• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلمالشيخ أحمد بن حسن المعلِّم شعار موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلم
شبكة الألوكة / موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم / مقالات


علامة باركود

لمسات تربوية

لمسات تربوية
الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم


تاريخ الإضافة: 24/5/2023 ميلادي - 4/11/1444 هجري

الزيارات: 4594

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لمسات تربوية

 

أولًا: التعريف بالتربية: قبل أن نتعرض لأهمية التربية، يجب أن نتعرف على التربية ذاتها؛ حتى يكون حكمنا عليها صائبًا؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.

 

فالتربية هي: تبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئًا[1]، أو بتعبير آخر: إنشاء الشيء حالًا فحالًا إلى حد التمام[2].

 

وفحوى هذا التعريف أن التربية هي إنشاء الفرد المسلم والأمة المسلمة وتطويره وتهذيبه، حتى يصل إلى المستوى التي يقوى معه على تحقيق الغاية التي خُلق من أجلها؛ حيث أوضح الله هذه الغاية لخلقه؛ فقال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وقال جل ذكره: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

 

وقد كان من غايات الرسول صلى الله عليه وسلم تحقيق هذه التربية الموصِّلة لتلك الغاية؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، وقد أفصح النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الهدف من أهداف بعثته؛ فقال: ((إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق))[3].

 

ووسائل التربية التي ربَّى بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته كثيرة جدًّا؛ منها:

‌أ. الحوار.

‌ب. القَصص.

‌ج. ضرب الأمثال.

‌د. الموعظة والعِبرة.

‌هـ. الترغيب والترهيب.

‌و. القدوة.

 

‌ز. العبادة؛ فجميع العبادات من أهدافها التربية والتزكية؛ الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، ذكر الله، الجهاد، هذه كلها مع أن الأساس فيها التزام العبودية لله تعالى، وإظهار الخضوع والذل والزُّلفى له سبحانه، المنبعثة من كمال المحبة مع كمال الخوف - فإنها أيضًا مزكِّية للنفوس، ومربية للفرد والمجتمع المسلم، وموصِّلة له إلى درجات الكمال الروحي والنفسي والسلوكي والأخلاقي، وهذا ما حصل للجيل الأول؛ حيث استُخدمت هذه الوسائل الاستخدام الصحيح.

 

رمضان والتربية:

ولقد خُصَّ رمضان من وسائل التربية بما لم يُخَصَّ به شهر آخر أبدًا، فمنذ أن يهل هلاله يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن:

أبواب الجنة تُفتح، وأبواب الجحيم تُغلق، والشياطين تُقيَّد، ومنادي الفلاح ينادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر[4]، وهذا من التربية بالترغيب والترهيب وعظمة المناسبة.

 

وهناك التربية بالجو العام والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان؛ فالمجتمعات الصالحة يعم فيها الخير والصلاح؛ ففي الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أُتيَ برجل شرب الخمر في رمضان، فلما دنا منه، جعل يقول للمنخرين والفم، وفي رواية البغوي: فلما رفع إليه عثر، فقال عمر: على وجهك ويحك، وصبياننا صِيام، ثم أمر به فضُرب ثمانين سوطًا، ثم سيَّره إلى الشام، وفي رواية البغوي: فضربه الحد، وكان إذا غضب على إنسان سيَّره إلى الشام فسيره إلى الشام[5].

 

وهناك العبادات التي خُصَّ بها رمضان:

‌أ. زيادة تلاوة القرآن.

‌ب. زيادة الجود والنفقة.

‌ج. العناية الخاصة بقيام الليل، وزيادة الذكر والدعاء.

‌د. الاعتكاف.

 

وأهم العبادات التي تفرد بها رمضان عبادةُ الصوم الواجب، الذي يشمل الشهر كله، والمقصود من الصوم كما يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية؛ لتستعدَّ لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدَّتِها وسَورتها، ويذكِّرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب، وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماحه، وتلجم بلِجامه؛ فهو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال؛ فإن الصائم لا يفعل شيئًا، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها؛ إيثارًا لمحبة الله ومرضاته، وهو سر بين العبد وربه، لا يطلع عليه سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم.

 

وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحميتها عن التخليط الجالب لها الموادَّ الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصوم جُنَّة))[6]، وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح، ولا قدرة له عليه بالصيام، وجعله وجاء هذه الشهوة.

 

والمقصود: أن مصالح الصيام لما كانت مشهورة للعقول السليمة، والفِطر المستقيمة، شرعه الله لعباده رحمة بهم، وإحسانًا إليهم، وحمية لهم وجُنَّة، وكان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أكمل هدي، وأعظم تحصيلًا للمقصود، وأسهله على النفوس"[7].

 

ونستطيع أن نصنِّفَ عناصر التربية إلى ثلاثة أصناف؛ هي:

أ- التربية على أركان الصوم وواجباته.

ب- التربية على سنن الصوم ومستحباته الراجعة إلى ذات الصوم.

ج- التربية على أخلاق الصائم وآدابه أثناء الصوم.

 

التربية في أركان الصوم:

للصوم ركنان أساسيان؛ هما:

أ- النية.

ب- الإمساك عن المفطرات.

 

أما النية، فإنها التي عليها تدور الأعمال، ويُميَّز بين العبادات والعادات، وبموجبها يميز بين المخلص والمرائي بعمله، ومن يريد بعمله وجه الله، ومن يريد بعمله غرضًا من أغراض الدنيا.

 

ولهذا ربط بها نتيجة عظيمة من نتائج الصوم، وجائزة كبيرة من جوائزه؛ وهي المغفرة: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[8]، ومن خلال النية في الصوم يتعلم الصائم إصلاح باطنه، وتصفية قلبه من النظر إلى من سوى الله.

 

أما الركن الثاني: فهو الإمساك عن المفطرات وهي الغرائز الأساسية للإنسان، التي لا يمكن أن يحيا بدونها حياة مستقرة، وهي الأكل والشرب والجماع، وكلها مشتهيات محبَّبات للنفس البشرية.

 

فالذي يتغلب على النفس فيفطمها عن هذه الثلاث الشهوات، ويكرر ذلك طوال شهر رمضان يكسب قدرة فائقة على ضبط النفس وإيقافها عند حدِّها، وجعلها تقدم ما يحب الله على ما تحب، فيسري ذلك إلى كافة أنواع التضحيات التي تُطلَب منها، ومن ذلك الاستمرار على الصوم عن كل ما حرم الله إلى أن يخرج العبد عن هذه الحياة الدنيا.

 

هذا الصوم الذي تكون فرحة الفطر منه يوم لقاء الله حين يلقاه وهو راضٍ عنه؛ وقد أحسن ابن القيم حين قال:

فصم يومك الأدنى لعلك في غدٍ
تفوز بعيد الفطر والناس صوَّمُ

وقد ربط رب العالمين بين الصوم وترك المفطرات الحلال أثناء نهار رمضان، وترك أكل أموال الناس بالباطل؛ حيث قال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].

 

وخذ مثلًا عمليًّا على أثر الصوم في ترك الشهوات، والابتعاد عنها تعبدًا وتقربًا إلى الله تعالى: المدخن المدمن، والمخزن المدمن، لا يصبران على هذه الشهوات مهما كلفهم تناولها من تبِعات، انظر إليهما وقد قنعا قناعة تامة مدة وقت الصوم، فلا يلتفتان إليها، ولا يفكران فيها، ولا يحدثان أنفسهما بها، فإذا انتهى وقت الصوم، وشعرا بزوال المانع من تناولها، كيف يبادران إليها، ولو أنهم استشعروا قبح فعلهم، وخبث تلك المواد وحرمتها، واستشعروا الحكمة من الصوم، لَما عادوا إليها أبدًا.

 

كما نتعلم من ترك هذه المفطرات سرًّا وعلنًا، ظاهرًا وباطنًا، نتعلم حسن المراقبة لله تعالى؛ حيث راقبناه أثناء نهار الصوم، فلم يَرَ سبحانه منا ما يكره في هذا الجانب، فالمفترض أن نتعود هذه المراقبة في جميع أحوالنا.

 

ولهذا أعطى الله الصوم خاصية ليست لغيره من العبادات؛ إذ نَسَبَهُ إلى نفسه وتكفَّل بالجزاء عليه؛ فقال: ((الصوم لي وأنا أجزي به؛ ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي))[9].

 

كما نستفيد من تحديد وقت الإمساك والإفطار الانضباطَ والانتظام، وتعلم توحيد المظهر، وتوحيد السلوك الظاهر الذي يُبنى عليه توحيد الباطن من النفوس والأرواح وتآلفها.

 

وأما اللمسات التربوية في سنن الصوم؛ فنجدها في:

استحباب السحور.

 

استحباب الفطور وعلى نوع خاص من الطعام، وتأخير السحور، وتعجيل الإفطار.

 

وأن نشغل يوم الصوم بالعبادات المناسبة من الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والصدقة، وقيام ليالي الصوم، ثم الاعتكاف.

 

وفي هذه العبادات منفردة ومجتمعة جوانب تربوية عظيمة، فما أعظم أن ينتظم المسلمون من شرق الأرض إلى غربها في وقت واحد أو متقارب؛ الجميع يتناول طعام السحور والإفطار! ولو أنهم تأملوا ذلك ثم حاولوا أن ينتظموا كذلك في أمور أخرى من أمور دينهم ودنياهم، لَحققوا الكثير من الخير، فتحرِّي وقت معين، وتحري طعام معين، وتحديد الوقت، وتحديد نوع الطعام، خصوصًا في الإفطار، وإضافة الأعمال الصالحة الأخرى إلى الصوم.

 

اللمسات التربوية في جانب الآداب والأخلاق المصاحبة للصوم:

ومن أجل أن ينجح العلاج بالصوم، فقد أحاط النبي صلى الله عليه وسلم الصوم بسياج من الأخلاق والآداب وحسن السلوك، فقال: ((الصوم جُنَّة، فإذا كان صوم يوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم))[10].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الصيام من الأكل والشراب، إن الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد أو جهل عليك، فقل: إني صائم، إني صائم))[11].

 

و لما كانت هذه الآداب من مكملات الصوم وموصلاته إلى غايته، جاء الوعيد على من لم يتحلَّ بها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((من لم يَدَعْ قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة من أن يدع طعامه وشرابه))[12]، ولما عقل السلف رحمهم الله هذه المعاني، قال قائلهم: "إذا صام أحدكم، فليصم سمعه وبصره ولسانه عن الحرام، ولا يكن يوم صومه ويوم فطره سواء))[13].



[1] تفسير البيضاوي.

[2] المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني 336.

[3] رواه البخاري في الأدب المفرد رقم: 273، وابن سعد في الطبقات 1/ 192، والحاكم 2/ 613، وأحمد 2/ 318، الألباني في السلسلة الصحيحة 1/ 75.

[4] رواه الترمذي 3/66، برقم: 682، والنسائي 4/ 129، برقم: 2107، وابن ماجه 1/ 526، برقم: 1642، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم: 998.

[5] رواه البخاري معلقًا، وانظر: فتح الباري 4/201.

[6] رواه أحمد 2/ 306، برقم: 8045، والبيهقي 4/ 270، برقم: 8094، وغيرهما، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم: 5136.

[7] زاد المعاد 2/ 28 – 30.

[8] رواه البخاري 1/ 22، برقم: 38، ومسلم 1/ 523، برقم: 760.

[9] رواه البخاري 6/ 2723، برقم: 7054.

[10] تقدم تخريجه الهامش 1 صفحة 4.

[11] رواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم: 1082.

[12] رواه البخاري 2/ 673، برقم 1804.

[13] مصنف ابن أبي شيبة 2/ 271، برقم: 8880، ونسبه بسنده إلى جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • مرئيات
  • بحوث ودراسات
  • خطب منبرية
  • كتب
  • صوتيات
  • منظومات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة