باركود

مسألة: لا يرث النساء بالولاء إلا من أعتقن

مسألة: لا يرث النساء بالولاء إلا من أعتقن
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


تاريخ الإضافة: 19/3/2016 ميلادي - 9/6/1437 هجري

الزيارات: 29836

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسألة: لا يرث النساء بالولاء إلا من أَعْتَقْن

باب ميراث القاتل والمُبَعَّض والوَلاء
المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع

 

قوله: (ولا يرث النساء بالولاء إلا من أَعْتَقْن أو أعتقه من أَعْتَقْنَ...) إلى آخره[1].

 

قال في "المقنع": "ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أَعْتَقْن، أو أَعْتَقَ من أعتقن، أو كاتبن، أو كاتب من كاتبن، وعنه[2] في بنت المعتق خاصة: ترث، والأول أصح.

 

ولا يرث منه ذو فرض إلا الأب، والجد، يرثان السدس مع الابن، والجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له، والولاء لا يورث وإنما يورث به، ولا يباع ولا يوهب، وهو للكُبْرِ[3]، فإذا مات المُعْتِق وخلف عتيقه وابنين فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات العتيق فالميراث لابن المعتق"[4].

 

قال في "الحاشية": "إذا خلَّف المعتق أخاه وجدّه فالولاء بينهما نصفين، وبه قال عطاء والليث ويحيى الأنصاري والشافعي[5] والثوري وأبو يوسف ومحمد[6]، والذين جعلوا الجد أباً جعلوه أولى من الأخ وورثوه وحده"[7].

 

وقال في "الإفصاح": "واتفقوا على أن النساء يرثن بالولاء من أَعْتَقْنَه، أو أَعْتَقَ من أَعْتَقْنَه، أو كاتبنه، أو كاتبن من كاتبنه[8].

 

ثم اتفقوا على أنه لا يدخل للنساء في ميراث الولاء بعد ذلك، إلا بنت المعتق فإنهم اختلفوا فيها:

فقال أبو حنيفة[9] ومالك[10] والشافعي[11]: لا ترث من الولاء.

 

واختلف عن أحمد فروي عنه[12]: أنها لا ترث كقول الجماعة، وهي اختيار عبد العزيز.

 

ورُوي عنه[13]: أنها ترث من عتيق أبيها؛ احتجاجاً بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وَرَّثَ ابنة حمزة من الذي أعتقه حمزة[14].

 

وكيفية توريثها على هذه الرواية عن أحمد على ثلاثة أقسام لا ينفك عنها:

أن تكون منفردة لا وارث معها فترث المال كله بالتعصيب.

 

أو يكون معها ذو فرض من أقارب الميت فإنها تأخذ الباقي بالتعصيب.

 

أو يكون معها أخوها فإنه يقاسمها للذكر مثل حظ الأنثيين.

 

وقد ذكر الخِرَقي[15] عن أحمد[16]: أنها إنما ترث إذا كان معها أخوها خاصة، فإنه يُقاسمها للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا لم يعتمده أصحابه ولم يثبتوا فيه عن صاحبهم نصّاً"[17].

 

وقال ابن رشد: "أجمع جمهور العلماء على أن النساء ليس لهن مدخل في وراثة الولاء إلا من باشرن عتقه بأنفسهن، أو ما جر إليهن، من باشرن عتقه، إما بولاءٍ أو بنسبٍ مثل مُعتِق مُعْتِقِها، أو ابن معتقها[18]، وأنهن لا يرثن معتقه من يرثنه إلا ما حكي عن شريح.

 

وعُمدته: أنه لما كان لها ولاء ما أعتقت بنفسها كان لها ولاء ما أعتقه مورثها، قياساً على الرجل، وهذا هو الذي يعرفونه بقياس المعنى، وهو أرفع مراتب القياس، وإنما الذي يوهنه الشذوذ.

 

وعُمدة الجمهور: أن الولاء إنما وجب للنعمة التي كانت للمُعتِق على المُعتَق، وهذه النعمة إنما توجد في من باشر العتق، أو كان من سبب قوي من أسبابه، وهم العصبة.

 

قال القاضي: وإذ قد تقرَّر مَن له ولاء ممن ليس له ولاء فبقي النظر في ترتيب أهل الولاء في الولاء.

 

فمن أشهر مسائلهم في هذا الباب:

المسألة التي يعرفونها بالولاء للكُبْرِ، مثال ذلك: رجل أعتق عبداً، ثم مات ذلك الرجل وترك أخوين أو ابنين، ثم مات أحد الأخوين وترك ابناً أو أحد الابنين:

فقال الجمهور[19]: في هذه المسألة: إنَّ حظ الأخ الميت من الولاء لا يرثه عنه ابنه وهو راجع إلى أخيه؛ لأنه أحق به من ابنه، بخلاف الميراث؛ لأن الحجب في الميراث يعتبر بالقرب من الميت، وهنا: بالقرب من المباشر للعتق، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعلي وعثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت من الصحابة.

 

وقال شريح وطائفة من أهل البصرة: حق الأخ الميت في هذه المسألة لبنيه، وعمدة هؤلاء: تشبيه الولاء بالميراث، وعمدة الفريق الأول: أن الولاء لا يرثه عنه ابنه وهو راجع إلى أخيه؛ لأنه أحق به من ابنه، بخلاف الميراث؛ لأن الحجب في الميراث يعتبر بالقرب من الميت، وهنا: بالقرب من المباشر للعتق، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعلي وعثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت من الصحابة.

 

وقال شريح وطائفة من أهل البصرة: حق الأخ الميت في هذه المسألة لبنيه، وعمدة هؤلاء: تشبيه الولاء بالميراث، وعمدة الفريق الأول: أن الولاء نسب مبدؤه من المباشر"[20].

 

وقال البخاري: "(باب ما يرث النساء من الولاء).

 

حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أرادت عائشة أن تشتري بَرِيرَة فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إنهم يشترطون الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اشتريها، فإنما الولاء لمن أَعْتَق)[21].

 

حدثنا ابن سلامٍ، أخبرنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم: عن الأسود، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الولاء لمن أعطى الوَرِقَ وولي النعمة)[22]".

 

قال الحافظ: "قال ابن بطال[23]: هذا الحديث يقضي أن الولاء لكل مُعتِق ذكرا ًكان أو أنثى، وهو مجمَع عليه[24].

 

وأما جرّ الولاء فقال الأَبهَرِيُّ: ليس بين الفقهاء اختلاف أنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أَعتَقْن أو أولاد[25] من أَعتَقْنَ، إلا ما جاء عن مسروق أنه قال: لا يختص الذكور بولاء من أعتق آباؤهم، بل الذكور والإناث فيه سواء كالميراث، ونقل ابن المنذر[26] عن طاوس مثله، وعليه اقتصر سَحْنُون فيما نقله ابن التين.

 

وتُعقِّب الحصر الذي ذكره الأَبْهَرِي تبعاً لسَحْنُون وغيره بأنه يرد عليه ولد الإناث من ولد من أعتقن قال: والعبارة السالمة أن يقال: إلا ما أَعتقن أو جره إليهن من أعتقن بولادة أو عتق احترازاً ممن لها ولد من زنىً، أو كانت مُلاعنة، أو كان زوجها عبداً، فإن ولاء ولد هؤلاء كلهن لمعتق الأم.

 

والحجة للجمهور: اتفاق الصحابة، ومن حيث النظر أن المرأة لا تستوعب المال بالفرض هو أكد من التعصيب فاختص بالولاء من يستوعب المال وهو الذكر، وإنما ورثن من أعتقن؛ لأنه عن مباشرة لا عن جر الإرث"[27].

 

وقال المجد في "المنتقى": "باب الميراث بالولاء، صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الولاء لمن أعتق)[28]، وللبخاري في رواية: (الولاء لمن أعطى الوَرِقَ وولي النعمة)[29]، وعن قتادة، عن سَلمى بنت حمزة أن مولاها مات وترك ابنته، فَوَرَّثَ النبي صلى الله عليه وسلم ابنتهَ النصف، وورَّث يعلى النصف، وكان ابن سلمى، رواه أحمد[30].

 

وعن جابر بن زيد، عن ابن عباس أن مولىً لحمزة تُوفي، وترك ابنته وابنة حمزة، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف، رواه الدارقطني[31]، واحتج أحمد بها الخبر في رواية أبي طالب، وذهب إليه.

 

وكذلك روي عن إبراهيم النخعي ويحيى بن آدم وإسحاق بن راهويهِ: أن المولى كان لحمزة، وقد رُوي أنه كان لنبت حمزة، فروى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم، عن عبد الله بن شداد، عن بنت حمزة – وهي أخت ابن شداد لأمه – قالت: مات مولاي وترك ابنته، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله بيني وبين ابنته، فجعل ليَ النصف ولها النصف، رواه ابن ماجه[32].

 

وابن أبي ليلى فيه ضعف، فإن صحَّ هذا لم يقدح في الرواية الأولى، فإن من المحتمل تعدد الواقعة، ومن المحتمل أنه أضاف مولى الوالد إلى الولد بناءً على القول بانتقاله إليه أو توريثه به"[33].

 

قال الشوكاني في "شرحه": "قال البيهقي: اتفق الرواة على أنه ابنة حمزة هي المعتقة، وقال: إن قول إبراهيم النخعي: إنه مولى حمزة غلط، والأولى الجمع بين الروايتين بمثل ما ذكره المصنف رحمه الله، وحديث ابنة حمزة فيه – على فرض أنها هي المعتقة – دليل على أن المولى الأسفل إذا مات وترك أحداً من ذوي سهامه ومعتقه كان لذوي السهام من قرابته مقدار ميراثهم المفروض والباقي للمعتق، ولا فرق بين أن يكون ذكراً أو أنثى، ويؤيد ذلك: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (الولاء لمن أعتق)، و(الولاء لمن أعطى الوَرِقَ وولي النعمة).

 

وقد وقع الخلاف في من ترك ذوي أرحامه ومعتقه، فرُوي عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عباس وزيد بن علي والناصر: أن مولى العتاق لا يرث إلا بعد ذوي أرحام الميت، وذهب غيرهم إلى أنه يقدم على ذوي أرحام الميت ويأخذ الباقي بعد ذوي السهام ويسقط مع العصبات.

 

والرواية المذكورة عن قتادة تدل على أن العتيق إذا مات وترك ذوي سهامه وعصبة مولاه كان لذوي السهام فرضهم والباقي لعصبة المولى ورواية ابن عباس المذكورة تدل على أن العتيق إذا مات وترك ذوي سهامه وذوي سهام مولاه كان لذوي] سهامه نصيبهم والباقي لذوي سهام مولاه.

 

والذي جزم به جماعة من أهل الفرائض: أن ذوي سهام الميت يسقطون ذوي سهام المعتق.

 

ويدل على ذلك: ما أخرجه ابن أبي شيبة من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ميراث الولاء للأكبر[34] من المذكور لا ترث النساء من الولاء إلا ولاء من أَعْتَقْنَ أو أَعْتَقه من أَعْتَقْنَ)[35].

 

وأخرج البيهقيُّ عن عليٍّ وعُمرَ وزيد بن ثابت أنهم كانوا لا يورِّثون النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن[36]"[37].

 

وقال المجد أيضاً: "باب الولاء هل يورث أو يورث به: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: تزوَّج رياب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر الجمحية، فولدت له ثلاثةً، فتوفيت أمهم فورثها بنوها رباعها وولاء مواليها، فخرج بهم عمرو بن العاص معه إلى الشام، فماتوا في طاعون عمواس فورثهم عمرو وكان عصبتهم فلما رجع عمرو بن العاص جاء بنو معمر بن حبيب يخاصمونه في ولاء أختهم إلى عمر بن الخطاب فقال: أقضي بينكم بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان )، فقضى لنا به وكتب لنا كتاباً فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت[38]، رواه ابن ماجه وأبو داود بمعناه[39]، ولأحمد وسطه من قوله: فلما رجع عمرو وجاء بنو معمر ... إلى قوله: فقضى لنا به[40].

 

قال أحمد في رواية ابنه صالح: حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان)، هكذا يرويه عمرو بن شعيب، وقد رُوي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا: الولاء للكُبْرِ[41]، فهذا الذي نذهب إليه، وهو قول أكثر الناس فيما بلغنا"[42].

 

قال الشوكاني: "قوله: إنهم قالوا: الولاء للكُبْرِ ... إلى آخره، أراد أحمد بن حنبل: أن مذهب الجمهور يقتضي أن ولاء عتقاء أم وائل بنت معمر يكون لإخوتها دون بنيها، كما هو مذهب الجمهور[43]، ذكر معنى ذلك في "نهاية[44] المجتهد"، وحديث عمر وفِعْله يقتضي تقديم البنين ثم رده إلى الإخوة بعدهم، وهو مذهب شريح وجماعة، وحجتهم: ظاهر خبر عمر؛ لأن البنين عصبتها، ولما كان عمرو بن العاص ليس بعصبة لها رد الولاء إلى إخوتها؛ لأنهم عصبتها.

 

وفي ذلك دلالة على أن الولاء لا يورث، وإلا لكان عمرو أحق به منهم ... إلى أن قال: ومعنى كون الولاء للكُبْرِ: أنها لا تجري فيه قواعد الميراث، وإنما يختص بإرثه الكُبْرُ من أولاد المعتق أو غيرهم، فإذا خلف رجل ولدين، وقد كان أعتق عبداً، فمات أحد الولدين، وخلف ولداً، ثم مات العتيق، اختص بولائه ابن المعتق دون ابن ابنه، وكذلك لو أعتق رجل عبداً ثم مات وترك أخوين ثم مات أحدهما وترك ابناً ثم مات المعتق، فميراثه لأخي المعتق دون ابن أخيه.

 

ووجه الاستدلال بما روي عن هؤلاء الصحابة: أنهم لا يخالفون التوريث إلا توقيفاً"[45]

 

تتمة في جَرِّ الولاء:

قال في "المقنع": "كل من باشر العتق أو عتق عليه لا ينتقل عنه بحال، فأما إن تزوج العبد معتقة فأولدها فولاء ولدها لموالي أمِّه، فإن أعتق العبد سيده انجر ولاء ولده إليه، ولا يعود إلى مولى الأم بحالٍ.

 

وإن أعتق الجد لم يجر ولاءهم في أصح الروايتين[46]، وعنه[47]: يجره.

 

وإن اشترى الابن أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته ويبقى ولاؤه لموالي أمه؛ لأنه لا يجر ولاء نفسه، وإن اشترى الولد عبدا ًفأعتقه ثم اشترى العتيق أبا معتقه فأعتقه ثبت له ولاؤه وجر ولاء معتقه، فصار كل واحد منهما مولى الآخر، ومثله لو أعتق الحربي عبداً ثم سبى العبد مُعتِقَهُ فأعتقه، فلكل واحد منهما ولاء صاحبه.

 

فصل في دور الولاء:

إذا اشترى ابنُ وبنتُ مُعْتَقَةٍ أباهما فعتق عليهما صار ولاؤه لهما نصفين وجر كل واحدٍ منهما نصف ولاء صاحبه ويبقى نصفه لموالي أمه.

 

فإن مات الأب ورثاه أثلاثاً، فإن ماتت البنت بعده ورثها أخوها بالنسب، ثم إذا مات أخوها فماله لمواليه، وهم أخته وموالي أمه، فلموالي أمه النصف والنصف الآخر لموالي الأخت، وهم أخوها وموالي أمها، فلموالي أمها نصف ذلك وهو الربع، يبقى الربع، وهو الجز الدائر؛ لأنه خرج من الأخ وعاد إليه ففيه وجهان:

أحدهما[48]: أنه لموالي الأم.

 

والثاني[49]: أنه لبيت المال؛ لأنه لا مستحق له"[50].

 

قال في "الحاشية": "واعلم أنه لا يقع الدور في مسألة حتى يجتمع فيها ثلاث شروط:

الأول: أن يكون المعتق اثنين فصاعداً.

الثاني: أن يكون في المسألة اثنان فصاعداً.

الثالث: أن يكون الباقي منهما يحوز إرث الميت قبله.

 

قوله: (أحدهما[51]: أنه لموالي الأم)، وهو المذهب، وبه قال الجمهور[52]، واختاره المصنف والشارح؛ لأن مقتضى كونه دائراً أن يدور أبداً، وفي كل دورة يصير لمولى الأم نصفه، ولا يزال كذلك حتى ينفد.

 

والثاني[53]: يجعل في البيت المال، ونصره القاضي في "المجرد"، واختاره ابن عبدوس في "تذكرته"، وجزم به في "المُنوّر"، وهو قول محمد بن الحسن، وقياس قول مالك والشافعي، والأول أَولى إن شاء الله تعالى"[54].

 

وقال في "الإفصاح": "واتفقوا على أن الأب يجر الولاء[55]، لا خلاف بينهم فيه.

 

ثم اختلفوا في الجد، هل يجر الولاء:

فقال مالك[56]: يجر له الولاء كالأب ما دام الأب عبداً.

وقال أبو حنيفة[57]: لا يجر الجد الولاء سواء كان حيّاً أو ميتاً.

وعن الشافعي قولان[58]، وعن أحمد روايتان[59] كالمذهبين"[60].

 

وقال ابن رشد: "ومن مسائلهم المشهورة في هذا الباب المسألة التي تعرف بجر الولاء، وصورتها: أن يكون عبد له بنون من أمة فأُعتقت الأَمَة ثم أُعتق العبد بعد ذلك، فإن العلماء اختلفوا لمن يكون ولاء البنين إذا أعتق الأب؟

وذلك أنهم اتفقوا على أن ولاءهم بعد عتق الأم إذا لم يمس المولود الرق في ببطن أمه، وذلك يكون إذا تزوجها العبد بعد العتق وقبل عتق الأب هو لموالي الأم[61].

 

واختلفوا إذا أعتق الأب، هل يجر ولاء بنيه لمواليه أم لا يجر: فذهب الجمهور[62] ومالك[63] وأبو حنيفة[64] والشافعي[65] وأصحابهم إلى أنه يجر، وبه قال عليٌّ وابنُ مسعود والزبيرُ وعثمانُ بن عفان رضي الله عنه[66].

 

وقال عطاء[67] وعكرمة وابن شهاب[68] وجماعة: لا يجر ولاءه، ورُوي عن عمر، وقضى به عبد الملك بن مروان لما حدثه به قبيصة بن ذؤيب عن عمر بن الخطاب، وإن كان قد رُوي عن عمر مثل قول الجمهور[69].

 

وعُمدة الجمهور: أن الولاء مشبه بالنسب والنسب للأب دون الأم. وعُمدة الفريق الثاني: أن البنين لما كانوا في الحرية تابعين لأمهم كانوا في موجب الحرية تابعين لها وهو الولاء.

 

وذهب مالك[70] إلى أن الجد يجر ولاء حفدته إذا كان أبوهم عبداً إلا أن يعتق الأب، وبه قال الشافعي[71].

 

وخالفه في ذلك الكوفيون[72] واعتمدوا في ذلك على أن ولاء الجد إنما يثبت لمعتق الجد على البنين من جهة الأب، وإذا لم يكن للأب ولاء فأحرى ألّا يكون للجد.

 

وعمدة الفريق الثاني: أن عبودية الأب هي كموته؛ فوجب أن ينتقل الولاء إلى أبي الأب، ولا خلاف بين من يقول بأن الولاء للعصبة – فيما أعلم – أن الأبناء أحق من الآباء وأنه لا ينتقل إلى العمود الأعلى إلا إذا فقد العمود الأسفل بخلاف الميراث؛ لأن البنوة عندهم أقوى تعصيباً من الأبوة والأب أضعف تعصيباً والإخوة وبنوهم أقعد عند مالك من الجد، وعند الشافعي وأبي حنيفة الجد أقعد منهم.

 

وسبب الخلاف: مَنْ أقرب نسباً وأقوى تعصيباً؟ وليس يورث بالولاء جزء مفروض وإنما يورث تعصيباً، فإذا مات المولى الأسفل ولم يكن لو ورثة أصلاً أو كان له ورثة لا يحيطون بالميراث كان عاصبه المولى الأعلى، وكذلك يعصب المولى الأعلى كل من للمولى الأعلى عليه ولادة نسب أعني: بناته وبنيه وبني بنيه.

 

وفي هذا الباب مسألة مشهورة، وهي: إذا ماتت امرأة ولها ولاء وولد وعصبة، لمن ينتقل الولاء؟

فقالت طائفة: لعصبتها؛ لأنهم الذين يعقلون عنها، والولاء للعصبة، وهو قول علي بن أبي طالب.

 

وقال قوم: لابنها، وهو قول عمر بن الخطاب، وعليه فقهاء الأمصار، وهو مخالف لأهل هذا السلف؛ لأن ابن المرأة ليس من عصبتها"[73].

 

وقال البخاري: "(باب جنين المرأة، وأن العَقْلَ على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد).

 

وذكر حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني حيان بِغُرَّةٍ، عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة تُوفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العَقْلَ على عصبتها ... إلى آخره[74]".



[1] الروض المربع ص375.

[2] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 435.

[3] أي: أقرب عصبة السيد إليه يوم موت عتيقه. حاشية الروض المربع 6/ 201.

[4] المقنع 2/ 469 – 472.

[5] تحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396.

[6] حاشية ابن عابدين 6/ 825.

[7] حاشية المقنع 2/ 470 - 471، وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 18/ 439.

[8] المبسوط 30/ 40، وبدائع الصنائع 4/ 166. والشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 420. وتحفة المحتاج 6/ 411، ونهاية المحتاج 6/ 24. وشرح منتهى الإرادات 5/ 22، وكشاف القناع 10/ 537.

[9] حاشية ابن عابدين 6/ 129.

[10] الشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 420.

[11] تحفة المحتاج 6/ 410، ونهاية المحتاج 6/ 23.

[12] شرح منتهى الإرادات 4/ 679، وكشاف القناع 10/ 538.

[13] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 435.

[14] أخرجه ابن ماجه 2724، والنسائي في الكبرى 4/ 86 6398، من حديث أمامة بنت حمزة رضي الله عنهما.

قال ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 80 1344: في إسناده ابن أبي ليلى القاضي، وأعلَّه النسائي بالإرسال، وصحَّح هو والدارقطني الطريقَ المرسلة.

[15] في الأصل: "القربي" والمثبت هو الصواب كما في الإفصاح.

[16] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 435.

[17] الإفصاح 3/ 52 – 53.

[18] المبسوط 30/ 40، وبدائع الصنائع 4/ 166. والشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 420. وتحفة المحتاج 6/ 411، ونهاية المحتاج 6/ 24. وشرح منتهى الإرادات 5/ 22، وكشاف القناع 10/ 537.

[19] فتح القدير 7/ 288، وحاشية الدسوقي 4/ 418، وشرح منح الجليل 4/ 639. وتحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396. وشرح منتهى الإرادات 4/ 679، وكشاف القناع 10/ 539.

[20] بداية المجتهد 2/ 335 – 336.

[21] البخاري 6759.

[22] البخاري 6760.

[23] شرح صحيح البخاري 8/ 376.

[24] فتح القدير 7/ 282، وحاشية ابن عابدين 6/ 126. والشرح الكبير 2/ 462، وحاشية الدسوقي 4/ 415. وتحفة المحتاج 10/ 375، ونهاية المحتاج 8/ 394. وشرح منتهى الإرادات 4/ 672، وكشاف القناع 10/ 530.

[25] في حاشية الأصل: "لعله أولاد"، والمثبت هو الصواب كما في الفتح.

[26] الإشراف 8/ 385 2370.

[27] فتح الباري 12/ 48.

[28] البخاري 6757، ومسلم 1504، من حديث عائشة رضي الله عنها.

[29] البخاري 6760، من حديث عائشة رضي الله عنها.

[30] 6/ 405.

قال الهيثمي في المجمع 4/ 231: رواه أحمد بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصحيح، إلا أن قتادة لم يسمع من سلمى.

[31] 4/ 83، من طريق سليمان بن داود المنقري، ثنا يزيد بن زريع، ثنا سعيد، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، به.

قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق 4/ 280: سيلمان بن داود هو الشاذكوني، وقد ضعَّفوه، وكذَّبه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال البخاري: هو عندي أضعف من كل ضعيف.

[32] 2734.

[33] المنتقى 2/ 468 – 469 3329 - 3333.

[34] في حاشية الأصل: "لعله: الكبر".

[35] لم أقف عليه بهذا الإسناد.

قال الألباني في "إرواء الغليل" 6/ 166 1740: لم أقف على إسناده.

[36] البيهقي 10/ 306.

[37] نيل الأوطار 4/ 111 – 112.

[38] أخرجه ابن أبي شيبة 11/ 391 – 392.

[39] ابن ماجه 2732، وأبو داود 2917.

[40] أحمد 1/ 27.

[41] لم أقف عليه في المطبوع من مسائل صالح، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة 11/ 403 – 404.

[42] المنتقى 2/ 470 – 471 3339 – 3340.

[43] المبسوط 30/ 40، وبدائع الصنائع 4/ 166. والشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 420. وتحفة المحتاج 6/ 411، ونهاية المحتاج 6/ 24. وشرح منتهى الإرادات 5/ 22، وكشاف القناع 10/ 530.

[44] في حاشية الأصل: لعله بداية.

[45] نيل الأوطار 4/ 115.

[46] شرح منتهى الإرادات 4/ 684، وكشاف القناع 10/ 546.

[47] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 457.

[48] شرح منتهى الإرادات 4/ 685، وكشاف القناع 10/ 549.

[49] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 466.

[50] المقنع 2/ 473 – 476.

[51] شرح منتهى الإرادات 4/ 685، وكشاف القناع 10/ 549.

[52] حاشية ابن عابدين 6/ 832. وحاشية الدسوقي 4/ 421 – 422، ومنح الجليل 4/ 642. وتحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396.

[53] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 466.

[54] حاشية المقنع 2/ 475، وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 18/ 465.

[55] فتح القدير 7/ 284، وحاشية ابن عابدين 6/ 127 – 128. والشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 418 – 419.وتحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396. وشرح منتهى الإرادات 4/ 683، وكشاف القناع 10/ 544.

[56] الشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 419.

[57] المبسوط 8/ 87، وحاشية ابن عابدين 6/ 128.

[58] المهذب 2/ 28، وتحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396.

[59] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 18/ 457، وشرح منتهى الإرادات 4/ 684، وكشاف القناع 10/ 546.

[60] الإفصاح 3/ 53 – 54.

[61] فتح القدير 7/ 284، وحاشية ابن عابدين 6/ 127. و الشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 419. وتحفة المحتاج 10/ 376، ونهاية المحتاج 8/ 396. وشرح منتهى الإرادات 4/ 683، وكشاف القناع 10/ 544.

[62] ومنهم الحنابلة: شرح منتهى الإرادات 4/ 683، وكشاف القناع 10/ 544.

[63] الشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 418 – 419.

[64] فتح القدير 7/ 284، وحاشية ابن عابدين 6/ 127 – 128.

[65] تحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396.

[66] رواه البيهقي 10/ 307، وابن أبي شيبة 11/ 398.

[67] رواه ابن أبي شيبة 11/ 401.

[68] رواه ابن أبي شيبة 11/ 401.

[69] أخرجه ابن أبي شيبة 11/ 398.

[70] الشرح الصغير 2/ 463، وحاشية الدسوقي 4/ 419.

[71] تحفة المحتاج 10/ 377، ونهاية المحتاج 8/ 396.

[72] المبسوط 8/ 87، وحاشية ابن عابدين 6/ 128.

[73] بداية المجتهد 2/ 336 – 337.

[74] البخاري 6909.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • السيرة الذاتية
  • مراسلات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة